بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/03/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: في أحكام صلاة المسافر
        
مضافاً الى ما مر في طي المسائل السابقة قد عرفت أنه يسقط - بعد تحقق الشرائط المذكورةمن الرباعيات ركعتان.كما أنه تسقط النوافل النهارية اي نافلة الظهرين.بل ونافلة العشاء -وهي الوتيرة - ايضا" على الاقوى.
وكذا يسقط الصوم الواجب عزيمة ، بل المستحب أيضا"، الا في بعض المواضع المستثناة ، فيجب عليه القصر في الرباعيات فيما عدا الأماكن الأربعة، ولا يجوز له الإتيان بالنوافل النهارية بل ولا الوتيرة إلا بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبية لمكان الخلاف في سقوطها وعدمه، ولا تسقط نافلة الصبح والمغرب ولا صلاة الليل، كما لاإشكال في أنه يجوز الإتيان بغير الرواتب من الصلوات المستحبة.[1]


أما مسألة تحويل الرباعية الى ركعتين فقد أشبعنا الكلام فيه وفي دليله في أول الكتاب فراجع، هذا بالاضافة الى كونه من الضروريات للدين القويم .
وأما سقوط النوافل النهارية وهي خصوص الظهرين، فهذا مما لااشكال فيه بل أدعي عليه الاجماع صريحاً، بالاضافة الى النصوص المستيفضة الدالة عليه، وهي كثيرة منها :

 ) محمّد بن الحسين بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما ( عليه السلام ) قال : سألته عن الصلاة تطوّعاً في السفر ؟ قال : لا تصلّ قبل الركعتين ولا بعدهما شيئاً نهاراً .[2](

(عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء إلاّ المغرب ثلاث ) [3].

( عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب وعلي بن الحكم جميعاً، عن أبي يحيى الحنّاط قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن صلاة النافلة بالنهار في السفر ؟ فقال : يا بنّي، لو صلحت النافلة في السفر تمّت الفريضة ).[4]

 ( وعن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلها ولا بعدهما شيء إلاّ المغرب، فإنّ بعدها أربع ركعات لا تدعهنّ في سفر ولا حضر، وليس عليك قضاء صلاة النهار، وصلّ صلاة الليل واقضه )[5].

وغيرها من الروايات في المقام .

وأما سقوط الوتيرة ( نافلة العشاء ) فأختار الماتن ( قده) سقوطها على الاقوى، ولا يخفى ظهور الإختلاف بين الأعلام في هذه المسألة منهم كما الماتن وهو المشهور، كما عن صاحب الحدائق، والسيد الحكيم في مستمسكه ( وعن جماعة: الاجماع عليه صريحا وظاهرا )[6]، بل أدعي عليه الاجماع كما عن الحلبي ( ره ) .
وذهب اخرون ومنهم الشيخ (ره) في نهايته كما نقل عنه انه يقول بجواز فعلها وبعضهم ذهب الى بقاء استحبابها حتى في السفر.
يمكن الاستدلال على السقوط بما دل مما تقدم من صحيح بن سنان ( الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيئ ) [7]، وهذا يشمل الوتيرة .

ومن مصحح ابي بصير السابقة (الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما الا المغرب، فان بعدها اربع ركعات، لا تدعهن في سفر ولا في حضر، و ... )[8]
 
ويمكن ان يفهم من قوله : ( الا المغرب فان بعدهما اربع ركعات لا تدعهن في سفر ولا في حضر ) . ان نافلة العشاء تسقط .
ويمكن الاستدلال على عدم سقوطها، لما ورد في خبر الفضل عن مولانا الرضا ( ع ) : ( انما صارت العتمة مقصورة، وليس تترك ركعتاها، لان الركعتان ليستا هن الخمسين وانما هي زيادة في الخمسين تطوعاً، ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتان من التطوع )[9].

ولكن هذا الخبر قد اعرض المشهور عنه فذهبوا الى سقوطها للاطلاق .
هذا ولكن يمكن ان نعتبرها بما يفهم من الخبر كونها نافلة مستقلة شرعت لتتميم عدد الخمسين ركعة، بالاضافة الى كونها ليس من الرواتب اليومية لتسقط في السفر .
ويدل عليه خبر الحلبي .

( محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) : هل قبل العشاء الآخرة وبعدها شيء ؟ قال : لا، غير أني أصلّي بعدها ركعتين ولست أحسبهما من صلاة الليل .) [10]
وعلى اي حال، فالمسألة مبنائيه، فكل من اعتبرها من الرواتب اسقطها للدليل على السقوط في الرواتب اليومية، وكل من لم يعتبرها كذلك لم يسقطها .
وتقدم منا ما هو الارجح بالنظر وهو ثبوتها من باب كونها نافله مستقلة والاحوط الاتيان بها بقصد الرجاء لا بعنوان الورود والخصوصية .


[1]العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج3، ص507، ط ج.
[2]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص81، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، باب21، ح1، ط آل البيت.
[3]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص82، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، باب21، ح3، ط آل البيت.
[4]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص82، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، باب21، ح4، ط آل البيت.
[5]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص83، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، باب21، ح7، ط آل البيت.
[6] مستمسك العروة الوثقى، السيد محسن الطباطبائي الحكيم، ج8، ص155.
[7]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص82، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، باب21، ح3، ط آل البيت.
[8]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص83، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، باب21، ح7، ط آل البيت.
[9]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص81، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، باب21، ح1، ط آل البيت.
[10]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص93، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، باب27، ح1، ط آل البيت.