بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

37/01/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الطلاق.
مسألة  (6): يشترط في صيغة الطلاق التنجيز، فلو علقه على شرط بطل سواء كان مما يحتمل وقوعه كما إذا قال: أنت طالق إن جاء زيد أو مما يتيقن حصوله، كما إذا قال: إن طلعت الشمس نعم لا يبعد جواز تعليقه على ما يكون معلقا عليه في الواقع كقوله: إن كانت فلانة زوجتي فهي طالق سواء كان عالما بأنها زوجته أم لا.
مسألة 6 ذكر السيد الماتن) قده (في هذه المسألة ثلاثة أنواع من التعليق فتارة يكون قد علقه على شرط يحتمل وقوعه كما إذا قال ( أنت طالق إن جاء زيد. (
وتارة على ما يُتيقن حصوله، كما إذا قال) :أنت طالق إن طلعت الشمس (
وثالثة على أن يكون معلقاً عليه في الواقع كقوله:) إن كانت فلانه زوجتي فهي طالق (
ذهب المشهور الى إشتراط التنجيز في الطلاق كسائر صيغ الإيقاعات والعقود، وإستدلوا على ذلك بالإطلاقات الواردة في النصوص عنهم عليهم السلام، كما في حسنة محمد بن مسلم

 (عن ابن سماعة، عن ابن رباط، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ـجميعاًـ عن ابن اُذينة، عن محمّد بن مسلم، أنّه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ حرام، أو بائنة، أو بتّة، أو بريّة، أو خليّة؟ قال: هذا كله ليس بشيء إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعدما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق، أو اعتدي، يريد بذلك: الطلاق، ويشهد على ذلك رجلين عدلين )[1]
وقربوا الإستدلال بأن الصيغة المعلقة على شرط أو صفة هي في واقعها خارجة عن هذين اللفظين، ويتنافى مع التعليق.
وأضف الى إدعاء الإجماع من أكثر من واحد كما عن إبن إدريس، وعن شيخنا الشهيد الثاني في الروضة فإنه قال بعد ذكر المصنف الحكم المذكور: (وهو موضع وفاق منا. (
وبذلك نكون قد أجبنا عمّا ذهب إليه السيد الحكيم (قده) في نهج الفقاهة حيث قال: ( لا دليل على إعتبار الجزم بأي معنى فرض . . . وإن الرضا بشيء لا يتوقف على إمكان حصوله فضلاً عن الجزم بوقوعه..).
نعم ما ذهب اليه شيخنا النائيني (قده) في تقريرات الخونساري(قده) حيث ذهب الى صحة التعليق بقوله: (إن صحة تعليق المنشأ لا تخفى على أحد، بل وقوعه في الأحكام الشرعية لا يبلغه الإحصاء، فإن أغلب الأحكام الشرعية، بل جميعها إلا ما شذ قضايا حقيقية وأحكام مشروطة على تقدير وجود موضوعاتها، ووقوعه في الجملة في العقود والإيقاعات، كالوصيه والتدبير، والنذر والعهد واليمين مما لا إشكال فيه.)
فله وجه وهو صحيح لولا أن النكاح والطلاق من الأمور التوقيفية يحتاج في ثبوتها الى ما دل شرعاً على ما يوجب النكاح أو الطلاق كما تقدم ذكره،ولم يعلم من الشارع صحة الطلاق مع التعليق، والأصل بقاء عصمة النكاح حتى يقوم الدليل الشرعي على إنقطاعها.
فإن النكاح موجبٌ لتحلل ما كان محرّماً قبله، والطلاق موجب لتحريم ما كان محللاً قبله، فلا بد في كل من التحليل في الأول والتحريم في الثاني من موجب شرعي ودليل قطعي، ولم يعلم من الشارع وقوع الطلاق المعلق، ولا بيان حاله من أنه صحيح أو باطل كما لا يخفى.
هذا فيما لو كان المعلق عليه محتمل الحصول كما إذا قال: (أنت طالق إن جاء زيد.) أو (أنت طالق إن طلعت الشمس.) متيقن الحصول.
وأستثنى السيد الماتن من بطلان الطلاق في التعليق في الصورة الثالثة، وهو التعليق على ما يكون معلقاً عليه في الواقع وإن لم يكن هناك تعليق، كما إذا قال: (إن كانت فلانه زوجتي فهي طالق.) وذلك لأن الإنشاء معلق عليه في حاق اللفظ، والتعليق اللفظي لا يزيد ذلك إلا توضيحاً وبياناً، ومع الشك في كونه من التعليق المبطل يكفي فيه الرجوع الى أصالة الصحة.
وخلاصة الكلام: فالقول المشهور هو الأوفق بالإحتياط لما ذكرنا والله العالم.



[1]  وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 22، ص 41، أبواب مقدماته وشرائطه، باب16، ح 3، ط آل البيت.