الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/12/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الظهار

مسألة (3): الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة: أنت علي كظهر أبي أو أخي لم يؤثر شيئاً .[1]

مسألة 3 – وهو المتعيّن للأصل، والإجماع بين كافة المسلمين، بل يمكن القول بأن من المسلمات، بالإضافة إلى كون الظهار هو طلاق أهل الجاهلية، وفي الإسلام حرّم على الزوج المظاهر مقاربة زوجته المظاهره إلا بعد التكفير عن ذلك، والطلاق بيد الرجل فكذا الظهار إلا أن يدل دليلٌ على خلاف ذلك وهو مفقود.

 

مسألة (4): يشترط في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق، وفي المظاهر البلوغ والعقل والاختيار والقصد، فلا يقع من الصبي ولا المجنون ولا المكره ولا الساهي والهازل والسكران، ولا مع الغضب سواء كان سالبا للقصد أم لا على الأقوى، وفي المظاهرة خلوها عن الحيض والنفاس، وكونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق، وفي اشتراط كونها مدخولا بها قولان، أصحهما ذلك.[2]

مسألة 4 – إن منشأ الإشتراك في الشرائط ما بين الطلاق والظهار بالجملة هو – بالإضافة إلى الإجماع – النص الوارد عن مولانا الصادق (عليه السلام) (لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق).

-(عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عمن أخبره، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق)[3] .

إلا ما خرج بدليل وسيأتي إشتراط الدخول في صحة الظهار بخلاف الطلاق.

وعليه فيشترط في الظهار والمظاهر والمظاهرة ما يشترط في الطلاق والمطلِّق والمطلَّقة مما تقدم من الشرائط كالصيغة، وحضور العدلين وإشتراط خلو المظاهرة من الحيض والنفاس، وأن تكون في طهر لم يواقعها فيه، مع التفاصيل المتقدمة في الطلاق.

وهكذا إشتراط البلوغ والعقل والإختيار والقصد في المظاهر وهذه تقدم منا سابقاً أنها شرائط عامة، لا بد من تحققها في كل إنشاء، سواء كان عقداً أم إيقاعاً.

نعم ما ذكره السيد الماتن (قده) من إشتراطه عدم الغضب من المظاهِر مطلقاً سواءً كان سالباً للقصد أم لا على الأقوى، هو الأقوى ولعل ذلك لإطلاق رواية حِمران عن مولانا الباقر (عليه السلام):

-(عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: لا يكون ظهار في يمين، ولا في إضرار، ولا في غضب)[4] .

أو لصحيحة محمد بن أبي نصر البزنطي (قده) عن مولانا الرضا (عليه السلام) (الظهار لا يقع على الغضب).

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: الظهار لايقع على الغضب)[5] .

بقي أنه هل يُشترط كون المظاهرة مدخولاً بها أو، لا ؟.

ذهب السيد الماتن (قده) إلى إشتراط ذلك وهو الأصح، خلافاً لما ذهب إليه جمعٌ من القدماء – منهم الشيخ المفيد والسيد المرتضى (قدها )- حيث أنهم تمسكوا بإطلاق الأدلة وعمومها ومنها الآية الكريمة (المجادلة 2). ونص مولانا الصادق (عليه السلام) (ابن فضال عمن أخبره، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق)[6] المتقدم وبما أنه لا يعتبر في الطلاق الدخول، فلا يُعتبر فيه أيضاً.

وقال المحقق الحليّ (ره) في شرائعه[7] (وفي إشتراط الدخول تردد، والمروي إشتراطه).

وذلك لكل من صحيحتين محمد بن مسلم، والفضيل بن يسار:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه ـ جميعا ـ عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل مملك ظاهر من امرأته، فقال لي: لا يكون ظهار، ولا إيلاء حتى يدخل بها)[8] .

-(عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبدالله (عليهما السلام)، قال: في المرأة التي لم يدخل بها زوجها، قال: لا يقع عليها إيلاء، ولا ظهار .)[9] .

وهو الأصح وذلك لقبول الإطلاق للتقييد مطلقاً سواءً كان من الكتاب أم السنة، وما ذكروه من التشبيه إنما يكون في جهة من الجهات لا مطلقاً. والله العالم.

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص355.
[2] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص355.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص307، أبواب الظهار، باب2، ح3، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص315، أبواب الظهار، باب7، ح2، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص315، أبواب الظهار، باب7، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص336، أبواب الظهار، باب16، ح13، ط آل البيت.
[7] شرائع الاسلام، العلامة، الحلي، ج3، ص627، ط الاستقلال.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص316، أبواب الظهار، باب8، ح1، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص316، أبواب الظهار، باب8، ح2، ط آل البيت.