الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/02/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب اللعان.مسألة (5): لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولد في فراشه مع إمكان لحوقه به بأن دخل بأمه أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث أمكن جذب الرحم إياه، وقد مضى من ذلك إلى زمان وضعه ستة أشهر فصاعداً ولم يتجاوز عن أقصى مدة الحمل، حتى فيما إذا فجر أحد بها فضلاً عما إذا اتهمها، بل يجب الاقرار بولديته، نعم يجب عليه أن ينفيه ولو باللعان مع علمه بعدم تكونه منه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به إذا كان بحسب ظاهر الشرع ملحقا به لولا نفيه لئلا يلحق بنسبه من ليس منه فيترتب عليه حكم الولد في الميراث والنكاح ونظر محارمه وغير ذلك[1] .

مسألة 5 – كل ذلك لما تقدم من النصوص، بل هو من ضروريات الفقه الإسلامي، وما قامت عليه المرتكزات العرفية في الانساب وإلحاق الأبناء بالآباء ما لم يكن هناك علمٌ بالخلاف فأما أن تقوم البينة على ذلك أو الملاعنة كما تقدم.

بل ظاهر ما عليه النصوص والفتاوى حرمة انكار ولدية من تولد في فراشه مع امكان الحاقه به بما تقدم في كتاب النكاح.

مضافاً للإجماع ولقاعدة الفراش كما في رواية سعيد الأعرج عن مولانا الصادق (عليه السلام) المروي عن رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم) (الولد للفراش وللعاهر الحجر)

-(عن محمّد بن علي بن محبوب، عن علي بن السندي، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن سعيد الاعرج، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: قلت له: الرجل يتزوج المرأة ليست بمأمونة، تدعي الحمل، قال: ليصبر؛ لقول رسول الله (صلى‌الله‌عليه ‌وآله): الولد للفراش، وللعاهر الحجر)[2] .

نعم يجب عليه أن ينفيه ولو باللعان مع علمه بعدم تكوّنه منه وذلك - مضافاً إلى الإجماع –

لئلا يلحق بنسبه من ليس منه فيترتب عليه حكم الولد في الميراث والنكاح ونظر محارمه وغير ذلك، فلا بد من اللعان حينئذ لينتفي الولد منه شرعاً ولا تترتب عليه آثار الولدية. ويمكن أن نقول بوجوب اللعان في هذه الصورة.

 

مسألة (6):لو نفى ولدية من ولد في فراشه فإن علم أنه دخل بأمه دخولا يمكن معه لحوق الولد به أو أقر بذلك ومع ذلك نفاه لا يسمع منه ولا ينتفي منه لا باللعان ولا بغيره، وأما لو لم يعلم ذلك ولم يقر به وقد نفاه إما مجردا عن ذكر السبب بأن قال: " هذا ليس ولدي " أو مع ذكره بأن قال: " لأني لم أدخل بأمه أصلا " أو أنكر دخولا يمكن تكونه منه فحينئذ وإن لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن باللعان ينتفى عنه بشرط ثبوت الدخول، ومع عدم ثبوته لم يشرع اللعان مطلقاً[3] .

مسألة 6 – أما قوله (قده) (لا يسمع منه ولا ينتفي منه لا باللعان ولا بغيره). وذلك لعدم وجود المقتضي للنفي بعدما أقر بأنه دخل بأمِّه دخولاً يمكن لحوق الولد به وفعل ذلك واقعاً وحقيقةً فحاله حال من يكذِّب نفسه فلا تسمع دعواه، وأما في صورة ما لو يعلم ذلك ولم يَقرُّ به وقد نفاه أو أنكر دخولاً لا يمكن تكونه منه فحينئذٍ وإن لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن باللعان ينتفي عنه، وهنا نقول بأنه تارة يكون لنفيه وجه شرعي وهو المقتضي للعان مع توافر الشرائط ومنها الدخول بها فحينئذ ينتفي باللعان لما تقدم من الادلة على ذلك.

وتارة لا يكون هناك وجه شرعي وليس هناك دخول بها فلا لعان مطلقاً.

 

مسألة (7): إنما يشرع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم، وأما ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان وإن لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء، ولو علم أنه دخل بها أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث يمكن أن يكون الولد منه أو أقر بذلك ومع ذلك قد نفاه لم ينتف عنه بنفيه، ولم يسمع منه ذلك كالدائمة[4] .

مسألة 7 – تقدم الكلام في اشتراط النكاح الدائم والدخول بها في تحقق اللعان ولا ملاعنة في المتمتع بها واستدللنا على ذلك بالإجماع والنصوص في المقام ومنها صحيح عبد الله بن أبي يعفور:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع منها)[5] .

وأما نفي ولد المتمتع بها فيكون بنفس نفيه له دون لعان وهذا ما يُذكر في كتاب المتعة واحكامها.

وعليه، فإما أن يعلم بأن الولد له وحينئذ لا يجوز انكاره ونفيه مطلقاً لا باللعان ولا بغيره، وهذا لا يُفرق بين كون الزوجة دائمة أو منقطعة، وإما أن يعلم بالخلاف وبأن الولد قطعاً ليس منه فحينئذ إن كانت الزوجة دائمة فلا بد من نفيه باللعان، وإن كانت منقطعة فينفى بمجرد نفيه بلا لعان. وتحصّل من جميع ما تقدم بأن اللعان إنما هي ظاهرة استثنائية لها حيثياتها وظروفها الخاصة الخارجة عن نطاق ما هو المألوف عند الناس، وليس اشتهائية أو مزاجية بل تقدم عدم جوازها إلا في موارد خاصة وذلك لكي يحافظ الشرع الحنيف على بناء الأسرة والترابط الاجتماعي. والله العالم.


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص360.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص430، أبواب اللعان، باب9، ح3، ط آل البيت.
[3] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص360.
[4] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص360.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص430، أبواب اللعان، باب10، ح1، ط آل البيت.