46/04/24
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: من سافر في بعض الوقت/ الشرط الخامس: ان لا يكون مسافرا / شرائط صحة الصوم
كان الكلام في السفر في نهار شهر رمضان نحن كنا مرتاحين لولا صحيحة رفاعة الثانية التي رواها الشيخ الطوسي في التهذيب عن الحسين بن سعيد عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابي عمير عن رفاعة بن موسي النخاس قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل يريد السفر في رمضان قال اذا اصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء افطر لولا هذه الرواية لكنا نقول بما قال به السيد الخوئي جمعا بين الروايات. و اما بعض الروايات مثل رواية عبدالاعلی مولی آل سام رجل اراد السفر في شهر رمضان فان خرج بعد طلوع الفجر افطر، رواية مولی آل سام مقطوعة، لا عبرة بها يعني لم ينسب الحديث الی الامام عليه السلام فجمعنا بين الروايات المعتبرة بما قاله السيد الخوئي من انه اذا نوی السفر من الليل ثم خرج قبل الزوال افطر و الا فيستمر في صومه و انما تورطنا هذه الصحيحة الثانية لرفاعة. اكثر شيء ان نحتاط و هذا هو الذي صار قرار نقول لاجل هذه الصحيحة الثانية لرفاعة نقول اذا نوی السفر من الليل فخرج قبل الزوال السيد الخوئي قال افطر، نحن نقول ماذا؟ افطر علی الاحوط لاجل هذه الصحيحة التي تقول مخير بين ان يفطر أو يصوم، و من سافر بعد الزوال، السيد الخوئي قال يصوم، نحن نقول يصوم علی الاحوط لاحتمال التخيير لاجل هذه الصحيحة الثانية لرفاعة و اما من سافر قبل الزوال من دون سبق النية من الليل نفس السيد الخوئي قال الاحوط وجوبا ان يصوم ثم يقضي. هكذا صار قرارنا احتياطا.
لكن كوجه صناعي نتكلم حول هذه الصحيحة الثانية لرفاعة. بقي هنا اشكالان علی هذه الصحيحة : الاشكال الاول ما طرح من احتمال اشتباه الراوي في نقله لهذه الصحيحة وضّحنا هذا الاشكال امس و لكن جوابه انه من الذي اشتبه؟ رفاعة اشتبه؟ ابن ابي عمير اشتبه؟ من الذي اشتبه؟ رفاعة روی كلي الحديثين، هم روی قوله في هذه الصحيحة الثانية الرجل يريد السفر في رمضان قال اذا اصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء افطر، كما روی تلك الرواية الاخری اذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل اهله فهو بالخيار ان شاء صام و ان شاء افطر، هو روی كلي المطلبين، شنو معنی انه اشتبه عليه خلط احدهما بالآخر. ان قلتم اشتبه الحال علی ابن ابي عمير [قلنا] نفس ابن ابي عمير نقل كلي المطلبين عن رفاعة، في التهذيب نقل عن رفاعة اذا اصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء افطر، في الكافي نقل ابن ابي عمير عن رفاعة اذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل اهله فهو بالخيار فان شاء صام و ان شاء افطر، و عادة ابن ابي عمير يكتب في كتابه، كان عنده كتب كثيرة، يكتب في كتابه كلي المطلبين. فاذن ليس احتمال اشتباه احد المطلبين بالآخر لبعض الرواة احتمالا عرفيا.
فالمهم هو الاشكال الثاني و هو ما ذكره السيد الزنجاني من انه لا يمكن العمل بهذه الصحيحة لمخالفتها لبقية الروايات و ليس بينها و بين بقية الروايات جمع عرفي. وصلنا الی رواية صفوان يعني نقلنا صحيحة الحلبي اولا و قلنا بانه يوجد جمع عرفي بين صحيحة رفاعة الثانية ان شاء افطر و ان شاء صام و بين صحيحة الحلبي التي قالت ان خرج قبل الزوال افطر، نقول افطر علی الارجح و ان سافر بعد الزوال صام نقول علی الارجح. فتخلصنا من محذور عدم الجمع العرفي بين صحيحة الحلبي و صحيحة رفاعة الثانية.
