بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

34/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: صلاة المسافر
مسألة 12: لو تردد في أقل من أربعة فراسخ ذاهباً وجائياً مرات حتى بلغ المجموع ثمانية لم يُقصِّر، ففي التلفيق لا بد ان يكون المجموع من ذهاب واحد، وإياب واحد ثمانية فراسخ.

 12- هذا هو الصحيح وذلك لان المفهوم من الروايات المتقدمة الصحيحة هو ان ادنى ما يقصر فيه المسافر الصلاة هو بريد ذاهباً وبريد جائياً. ومع كون التردد والانتقال من بلده الى ما دون المسافة الشرعية فلا يحقّق سفراً حتى نرتب عليه الآثار الشرعية من القصر والافطار وح فإن لم يتحقق السفر بلا أقل من أربعة فراسخ فلا يقصر.

مسألة 13: ( لو كان لبلد طريقان، والأبعد منهما مسافة، فإن سلك الأبعد قصّر، وإن سلك الاقرب لم يقصِّر، إلا إذا كان أربعة أو أقل وأراد الرجوع من الأبعد).
13: وذلك لأن ما يحقق الموضوع يأخذ الحكم وينطبق عليه. وفي فرض المسألة فإن مناط التقصير هو بلوغ المسافة الشرعية وعليها حكم التقصير، ولا يقدح ما ذهب اليه القاضي ابن البراج وعلله
1 - الشك في شمول الادلة لمثله
2 - احتمال كونه سفر؟؟
3 - الشك في صدق السفير عليه
ويرد على الأول بان الادلة مطلقة وصدق السفر.


مسألة 14 ( في المسافة المستديرة، الذهاب فيها هو الوصول الى المقصد، والإياب هو من المقصد الى البلد، وعلى المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقاً وإن لم يكن الى المقصد أربعة وعلى القول الآخر يعتبر أن يكون من مبدأ السير اليه اربعة مع كون المجموع بقدر المسافة).

14- قد حققناه سابقاً وتقدم ان الصحيح هو لا بدهية ان يكون كل من الذهاب والاياب اربعة فراسخ وما زاد حسبما بيّنا وأقمنا عليه الدليل الصحيح ما تقدم من روايات ولا يُلتفت الى كفاية مطلق التلفيق للتعليل الوارد في صحيحة محمد بن مسلم (فقد شغل يومه) بعد ان قال مولانا الصادق (عليه السلام) في اجابته عن التقصير بانه في بريد قلت: بريد؟ ال:( انه ذهب بريداً ورجع بريداً فقد شغل يومه.) [1] بلخاظ هذه العلة التي تجعل الميزان في السفر هو شغل اليوم.
فلا يُلتفت الى ذلك لأن الحق هو ما في النصوص الصريحة الصحيحة بكون السفر مشترط فيه الثمانية فراسخ ذهاباً أو أربعة فراسخ ذهاباً وأربعة اياباً ومن ثم فمقتضى القاعدة حمل الاخبار المطلقة على المقيدة والله العالم.

مسألة : 15 ( مبدأ حساب المسافة سور البلد أو آخر البيوت فيما لا سور فيه في البلدان الصغار والمتوسطات، وآخر المحّلة في البلدان الكبار الخارقة للعادة والاحوط- مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلدان- الجمع، وان كانت مسافة اذا لُحظ آخر المحلة).

