الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، القول في العدد. (أقسام العدد)

مسألة (2): يتحقق الدخول بايلاج تمام الحشفة قبلاً أو دبراً وإن لم ينزل، بل وإن كان مقطوع الأنثيين[1] .

مسألة 2 - أقول ما ورد في المتن من السيد الإمام الماتن (قده) هو الأوفق بالقواعد وظاهر الأدلة عليه.

مضافاً الى الإجماع وعليه فلا يُفرق بين ما لو كان الدخول قبلاً أو دبراً، أنزل أو لم يُنزل.

نعم الإنزال وعدمه، يمكن أن يترتب عليه بعض الآثار وعدمها، كلحوق الولد بصاحب النطفة وعدم لحوقه مثلاً.

وهذا كما تقرر، لا علاقة بالعدة وعدمها.

وعليه الروايات منها صحيحة عبد الله بن سنان:

- (محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سأله أبي وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه ولم يمسها ولم يصل إليها حتى طلقها، هل عليها عدة منه؟ فقال: إنما العدة من الماء، قيل له: فإن كان واقعها في الفرج ولم ينزل؟ فقال: إذا أدخله وجب الغسل والمهر والعدة)[2] .

ويتضح منها أن قول الإمام (عليه السلام) في جوابه الأول في الرواية بأن (إنما العدة من الماء) ومن جوابه الثاني في ذيل الرواية قوله (عليه السلام) (إذا أدخله وجب الغسل والمهر والعدة) بعدما سأله السائل بأنه واقعها في الفرج ولم ينزل، أن الإنزال وعدمه ليس له أي مدخلية في المقام سوى ما ذكرنا أعلاه أنه يترتب عليه أثر الإلحاق وعدمه، والحكم لا يدور مدار الحكمة.

ومثلها صحيحتي الحلبي وإبن البختري:

-(عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام )، في رجل دخل بامرأة، قال: إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة)[3] .-(عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة والغسل)[4] .

فلو جمعنا القولين لنتج بأن القول الأول (إنما العدة من الماء) إنما هو من قبيل الحكمة لا العلة، وإلا لما ذكر (عليه السلام) بعد ذلك أن مجرد الدخول حتى ولو لم ينزل وجبت العدة. فالواضح

وأما عدم التفريق بين الدخول قُبلاً أو دبراً، فللإجماع أولاً، وإطلاق الدليل في أن الدبر أحد المأتيين كما مرّ آنفاً.

فالأصل هو التساوي بين الفرجين، إلا ما خرج بالدليل، ولا دليل ههنا يخرجه عن المقام، بل الدليل على خلاف ذلك.

أما قوله (قده): (وإن كان مقطوع الأُنثين) فللإتفاق فيما بينهم أعلى الله مقامهم، ولأن الدخول يتحقق من الخصي إذا حصل منه الإيلاج وإن لم ينزل ويدل عليه من الروايات:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه ـ جميعاً ـ عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن خصي تزوج امرأة، وفرض لها صداقا، وهي تعلم أنه خصيُّ؟ فقال: جايز، فقيل: فانه مكث معها ما شاء الله، ثمّ طلّقها، هل عليها عدة؟ قال: نعم، أليس قد لذّ منها، ولذّت منه)[5] .

وأيضاً رواية حفص بن البختري:

-(عن الزيات، عن ابن أبي عمير وأحمد بن الحسن، عن هارون بن مسلم عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، في رجل دخل بامرأة، قال: إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة)[6] .

مضافاً الى ماتقدم في صحيحتي الحلبي وإبن البختري المتقدمتين.

هذا، وقد تقدم خلاف سعيد بن مسيب في ذلك بل إكتفى بمجرد العقد وإن لم يكن دخول اصلاً كما ذكر صاحب الجواهر (قده)[7] وردّه، وخالف من المتأخرين كل من الشيخ البحراني (قده) في الحدائق[8] وصاحب الرياض (قده)[9] وتوقفا في مسألة عدم الفرق بين القبل والدبر، لإنصراف المطلق الى الفرد الشائع، وهو الجماع من القبل.

ويرد عليه: بان الشيوع الموجب للإنصراف هو شيوع الاستعمال لا شيوع الوجود في الخارج. وعلى أي حال فلولا الإجماع لأمكن النقاش في ذلك.


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص335.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج21، ص319، أبواب المهور، باب54، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج21، ص319، أبواب المهور، باب54، ح3، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج21، ص319، أبواب المهور، باب54، ح4، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص255، أبواب المهور، باب39، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج21، ص320، أبواب المهور، باب54، ح8، ط آل البيت.
[7] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج32، ص160.
[8] الحدائق الناضرة، الشيخ يوسف البحراني، ج25، ص393.
[9] رياض المسائل، السيد علي الطباطبائي، ج12، ص269، ط الهادي.