بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/05/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : احكام السفر .

مسألة 11 : الأقوى كون المسافر مخيراً بين القصر والتمام في الأماكن الأربعة، وهي مسجد الحرام، ومسجد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، ومسجد الكوفة، والحائر الحسيني ـ عليه السلام ـ، بل التمام هو الأفضل، وإن كان الأحوط هو القصر، وماذكرنا هو القدر المتيقن، وإلا فلا يبعد كون المدار على البلدان الأربعة وهي مكة والمدينة والكوفة وكربلاء، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط خصوصا في الأخيرتين، ولا يلحق بها سائر المشاهد، والأحوط في المساجد الثلاثة الاقتصار على الأصلي منها دون الزيادات الحادثة في بعضها، نعم لا فرق فيها بين السطوح والصحن والمواضع المنخفضة منها، كما أن الأحوط في الحائر الاقتصار على ما حول الضريح المبارك .


11 -: قوله ( قده ) ( الأقوى ) هو الأقوى وعليه المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً، بل ذهب اليه كلٌ من الشيخ الطوسي ( قده ) في كتابه الخلاف وإبن إدريس ( قده ) في كتابه السرائر، وهذا مختارُ الحر العاملي ( قده ) في وسائله حيث قال : ( انه مذهب جميع الإمامية أو أكثرهم ) . وبعد التتبَّع لم أجد من المتأخرين من ذهب الى خلاف ذلك .
ومع هذا نُقل عن الشيخ الصدوق ( قده ) وحوب التقصير إلا مع قصد الإقامة، والأفضل أن يقصدها . ولعله أخذ بروايات الرأي الثالث الذي سيأتي بيانه وردّه .
وهكذا نقل عن السيد المرتضى ( قده ) أنه كان يرى وجوب التمام في مكة المكرمة، ومسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومشاهد القائمين مقامه . ولعله أخذ بروايات أصحاب لرأي الثاني كما سنوضحّ الرد .
ولذلك لا بد من استعراض الأدلة لمعرفة ما هو الأقوى كما ذكرنا، لأن ظاهر الروايات والنصوص الوارده في المقام هو الإختلاف فيها وفي دلالتها .

1 – الطائفة الأولى : وهي نصّ في التخيير بين القصر والتمام في هذه الأماكن الأربعة ويدل عليه :

)  عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن ( عليه السلام )، في الصلاة بمكة قال : من شاء أتم ومن شاء قصر )[1].

( عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن حماد بن عديس، عن عمران بن حمران قال : قلت لابي الحسن ( عليه السلام ) : اقصر في المسجد الحرام أو اتم ؟ قال : إن قصرت فلك، وإن أتممت فهو خير، وزيادة الخير خير )[2].  

( محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن المختار، عن أبي إبراهيم ( عليه السلام ) قال : قلت له : إنا إذا دخلنا مكة والمدينة، نتم أو نقصر ؟ قال : إن قصرت فذلك، وإن أتممت فهو خير تزداد.)[3]

( عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن علي بن يقطين قال : سألت أبا إبراهيم ( عليه السلام ) عن التقصير بمكة ؟ فقال : أتم وليس بواجب إلا اني احب لك ما احب لنفسي )[4].

 ( عبدالله بن جعفر في ( قرب الإسناد ) : عن عبدالله بن عامر، عن ابن أبي نجران، عن صالح بن عبدالله الخثعمي قال : كتبت إلى أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) أسأله عن الصلاة في المسجدين، اقصر أم اتم ؟ فكتب ( عليه السلام ) إليّ : أي ذلك فعلت فلا بأس
قال : فسألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عنها مشافهة ؟ فأجابني بمثل ما أجابني أبوه إلا أنه قال في الصلاة : قصر.)[5]

وأيضاً يمكن إدراج رواية إبن مهزيار

( وعن علي بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام  إن الرواية قد اختلفت عن آبائك ( عليهم السلام ) في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين، فمنها : أن يأمر تتمم الصلاة، ولو صلاة واحدة ومنها : أن يأمر تقصر الصلاة ما لم ينو مقام عشرة أيام، ولم أزل على الاتمام فيهما إلى أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا، فان فقهاء أصحابنا أشاروا عليّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة وقد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك، فكتب بخطه ( عليه السلام ) : قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا احب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر وتكثر فيهمامن الصلاة.
فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة : إني كتبت إليك فأجبت بكذا وأجبتني بكذا، فقال : نعم، فقلت : أي شيء تعني بالحرمين ؟ فقال : مكة والمدينة، الحديث )[6].

