بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/03/02

بسم الله الرحمن الرحیم

المسألة 33 : ( اذا نوى الاقامة، ثم عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة، و شك في أنه هل صلى في الوقت حال العزم على الاقامة ام لا؟ بنى على انه صلى . لكن في كفايته في البقاء على حكم التمام اشكال، وان كان لا يخلو من قوة، خصوصا" اذا بنينا على ان قاعدة الشك بعد الفراغ، او بعد الوقت، انما هي من باب الامارات، لا الاصول العملية )[1]

 – يظهر من خلال قول الماتن (قده) في فتواه بالبناء على (انه صلى )، انه قد اعتمد على ان العدول عن الاقامة كان بعد خروج الوقت، واذا كان الامر كذلك فاننا نحكم بأنه صلى قبل خروج الوقت ومن ثم عدل عن الاقامة .
اما حكمنا بانه قد صلى فلوضوح صحيحة زرارة والفضل فيما رووه عن مولانا أبي جعفر الباقر (عليه السلام)  : ( متى استيقنت او شككت في وقت فريضة انك لم تصلها او في وقت فوتها أنك لم تصلها صليتها، وان شككت بعدما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا اعادة عليك من شك حتى تستيقن، فان استيقنت فعليك ان تصليها في اي حال كنت ) [2].

 ومن الواضح ان مفاد الرواية الحكم بانه صلى وعليه ان يتعامل مع هذا معاملة من صلى، وهذا موضع اتفاق عند الجميع .
لكن ما هو محل الكلام والذي دعا الماتن (قده) بالاستشكال هو : هل يفهم من قوله (عليه السلام ) :(فلا اعادة عليك ) الحكم بانه صلى مع شمول تمام الآثار، او ان المفهوم منه : لا يجب عليه ان يقضي صلاته التي شك في انه صلاها أم لا، بعد الحيلولة وخروج الوقت،
وكفى دون ان يلحق بذلك تمام الآثار الاخرى .
وقوَى السيد الماتن (قده) الامر الاوَل وقال : خصوصا" اذا بنينا على ان قاعدة الشك بعد الفراغ، او بعد الوقت (للحيلولة) انما هي من باب الامارات لا الاصول العملية .
اما انها من الامارات فهو مما لا شك فيه فهي وقاعدة الفراغ والتجاوز من الامارات التي جعلها الله تعالى لكاشفيتها، خصوصا" ان هناك العديد من الروايات التي تدل بوضوح على ان الامام يحكم بصحة ما شك فيه بعد التجاوز بل بما شك في الاتيان به بعد تجاوز المحل،
وقاعدة الحيلولة منها .
يمكن التأمل ببعض الروايات من قبيل ما رواه زرارة قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : ( رجل شك في الاذان وقد دخل في الاقامة ؟ قال : يمضي، قلت برجل شك في الاذان والاقامة وقد كبَر ؟ قال : يمضي، قلت : رجل شك في التكبير وقد قرأ قال : يمضي، قلت :شك في القراءة وقد ركع ؟ قال ؛ يمضي، قلت : شك في الركوع وقد سجد؟ قال : يمضي على صلاته، ثم قال : يا زرارة، اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء .) [3]صحيحة .

وهذا يدلنا بوضوح على عدم الاهتمام بالشك في اصل الاتيان بالسابق وعدمه مما خرج وقته وهذا منه فبعد خروج الوقت، شك في انه قد صلَى او، لا ؟
فالامام (عليه السلام) حكم بانه قد صلَى، ولكن ليس لكون مثبتات الامارة حجة مطلقا"، كما اثبتنا ذلك في محله في الاصول، كما انه ليس كل مثبتات الاصول غير حجة مطلقا" بل لاجل الاستظهارات العرفية، فمقتضى ظهور الاطلاق من قول الامام (عليه السلام) في (لا اعادة عليك) الحكم بالصلاة فعلا"، فهو تنزيل شرعي .

ونقول بان كل التنزيلات الشرعية معتبرة سواءً اكان ذلك في مثبتات الامارات ام في مثبتات الاصول . والا فمقتضى الاصل عدم الحجية في كل منهما، راجع ما ذكرناه في الاصول .


[1]العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج3، ص501، ط ج.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج4، ص283، أبواب المواقيت، باب60، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص237، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب23، ح1، ط آل البيت.