الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، القول في العدد. (أقسام العدد)

مسألة (9): لو ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدتها وأنكر الزوج أو انعكس فادعى الوضع وانقضاء العدة وأنكرت هي أو ادعت الحمل وأنكر أو ادعت الحمل والوضع معا وأنكرهما يقدم قولها بيمينها بالنسبة إلى بقاء العدة والخروج منها لا بالنسبة إلى آثار الحمل غير ما ذكر على الظاهر[1] .

ما حكم به السيد الماتن (قده) في الصور المتعددة المرتبطة بالحمل والوضع من أن القول قولها بيمينها فإن ذلك لأجل كونها أعرف بهما من غيرها وغالباً ما يتعذر أو يتعسَّر الإشهاد عليه، فتكون مصدقة بذلك، وإنما اليمين لقطع الخصومة والنزاع.

ويدل عليه تفسير مولانا الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ[2] . قال (عليه السلام): (قد فرض الله الى النساء ثلاثة أشياء: الحيض، والطهر، والحمل).

-(الفضل بن الحسن الطبرسي في (مجمع البيان): عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) قال: قد فوض الله إلى النساء ثلاثة أشياء: الحيض، والطهر، والحمل)[3] .

وأيضاً لصحيحة جميل عن زرارة عن مولانا أبي جعفر (عليه السلام) قال: (العدة والحيض للنساء إذا إدعت صدقت).

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: العدة والحيض للنساء، إذا ادّعت صدّقت)[4] .

وهذا كما لا يخفى يشمل بإطلاقه ما ذكره الماتن(قده) بلا فرق بين الموراد.

نعم ما ذكره الشهيد الثاني (ره) في مسالكه بقييده لذلك مع الإمكان حيث قال (ره): (ويختلف الإمكان بحسب دعواها، فإن إدعت ولادة ولد تام، فأقل مدة تصدق فيها ستة أشهر ولحظتان من يوم النكاح: لحظة لإمكان الوطىء ولحظة للولادة، فإن إدعت أقل من ذلك لم تصدق. . . الخ. . . )[5] .

فإن ما ذكره (ره) موافق للقواعد ولصورة دفع الشك فهو مقبول والله العالم.

مسألة (10): لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا في المتقدم والمتأخر فقال الزوج: " وضعت بعد الطلاق فانقضت عدتك " وقالت: " وضعت قبله وأنا في العدة " أو انعكس لا يبعد تقديم قولها في بقاء العدة والخروج منها مطلقا من غير فرق بين ما لم يتفقا على زمان أحدهما أو اتفقا عليه[6] .

ما ذكره الماتن (قده) هو الموافق لظاهر إطلاق الدليل الشرعي مما ذكرناه في المسألة السابقة من تفسير مولانا الصادق (عليه السلام) للآية الكريمة (2/228) وصحيحة زرارة المتقدمة في نفس المسألة السابقة (9)

وإن كان مقتضى القواعد والأصل خلاف ذلك حيث أنه يمكن أن يُقال بأصالة بقاء العدة، لأن دليل حجية الإستصحاب بقاء العدة الشامل لجميع الموارد الواردة في المسألة.

لكن نقول: لما تقدم من الروايات الدالة على أن أمر العدة وجوداً وعدماً إنما هو بيد النساء، وعليه، فالأصل وإن كان مع الزوج في بعض الصور إلا أنه لا مجال للأصل مع وجود الإطلاق، كما لا يخفى.

ولذا، لا تكون دعوى صاحب الجواهر بقوله: (الرجوع إليهن في العدة لا يشمل المقام )[7] مسموعة لما قدمناه والله العالم.


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص336.
[2] سورة البقره، الآية228.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص222، أبواب العدد، باب24، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص222، أبواب العدد، باب24، ح1، ط آل البيت.
[5] مسالك الافهام في شرح شرائع الاسلام، الشهيد زين الدين بن علي العاملي الجبعي، ج9، ص195، ط دار الهدى.
[6] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص336.
[7] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن الجواهري، ج32، ص269.