بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

35/01/22

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: صلاة المسافر
الثالث: استمرار قصد المسافة، فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة او تردد أتم، وكذا اذا كان بعد بلوغ الأربعة لكن كان عازماً على عدم العود، او كان متردداً في أصل العود وعدمه.


الثالث: استمرار قصد المسافة، فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة أو تردد أثم. وكذا اذا كان بعد بلوغ الأربعة لكن كان عازماً على عدم العود، أو كان متردداً في أصل العود وعدمه، أو كان عازماً على العود لكن بعد نية الإقامة هناك عشرة أيام، واما اذا كان عازماً على العود من غير نية الإقامة عشرة أيام فيبقى على القصر وإن لم يرجع ليومه بل وان بقي متردداً الى الثلاثين يوماً نعم بعد الثلاثين متردداً يتم.

يرد على الثالث: اذا قلنا بان التقصير واجب على كل من قصر السفر وقطع المسافة، وان هذين الشرطين مقومان للزوم التقصير، فلا حاجة بعد ذلك لاشتراط استمرارية القصد للسفر، وذلك لاعتبار ان من عاد عن عنية السفر واراد الرجوع والعدول عنه فإن معنى ذلك ان نية القصد للسفر قد انقطعت وهذا الشرط قد انهدم فلم يَعد الموضوع متحققاً حتى يترتب الحكم عليه (التقصير) فالمشروط عدم عند عدم شرطه، هذا ف يحال ما لو عدل عند نية قصد قطع المسافة قبل بلوغها والا فيبقى على التقصير في صلاته حتى يعود  الى منزله.
اذا عرفت ذلك، تعرفت بعدها وجه الارباك الحاصل عند بعض من تجشم عناء اقامة الدليل على اشتراط استمرار قصد المسافة ومن جملة ما ذكروا من ادلة على الشرط المذكور:


1 - الاجماع باختلاف عبائرهم سواء يقول صابح الحدائق (رض) «نسبه الى الاصحاب». أو «دعوى الاتفاق عليه» او كما عن المستند «عن بعض نفي الخلاف فيه». وآخر صرح بدعوى الاجماع ولكن يرد على ذلك كله مع اختلاف العبارات.
بانه مردود صغروياً وكبروياً، اما الاول فلمخالفة جمع من الفقهاء لذلك منهم صاحب الجواهر (ره) والشيخ الاعظم (قده).
واما الثاني فهو غير حجة على فرض ثبوته لكونه مدركياً او لا اقل من محتمل المدركية، فلا يكشف عن قول المعصومين عليه السلام
2- واستدلوا ثانيا بصيحح ابي ولاد، الوادر فيمن خرج في سفر ثم بدا له الرجوع. (ب 5 ج 8) (محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن  محبوب، عن أبي ولاد قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : إني كنت خرجت من الكوفة في سفينة إلى قصر ابن هبيرة، وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخا في الماء، فسرت يومي ذلك اقصر الصلاة، ثم بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة، فلم أدر اصلي في رجوعي بتقصير أم بتمام ؟ وكيف كان ينبغي أن أصنع ؟ فقال : إن كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير، لانك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك، قال : وإن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام ( من قبل أن تؤمّ  من مكانك ذلك، لانك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت، وعليك إذا رجعت أن تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك[1] (. المتضمن لوجوب اعادة ما صلاه قصرا ويرد عليه
 اولا : انه مخالف للمشهور
وثانيا : معارض مع صحيح زرارة (ج 8 ب 23 ص 521 ) (محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة قال : سألت جعفر ) ( عليه السلام ) عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج، ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين ؟ قال : تمت صلاته ولا يعيد )[2]  حيث تنص الصحيحة على عدم وجوب الاعادة لما صلاه.
3 - واستدلوا ثالثا برواية اسحاق المتقدمة
ويرد عليه: انه ضعيف سنداً، بالاضافة الى ان المراد منها ما تقدم في الول كلامنا من العود عن القصر.
4 - واستدلوا رابعا بخبر المروزي (سليمان بن حفص) وان رجع عما نوى عند بلوغ فرسخين واراد المقام، فعليه التمام».
يرد عليه: ان النص مجمل غير مفصل يحتاج الى تفصيل وادلة اخرى. نعم من ذهب الى الاشتراط المذكور، فلا بد من ان يلجأ الى الاجابة عن ذلك كله بان صحيحة ابي ولاد محمولة على الاستحباب وخبر اسحاق ضعفه منجبر بعمل الاصحاب ورواية المروزي محمولة على سائر الاخبار المفصلة المبينة.
ولكن كما ترى فإن ذلك تكلّف بما لا يلزم والله العالم والحمد لله رب العالمين.

مسألة : 22- يكفي في استمرار القصر بقاء قصد النوع وان عدل عن الشخص، كما لو قصد السفر الى مكان مخصوص فعدل عنه الى آخر يبلغ ما مضى وما بقي اليه مسافة، فانه يقصر حينذ على الاصح، كما انه يقصر لو كان من أول سفره قاصداً للنوع دون الشخص، فلو قصد احد المكانين المشتركين في بعض الطريق، ولم يعين من الأول احدهما، بل أو كل التعيين الى ما بعد الوصول الى آخر الحد المشترك، كفى في وجوب القصر.


22- من عزم على السفر الشرعي (ثمانية فراسخ) امتدادية، أو اربع فراسخ ذهاباً واربعة جائياً). فإن كان قاصداً للمسافة الى مكان خاص أو كان اقصداً الى مكان ما يبلغ معه المسافة فانه يكون محققا للحكم الشرعي (التقصير) وذلك لان الحكم ينصب على الموضوع والحال انه متحقق سواء كان شخصياً أم نوعياً، وح فإن ما تقدم من الادلة على وجوب القصر لمن يقصر الثمانية فراسخ والبريدين ونحو ذلك تشمل الافراد تمامها المتصورة والمتحققة في عالم الخارج.
ويظهر من العرف تأييده لهذا الامر، فإذا ما قصد الثمانية فراسخ ولكنه بعد بلوغ فرسخ عدل الى آخر يعد قاصدا المسافة، فلا يكون منافيا لذلك ولا مضراً به.
نعم ما ينافي ذلك ويضر به، هو عدوله عن اصل قصد المسافة، أو تردد فيه، فإن ذلك لا تساعد عليه الادلة ولا يؤيده العرف ايضاً باعتبار انه لا يراه قاصدا لها وبعبارة اخرى: فان المدار والميعار على تحقق الحكم هو تحقق الموضوع وليس هو إلا قصد قطع المسافة ولا يقدح ذلك الا التردد بأصل السفر وهذا ما عليه الادلة وهي غير ناظرة الى عدول المكلف من مسافة الى مسافة غيرها.



 [1] وسائل الشيعة، ج8، ص469.
[2] وسائل الشيعة، ج8، ص521.