في الطائفة الأولى حيث أن الإمام ( عليه السلام ) يقول : ( فأنا أحب لك اذا دخلتها أن لا تقصِّر وتكثر فيهما من الصلاة ) .

2 – الطائفة الثانية : ما هو ظاهر في وجوب التمام في هذه الأماكن الأربعة ويدل عليه :

صحيح حماد بن عيسى ( من مخزون علم الله الإتمام في أربعة مواطن)) .
 ( محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن أبي عبدالله البرقي، عن علي بن مهزيار وأبي علي بن راشد جميعاً، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) انه قال : من مخزون علم الله الاتمام في أربعة مواطن : حرم الله، وحرم رسوله ( صلى الله عليه وآله )، وحرم أمير المؤمنين ( عليه السلام )، وحرم الحسين بن علي ( عليه السلام ) )[7].

موثقه مسمع بن عبد الملك
 ( عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن أبان، عن مسمع، عن أبي إبراهيم ( عليه السلام ) قال : كان أبي يرى لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما ويقول : إن الاتمام فيهما من الامر المذخور.)[8]

ورواه الشيخ في تهذيبه باسناده الصحيح عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن صفوان ( بن يحي ) عن سمع ( بن عبد الملك ) ( ثقه ) .عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) : ( إذا دخلت مكه فأتم يوم تدخل ) صحيحة .

( عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الملك القمي، عن إسماعيل بن جابر، عن عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : تتم الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين ( عليه السلام ) .)[9]وهي عندي ضعيفة


ورواه الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد
ورواه ابن قولويه في ( المزار ) عن أبيه وأخيه وعلي بن الحسين رحمهم الله تعالى، عن سعد، عن أحمد بن محمد، إلا أنه ترك ذكر محمد بن سنان
 ورواه الشيخ في ( المصباح ) عن إسماعيل بن جابر، والذي قبله عن زياد القندي، مثله.

 ( عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن حريز، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله ( عليه السلام )، قال : سمعته يقول : تتم الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول ( عليه السلام )، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين ( عليه السلام ) [10].


هذه الروايات هي العمدة التي يمكن الأخذ بها في هذه الطائفة وقد أعرضنا عن سائر الروايات التي استدل بها البعض على التمام ولكنها ضعيفة أو مرسلة جداً أو ليس فيها دلالة عليه .

3 – الطائفة الثالثة : ما يمكن ظهوره في وجوب القصر في هذه الأماكن الأربعة ومنها :

صحيح محمد بن اسماعيل بن بوزيع
( محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الصلاة بمكة والمدينة، تقصير أوتمام ؟ فقال قصر مالم تعزم على مقام عشرة أيام.)[11]
ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، نحوه .
ورواه في ( عيون الاخبار ) عن جعفر بن نعيم بن شاذان، عن محمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، نحوه .

صحيح علي بن حديد
( عن علي بن حديد قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) فقلت : إن أصحابنا اختلفوا في الحرمين، فبعضهم يقصر وبعضهم يتم، وأنا ممن يتم على رواية أصحابنا في التمام، وذكرت عبدالله بن جندب أنه كان يتم، فقال : رحم الله ابن جندب، ثم قال لي : لا يكون الاتمام إلا أن تجمع على إقامة عشرة أيام، وصل النوافل ما شئت، قال ابن حديد : وكان محبتي أن يأمرني بالاتمام.)[12]

صحيح معاوية بن وهب
 ( عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن التقصير في الحرمين والتمام ؟ فقال : لا تتم حتى تجمع على مقام عشرة أيام، فقلت : إن أصحابنا رووا عنك أنك أمرتهم بالتمام ؟ فقال : إن أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلون ويأخذون نعالهم ويخرجون والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بالتمام.)[13]

صحيح معاوية بن عمّار
( عن فضالة، عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل قدم مكة فأقام على إحرامه ؟ قال : فليقصر الصلاة مادام محرما.)[14]

وغيرها مما يظهر في وجوب القصر .

