بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

35/12/27

بسم الله الرحمن الرحیم

مسألة 14 : ( اذا قصد المقام الى آخرالشهر – مثلا" – وكان عشرا" كفى، وان يكن قاصدا" حين،بل كان عالما" بالخلاف، لكن الاحوط في هذه المسألة ايضا" الجمع بين القصر والتمام بعد العلم بالحال، لاحتمال اعتبار العلم حين القصد .) [1]
– هذا انما يتصور في حالة ما لو انكشف له الحال بعد مضي فترة من صلاته قصرا" فاما ان يعلم لاحقا" بأن نية الاقامة في البلد من حين وصوله الى آخر الشهر هي عشرة أيام واما ان لا يعلم بذلك حتى انتقضاء المده ومن الطبيعي في الصوره الثانية هي حكم الصلاة قصرا" لانه لم يتحقق منه قصد الاقامة عشرة ايام، واما في الصورة الاولى فقد تقدم الكلام عن ذلك في المسألة السابقة (13 ) لاعتبار ان هذه المسألة  من فروع كفاية القصد الاجمالي، فان كان هذا النحو من القصد – بحيث ينافي التردد – يكفي والا فلا وجه للاكتفاء كما تقدم .

مسألة 15 : ( اذا عزم على اقامة العشرة، ثم عدل  عن قصده، فان كان قد صلى مع العزم المذكور رباعية بتمام بقي على التمام  مادام  في ذلك المكان، وان لم يصل اصلا" او صلى مثل الصبح اوالمغرب، او شرع في الرباعية، لكن لم يتمها وان  دخل في ركوع الركعة الثالثة رجع الى القصر وكذا لو أتى بغير الفريضة الرباعية، مما لا يجوز فعله للمسافر كالنوافل والصوم ونحوهما، فانه يرجع الى القصر مع العدول  نعم الاولى  الاحتياط مع الصوم، اذا كان العدول عن قصد ه بعد الزوال وكذا لو كان العدول في أثناء الرباعية، بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، بل بعد القيام اليها، وان لم يركع بعد  ) [2]
– في المسألة صور عدة
أما الصورة الأولى : فمن قوله ( اذا عزم ) الى قوله ( ما دام في ذلك المكان ) فهذا مما أدعي عليه الاجماع كما عن جماعة، ولما يأتي من اطلاقات الادلة في كفاية قصد الاقامة حدوثا" لا بقاء"، بالاضافة الى صحيح ابي ولاد الحناط حفص بن سالم عن أبي جعفر،
محمد بن الحسن بإسناده عن سعد، عن أبي جعفر أحمد بن محمد، عن الحسن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن اقيم بها عشرة أيام واتم ( الصلاة ثم بدا لي بعد أن اُقيم بها )، فما ترى لي، اتم أم اقصر ؟ قال : إن كنت دخلت المدينة صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها، وإن كنت حين دخلتها على نيتك التمام فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار إن شئت فانو المقام عشرا وأتم، وإن لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر، فاذا مضى لك شهر فأتم الصلاة  . ) [3]
ولا ينهض خبر عبد الله الجعفري ( عن أبي جعفر، عن محمد بن خالد البرقي، عن حمزة بن عبدالله الجعفري قال : لما أن نفرت من منى نويت المقام بمكة، فأتممت الصلاة حتى جاءني خبر من المنزل فلم أجد بدا من المصير إلى المنزل، ولم أدر اتم أم اقصر، وأبو الحسن ( عليه السلام ) يومئذ بمكة فأتيته فقصصت عليه القصة، قال لي :ارجع إلى التقصير.)[4]
للصحيحة وذلك لضعف سندها بعبد الله الجعفري لكونه مجهول الحال من جهة ولإعراض الاصحاب عنه وربما لضعف الخبر .

وأما الصورة الثانية : ( وان لم يصل أصلا" ) فهذا مما لا اشكال في عدم تلبسه في الإقامة يعد حكما" فإن تكليفه الصلاة قصرا" لكون الصحيحة صريحه في اشتراط الصلاة الرباعية تماما " ليبقى بعد الرجوع عن عزمه على التمام .

الصورة الثالثة : وهكذا الحال في الصورة الثالثة ( او مثل الصبح والمغرب ) لنفس المناط في مقتضى الصحيحة .

الصورة الرابعة : انما وقع الكلام في الصورة الرابعة  وهي ( او شرع في الرباعية لكن لم يتمها وان دخل في ركوع الركعة الثالثة رجع الى القصر .)
فلو عدل عن الإقامة أثناء الصلاة وبعد القيام الى الركعة الثالثة وقبل الركوع فلا يلتفت الى القول ببقائه على التمام بدعوى ان المراد من الرواية بقوله عليه السلام  ( ان كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك ان تقصر حتى تخرج منها )[5] ارادة صلاة التمام والشروع فيها وهذا منه . بل الصحيح للحكم بالبقاء على التمام هو صلاته رباعية تامة كاملة كما هو صريح الشرط المذكور في الصحيحة، والا فتكليفه القصر، وحينئذ لو دخل في قيام الركعة الثالثة فانه يهدم ويسلم، ولا يضر زيادة القيام المفروض وذلك لكونه معذورا" لانه كان بانيا" على الاقامة وكان حكمه التمام، كما ذهب الى ذلك السيد الخوئي ( ره ) حيث قال ( لا ضير في هدم القيام الزائد هنا والرجوع الى القصر بعد كونه بحكم الزيادة السهويه لان فعله جريا" على الاعتقاد السابق فكان معذورا" كالساهي)[6]

الدليل :
ويدل عليه موثقة عمار بن موسى، ( وعن الرجل اذا اراد ان يقعد فقام ثم ذكر من قبل ان يقدم شيئا" او يحدث شيئا" فقال : ليس عليه سجدتا السهو حتى يتكلم شيء ) [7]

واما قوله اخيرا"  ( وكذا لو أتى بغير الفريضة الى قوله فانه يرجع الى القصر مع العدول ) وهذا ايضا" لظهور الصحيحة في ان شرط البقاء على التمام هو ان يكون قد صلى صلاة رباعية تماما"وليس أي شيء آخر كصلاة النافلة النهارية او الصيام ونحو ذلك كصلاة الجمعة
وبالتالي : ما لم يصل رباعية تماما" فان تكليفه القصر حتى وان أتى بما لا يجوز فعله للمسافر كمثل ما ذكر .


[1]العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج3، ص484، ط ج.
[2]العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج3، ص485، ط ج.
[3]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص509، أبواب صلاة المسافر، باب18، ح1، ط آل البيت.
[4]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص509، أبواب صلاة المسافر، باب18، ح2، ط آل البيت.
[5]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص509، أبواب صلاة المسافر، باب18، ح1، ط آل البيت.
[6]مستند الشيعة، السيد الخوئي، كتاب صلاة المسافر، ج10، ص287.
[7]وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص251، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب32، ح2، ط آل البيت.