الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/02/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب اللعان.

وهي مباهلة خاصة بين الزوجين، أثرها دفع الحد أو نفي الولد مسألة [1] .

كتاب اللعان

وهي مباهلة خاصة بين الزوجين، أثرها دفع الحد، أو نفي الولد.

مفردة (لعنة) وجمعه (اللّعن) وهو مصدر من لاعن ومعناه اللغوي: الطرد والإبعاد، ومنه أُخذ المعنى الإصطلاحي الشرعي فصار بمعنى المباهلة الخاصة بين الزوجين وبذلك يتم التباعد بينهما، وجعل الشارع آثاراً شرعية لذلك من رفع الحد عن الزوج الرامي الملاعن، ومن رفع العذاب عن المرمية بتهمة الزنا، أو من نفي الولد.

ويستدل عليه من الكتاب والسنة والاجماع.

أما القرآن الكريم فآية: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [2] .

وأما السنة: فالروايات متضافرة في ذلك من الفريقين (سنة وشيعة)، وقد ذكر البيهقي في سننه الكبرى (ج 7 / 394) سبب نزول الآية الكريمة فيما رواه ابن عباس أنه نزلت (والذين يرمون المحصنات) إلى آخرها قال سعد بن عباد (يارسول ...الخ الرواية).

وأما من طرف مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) فعن مولانا الصادق (عليه السلام) في موثق عبد الرحمان بن الحجاج:

-(محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه‌ السلام) ـ وأنا عنده حاضر ـ كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله)، فقال: يا رسول الله! أرأيت لو أن رجلا دخل منزله، فرأى مع امرأته رجلا يجامعها، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله)، فانصرف الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند الله عزّ وجلّ بالحكم فيها، قال: فأرسل رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله) إلى ذلك الرجل، فدعاه فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فايتني بامرأتك، فان الله عزّ وجلّ قد أنزل الحكم فيك وفيها، قال: فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله) وقال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله انك لمن لصادقين فيما رميتها به، قال: فشهد، قال: ثمّ قال رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله): أمسك ووعظه، ثمّ قال: اتق الله فإن لعنة الله شديدة، ثمّ قال: اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، قال: فشهد فأمر به فنحي، ثمّ قال (عليه‌ السلام) للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، قال: فشهدت ثمّ قال لها: امسكي، فوعظها، ثمّ قال لها: اتقي الله، فان غضب الله شديد، ثمّ قال لها: اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، قال: فشهدت، قال: ففرق بينهما، وقال لهما: لاتجتمعا بنكاح أبدا بعد، ما تلاعنتما)[3] .

وهناك روايات معتبرة تشتمل على حكم نفي الولد بالإضافة إلى رفع الحد منها:

-(وبإسناده، عن البزنطيّ، أنّه سأل أبا الحسن الرضا (عليه‌ السلام)، فقال له: أصلحك الله كيف الملاعنة؟ قال: يقعد الامام ويجعل ظهره إلى القبلة ويجعل الرجل عن يمينه، والمرأة والصبي عن يساره)[4] .

-( قال: وفي خبر آخر، ثمّ يقوم الرجل فيحلف أربع مرات بالله انه لمن الصادقين فيما رماها به، ثمّ يقول له الامام: اتق الله، فان لعنة الله شديدة، ثمّ يقول الرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، ثمّ تقوم المرأة فتحلف أربع مرات بالله انه لمن الكاذبين فيما رماها به، ثمّ يقول لها الامام: اتقي الله، فان غضب الله شديد، ثمّ تقول المرأة: غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به. فان نكلت رجمت، ويكون الرجم من ورائها ولا ترجم من وجهها، لان الضرب والرجم لا يصيبان الوجه، يضربان على الجسد على الاعضاء كلّها، ويتّقي الوجه والفرج، وإذا كانت المرأة حبلى لم ترجم، وإن لم تنكل درأ عنها الحد وهو الرجم، ثمّ يفرّق بينهما ولا تحل له أبدا، وإن دعا أحد ولدها: ابن الزانية جلد الحد، فان ادعى)[5] .

-(عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بامرأته، ولا يكون اللعان إلا بنفي الولد)[6] .

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما ‌السلام)، قال: لا يكون اللعان إلا بنفي ولد، وقال: إذا قذف الرجل امرأته لاعنها)[7] .

 

مسألة (1): إنما يشرع اللعان في مقامين: أحدهما - فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا، ثانيهما - فيما إذا نفى ولديه من ولد في فراشه مع إمكان لحوقه به[8] .

مسألة 1 – وقد تقدم الدليل عليه بالإضافة إلى الاجماع فالآيات والروايات المتقدمة، خصوصاً صحيحة محمد بن مسلم التي توضّح بأن سبب اللعان إما أن يقذف الزوج زوجته بالزنا وإما لأجل نفي ولدية من ولد في فراشه.

وأما قضية القيد الوارد في المتن (مع إمكان لحوقه به) فهو واضح لكون الولد منفي عنه شرعاً مع عدم إمكان اللحوق به من الأساس ولا يحتاج إلى الملاعنة.

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص359.
[2] النور/السورة24، الآية6.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص407، أبواب اللعان، باب1، ح1، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص407، أبواب اللعان، باب1، ح2، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص408، أبواب اللعان، باب1، ح3، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص429، أبواب اللعان، باب9، ح2، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص429، أبواب اللعان، باب9، ح2، ط آل البيت.
[8] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص359.