46/05/01
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الشرط السادس: عدم المرض أو الرمد / شرائط صحة الصوم/
كان الكلام في حكم المريض و انه هل يرفع المرض وجوب الصوم أو يرفع صحة الصوم؟
قلنا بان الآية الكريمة الواردة في صوم المريض تختص بصوم شهر رمضان و يصعب الغاء الخصوصية منه الی مطلق الصوم اذا لم يؤد الی ضرر محرم. لكن توجد عدة روايات منها صحيحة حريز الرجل الذي يخاف علی عينيه من الرمد قال يفطر، من خاف علی عينيه من الرمد افطر. فان صدق عليه عنوان المريض فهو و ان لم يصدق عليه فبالغاء الخصوصية نتعدی الی المريض.
قرأنا رواية جميل عن الوليد بن صبيح قال حممت بالمدينة يوما في شهر رمضان فبعث الیّ ابوعبدالله عليه السلام بقصعة فيها خل و زيت و قال افطر و صل و انت قاعد قلنا بان هذه الرواية لا يظهر منها اكثر من جواز الافطار لان الرواية واردة في مقام الافتاء، ليست واردة في مقام تعليم الاحكام الكلية للفقهاء. ففرق بين ان يقول الطبيب لمريض افطر فانه في مقام توهم الحظر لا يظهر منه اكثر من جواز الافطار و بين ان يصدر هناك خطاب كقضية حقيقة من يخاف علی عينيه من الرمد افطر، فان ظاهره هو الوجوب التعييني.
تكلمنا عن سند هذه الرواية. نحن كنا بصدد بيان نكتة رجالية و هي ان الصدوق يذكر في المشيخة سنده الی محمد بن حمران و جميل بن دراج معا و القدر المتيقن منه السند الی كتاب مشترك بينهما. و لكن هذا لا يعني ان هذه الرواية ضعيفة سندا لان الكليني في الكافي نقل هذه الرواية بسند صحيح، الكافي الجزء 4 صفحة 118 علی بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن جميل بن دراج عن وليد بن صبيح.
ثم قرأنا رواية سماعة قال سألته ما حد المرض الذي يجب علی صاحبه فيه الافطار كما يجب عليه في السفر قال هو مؤتمن عليه مفوض عليه فان وجد ضعفا فليفطر و ان وجد قوة فليصم. و كذا موثقة عمار عن ابي عبدالله عليه السلام في الرجل يجد في رأسه وجعا من صداع شديد هل يجوز له الافطار قال اذا صدّع صداعا شديدا و اذا حمّ حمی شديدة و اذا رمد رمدا شديدا فقد حل له الافطار. و في كتاب علی بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر قال سألته عن حد ما يجب علی المريض ترك الصوم قال كل شيء من المرض اضر به الصوم فهو يسعه تركه الصوم. هذه الروايات التي قرأنا هذه الليلة لا بد من الكلام حولها.
اما موثقة سماعة فلا يضر اضمارها لا لاجل ان سماعة من الاجلاء و هو لا يروي عن غير الامام عليه السلام بل لانه كما ذكر في البحوث في العرف المتشرعي العرف يستظهر من الاضمار ان المرجع للضمير هو الامام عليه السلام و يؤيد ذلك ان الاضمار ابتداء ليس متعارفا، فالواحد يجيء ينقل لكم رأسا يقول سألته عن فلان شيئا فقال، انت تتعجب تقول سألت منو؟ هذا الاضمار في الروايات نتيجة التقطيع الحاصل في الكتب. فاذا كان المرجع للضمير المذكور في الروايات السابقة غير الامام لكان هذا المقطع لاجل وثاقته لكان يجب عليه ان ينبه علی ذلك.