السيد الزنجاني قال لا يوجد جمع عرفي بين صحيحة رفاعة الثانية و صحيحة عبيد بن زرارة و كذا رواية صفوان، اما صحيحة عبيد بن زرارة لانه ورد في ذيلها بعد ان ورد فيها ان خرج قبل الزوال فليفطر و ان خرج بعد الزوال فليصم ورد في ذيلها و قال يعرف ذلك بقول عليه عليه السلام اصوم و افطر حتی اذا زالت الشمس عزم علیّ يعني الصيام يقول السيد الزنجاني عزم علیّ يعني وجب علیّ كيف نحمله علی الافضلية؟
فاوردنا عليه بان هذا الاشكال لا يتم علی مبانيكم لانكم ذكرتم انه لا يمكن الاستدلال بهذه الصحيحة علی وجوب الصوم بعد الزوال، لماذا؟ لان مورد السؤال و ان كان الصوم في شهر رمضان لكن الامام عليه السلام استشهد علی ان هذا الذي سافر بعد الزوال يصوم استشهد بقول علی عليه السلام بالصوم المندوب، الامام اميرالمؤمنين عليه السلام في الصوم المندوب قال اصوم و افطر يعني اصوم ثم قد افطر، حتی اذا زالت الشمس عزم علیّ يعني بعد ذلك لا افطر، كما نقل عن الامام عليه السلام الصائم تطوعا بالخيار ما بينه و بين نصف النهار فاذا انتصف النهار فقد وجب الصوم. ثم قال السيد الزنجاني خب لابد من حمل عزم علیّ علی الاستحباب المؤكد و الا فلا اشكال في انه يجوز الافطار بعد الزوال بالنسبة الی الصوم المندوب. فاذا حمل قوله عزم علیّ علی الاستحباب المؤكد و الامام يستشهد به علی الامر بالصوم في السفر بعد الزوال فكيف نقول بان الصوم في السفر بعد الزوال واجب مع ان الامام استشهد بقول اميرالمؤمنين المحمول علی الاستحباب المؤكد. بعد ان حملنا عزم علیّ لانه ورد في الصوم المندوب علی الاستحباب المؤكد حتی الاستدلال بهذه الصحيحة علی وجوب الصوم لمن سافر بعد الزوال مشكل عند السيد الزنجاني فكيف يقول هذا صريح في الوجوب و لا يمكن الجمع بينه و بين صحيحة رفاعة الثانية؟
و اما رواية صفوان، في رواية صفوان ورد هكذا: اذا اردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فانت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم. يقال انت مفطر اخبار عن امر واقع و هو ان من خرج بعد طلوع الفجر فقد انتقض صومه، ما قال فافطر حتی نحمله علی الاستحباب قال فانت مفطر يعني شئت أو ابيت انت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم.
انصافا ان تم سند هذه الرواية فيتم ما يقال من انه لا يوجد جمع عرفي بين هذه الرواية و بين صحيحة رفاعة الثانية. صحيحة رفاعة الثانية تقول ان شاء صام و ان شاء افطر، هذه الرواية تقول انت مفطر.
السيد السيستاني دام ظله في الاصول حينما ذكر السيد الخوئي ان الجملة الاسمية لابد ان تكون خبرية لا يمكن ان تكون في مقام البعث و الامر، انت قائم يريد به لابد ان تقوم، لا، السيد الخوئي يقول هذا مو صحيح، انت تقوم، نعم، جملة محمولها و خبرها فعل المضارع، ميخالف، انت تصوم بمعنی انه يجب ان تصوم، اما يقال لشخص انت صائم بداعي ان يقول له صم، هذا مستهجن عرفا. يقول السيد السيستاني: لا، يوجد في بعض الاستعمالات استعمال الجملة الاسمية في مقام البعث، يقول شخص لآخر انا غدا مسافر و انت معي في السفر، افرض الوالد يقول لولده اك آداب اصول بيناكم، ما يهچون كالمعدان، هذا الاب فقيه، يقول انا غدا مسافر و انت معي في السفر يعني شنو؟ يعني لا بد ان تكون معي في السفر فاستعملت الجملة الاسمية في مقام الامر.