ومع وجود هذه الطوائف الثلاث من الروايات التي للوهلة الاولى يظن بتعارضها وأما عند التأمل فيمكن إرجاع الروايات الظاهرة في القصر أو التمام الى التخيير ونحملها على نحو الإلزام فيهما مع أفضلية التمام .
فإن أمكن ذلك وإلا فواضح جداً كون روايات القصر ليست ناظرة لبيان الحكم الواقعي بل للتقية كما يشهد لها صحيح عبد الرحمان بن الحجاج
 ( عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن حسين اللؤلؤي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال :  قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : إن هشاماً روى عنك أنك أخبرته بالتمام في الحرمين، وذلك من أجل الناس . قال ( عليه السلام ) : لا، كنت أنا ومن مضى من آبائي إذا وردنا مكه أتممنا الصلاة واستترنا من الناس ).[15]

وأما ما يشهد للتقية في روايات التمام

( عن محمد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن وهب قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : مكة والمدينة كسائر البلدان ؟ قال : نعم، قلت : روى عنك بعض أصحابنا أنك قلت لهم : أتموا بالمدينة لخمس ؟ فقال : إن أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون فيخرجون من المسجد عند الصلاة فكرهت ذلك لهم فلهذا قلته )[16]

بقي روايات التخيير واضحة الدلالة صريحة في نصوصها الصحيحة بأغلبها .
لكن ما هي حدود الأماكن الأربعة بحسب الروايات الوارده عنهم ( عليهم السلام ) :
أما بالنسبة الى الحرمين الشريفين ( حرم مكة، حرم المدينة، ) . فقد تصل الى أربعة أقسام :
1 – القسم الاول :ما يشمل لفظ مكه والمدينة كصحيح عبد الرحمان بن الحجاج  : ( سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن التمام بمكة والمدينة، فقال ( عليه السلام ) : أتم وإن لم تصل فيهما إلا صلاة واحدة )  

( عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان عن، عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن التمام بمكة والمدينة ؟ فقال : أتم وإن لم تصل فيهما إلا صلاة واحدة )[17].

وهكذا كل من الصحاح ( إبن بزيع، معاوية بن وهب وصحيحي علي بن يقطين  ) .

( عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن ( عليه السلام )، في الصلاة بمكة قال : من شاء أتم ومن شاء قصر )[18].

( وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن علي بن يقطين قال : سألت أبا إبراهيم ( عليه السلام ) عن التقصير بمكة ؟ فقال : أتم وليس بواجب إلا اني احب لك ما احب لنفسي )[19].

( في ( العلل ) : عن محمد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن وهب قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : مكة والمدينة كسائر البلدان ؟ قال : نعم، قلت : روى عنك بعض أصحابنا أنك قلت لهم : أتموا بالمدينة لخمس ؟ فقال : إن أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون فيخرجون من المسجد عند الصلاة فكرهت ذلك لهم فلهذا قلته )[20].

( محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الصلاة بمكة والمدينة، تقصير أوتمام ؟ فقال قصر مالم تعزم على مقام عشرة أيام )[21].

وأوضح الروايات في المقام صحيحة علي بن مهزيار فأنها تشرح لفظ الحرمين الواردة في بعض الأخبار :

( وعن علي بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) إن الرواية قد اختلفت عن آبائك ( عليهم السلام ) في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين، فمنها : أن يأمر تتمم الصلاة، ولو صلاة واحدة ومنها : أن يأمر تقصر الصلاة ما لم ينو مقام عشرة أيام، ولم أزل على الاتمام فيهما إلى أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا، فان فقهاء أصحابنا أشاروا عليّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة (2)وقد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك، فكتب بخطه ( عليه السلام ) : قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا احب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر وتكثر فيهمامن الصلاة.
فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة : إني كتبت إليك فأجبت بكذا وأجبتني بكذا، فقال : نعم، فقلت : أي شيء تعني بالحرمين ؟ فقال : مكة والمدينة )[22]

2 – القسم الثاني : ما يشمل لفظ  الحرم كصحيح حما بن عيسى وعلي بن حديد وصحيح بن وهب وتقدمت في أقسام الأخبار قبل قليل .

3 – القسم الثالث : ما يشمل لفظ مسجد الحرام ومسجد النبي ( صلى عليه وآله ) كخبر أبي بصير :
 
( وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن حريز، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله ( عليه السلام )، قال : سمعته يقول : تتم الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول ( عليه السلام )، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين ( عليه السلام ) [23].

وخبر عبد الحميد :  ( وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الملك القمي، عن إسماعيل بن جابر، عن عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : تتم الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين ( عليه السلام ) [24].