اما بالنسبة الی دلالة الرواية الامام قال ان وجد ضعفا فليفطر هذا اعم من الضرر، قد لا يوجب الصوم الضرر علی هذا المريض بان يشتد مرضه يطول مرضه بل يحس بضعف، المريض اذا يصوم يحس بالضعف، يقول الامام فليفطر، فان اقتصرنا علی هذه الموثقة امكننا ان نقول كما كنا نستظهر من اطلاق الآية الكريمة ان من كان مريضا فيفطر سواء اضر به الصوم أو كان الصوم عليه موجبا لمشقة لا المريض الذي يكيف من ان يصوم، يحس بان حاله صار زينا، لا، المريض الذي يشق عليه الصوم و لا يضر به، قلنا بانه مشمول للآية الكريمة كما انه مشمول لهذه الموثقة : ان وجد ضعفا فليفطر و ان لم يضر به الصوم. لكن رواية علی بن جعفر حدت المرض، سألته عن حد ما يجب علی المريض ترك الصوم قال كل شيء من المرض اضر به الصوم فهو يسعه ترك الصوم.
ان قلت: سند هذه الرواية ضعيف. لماذا؟ لان صاحب الوسائل ينقل هذه الرواية من كتاب علی بن جعفر و كتاب علی بن جعفر ليس من الكتب المشهورة بل كتاب لم ير له نسخة مشهورة و انما وجدوا نسخة غير مشهورة لكتاب علی بن جعفر وصل به العلامة المجلسي و صاحب الوسائل فهما ينقلان عن تلك النسخة و ما يقول السيد الخوئي من ان لصاحب الوسائل و صاحب البحار سندا معتبرا الی كل ما في فهرست الشيخ الطوسي أو فقل الی كل ما رووا عنه في كتابهم و من جمله ذلك كتاب علی بن جعفر و للشيخ الطوسي سند صحيح في الفهرست الی كتاب علی بن جعفر و لاجل ذلك يتم سند كتاب علی بن جعفر. ترون ان السيد الخوئي حينما يرد في الوسائل و في قرب الاسناد عن عبدالله بن الحسن عن جده علی بن جعفر يقول سنده غير تام و لكن اذا ورد و رواه علی بن جعفر في كتابه يقول سنده تام. لكن كما ذكر السيد السيستاني صاحب الوسائل ليس لديه طريق معتبر الی النسخ التي ينقل عنها، طريقه الی كتب الاصحاب من باب التيمن و التبرك و الشاهد علی ذلك انه من جزء الاخير من وسائل يذكر اني انما اعتمد علی هذه الكتب لاجل قرائن تفيد الوثوق، ما يقول لاجل وجود سند معتبر عندي الی تلك الكتب.
نعم قد يحصل الوثوق من خلال انه يوجد حديث في كتاب قرب الاسناد عن علی بن جعفر و يوجد في كتاب علی بن جعفر الذي يرويه صاحب الوسائل قد يحصل الوثوق و لكن اذا فرد كتاب علی بن جعفر بحديث من اين يحصل لنا الوثوق؟ لعل هذه النسخة مغلوطة أو اضيف اليها بعض الروايات التي نسبت الی علی بن جعفر في كتب غير معتبرة.
هذا من ناحية السند. و لكن مع الغمض عن الاشكال السندي قد يقال بان النسبة بين قوله كل شيء من المرض اضر به الصوم فهو يسعه ترك الصوم مع قوله ان وجد ضعفا فليفطر و ان وجد قوة فليصم النسبة بينهما عموم و خصوص من وجه، هذا يقول انما يجوز الافطار فيما اذا اضر الصوم بالمريض، موثقة سماعة تقول انما يجوز الافطار فيما اذا احس المريض بالضعف. احس المريض بالضعف سواء اضر به الصوم ام لا، من اضر به الصوم سواء احس بالضعف ام لا، فيتعارضان بالنسبة الی من يحس بالضعف و لكن لا يتضرر من الصوم، و بعد تساقطهما يكون المرجع اطلاق قوله تعالی و من كان مريضا فعدة من ايام أخر، هذا مطلق سواء اضر به الصوم ام لا. نعم من لا يحس بالضعف و لا يضر به الصوم فهو خارج عن اطلاق الآية جزما الذي ما يحس لا بضعف و لا يخاف من ضرر، بس مريض، لا، هذا يصوم، خارج عن كلتا الروايتين اما من يتضرر أو ما يتضرر من الصوم لكن يحس بالضعف هذا يندرج تحت اطلاق قوله تعالی و من كان مريضا أو علی سفر فعدة من ايام أخر.
