الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/07/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخلع والمباراة.

مسألة (14): الظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغير ذلك وبين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضرة وعدم إيفاء الزوج بعض الحقوق الواجبة أو المستحبة، نعم إن كانت الكراهة وطلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسب والشتم والضرب ونحوها فتريد تخليص نفسها منه فبذلت شيئاً ليطلقها فطلقها لم يتحقق الخلع، وحرم عليه ما أخذه منها، ولكن الطلاق صح رجعياً بالشرط المتقدم.[1]

مسألة 14 – أما عدم الفرق بين أن تكون الكراهة – المشترطة في الخلع – ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح المنظر وسوء الخلق والفقر، وبين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضّرة وعدم إيفاء الزوج لبعض حقوقها الواجبة أو المستحبة.

فذلك لأجل تحقق وصدق عنوان الكراهة الشديدة من جانب الزوجة لزوجها دون تفريق بين منشأ الكراهة لصحة الخلع بمقتضى الآية الكريمة المتقدمة: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [2] . وإطلاق الأخبار المتقدمة من قبيل صحيحتي الحلبي ومحمد بن مسلم:

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، (عن أبيه)، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها: والله لا أبر لك قسماً، ولا اطيع لك أمراً ولا أغتسل لك من جنابة، ولأوطئنّ فراشك، ولاذنن عليك بغير اذنك، وقد كان الناس يرخصون فيما دون هذا، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها)[3] .

-(عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني، وأنا اعطيك ما أخذت منك، فقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: والله لا أبرّ لك قسماً، ولا اطيع لك أمرا، ولاذنن في بيتك بغير اذنك، ولاوطئن فراشك غيرك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها، حلّ له ما أخذ منها)[4] .

وأما إذا كانت كراهتُها لزوجها وطلبُها المفارقة له ناشئة من إيذئه لها سباً وشتماً وضرباً ليكرهَها على طلب الطلاق وبذل الفداء والخلاص منه، فإنه لا يحقق ذلك الخلع ويحرم عليه ما أخذه منها، وذلك لأنه طلاق بعوض فإن تنازلها عن المهر لأجل خلاص نفسها من السب والشتم والإيذاء والضرب فتبذل شيئاً ليطلقها، فطلقها لأجل البذل والعوض، ومن المعلوم حينئذٍ أنه طلاقٌ بالعوض وليس خُلعاً، فيحرم عليه ما أخذه منها ويمكن الإستدلال بالاضافة الى ان بدل الخلع يجب ان يكون بإختيارها وليس جبراً وقهراً من الزوج لها بما ورد عن النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله:

-(محمّد بن علي بن الحسين في (عقاب الاعمال): بسند تقدم في عيادة المريض عن النبي (صلى الله عليه وآله) ـ في حديث ـ قال: ومن أضر بامرأة حتى تفتدي منه نفسها، لم يرض الله له بعقوبة دون النار؛ لانّ الله يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم، ألا ومن قال لخادمه، أو لمملوكه، أو لمن كان من الناس: لا لبّيك، ولا سعديك، قال الله له يوم القيامة: لا لبّيك، ولا سعديك، اتعس في النار، ومن ضار مسلماً فليس منّا، ولسنا منه في الدنيا والآخرة، وأيما امرأة اختلعت من زوجها لم تزل في لعنة الله وملائكته ورسله والناس أجمعين، حتّى إذا نزل بها ملك الموت قال لها: ابشري بالنار فاذا كان يوم القيامة قيل لها: ادخلي النار مع الداخلين، ألا وان الله ورسوله بريئان من المختلعات بغير حق، ألا وان الله ورسوله بريئان ممن أضر بامرأته حتى تختلع منه)[5] .

مضافاً إلى الإجماع، بل لم أجد من خالف ذلك.

نعم يكون طلاقاً رجعياً مع الإتباع بالطلاق بصيغته. والله العالم.

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص352.
[2] سورة البقرة، آية229.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص280، أبواب الخلع والمباراة، باب1، ح3، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص280، أبواب الخلع والمباراة، باب1، ح4، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص282، أبواب الخلع والمباراة، باب2، ح1، ط آل البيت.