( عبدالله بن جعفر في ( قرب الإسناد ) : عن عبدالله بن عامر، عن ابن أبي نجران، عن صالح بن عبدالله الخثعمي قال : كتبت إلى أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) أسأله عن الصلاة في المسجدين، اقصر أم اتم ؟ فكتب ( عليه السلام ) إليّ : أي ذلك فعلت فلا بأس.قال : فسألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عنها مشافهة ؟ فأجابني بمثل ما أجابني أبوه إلا أنه قال في الصلاة : قصر )[25].

أما القسم الثاني فيحمل على الأول لوضوح صحيحة علي بن مهزيار في ذلك وشرحها للحرمين بمكة والمدينة .
وأما القسم الثالث فلا ينهض لمعارضة القسم الأول لكثرة رواياته وصحتها وإستفاضتها بخلاف روايات القسم الثالث فإن أحسن ما فيها مصحح ووجود محمد بن سنان يضعفها، والله العالم .
هذا الى أنه يمكن حملها على أهمية الصلاة بالمسجدين الشريفين وليس على نحو الحصر .
وأما مسجد الكوفة والحائر الحسيني :
فمسجد الكوفة عُبّر عنه بحرم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تارة كصحيح حمّاد بن عيسى
 ( محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن أبي عبدالله البرقي، عن علي بن مهزيار وأبي علي بن راشد جميعاً، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) انه قال : من مخزون علم الله الاتمام في أربعة مواطن : حرم الله، وحرم رسوله ( صلى الله عليه وآله )، وحرم أمير المؤمنين ( عليه السلام )، وحرم الحسين بن علي ( عليه السلام ) )[26].

ومرسل المصباح
( ثم قال : وفي خبر آخر : في حرم الله، وحرم رسوله، وحرم أمير المؤمنين ( عليه السلام )، وحرم الحسين ( عليه السلام ))[27] .

وعُبِّر ثانية بمسجد الكوفة كما في خبر أبي بصير

( وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن حريز، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله ( عليه السلام )، قال : سمعته يقول : تتم الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول ( عليه السلام )، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين ( عليه السلام ) )[28].

وخبر عبد الحميد
( عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الملك القمي، عن إسماعيل بن جابر، عن عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : تتم الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين ( عليه السلام ) )[29].

ومرسلي الفقيه وحذيفه بن منصور
( عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عمن سمع أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : تتم الصلاة في المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وحرم الحسين ( عليه السلام ) )[30].

( محمد بن علي بن الحسين قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : من الامر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن : مكة، والمدينة، ومسجد الكوفة، وحائر الحسين ( عليه السلام )[31].

وأما لفظ الكوفة فلم يرد إلا في خبر القندي فقط

( عن محمد بن همام، عن جعفر بن محمد يعني ابن مالك، عن محمد بن حمدان، عن زياد القندي قال : قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : يا زياد، احب لك ما احب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفس، أتم الصلاة في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين ( عليه السلام ) )[32].

وهو كما ترى مقيد بما ورد في الأخبار من لفظ مسجد الكوفة مضافاً لضعف سنده فإنه من أعمدة الواقفه .
وأما حرم الحسين ( روحي فداه ) فالروايات عديدة فيه ( الحرم ) كصحيح حماد وخبر عبد الحميد وخبر أبي بصير ومرسل حذيفة بن منصور ومرسل المصباح وتقدمت قبل قليل .

وعبَّر عنه بالحائر ثانية كمرسل حماد
 ( جعفر بن محمد بن قولويه في ( المزار ) : عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : من الامر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن : بمكة، والمدينة، ومسجد الكوفة، والحائر )[33].

ومرسل الفقيه
( محمد بن علي بن الحسين قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : من الامر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن : مكة، والمدينة، ومسجد الكوفة، وحائر الحسين ( عليه السلام ) )[34].

وعبَّر ثالثة بقبر الحسين ( عليه السلام ) مرسل إبن أبي البلاد

( عن أبي علي الاشعري، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : تتم الصلاة في ثلاثة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول ( عليه السلام ) وعند قبر الحسين ( عليه السلام ) [35].

وخبر عمرو بن مرزوق
( وعن علي بن حاتم، عن محمد بن عبدالله الاسدي، عن القاسم بن الربيع، عن عمرو بن عثمان، عن عمرو بن مرزوق قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن الصلاة في الحرمين وعند قبر الحسين ( عليه السلام ) ؟ قال : أتم الصلاة فيهن )[36].

