بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : احكام السفر .
مسألة 4 : حكم الصوم فيما ذكر حكم الصلاة، فيبطل مع العلم والعمد، ويصح مع الجهل بأصل الحكم دون الجهل بالخصوصيات ودون الجهل بالموضوع .[1]


- أما بطلانه مع العلم والعمد، فهو مما عليه المذهب ضرورة المذهب وربما منشؤه الآيه الكريمة (فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعدة من أيام أُخر ) [2] ويفهم منها ثبوت القضاء بعد ارتفاع العله للإفطار، وانما يكون القضاء عن سقوط الصوم في السفر لعدم مشروعيته الظاهر من خلال النصوص العديدة المصرحه بذلك .
والبعض منها ينهي عن الصوم في السفر بشكل صريح، ولازمه البطلان لأنه نهي عن العبادة  ولا يُتقرب الى الله بمعصيته وبالمبعِد عنه . والروايات كثيرة منها :

( عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : وأما صوم السفر والمرض فإن العامة قد اختلفت في ذلك، فقال قوم : يصوم، وقال آخرون لا يصوم، وقال قوم : إن شاء صام وإن شاء أفطر، وأما نحن فنقول : يفطر في الحالين جميعا، فان صام في حال السفر أو في حال المرض فعليه القضاء، فان الله عزّ وجلّ يقول : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر فهذا تفسير الصيام ).[3]

( عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سمى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوما صاموا حين أفطر وقصر عصاة، وقال : هم العصاة إلى يوم القيامة وإنا لنعرف أبنائهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا ) [4].

( وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سمعته قول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الله عزّ وجلّ تصدق على مرضى امتي ومسافريها بالتقصير والافطار أيسر أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد عليه  )[5].

( وعن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا خرج الرجل في شهر رمضان مسافرا أفطر، وقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة فلما انتهى إلى كراع الغميم دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر فشربه وأفطر، ثم أفطر الناس معه، وتم ناس على صومهم فسماهم العصاة : وإنما يؤخذ بآخر أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ))[6] .

( وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالعزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : قوله عزوجل ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ؟ قال ما أبينها ؟ ! من شهد فليصمه، ومن سافر فلا يصمه )[7].
( وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) أنه سئل عن الرجل يسافر في شهر رمضان، فيصوم ؟ قال : ليس من البر الصوم في السفر)[8] .

( محمد بن علي بن الحسين قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : ليس من البر الصيام في السفر).[9]

( وفي ( العلل ) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الله عز وجل أهدى إلي وإلى امتي هدية لم يهدها إلى أحد من الامم كرامة من الله لنا، قالوا : وما ذلك يا رسول الله ؟ قال : الافطار في السفر، والتقصير في الصلاة، فمن لم يفعل ذلك فقد رد على الله عزوجل هديته ).[10]

 ( قال : وروى أصحابنا عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) : الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر)[11] .
وهناك في الباب الثاني روايات تدل على النهي عن الصوم في السفر لا كما دلت الطائفة المتقدمة من الروايات على بطلان الصوم في السفر ومنها :

( محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أيوب ابن نوح، عن صفوان، عن معاوية بن عمار قال : سمعته يقول إذا صام الرجل رمضان في السفر لم يجزه وعليه الاعادة )[12].

( وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن عبدالجبار، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر ؟ فقال : إن كان لم يبلغه ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهى عن ذلك فليس عليه القضاء وقد أجزأ عنه الصوم )[13].

( وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن ابن أبي شعبة ـ يعني : عبيد الله بن علي الحلبي ـ قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : رجل صام في السفر ؟ فقال : إن كان بلغه أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهى عن ذلك فعليه القضاء، وإن لم يكن بلغه فلا شيء عليه )[14].

وهاتان الصحيحتان واضحتان في دلالتيهما على أنه من لم يبلغه أن رسول الله(ص) نهى المسافرين عن الصيام في شهر رمضان فصيامه صحيح ومن بلغه فصيامه باطل .

-وأما صحة صيامه مع الجهل بأصل الحكم : فعليه الاجماع وللروايات المستفيضة منها :
( وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن عبدالجبار، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر ؟ فقال : إن كان لم يبلغه ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهى عن ذلك فليس عليه القضاء وقد أجزأ عنه الصوم ).[15]

( محمد بن يعقوب، عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : من صام في السفر بجهالة لم يقضه)[16] .


( وبهذا الاسناد عن صفوان، عن عبدالله بن مسكان، عن ليث المرادي، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر، وإن صامه بجهالة لم يقضه )[17].

-وأما قوله (قده) (دون الجهل بالخصوصيات ودون الجهل بالموضوع ).
فانه مقتضى قاعدة الاشتغال، واطلاق ما دل على بطلان الصوم في السفر دون ما يصلح للتقييد .
إن قلت : كيف قالوا بصحة صلاته ولا يصح صومه مع وجود حالة التلازم بين القصر والإفطار والتمام
والصيام .قلت : أولاً : لم تثبت هذه الملازمة على نحو الكلية وفي جميع الموارد
وثانياً : بأن الفرق بينهما هو النص، فقد قام الدليل في الصلاة بشكل خاص ولم يثبت ذلك في الصوم فأقتضى التفريق .


[1]العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج3، ص511، ط ج.
[2]بقره/سوره2، آیه184.
[3]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص174، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح2، ط آل البيت.
[4]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص174، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح3، ط آل البيت.
[5]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص174، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح4، ط آل البيت.
[6]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص176، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح7، ط آل البيت.
[7]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص176، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح8، ط آل البيت.
[8]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص177، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح10، ط آل البيت.
[9]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص177، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح11، ط آل البيت.
[10]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص177، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح12، ط آل البيت.
[11]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص178، أبواب من يصح منه الصوم، باب1، ح15، ط آل البيت.
[12]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص179، أبواب من يصح منه الصوم، باب2، ح1، ط آل البيت.
[13]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص179، أبواب من يصح منه الصوم، باب2، ح2، ط آل البيت.
[14]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص179، أبواب من يصح منه الصوم، باب2، ح3، ط آل البيت.
[15]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص179، أبواب من يصح منه الصوم، باب2، ح2، ط آل البيت..
[16]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص180، أبواب من يصح منه الصوم، باب2، ح5، ط آل البيت.
[17]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص180، أبواب من يصح منه الصوم، باب2، ح6، ط آل البيت.