و لكن يمكن الجواب عنه بان المتفاهم عرفا لو تم سند رواية علی بن جعفر المتفاهم عرفا منها كونها اخص مطلقا من قوله اذا وجد ضعفا فليفطر لانه لا يحتمل عرفا ان ينفي قوله ان وجد ضعفا فليفطر و ان وجد قوة فليصم لا اطلاق له بالنسبة الی من يتضرر، من يتضرر اصلا قد ينصرف عنه قوله و ان وجد قوة فليصم، هذا الذي يتضرر من الصوم لا يجد قوة عرفا و ينصرف عنه هذا الخطاب و ان ابيت عن ذلك فنقول صحيحة حريز دلت بصراحة علی ان من يخاف علی عينيه من الرمد اي من الضرر يفطر. فاذن تكون رواية علی بن جعفر اخص مطلقا من موثقة سماعة. ان وجد ضعفا يؤدي الی الضرر فهذا يفطر و ان وجد قوة لا تؤدي الی الضرر يصوم.
هذا من جهة و من جهة اخری ان الوارد في رواية علی بن جعفر في السؤال ورد السؤال عن حد ما يجب علی المريض ترك الصوم، يجب عليه ترك الصوم و في الجواب قال الامام كل شيء من المرض يضر به الصوم فهو يسعه ترك الصوم ما قال يجب عليه ترك الصوم، فلا تدل هذه الرواية علی بطلان صوم المريض.
و الحاصل انه يستفاد من مجموع الروايات لو تم سند رواية علی بن جعفر ان المدار في عدم الصوم علی المريض كون الصوم مضرا بحاله و لكن لو لم يتم سند هذه الرواية كما عليه السيد السيستاني و السيد الزنجاني ايضا مثله، فما هو الدليل علی تقييد عدم وجوب الصوم علی المريض أو فقل عدم صحة صوم المريض بما اذا اضر به الصوم؟ لا، اضر به أو شق عليه. لولا رواية علی بن جعفر ما عندنا دليل واضح علی ان حد المرض الذي يسعه ترك الصوم ان يضر الصوم بحاله، لا، صحيحة حريز قالت الصائم اذا خاف علی عينيه من الرمد افطر، هل لهذه الصحيحة مفهوم؟ الصائم اذا لم يخف علی عينيه من الرمد لم يجز له الافطار؟ لا، هذا وارد في بيان الموضوع ليس له مفهوم مطلق، الصائم اذا خاف علی عينيه من الرمد افطر مثل ما يقال اذا وقع الزلزال وجب صلاة الآيات، بيان للموضوع، اذا كانت الجملة الشرطية الشرط فيها سيق لبيان موضوع الحكم فليس له مفهوم كما ذكر السيد البروجردي، اذا خسف القمر وجب صلاة الآيات يعني اذا لم يتحقق خسوف القمر لا تجب صلاة الآيات مطلقا و لو وقع الزلزال؟ ابد ما يهچي. الصائم اذا خاف علی عينيه من الرمد افطر، غيره لا يفطر؟ لا. قد يكون المريض الذي يشق عليه الصوم ايضا يفطر، لا ان يقع في حرج، المريض الذي يشق عليه الصوم و لو بمقدار لا ترفع هذه المشقة وجوب الصوم عن غير المريض لكنها ترفع الوجوب عن المريض لاطلاق الآية بشرط ان يحس بضعف حسب موثقة سماعة، المريض الذي يحس بالضعف يفطر.