وخبر أبي شبت
( عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن الحسن بن متيل، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبدالله، عن صالح بن عقبة، عن أبي شبل قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : أزور قبر الحسين ( عليه السلام ) ؟ قال : قال : نعم زر الطيب وأتم الصلاة عنده، قلت : أتم الصلاة ؟ قال : أتم، قلت : بعض أصحابنا يرى التقصير ؟ قال : إنما يفعل ذلك الضعفة )[37].

 وأطلق الحائر في أبواب زيارته ( عليه السلام ) على ما تحت قبته المباركة

( عن محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين ابن أبى الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمار، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معروفة من عرفها واستجار بها أجير قلت : فصف لي موضعها، قال : امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية رأسه، وموضع قبره من يوم دفن روضة من رياض الجنة، ومنه معراج يعرج فيه بأعمال زواره إلى السماء وما من ملك  في السماء ولا في الارض إلا وهم يسألون الله أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه السلام ففوج ينزل وفوج يعرج.)[38]

وعلى أي حال فإن مقتضى القاعدة هو الرجوع الى العام في غير المتيقن لأنه عندما يرد دليل خاص منفصل مردد بين الأقل والأكثر من جهة الشبهة الموضوعية الخارجية فالقاعدة تقضي بالتمسك بالعام في غير المتيقن وهنا نرجع الى عمومات التقصير للمسافر في غير ما علم التخصيص به . ولذا أقول بأن الأحوط الإقتصار على مسجدالكوفة من جهة وعلى الحائر في كربلاء هذا ولم يرد لفظ كربلاء من هذه الجهة ( القصر والتمام ) أبداً اللهم إلا من جهة التبرك بالتربة الكريمة وردت بعض التقديرات بالفراسخ كما ذكر الشيخ الصدوق ( قده ) في الفقيه بأن حريم قبر الحسين ( عليه السلام ) خمسة فراسخ من أربع جوانب القبر مثلاً .
أما قوله ( قده ) ( وإن كان الأحوط هو القصر ) فلإنسجامه مع العمومات الآمرة بالتقصير (وأما كون التمام أفضل ) فلكونه  خير وزيادة .
وأما قوله ( ولا يلحق بها سائر المشاهد ) كما نسب الى إبن الجنيد فإنه لعدم الدليل عليه والأصل عدمه .
وأما قوله ( الأحوط في المساجد الثلاثة . . . ) فلا نوافق عليه لأن المدار على الصدق العرفي للمسجد مطلقاً سواءً كان في زمان النص أو أزيد أو أنقص وهكذا نقول في البلاد . ولا نقتصر على القديم منها . بل كلما لحقه الإسم تحقق الحكم .




[1]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 526، ح 10، ال البيت .
 [2] وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 526، ح 11، ال البيت .
[3]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 529، ح 16، ال البيت .
[4]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 529، ح 19، ال البيت .
 [5]وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 532، ح 28، ال البيت .
[6]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 525، ح 4، ال البيت .
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 524، ح 1، ال البيت .
[8]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 524، ح 2، ال البيت .
[9]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 528، ح 14، ال البيت .
[10]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 531، ح 25، ال البيت .
[11]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 533، ح 32، ال البيت .
[12]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 533، ح 33، ال البيت .
[13]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 534، ح 34، ال البيت .
[14]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 525، ح 3، ال البيت .

[15]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 526، ح 6، ال البيت .
[16]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 531، ح 27، ال البيت .
[17]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 525، ح 5، ال البيت .
[18]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 526، ح 10، ال البيت .
[19]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 529، ح 19، ال البيت .
[20]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 531، ح 27، ال البيت .
[21]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 533، ح 32، ال البيت .
[22]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 525، ح 4، ال البيت .
[23]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 531، ح 25، ال البيت .
[24]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 528، ح 14، ال البيت .
[25]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 532، ح 28، ال البيت .
[26]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 524، ح 1، ال البيت .
[27]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 531، ح 24، ال البيت .
[28]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 531، ح 25، ال البيت .
[29]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 528، ح 14، ال البيت .
[30]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 530، ح 23، ال البيت .
[31]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 531، ح 26، ال البيت .
[32]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 527، ح 13، ال البيت .
[33]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 532، ح 29، ال البيت .
[34]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 531، ح 26، ال البيت .
[35]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 530، ح 22، ال البيت .
[36]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 532، ح 30، ال البيت .
[37]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 8، ص 527، ح 12، ال البيت .
[38]  وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 14، ص 511، ح 4، ال البيت .