 - هذا ما عليه اكثر من واحد كما نُقل عن اكثر من واحبل بهو حسب التتبع المشهور شهرة عظيمة، وعليه الفتوى المستفادة من اطلاق النصوص ومنها:
- ما رواه زرارة قال: وسأل محمد بن مليم ابا عبد الله (عليه السلام) فقال له: (الرجل يريد السفر (فيخرج) متى يُقصّر؟ قال: اذا توارى من البيوت). [2]
- و ما رواه عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام)  قال:( سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ او ستة فراسخ ويأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ اخرى أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك- لا يتجاوز ذلك- ثم ينزل في ذلك الموضع قال: لا يكون مسافراً حتي سير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة)[3]
وهكذا كما في صحيح زرارة (سافر رسول الله صلى الله عليه واله الى ذي خشب، وهي مسيرة يوم عن المدينة من المدينة يكون اليها بريدان، اربعة وعشرين ميلاً فقصَّر، وأفطر)[4]
إذن نلاحظ من خلال الرواية الاولى (محمد بن مسلم) أن مبدأ حساب السفر هو آخر البيوت. ومن خلال الرواية الثانية (ما رواه عمار) «ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ...» بمعنى ان سفره  يبرأ بخروجه من القرية الذي أقام فيها ولا يُعدّ مسافراً طالما انه ما زال فيها. وهذا هو الفهم العرفي المستفاد وعن لكل من الروايتين المتقدمتين.
وهكذا الحال في الرواية الثالثة (صحيح زرارة) نجد بأن بداية السفر هو من المدينة أي من سورها وليس من بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
واطلاق هذه الروايات وغيرها مما سيأتي يعلنا لا نفرِّق بين كون البلد صغيراً أو كبيراً. خبر عبد الله بن بكير عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) (في الرجل يخرج من منزله يريد منزلاً له آخر او ضيعة له اخري قال: ان كان بنه وبين منل له أو ضيعته التي يؤم بريدان قصرّ وإن كان دون ذلك أتم)[5]. وهكذا موثق عمار:( لا يكون مسافراً حتى سير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ) [6].
فعطف القرية والضيعة على المنزل في كل من الحديثين المتقدمتين يدل على أن المراد من المنزل ما هو أعم من البيت وربما يراد منه ما ليس له سور كما لو كان في البيداء فإذا كانت البيداء كبيرة فإنه لا بد من ان يكون هناك اختلاف في مبدأ السير فليس له ميزان معين ومحدّد بل بمجرد خروجه من المحلة التي يعيش فيها ولو لم يكن لها سور فيكون ح مبدأ السير.
وخلاصة القول أنه لا فرق في في حساب المسافة وبدايتها بين ما لو كانت البلدة كبيرة او صغيرة لاطلاق هذه الروايات المتقدمة ويمكن الاستفادة أيضاً علهذا من خلال الروايات التي تعّن حد الترخص منها:
- ما رواه عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال:( سألته عن التقصير قال: اذا كنت في الموضع اذي تسمع فيه الآذان فأتم وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الآذان فقصّر، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك)[7].
- ما رواه حماد عن ابي عبد الله (عليه السلام): (المسافر يقصّر حتى يدخل المصر)[8]
- وما رواه حماد عن أبي عبد الله (عليه السلام) :( في الرجل يخرج مسافراً قال: يقصر اذا خرج من البيوت) [9].
- (وما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابيه انه كان يقصر الصلاة حين يخرج من الكوفة في اول صلاة تحضره )[10]
هذا ولكن يمكن ان يُدعى بان لا وجود لأي تخصيص في النصوص الموجودة بين ايدينا لما يمكن ان يستفاد منه التفريق بين مدن كبرى وصغرى وما عداهما لنخصص بها تلك الروايات ونفرق بين مبدأ المسافة خارة المدينة او خارج محلته ان كانت المدنية كبيرة، اللهم الا ان يكون هناك اسم واحد المنطقة كبيرة جدا وتشتمل على احياء ومناطق في داخلها كبيرة مما يصدق على كل واحدة من هذه الاحياء الكبيرة منطقة مستقلة وان دخلت جميعها تحت اسم واحد للمدينة المذكورة فالاحوط في مثل هذه الحالة الجمع بين القصر والتمام ومع هذا فالمسألة لا تخلو من تأمل والله العالم.



[1] وسائل الشيعة، ج8، ص459، صلاة المسافر ب2، ح9.
[2] وسائل الشيعة، ج8، ص271، ب صلاة المساف، ح1.
[3] وسائل الشيعة، ج8، ص469، ب4، ح3، صلة المسافر.
[4] وسائل الشيعة ج 8 ص 452  صلاة المسافر ب 1 ح 4.
[5] وسائل الشيعة، ج8، ص492، ب14 من أبواب صلاة المسافر، ح3 وهكذا موثق عمار: لا يكون مسافراً حتى يسير من منزله او قريته.
[6] وسائل الشيعة ج 8 ص 469  ب 4 من صلاة المسافر ح 3).
[7] وسائل الشيعة ج8  ص 472 . صلاة المسافر ب 6 ح 3).
[8] وسائل الشيعة ج 8 ص 473.
[9] وسائل الشيعة ج 8 ص 473.
[10] وسائل الشيعة ج 8 ص 472.