الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخلع والمباراة.

مسألة (13): يشترط في الخلع على الأحوط أن تكون كراهة الزوجة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرهما الخروج عن الطاعة والدخول في المعصية.[1]

.مسألة 13 – بل يشترط في الخلع على الأقوى أن تكون كراهة الزوجة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرها الخروج عن الطاعة والدخول في المعصية وذلك أولاً: لصريح الآية الكريمة: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [2] . فإن الإنسان لا يصل إلى حد أن يخاف من عدم إقامة حدود الله تعالى إلا بعد أن يبلغ المراتب الشديدة من الكراهة وإن لم يبلغ أقصاها وكمالها. لأنها من المفاهيم المشككة التي لها مراتب كثيرة ومتعددة، وإلا بمجرد الكراهة العادية لا يسبب خوفاً من عدم إقامة حدود الله تعالى، بل نرى بالوجدان أن الكراهة المحتملة لا تبعث على ترك حدود الله تعالى كما هو واضح.

وثانياً: النصوص الصريحة الواضحة الدالة على ذلك منها:

صحيحة الحلبي:

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، (عن أبيه)، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها: والله لا أبر لك قسماً، ولا اطيع لك أمرا ولا أغتسل لك من جنابة، ولأوطئنّ فراشك، ولاذنن عليك بغير اذنك، وقد كان الناس يرخصون فيما دون هذا، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها)[3] .

-(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها، وكانت عنده على تطليقتين باقيتين، وكان الخلع تطليقة، وقال: يكون الكلام من عندها، وقال: لو كان الامر إلينا لم نجز طلاقاً إلا للعدة)[4] .

صحيحة محمد بن مسلم:

-(عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني، وأنا اعطيك ما أخذت منك، فقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئاً حتى تقول: والله لا أبرّ لك قسماً، ولا اطيع لك أمراً، ولاذنن في بيتك بغير اذنك، ولأوطئن فراشك غيرك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها، حلّ له ما أخذ منها. الحديث).[5]

-(عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: فاذا قالت ذلك من غير أن يعلمها حل له ما اخذ منها، وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها، وكانت بائنا بذلك، وكان خاطبا من الخطاب)[6] .

وأيضاً موثقة سماعة:

-(وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد ـ جميعاً ـ عن عثمّان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن المختلعة؟ قال: لا يحل لزوجها أن يخلعها حتى تقول: « لا أبر لك قسماً ولا اقيم حدود الله فيك، ولا أغتسل لك من جنابة، ولأوطئنّ فراشك، وأدخلن بيتك من تكره » من غير أن تعلم هذا، ولا يتكلّمون هم، وتكون هي التي تقول ذلك)[7] .

-(عن عثمّان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن المختلعة؟ فقال: لا يحل لزوجها أن يخلعها حتى تقول: لا أبر لك قسما إلى أن قال: فاذا اختلعت فهي بائن، وله أن يأخذ من مالها ما قدر عليه، وليس له أن يأخذ من المبارئة كلّ الذي أعطاها)[8] .

وخلاصة الكلام أن كل قول أو فعل يمكن أن يؤدي المعنى الوارد في ما تقدم من النصوص

(لا أُطيع لك أمراً ولا....) فهو كناية عن شدة الكراهة منها له وإلا لما وصلت إلى هذا الحد من الخوف من ترك الواجب وفعل المعصية. والله العالم

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص352.
[2] سورة البقرة، آية229.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص280، أبواب الخلع والمباراة، باب1، ح3، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص284، أبواب الخلع والمباراة، باب3، ح2، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص280، أبواب الخلع والمباراة، باب1، ح4، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص284، أبواب الخلع والمباراة، باب3، ح3، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص281، أبواب الخلع والمباراة، باب1، ح5، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص288، أبواب الخلع والمباراة، باب4، ح4، ط آل البيت.