انا مو مخالف لكلام السيد السيستاني، كلامه صحيح لكن هذا نادر جدا. هنا نقول انت مفطر يعني اخبار في مقام انشاءالامر يعني انت فافطر ثم نحمل قوله فافطر علی الاستحباب، هذا ليس جمعا عرفيا. فالانصاف انه يصعب علیّ قبول الجمع العرفي بين هذه الرواية و بين صحيحة رفاعة الثانية فلو تم سند هذه الرواية فتتعارض صحيحة رفاعة الثانية مع هذه الرواية ان تم سندها و بعد تساقطهما نرتاح لاننا لولا صحيحة رفاعة كنا مرتاحين، صحيحة رفاعة الثانية تورطنا و دوّرنا لقينا فالرواية تتعارض مع صحيحة رفاعة الثانية بشرط ان يتم سند هذه الرواية. اقرأ سندها: عبدالله بن عامر عن عبدالرحمن بن ابي نجران عن صفوان عن سماعة و ابن مسكان عن رجل عن ابي بصير. السيد الحكيم يقول و مرسل سماعة و ابن مسكان عن رجل عن ابي بصير، لعل النسخة الموجودة لدی السيد الحكيم صاحب المستمسك كانت مشتملة علي الواو، عن سماعة و ابن مسكان عن رجل، مع ان الموجود في التهذيب واو و في الاستبصار "او" و في الوسائل ينقل عن التهذيب "او"، سماعة أو ابن مسكان، في روضة المتقين واو. فاذن النسخ مختلفة فلا ندري هل الواو صحيح سماعة و ابن مسكان أو سماعة أو ابن مسكان. هنا يقال: هل من الصحيح ان يكون السند هكذا: عن صفوان عن سماعة و ابن مسكان أو فقل أو ابن مسكان، عن رجل عن ابي بصير؟ سماعة يروي عن ابن بصير مباشرة، ابن مسكان ايضا يروي عن ابي بصير مباشرة، عادة هكذا، فإما ان تكون جمله عن رجل زائدة فيتم السند، عن سماعة أو ابن مسكان عن ابي بصير، كلاهما ثقتان، و اذا كان سماعة و ابن مسكان فنور علی نور. أو انه هكذا عن سماعة عن ابي بصير أو ابن مسكان عن رجل عن ابي بصير، ان كان هكذا فيختلف "او" عن واو، ان كانت النسخة الصحيحة "او" فلا يتم سند الرواية، عن سماعة عن ابي بصير أو يعني صفوان عن سماعة عن ابي بصير أو صفوان عن ابن مسكان عن رجل عن ابي بصير يعني مو معلوم، مردد بين سند صحيح و هو سماعة عن ابي بصير و سند مرسل و هو ابن مسكان عن رجل عن ابي بصير، و الارسال ليس من قبل صفوان بل من قبل من روی عنه صفوان فهذا الارسال يقدح بتمامية السند. و لكن يقال ان هذا ايضا غير محتمل لان ابن مسكان عادة لا يروي عن ابي بصير بواسطة، كما ان سماعة لا يروي عن ابي بصير مع الواسطة كذلك ابن مسكان لا يروي عن ابي بصير بواسطة، كلاهما يرويان عن ابي بصير من دون واسطة.
فإما ان تكون جملة عن رجل زائدة فيكون السند صحيحا، أو كما قال السيد الزنجاني ان الرواية في اصلها كانت هكذا: عن صفوان عن رجل عن ابي بصير، ثم ان بعض العلماء كانت عنده نسخة من كتاب الرواية ككتاب الرحمة لسعد بن عبدالله أو كتاب آخر فكتب فوق لفظ الرجل سماعة أو ابن مسكان، هو اجتهد كتب سماعة أو ابن مسكان تفسيرا لذلك الرجل، ثم هذا الكتاب وقع بيد المستنسخين في زمان متاخر، ذاك المستنسخ توهم ان ما فوق عن رجل من قوله سماعة أو ابن مسكان نسيه المستنسخ السابق و كان من متن الكتاب فادرجه في الكتاب قال صفوان عن سماعة أو ابن مسكان عن رجل، تقولون شنو شاهد السيد الزنجاني الذي هو ذكر هذا المطلب شنو شاهده علی ذلك، ما هو شاهده علی ذلك؟ مجرد احتمال؟ يقال، لا، شاهده انه في التهذيب قبل هذه الرواية قبل صفحة جاب رواية اخری سندها هكذا: شوفوا! محمد بن الحسن الصفار عن عبدالله بن عامر عن عبدالرحمن بن ابي نجران عن صفوان عمن رواه عن ابي بصير. ربطه اشلون؟ اقرأ الرواية من نفس التهذيب حتی تطمئنون. الجزء 4 صفحة 228 رقم 45، محمد بن الحسن الصفار عن عبدالله بن عامر عن ابن ابي نجران عن صفوان بن يحيي عمن رواه عن ابي بصير قال اذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل فاتم الصوم و اعتد به من شهر رمضان، ثم في الصفحة التالية جاب هذه الرواية، رقم 48: محمد بن الحسن الصفار عن عبدالله بن عامر عن عبدالرحمن بن ابي نجران عن صفوان عن سماعة و ابن مسكان أو عن سماعة أو ابن مسكان عن رجل عن ابي بصير قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول اذا اردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فانت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم. يعني يمكن ان ابا بصير سمع من الامام فقرتين اذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل فاتم الصوم فجيء بهذه الفقرة في ضمن الرواية الاولی و الفقرة الثانية و اذا اردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فانت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم.
