بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطلاق.

كتاب الطلاق وله شروط وأقسام ولواحق وأحكام:
القول في شروطه :
مسألة 1 - يشترط في الزوج المطلق البلوغ على الأحوط والعقل.
فلا يصح على الأحوط طلاق الصبي لا بالمباشرة ولا بالتوكيل وإن كان مميزا وله عشر سنين، ولو طلق من بلغه فلا يترك الاحتياط، ولا طلاق المجنون مطبقا أو أدوارا حال جنونه، ويلحق به السكران ونحوه ممن زال عقله.
1 - كلمة لا بد منها قبل الخوض في شروطه وأقسامه وأحكامه، وهي من جهتين :
أ-  الجهة الاولى : في معناه، وله معنيان لغة وشرعاً أما الأول فبمعنى الإرسال والترك يقال : ناقة طالق : أي مرسله ترعى حيث تشاء، وطلقت القوم إذا تركتهم.
وشرعاً إزالة قيد النكاح بصيغة ( طالق ) وشبهها.
وطبعاً هو من الإيقاعات وليس له حقيقة شرعية، لوجوده قبل الاسلام وإن جعله الأصحاب معنىً شرعياً في قبال المعنى اللغوي.
ب –الجهة الثانية : في كراهة الطلاق ويدل عليه جملة من الروايات وهي قسمان :
  1 – القسم الأول : الطلاق لغير عذر وبلا سبب منها :  
رواية أبي خديجة
( عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن محمد، عن أبي خديجة، عن أبي هاشم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل يحب البيت الذي فيه العرس ويبغض البيت الذي فيه الطلاق، وما من شئ أبغض إلى الله عز وجل من الطلاق.)[1]
طلحة بن زيد
( عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت أبي يقول: إن الله عز وجل يبغض كل مطلاق وذواق.)[2]
( وبالاسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بلغ النبي صلى الله عليه وآله أن أبا أيوب يريد أن يطلق امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن طلاق أم أيوب لحوب أي إثم.)[3]
مرسلة محمد بن أبي عمير
( وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من شئ مما أحله الله أبغض إليه من الطلاق وإن الله عز وجل يبغض المطلاق الذواق.)[4]
( الحسن بن الفضل الطبرسي في (مكارم الأخلاق) قال: قال عليه السلام: تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش.)[5]
( قال: وقال عليه السلام: تزوجوا ولا تطلقوا فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات )[6]
هذه جملة من الأخبار الدالة على كراهيته لغير عذر وبلا سببب.
وهناك طائفة أخرى يمكن أن تدل على عدم الكراهة مع العذر والموجب والسبب.منها
( محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان ابن عيسى، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام انه كانت عنده امرأة تعجبه وكان لها محبا فأصبح يوما وقد طلقها واغتم لذلك، فقال له بعض مواليه: لم طلقتها؟ فقال إني ذكرت عليا عليه السلام فتنقصته فكرهت أن الصق جمرة من جمر جهنم بجلدي.)[7]
( وعن محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله ابن حماد، عن خطاب بن سلمة قال: كانت عندي امرأة تصف هذا الامر وكان أبوها كذلك وكانت سيئة الخلق وكنت أكره طلاقها لمعرفتي بإيمانها وإيمان أبيها، فلقيت أبا الحسن موسى عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن طلاقها " إلى أن قال: " فابتدأني فقال: كان أبي زوجني ابنة عم لي وكانت سيئة الخلق، وكان أبي ربما أغلق علي وعليها الباب رجاء أن ألقاها فأتسلق الحائط وأهرب منها، فلما مات أبي طلقتها فقلت: الله أكبر أجابني والله عن حاجتي من غير مسألة)[8].
( وعن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن عمرو بن عبد العزيز عن خطاب بن مسلمة قال: دخلت عليه يعني أبا الحسن عليه السلام وأنا أريد أن أشكو إليه ما ألقى من امرأتي من سوء خلقها، فابتدأني فقال إن أبي زوجني مرة امرأة سيئة الخلق فشكوت ذلك إليه فقال: ما يمنعك من فراقها؟ قد جعل الله ذلك إليك، فقلت فيما بيني وبين نفسي: قد فرجت عني.)[9]
وأما أخبار مولانا أبي محمد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) في أمر  الطلاق فهي  روايات
منها :
( محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن عليا عليه السلام قال وهو على المنبر: لا تزوجوا الحسن فإنه رجل مطلاق، فقام رجل من همدان فقال: بلى والله لنزوجنه وهو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وابن أمير المؤمنين عليه السلام، فإن شاء أمسك وإن شاء طلق.)[10]
( وقد تقدم حديث يحيى بن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحسن بن علي عليهما السلام طلق خمسين امرأة ثم ذكر نحوه.)[11]
ويمكن مع التسليم بصحة ما ورد من الأخبار عن طلاقه عليه السلام.
أن يوجه بكونه كان يطلقهن لسوء خلقهن من ناحية بغضهن لمولى المتقين علي ( عليه السلام ) خصوصاً في عصره حيث كان لتجييش الرأي العام ضد علي ( عليه السلام )  أو لكونه كان كثير الزواج للدوافع العديده في الترغيب به فيستلزم الطلاق لبعضهن حتى لا يزدن عن الأربعة.
وربما لغير ذلك ونقول كما قال صاحب الحدائق  ( قده ( وبالجملة فالمقام محل إشكال، ولا يحضرني الآن الجواب عنه، وحبس القلم عن ذلك أولى بالأدب . ( في غير ما ذكرنا  لعدم العلم به.


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص267، كتاب الطلاق، باب1، ح2، ط الاسلامية.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص267، كتاب الطلاق، باب1، ح3، ط الاسلامية.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص267، كتاب الطلاق، باب1، ح4، ط الاسلامية.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص267، كتاب الطلاق، باب1، ح5، ط الاسلامية.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص268، كتاب الطلاق، باب1، ح7، ط الاسلامية.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص268، كتاب الطلاق، باب1، ح8، ط الاسلامية.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص269، كتاب الطلاق، باب3، ح1، ط الاسلامية.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص269، كتاب الطلاق، باب3، ح2، ط الاسلامية.
[9] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص269، كتاب الطلاق، باب3، ح3، ط الاسلامية.
[10] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص271، كتاب الطلاق، باب4، ح1، ط الاسلامية.
[11]  وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 15، ص269، كتاب الطلاق، باب3، ح2، ط الاسلامية.