الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

36/12/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : كتاب الطلاق.

 

مسألة 13 : الحاضر الذي تعذر أو يتعسر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر والحيض كالغائب، كما أن الغائب لو فرض إمكان علمه بحالها بسهولة بلا تعسر كالحاضر.[1]

13- أقول : لا إشكال في عدم وجود خصوصية للغائب في لسان الأدلة الشرعية، بل المناط فيه التعذر أو التعسّر عن الوصول الى حقيقة حال المرأة في حيضها وطهرها، وإذا تعذر إستعلام حالها فإنه ينطبق عليه عنوان الغائب سواءً (كان حاضراً كما لو كان في السجن وما شابه أم كان غائباً عن البلد الذي هي فيه).

وعليه فلو كان غائباً عنها ولكنه يمكن له إستعلام حالها فلا يصدق بحقه الغياب، بل هو بحكم الحاضر، كما في وسائل الإستعلام المتوفره في زماننا الحاضر من أدوات التواصل الحديثة بما يصل الى الحجة في ذلك.

ويدل عليه من النصوص:

 

(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن علي ابن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها، وهي في منزل أهلها، وقد أراد أن يطلقها، وليس يصل إليها فيعلم طمثها إذا طمثت، ولا يعلم بطهرها إذا طهرت، قال: فقال: هذا مثل الغائب عن أهله، يطلّق بالاهلة الشهور، قلت: أرأيت إن كان يصل إليها الاحيان والاحيان لايصل إليها، فيعلم حالها كيف يطلقها ؟ قال: إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه، يطلقها إذا نظر إلى غرة الشهر الآخر بشهود، ويكتب الشهر الذي يطلقها فيه، ويشهد على طلاقها رجلين، فاذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه وهو خاطب من الخطّاب، وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الاشهر التي تعتد فيها) [2] .

 

(وعن محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن جعفر، عن الحسن بن علي بن كيسان، قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام) أسأله عن رجل له امرأة من نساء هؤلاء العامّة، وأراد أن يطلّقها، وقد كتمت حيضها وطهرها مخافة الطلاق، فكتب (عليه السلام): يعتزلها ثلاثة أشهر، (ثمّ يطلقها). أقول: هذا محمول إما على الاستحباب والاستظهار، وإمّا على من تحيض في كل ثلاثة أشهر مرّة، لما مرّ، والله أعلم.)[3]

 

نعم في الرواية حديث رقم واحد في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قوله عليه السلام:

(يطلقها بالأهلة والشهور)[4] ومن الواضح أن طلاقها بالأهلة مع معلومية الحال، ومع عدم المعلومية فيتعدد الشهور.

لكن هذا قد يعارض قوله (عليه السلام): (إذا مضى له شهر لا يصل اليها فيطلقها).

مما يعني لزوم التربص شهراً لطلاقها.

وقد تقدم منا سابقاً إمكانية الجمع بينهما بأن نحمل الشهر على أقله والثلاثة على أكثره فتحمل الثلاثة على الإستحباب.

وهكذا الحال في قضية الجمع العرفي في الرواية الثانية عن الحسن بن علي بن كيسان فنحمل الثلاثة أشهر على إستحباب التربص بذلك.


[1] تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص328.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص60، أبواب مقدماته وشرائطه، باب28، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج22، ص61، أبواب مقدماته وشرائطه، باب28، ح2، ط آل البيت.
[4] مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، العلامه المجلسی، ج21، ص146.