الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/02/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الايلاء.

مسألة (5): متى وطأها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة سواء كان في مدة التربص أو بعدها أو قبلها، لأنه قد حنث اليمين على كل حال وإن جاز له هذا الحنث، بل وجب بعد انقضاء المدة ومطالبتها وأمر الحاكم به تخييراً، وبهذا يمتاز هذا الحلف عن سائر الأيمان، كما أنه يمتاز عن غيره بأنه لا يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من كون متعلقه مباحاً تساوى طرفاه أو كان راجحاً ديناً أو دنياً[1] .

 

مسألة 5 – أما قوله (قده) بلزوم الكفارة على المؤلي سواءً كان في مدّة التربص أم بعدها أم قبلها فيما لو وطأها بعد الإيلاء فذلك للتمسك بإطلاق وجوب الكفارة على كل من حنث بيمينه وهذا مضافاً لما تقدم من الأدلة فالإتفاق قائمٌ عليه.

وقد تقدم أن الإيلاء أحد أقسام الحلف وإن اختلف عنه بأنه لا يعتبر فيه تعلقه بأمر راجح بحسب الدين والدنيا كما في اليمين بل حتى ولو لم يكن كذلك كما هو حال الإيلاء الذي هو مرجوحٌ كما هو معلوم في عدم جواز ترك وطأ الزوجة ما زاد عن الأربعة أشهر ولو مرّة واحده.

نعم يجوز له الحنث بذلك وإن لزمت الكفارة لترتبها على مجرد تحقق الإيلاء ولا بد من دفعها قبل الوطء.

نعم لو وطأها بعد المدة فللشيخ (قده) قولان في المسألة: الأول: أنه لا كفارة عليه كما في المبسوط (5 /135)، والثاني: لزمته الكفارة كما في الخلاف (4 /520 مسألة 18 ). بل ادعى الإجماع عليه. وهو ظاهر الأكثر كما عن صاحب الجواهر (قده) (33 /323).

ويمكن الإستدلال عليه برواية منصور بن حازم:

-(عن القاسم، عن أبان، عن منصور قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن رجل آلى من امرأته فمرت أربعة أشهر، قال: يوقف فإن عزم الطلاق بانت منه، وعليها عدة المطلقة، وإلا كفر عن يمينه وأمسكها)[2] .

-(وعن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) أنه سئل إذا بانت المرأة من الرجل، هل يخطبها مع الخطاب؟ قال: يخطبها على تطليقتين، ولا يقربها حتى يكفر يمينه)[3] .

والواضح من مرسلة العياشي أن مورد السؤال هو الإيلاء لقوله (عليه السلام) (لا يقربها حتى يكفّر يمينه).

بقي التنبيه على عدة أمور:

1 – لو ترك وطأها لعذر كالمرض أو غير ذلك من الأعذار لم يكن لها المطالبة بالفئة وذلك للإجماع ولعدم كونه في مقام غيظها والإضرار بها.

2 – كفارة الإيلاء ككفارة اليمين اجتمع فيها التخيير والترتيب وهي عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات وذلك لأن الإيلاء يمين خاص تشمله أدلته كما في قوله تعالى:

﴿ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [4] .

والروايات المعتبرة والصحيحة:

-(محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ـ جميعاً ـ عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) في كفارة اليمين، يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مد من حنطة، أو مد من دقيق وحفنة، أو كسوتهم لكل إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، وهو في ذلك بالخيار، أيّ ذلك شاء صنع، فان لم يقدر على واحدة من الثلاث، فالصيام عليه ثلاثة أيام)[5] .

-(عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام)، قال: سألته عن كفارة اليمين؟ فقال: عتق رقبة أو كسوة، والكسوة ثوبان أو إطعام عشرة مساكين أي ذلك فعل أجزأ عنه، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متواليات، وإطعام عشرة مساكين مداً مداً)[6] .

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص358.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص355، أبواب الايلاء، باب12، ح3، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص356، أبواب الايلاء، باب12، ح4، ط آل البيت.
[4] المائدة/السورة5، الآية89.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص375، أبواب الكفارات، باب12، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص375، أبواب الكفارات، باب12، ح2، ط آل البيت.