بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/12/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطلاق.

مسألة 2:يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة فلو قال: " زوجتاي إيقاع طالقان أو (زوجاتي طوالق) صح طلاق الجميع.[1].


مسألة 2 - وذلك مقتضى القاعدة في العقود والإيقاعات المعمول عليها عرفاً بلا دليل شرعي على خلافها، فكما أنه يصح بيع أعيان متعددة بلفظ واحد كما لو قال البائع: بعتك هذه الأقلام أو هذه الكتب وما شابه ويقول المشتري: (قبلت) صح البيع أو كما في العتق كما لو قال السيّد أعتقت عبيدي جميعاً فتتحرر العبيد وكما في التزويج بأكثر من إمرأة بعقد واحد فيصح، فلو نكح جمع من النساء بإنشاء واحد عن وكيلهن، وقبول واحد وكالة عن رجال متعددين. فيصح. كذا الحال فيما لو طلق أكثر من زوجة بإيقاع واحد.
والأصل في كل إنشاء ذلك إلا ما خرج بالدليل. 
وبعبارة أخرى (المقتضي موجود والمانع مفقود) فيشمله االإطلاق.

مسألة 3:لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من سائر اللغات من القدرة، ومع العجز يصح، وكذا لا يقع بالإشارة ولا بالكتابة مع القدرة على النطق، ومع العجز يصح إيقاعه بهما، والأحوط تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة.[2]

مسألة 3 : في المسألة عدة أمور:
الأول: إشتراط العربية عند الماتن (قده) مع القدرة،
الثاني: تقديم الكتابة على الإشارة لو دار الأمرُ بينهما لمن يعرف العربية.
أما الأمر الأول فيدل عليه النصوص المتقدمة الظاهرة في وقوع الطلاق بالعربية ومنها:
(وعنه، عن ابن سماعة، عن ابن رباط، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عميرـ جميعاًـ عن ابن اُذينة، عن محمّد بن مسلم، أنّه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ حرام، أو بائنة، أو بتّة، أو بريّة، أو خليّة؟ قال: هذا كله ليس بشيء إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعدما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق، أو اعتدي، يريد بذلك: الطلاق، ويشهد على ذلك رجلين عدلين).[3]
بالإضافة الى أصالة عدم ترتب الأثر لو شككنا في وقوع الطلاق بغير العربية، فضلاً عن عدم وقوعه بغير تلك الصيغة الخاصة (أنت طالق) من الكنايات باللغة العربية كما في قول القائل (أنت خلية، أو برية، أو حبلك على غاربك) وما شاكل ذلك من مفردات، فكيف إذا كانت بغير العربية.
هذا مع الإجماع المدّعى، لولا مخالفة الشيخ في نهايته حيث قال: (وينوب مناب قوله أنت طالق بغير العربية بأي لسان كان فإنه تحصل به الفرقة)[4]. وأطلق وأيده على ذلك كلام إبن حمزه وإبن البرّاج وغيرهما.
ويظهر أنهم تمسكوا برواية وهب بن وهب عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السلام قال: (كل طلاق بكل لسان فهو طلاق).
وعند التحقيق أقول: بأن السند للرواية المتقدمة ضعيف جداً لكون راويها وهب بن وهب القرشي المدني أبو البختري من الكذابين حتى أن الكشي(قده) يصفه بأنه أكذب البرية والنجاشي(قده) يقول: روى عن أبي عبد الله عليه السلام وكان كذاباً وله أحاديث مع الرشيد في الكذب، قال سعد تزّوج أبو عبد الله عليه السلام بأمه، وهكذا قال العلامة (قده) في خلاصته وكان قاضياً عامياً إلا أن له أحاديث عن حعفر بن محمد عليهما كلها لا يوثق.
هذا بالإضافة الى إعراض الأصحاب عنه وعدم الأخذ برواياته. ومع هذا كله يمكن حملها على صورة العجزعن العربية وعدم التمكن من التوكيل.


[1]تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص329.
[2]تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص329.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص41، أبواب مقدماته وشرائطه، باب16، ح3، ط آل البيت.
[4]النهاية في مجرد الفقه والفتاوى، الشيخ الطوسي، ج1، ص511.