ان قلت: ما معنی ان وجد قوة فليصم؟ غير انه ان استطاع فليصم؟ لا اشكال في ان التكليف مشروط بالقدرة، المريض ان كان يستطيع ان يصوم فلا بد ان يصوم، اذا كان يستطيع عرفا لا عقلا، نعم ان كان الصوم يضر بحاله فالمستفاد من صحيحة حريز انه لا يصوم فموثقة سماعة قد يقال بانها لا تدل عل شرطية زائدة علی القدرة العرفية، يشترط في وجوب الصوم القدرة العرفية ان وجد قوة فليصم اما من يحس بالمشقة نقول هذا لا يجد قوة، يجد قوة، يجد قوة شنو معناه؟ يعني يقدر عرفا علی ان يصوم. فيقال بانه لا يستفاد من هذه الموثقة شرطية زائدة يعني لا يستفاد من هذه الموثقة المريض الذي يقع في مشقة لا يجب عليه الصوم، لا، المريض الذي لا يقدر، لا يقوی علی الصوم لا يصوم، أو المريض الذي يتضرر من الصوم حسب صحيحة حريز. و قد يؤيد ذلك بما ورد الصلاة من انه اذا قوي فليقم، اذا قوي فليقم يعني شنو؟ يعني ان استطاع، ان استطاع فليقم، كما ورد في روايات اخری.
نقول في الجواب: نعم، ان كان التعبير هكذا: المريض ان وجد قوة فليصم كان من المحتمل ان يراد به القدرة العرفية و اما اذا كانت هذه الجملة في قبال قوله ان وجد ضعفا فليفطر، فقد يقال بان الظاهر من قوله ان وجد ضعفا فليفطر ليس هو الضعف المانع عن القدرة العرفية، الضعف العرفي، يضعف يعني يشق عليه، فهذه شبهة تاملوا في حلها و حاصل هذه الشبهة انه لولا رواية علی بن جعفر التي حصرت الافطار في المريض فيمن اضر به الصوم، لو لم يتم سند هذه الرواية كما هو مسلك السيد السيستاني و السيد الزنجاني فمقتضی اطلاق آية و من كان مريضا فعدة من ايام أخر ان المريض لا يجب عليه الصوم سواء اضر به الصوم أو شق عليه الصوم و ليس هناك ما يدل علی خلاف ذلك فان موثقة سماعة ذكرت انه ان وجد المريض ضعفا فليفطر و ان وجد قوة فليصم من المحتمل لولا الظاهر ان المراد من قوله ان وجد ضعفا يعني ان احس بتعب و مشقة.
هذا من جهة و من جهة اخری ان كل هذه الروايات تواجه مشكلة و هي انه ورد في قبال ذلك رواية اخری كان السيد الخوئي يقول بتمامية سندها، كل هذه الروايات الواردة في المريض و الذي به رمد و الذي يحس بصداع شديد الذي هو إما مريض عرفا أو ملحق بالمريض لاجل وروده في موثقة عمار، هذه الرواية التي دلت علی الافطار بالنسبة الی المريض أو من يخاف علی عينيه من الرمد و ان لم يصدق عليه المريض أو من يجد في رأسه وجعا من صداع شديد هو لم يصدق عليه المريض، تواجه هذه الروايات مشكلة و هي انها مبتلاة بمعارضة مع رواية محمد بن عبدالله بن هلال عن عقبة بن خالد عن ابي عبدالله عليه السلام عن رجل صام شهر رمضان و هو مريض قال يتم صومه أو تم صومه و لا يعيد يجزيه. فيقال بان هذه الرواية التي كان يذكر السيد الخوئي سابقا انها تامة سندا لاجل ورود محمد بن عبدالله بن هلال و عقبة بن خالد في كتاب كامل الزيارات و سنتكلم عن وثاقة هذين الشخصين، هذه الرواية دلت علی ان المريض اذا صام فصومه صحيح. فلماذا عد عدم المرض من شرائط صحة الصوم؟
تاملوا في هذه المطالب الی الليلة القادمة ان شاء الله.