ما ذكره السيد الزنجاني غير بعيد.
فإما ان تكون جملة عن رجل زائدة فنعم المطلوب يتم سند الرواية سواء كانت النسخة سماعة أو ابن مسكان أو سماعة و ابن مسكان لان كليهما ثقتان و اذا لم تكن جملة عن رجل زائدة فنطمئن بان جملة عن سماعة و ابن مسكان أو عن سماعة أو ابن مسكان زائدة لان سماعة و ابن مسكان لا يرويان عن ابي بصير بواسطة. تقولون اذا كان هكذا عن صفوان عن رجل فتكون الرواية مرسلة نقول نعم و لكن نحن نعمل بمراسيل صفوان و البزنطي و ابن ابي عمير حيث ذكر الشيخ الطوسي في كتاب العدة عرفوا بانهم لا يروون و لا يرسلون الا عن ثقة. و اجبنا عن الاشكالات حول اعتبار مراسيل ابن ابي عمير و صفوان و البزنطي سابقا.
فان تمت هذه المحاولة فيتم سند هذه الرواية و تتعارض مع صحيحة رفاعة الثانية و لكن نحن لا ندخل في البئر العميق بهذه البيانات فاكثر شيء نحتاط. ماذا نقول؟ اكرر حتی لا تنسون لانه طولنا هذا البحث صار اكثر من اسبوع لكن المسألة معقدة كانت، المسألة معقدة فوق المتعارف، و قلنا بان رواية عبد الاعلی مولی آل سام كما قال الشيخ الطوسي و قبله السيد الزنجاني و غيره مقطوعة لم تنسب الی الامام فلا نعتمد عليها فلدينا اربع طوائف معتبرة الطائفة الاولی صحيحة الحلبي التي فصلت بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال. الطائفة الثانية رواية ابن يقطين التي فصلت بين تبييت النية من الليل فيفطر اذا سافر في نهار شهر رمضان و بين عدم التبييت فيصوم. الطائفة الثالثة صحيحة رفاعة الاولی التي دلت علی ان من لم ينو السفر من الليل فسافر قبل الزوال يصوم. فلاجل هذه الصحيحة الاولی لرفاعة انقلبت النسبة بين الطائفتين الاوليين بما وضحناه بما لا مزيد عليه و لكن حيث ان صحيحة رفاعة الثانية دخلت في المعركة و تورطنا بها قلنا باننا نحتاط، من نوی السفر من الليل و خرج قبل الزوال و سافر قبل الزوال بدل ان يقول الانسان يفطر كفتوی نقول يفطر علی الاحوط لاحتمال التخيير، ما نقول كما قال السيد الخوئي يفطر كفتوی و من سافر بعد الزوال بدل ان نقول يصوم كما قال السيد الخوئي نقول يصوم علی الاحوط و لا قضاء عليه لان صحيحة رفاعة الثانية دلت علی التخيير. و اما من سافر قبل الزوال من دون سبق النية منه من الليل فكما قال السيد الخوئي يحتاط باستمرار الصوم و قضاءه. و ان كان صناعيا بامكاننا ان نقول الاحوط وجوبا ان يصوم لكن نراعي فتوی المشهور نقول الاحوط وجوبا ان يصوم ثم يقضي كما قال السيد الخوئي ليس شيئا جديدا.
هذا محصل ما حاولنا ان نكمل به هذا البحث.
و آخر دعوانا ان المراد من تبييت النية من الليل كما قال السيد الخوئي في صراط النجاة الخطور بالبال و لو بنحو الترديد. يصدق انه حدث بها نفسه. نعم في بعض المجالات قد يعبر بقوله حدث بها نفسه و اك قرينة علی انه بمعنی النية الجازمة لكن هذا يحتاج الی قرينة كما توجد في بعض المجالات هذه القرينة و لكن بشكل مطلق اذا قيل من حدث بالسفر نفسه بالليل يشمل من قال ان شاء الله اذا ما صار مانعا نسافر، حدث بها نفسه كما ذكره السيد الخوئي في صراط النجاة.
و بهذا انتهی بحثنا عن هذه المسألة.