الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

اما قوله (قده): الثاني المعدن، والمرجع فيه العرف، ومنه الذهب والفضة والرصاص والحديد والصفر والزيبق وأنواع الأحجار الكريمة والقير والنفط والكبريت والسبخ والكحل والزرنيخ والملح والفحم الحجري، بل والجص والمغرة وطين الغسل والأرمني على الأحوط، وما شك أنه منه لا يجب فيه الخمس من هذه الجهة[1] .

الثاني مما يجب الخمس فيه: المعدن.

في المسألة قضايا عديدة طرحها، السيد الماتن (قده)، نستعرضها بالتوالي كما ذكرها (قده)

أولاً: قوله (قده): (والمرجع فيه العرف . . . . إلى قوله: لا يجب فيه الخمس من هذ الجهة).

أما وجوب الخمس في المعدن مما لا إشكال فيه عند الفريقين بالجملة وتفرد الإمامية بالإجماع على ذلك وقد حكاه الشيخ (قده) في خلافه[2] ، وصاحب السرائر[3] (قده)، وفي تذكرة الفقهاء[4] ، وأيضاً كما عن صاحب مدارك الأحكام[5] .

هذا بالإضافة إلى النصوص العديدة والصريحة وصحيحتي محمد بن مسلم والحلبي

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن مهزيار، عن فضالة وابن أبي عمير، عن جميل، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص؟ فقال: عليها الخمس جميعاً)[6] .

-(عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي ـ في حديث ـ قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن الكنز، كم فيه؟ قال: الخمس، وعن المعادن، كم فيها؟ قال: الخمس، وعن الرصاص والصفر والحديد وما كان من المعادن، كم فيها؟ قال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة)[7] .

وايضاً معتبرة عمار بن مروان:

-(محمّد بن علي بن الحسين في (الخصال) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمّار بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) يقول: فيما يخرج من المعادن، والبحر، والغنيمة، والحلال المختلط بالحرام، إذا لم يعرف صاحبه، والكنوز، الخمس)[8] .

ومرسلة ابن ابي عمير:

-(أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: الخمس على خمسة أشياء: على، الكنوز، والمعادن، والغوص، والغنيمة)[9] .

نعم وقع الكلام في تحديد مفهوم المعدن تارة بين الفقهاء واخرى بين اللغويين والصحيح انه مع عدم وجود اصطلاح خاص للشرع المقدس فالمرجع هو العرف، فإنهم الخبراء في تحديد ما هو المعدن بخلاف اهل اللغة، حيث انهم مختلفون جداً في تحديده، بالاضافة الى كونهم ليسوا من اهل الخبرة في ذلك، نعم قد لا يصدق عنوان المعدن على البعض مما أُلحق بها كالملح والنفط مثلاً، الا ان الشارع نزلها حكماً منزلة المعدن. كما في صحيحة محمد بن مسلم:

-(عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه‌ السلام) عن الملاحة؟ فقال: وما الملاحة؟ فقال: أرض سبخة مالحة يجتمع فيه الماء فيصير ملحاً، فقال: هذا المعدن فيه الخمس، فقلت: والكبريت والنفط يخرج من الأرض؟ قال: فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس)[10] .

ورتب الفقهاء عليها الآثار الشرعية من وجوب الخمس في المقام، وعليه فكل ما ادخله الشارع في المعدن فانه يأخذ أحكامه وان كان خارجاً عن موضوعه، وألحق السيد الماتن (قده) كل من الحصى، والنورة، وطين الغسل، وحجر الرحى، والمغرة (طين أحمر يصبغ به)، بالمعدن على الاحوط، ويظهر من عبارته الاحتياط الوجوبي، والاقوى عدم الخمس فيها من جهة كونها معدن بل تدخل في مسمى ارباح المكاسب. نعم الاحوط استحباباً تخميسه.

اللهم إلا ان نعرف المعدن بانه كل ما استخرج من الارض مما كان منها بحيث يشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها.

ولكن هذا مما لا يساعده الدليل النقلي ولا مما ذهب العرف اليه. هذا ولو كان الامر كذلك لقلنا بوجوب الخمس في الرمل والحصى كذلك وادخلناهما في المعدن لعظم الانتفاع بهما في البناء وصنع الزجاج وغير ذلك وهذا ما لا يتبناه أحد من الفقهاء ولا اهل اللغة،

وحاصل الكلام في المقام ان المعدن يتصور في امور:

1- تارة يقوم الدليل الشرعي او العرفي على شيئ انه معدن فلا خلاف في ترتب الحكم عليه.

2- وثانياً يعلم بخروج بعض المواد عن كونها من المعادن وهنا لا اشكال في عدم ترتب الحكم عليه.

3- وثالثاً نشك في كونه من المعادن أو، لا ولكن قام الدليل على اعتباره معدن كالملح والنفط مثلاً، وهنا لا اشكال في ترتب الحكم عليه ايضاً.

4- ورابعاً فيما لو شككنا في شيئ انه من المعادن، أو، لا، وليس هناك ما يدل على إلحاقه بالمعدن لا من الشرع ولا من العرف ولا من اللغة فهنا نرجع في ذلك الى اصالة البراءة وعدم التخميس من هذه الجهة (غنيمة) بل يدخل تحت مسمى أرباح المكاسب ويجب خمسه فيما لو زادت على مقدار المؤونة وما يفضل منها لآخر العام.


[1] تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص352.
[2] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج2، ص117.
[3] السرائر، ابن إدريس الحلي، ج1، ص488.
[4] تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج5، ص409.
[5] مدارك الأحكام، السيد محمّد الموسوي العاملي، ج5، ص362.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص491، أبواب مايجب فيه الخمس، باب3، ح1، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص492، أبواب مايجب فيه الخمس، باب3، ح2، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص494، أبواب مايجب فيه الخمس، باب3، ح6، ط آل البيت.
[9] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص494، أبواب مايجب فيه الخمس، باب3، ح7، ط آل البيت.
[10] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص492، أبواب مايجب فيه الخمس، باب3، ح4، ط آل البيت.