الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخلع والمباراة.

مسألة (17): الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بامكان رجوعه بعد رجوعها، فلو لم يمكن كالمطلقة ثلاثاً وكما إذا كانت ممن ليست لها عدة كاليائسة وغير المدخول بها لم يكن لها الرجوع في البذل، بل لا يبعد عدم صحة رجوعها فيه مع فرض عدم علمه بذلك إلى انقضاء محل رجوعه فلو رجعت عند نفسها ولم يطلق عليه الزوج حتى انقضت العدة فلا أثر لرجوعها[1] .

 

مسألة 17 – الظاهر كون الخلع كما أنه يجري في الرجعي من أقسام الطلاق كذلك يجري في البائن منه وذلك لمقتضى إطلاق الأدلة مضافاً لاتفاق الأصحاب، غاية ما في الأمر أن في البائن لا موضوع للرجعة في كل منهما.

نعم ما يظهر من الروايات المتقدمة أن صحة الرجوع من طرفها فيما بذلت له منوطٌ بصحة وإمكان رجوعه إليها وتملكه لبضعها بعد رجوعها.

وعليه فلو امتنع رجوعه إليها لامتنع رجوعها بالفداء، فلو لم تكن للمرأة عدةٌ أصلاً كاليائس، وغير المدخول بها لم يكن لها الرجوع في البذل، أو كان لها عدة ولكن ليس للزوج إمكان الرجوع إليها كما لو كان الطلاق بائناً كالطلاق الثالث، وهذا ما تشير إليه بعض النصوص المتقدمة من قبيل قول مولانا الرضا (عليه السلام) في الصحيح (...وتبين منه،وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت)[2] .

-(عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع، هل تبين منه بذلك، (أو تكون) امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه، وإن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها، وتكون امرأته فعلت، فقلت: فانّه قد روي لنا أنها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق، قال: ليس ذلك إذا خلع، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم)[3] .

وهكذا في صحيح ابن سنان (وإن ارتجعت في شيء مما أعطيتني، فأنا أملك ببضعك).

-(علي بن إبراهيم في (تفسيره): عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان ـ يعني: عبدالله ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: الخلع لا يكون، إلا أن تقول المرأة لزوجها: لا أبر لك قسماً، ولاخرجن بغير إذنك، ولأوطئنَّ فراشك غيرك، ولا أغتسل لك من جنابة، أو تقول: لا اطيع لك أمرا أو تطلقني، فإذا قالت ذلك فقد حل له أن يأخذ منها جميع ما أعطاها، وكل ما قدر عليه مما تعطيه من مالها، فإن تراضيا على ذلك على طهر بشهود فقد بانت منه بواحدة، وهوخاطب من الخطاب، فان شاءت زوجته نفسها، وإن شاءت لم تفعل، فان تزوجها فهي عنده على ثنتين باقيتين، وينبغي له أن يشترط عليها كما اشترط صاحب المباراة، وإن ارتجعت في شيء مما أعطيتني فأنا أملك ببضعك، وقال: لا خلع ، ولا مباراة، ولا تخيير، إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين، والمختلعة إذا تزوجت زوجاً آخر ثمّ طلقها، يحلّ للأوَّل أن يتزوجها، قال: ولا رجعة للزوج على المختلعة، ولا على المبارئة إلا أن يبدو للمرأة، فيردّ عليها ماأخذ منها)[4] .

نعم لو رجعت في البذل من قِبَل نفسها، ولم يطّلع عليه الزوج حتى انقضت العدة، فقد ذهب الماتن (قده) إلى نفي البعد عن عدم صحة رجوعها في البذل وأنه لا أثر لرجوعها في المقام.

وهو الصحيح وذلك لعدم بقاء موضوع لرجوعه حينئذٍ باعتبار أن الظاهر من الأدلة المتقدمة إناطة رجوعها بعلمه والتفاته واطلاعه على ذلك لما أسلفنا قبل قليل. والله العالم.


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص353.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص293، أبواب الخلع والمباراة، باب7، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص286، أبواب الخلع والمباراة، باب3، ح9، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص293، أبواب الخلع والمباراة، باب7، ح4، ط آل البيت.