الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق.

 

مسألة (9): يشترط في صحّة الطلاق - زائدا على مامرّ - الإشهاد، بمعنى إيقاعه بحضور شاهدين عدلين ذكرين يسمعان الإنشاء، سواء قال لهما: إشهدا، أم، لا. ويعتبر اجتماعهما حين سماع الإنشاء؛ فلو شهد أحدهما وسمع في مجلس ثمّ كرّر اللفظ وسمع الآخر بانفراده لم يقع. نعم، لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما، لا في تحمّل الشهادة ولا في أدائها. ولا اعتبار بشهادة النساء وسماعهنّ، لا منفردات ولا منضمّات بالرجال[1] .

 

تابع مسألة (9) - هذا ويمكن أن نستدل على ما بيناه من عدم لزوم ذلك بل يصح طلاقها من غير حضورها ولا معرفتها أصلاً كما هو المختار لدينا صحيحة أبي بصير (المرادي)

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ـ جميعاً ـ ، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير ـ يعني المرادي ـ قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوّج أربع نسوة في عقدة واحدة، أو قال في مجلس واحد ومهورهن مختلفة، قال: جائز له ولهن، قلت: أرأيت إن هو خرج إلى بعض لبلدان، فطلق واحدة من الاربع، وأشهد على طلاقها قوما من أهل تلك البلاد، وهم لايعرفون المرأة، ثمّ تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدة المطلّقة، ثمّ مات بعدما دخل بها، كيف يقسم ميراثه؟ قال: إن كان له ولد، فان للمرأة التي تزوجها أخيرا من أهل تلك البلاد ربع ثمّن ما ترك، وإن عرفت التي طلقت من الاربع بعينها ونسبها فلا شيء لها من الميراث، وعليها العدة، قال: ويقتسمن الثلاثة النسوة ثلاثة أرباع ثمّن ماترك وعليهن العدة، وإن لم تعرف التي طلقت من الاربع، قسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمّن ما ترك بينهن جميعاً، وعليهن جميعا العدة).[2]

ومع صحة سندها فإن دلالتها صريحة في صحة طلاق من لم يعرفها من الشهود وكما بيّنا والله العالم.

وأما قول الماتن (قده) (يسمعان الإنشاء سواءً، قال لهما: إشهدا، أم، لا) يدل عليه قوله تعالى: (وأشهدوا ذوَى عدلٍ منكم)[3] .

بالإضافة الى النصوص الصريحة بذلك

-(عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن بكير بن أعين وغيره، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال: إن طلقها للعدة أكثر من واحدة، فليس الفضل على الواحدة بطلاق، وإن طلقها للعدة بغير شاهدي عدل فليس طلاقه بطلاق، ولا يجوز فيه شهادة النساء)[4] .

-(عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اُذينة، عن زرارة ومحمّد بن مسلم، وبكير، وبريد، وفضيل ، وإسماعيل الأزرق، ومعمر بن يحيى، عن أبي جعفر، وأبي عبدالله (عليهما السلام) ـ في حديث ـ أنه قال: وإن طلقها في استقبال عدتها طاهرا من غير جماع، ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين، فليس طلاقه إياها بطلاق).[5] -(وعنه ، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل طلق امرأته بعدما غشيها بشهادة عدلين، قال: ليس هذا طلاقاً، قلت: فكيف طلاق السنة؟ فقال: يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين، كما قال الله عزّ وجلّ في كتابه فان خالف ذلك رد إلى كتاب الله، قلت: فان طلق على طهر من غيرجماع بشاهد وامرأتين، قال: لا تجوز شهادة النساء في الطلاق، وقد تجوز شهادتهن مع غيرهن في الدم إذا حضرنه، قلت: فان أشهد رجلين ناصبيين على الطلاق أيكون طلاقاً؟ فقال: من ولد على الفطرة اجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خير).[6]

وأما ما يدل على عدم لزوم قول المطِّلق أو المنشىء للصيغة (إشهدوا)

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل كانت له امرأة طهرت من محيضها، فجاء الى جماعة، فقال: فلانة طالق، يقع عليها الطلاق ولم يقل: اشهدوا؟ قال: نعم).[7] -(وعنه، عن أبيه، عن صفوان، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سئل عن رجل طهرت امرأته من حيضها، فقال: فلانة طالق، وقوم يسمعون كلامه، ولم يقل لهم: اشهدوا، أيقع الطلاق عليها؟ قال: نعم، هذه شهادة)[8] .

أما قوله (قده): (ويعتبر اجتماعهما حين سماع الإنشاء؛ فلو شهد أحدهما وسمع في مجلس ثمّ كرّر اللفظ وسمع الآخر بانفراده لم يقع.)

فيدل عليه رواية محمد بن ابي نصر ورواية اسماعيل بن بزيع :

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد ابن ابي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل طلق امرأته على طهر من غير جماع، وأشهد اليوم رجلاً، ثمّ مكث خمسة أيّام، ثمّ أشهد آخر؟ فقال: إنّما امر أن يشهدا جميعاً).[9]

-(عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن تفريق الشاهدين في الطلاق؟ فقال: نعم، وتعتدُّ من أول الشاهدين، وقال: لا يجوز حتى يشهدا جميعاً).[10]

أما قوله (قده): (نعم لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر إجتماعهما لا في تحمل الشهادة ولا في أدائها) وذلك لأنه ليس طلاقاً بل شهادة على الإقرار به وليس نفسه.

وأما قوله (قده): (ولا إعتبار النساء وسماعهن لا منفردات ولا منضمات بالرجال) وذلك لما تقدم من النصوص والإجماع.

اما النصوص فهي: صحيح بكير بن أعين عن مولانا أبي جعفر(عليه السلام)

-(عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن بكير بن أعين وغيره، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال: إن طلقها للعدة أكثر من واحدة، فليس الفضل على الواحدة بطلاق، وإن طلقها للعدة بغير شاهدي عدل فليس طلاقه بطلاق، ولا يجوز فيه شهادة النساء).[11]

 


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص331.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص51، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب10، ح1، ط آل البيت.
[3] سورة الطلاق آية (2).
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص26، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب10، ح2، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص26، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب10، ح3، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص26، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب10، ح4، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص50، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب21، ح1، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص50، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب21، ح2، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص49، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب20، ح1، ط آل البيت.
[10] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص50، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب20، ح2، ط آل البيت.
[11] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص26، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، باب10، ح2، ط آل البيت.