الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب اللعان.

مسألة (11): لا يقع اللعان إلا عند الحاكم الشرعي، والأحوط أن لا يقع حتى عند المنصوب من قبله ذلك، وصورته أن يبدأ الرجل ويقول بعد ما قذفها أو نفى ولدها: " أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما قلت من قذفها - أو نفي ولدها - " يقول ذلك أربع مرات، ثم يقول مرة واحدة: " لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين " ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات " أشهد بالله أنه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا - أو نفي الولد - " ثم تقول مرة واحدة: " أن غضب الله علي إن كان من الصادقين"[1] .

مسألة 11 – أما قوله (قده): (أنه لا يقع اللعان إلا عند الحاكم الشرعي) فذلك لأجل أنها من وظائف الحاكم الشرعي بالحد الأدنى من ولايته.

ولكننا نقول بجواز أن يقوم المنصوب من قبله وإجازته لذلك وهذا من شأنه ايضاً لتعسّره في متابعة كل القضايا الموكلة إليه دون توكيل من يرى بصحة توكيله ممّن يراه أهلاً لذلك من العلم والوثاقة والأمانة وغير ذلك من شروط الوكيل. وإن كان الإحتياط حسنٌ إلا أنه غير لازم.

ويدل على وقوعه عند الحاكم الشرعي جملة من الروايات منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج:

-(محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه‌ السلام) ـ وأنا عنده حاضر ـ كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: إن رجلاً من المسلمين أتى رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، فقال: يا رسول الله! أرأيت لو أن رجلاً دخل منزله، فرأى مع امرأته رجلاً يجامعها، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، فانصرف الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند الله عزّ وجلّ بالحكم فيها، قال: فأرسل رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) إلى ذلك الرجل، فدعاه فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلاً؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فايتني بامرأتك، فان الله عزّ وجلّ قد أنزل الحكم فيك وفيها، قال: فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) وقال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله انك لمن لصادقين فيما رميتها به، قال: فشهد، قال: ثمّ قال رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله): أمسك ووعظه، ثمّ قال: اتق الله فإن لعنة الله شديدة، ثمّ قال: اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، قال: فشهد فأمر به فنحي، ثمّ قال (عليه‌ السلام) للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، قال: فشهدت ثمّ قال لها: امسكي، فوعظها، ثمّ قال لها: اتقي الله، فان غضب الله شديد، ثمّ قال لها: اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، قال: فشهدت، قال: ففرق بينهما، وقال لهما: لاتجتمعا بنكاح أبداً بعد ما تلاعنتما)[2] .

-(عن البزنطيّ، أنّه سأل أبا الحسن الرضا (عليه‌ السلام)، فقال له: أصلحك الله كيف الملاعنة؟ قال: يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ويجعل الرجل عن يمينه، والمرأة والصبي عن يساره)[3] .

-(قال: وفي خبر آخر، ثمّ يقوم الرجل فيحلف أربع مرات بالله انه لمن الصادقين فيما رماها به، ثمّ يقول له الإمام: اتق الله، فان لعنة الله شديدة، ثمّ يقول الرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، ثمّ تقوم المرأة فتحلف أربع مرات بالله انه لمن الكاذبين فيما رماها به، ثمّ يقول لها الامام: اتقي الله، فان غضب الله شديد، ثمّ تقول المرأة: غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به. فان نكلت رجمت، ويكون الرجم من ورائها ولا ترجم من وجهها، لان الضرب والرجم لا يصيبان الوجه، يضربان على الجسد على الأعضاء كلّها، ويتّقي الوجه والفرج، وإذا كانت المرأة حبلى لم ترجم، وإن لم تنكل درأ عنها الحد وهو الرجم، ثمّ يفرّق بينهما ولا تحل له أبداً، وإن دعا أحد ولدها: إبن الزانية جلد الحد، فان ادعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده، ولم ترجع إليه امرأته، فان مات الأب ورثه الابن وإن مات الابن، لم يرثه الأب، ويكون ميراثه لامه، فإن لم يكن له ام فميراثه لأخواله، ولم يرثه أحد من قبل الاب، وإذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء فرق بينهما، والعبد إذا قذف امرأته تلاعنا كما يتلاعن الاحرار، ويكون اللعان بين الحر والحرة وبين المملوك والحرة، وبين الحر والمملوكة، وبين العبد والامة، وبين المسلم واليهودية والنصرانية).[4]

-(عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه‌ السلام)، كيف الملاعنة؟ فقال: يقعد الامام ويجعل ظهره إلى القبلة، ويجعل الرجل عن يمينه، والمرأة عن يساره)[5] .

وأما صورته: فقد تقدم الكلام عنها مفصلاً بالآية الكريم (النور 6 / 9 ).

والروايات الصريحة والصحيحة المذكورة في الباب 10 من كتاب اللعان.

وقد ذكرنا البعض منها هذا كله مضافاً للإجماع المدعى على ذلك من أكثر من واحد


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص361.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص407، أبواب اللعان، باب1، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص408، أبواب اللعان، باب1، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص408، أبواب اللعان، باب1، ح3، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص409، أبواب اللعان، باب1، ح5، ط آل البيت.