46/04/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: من سافر في بعض الوقت/ الشرط الخامس: ان لا يكون مسافرا / شرائط صحة الصوم
كان الكلام في حكم من سافر في نهار شهر رمضان و قلنا بان الاقوال فيه مختلفة كما ان الروايات متعارضة.
القول الاول كان هو التفصيل بين السفر قبل الزوال فيفطر و السفر بعد الزوال فلا يفطر. هذا هو رأي الاسكافي، ابن جنيد، و الشيخ المفيد و الكليني و الصدوق في الفقيه و المقنع و العلامة الحلي و فخر المحققين و الشهيد الاول و الثاني و المشهور بين المتاخرين.
القول الثاني التفصيل بين ان ينوي السفر من الليل فيفطر اذا سافر و بين ما لو لم ينو السفر من الليل و انما اتفق له السفر في النهار فيصوم. هذا رأي الشيخ الطوسي في التهذيب و الاستبصار و المنقول عن نهايته.
القول الثالث ما عليه جماعة منهم الشيخ الطوسي في المبسوط و من المعاصرين السيد الخوئي من انه اذا اجتمع امران: سافر قبل الزوال و كان ناويا للسفر من الليل، في هذا الفرض يفطر، و الا بان سافر قبل الزوال أو سافر قبل الزوال من دون تبييت النية من الليل فيصوم. هذا رأي الشيخ الطوسي في المبسوط، اقرأ عبارة الشيخ في المبسوط، الجزء 1 صفحة 284: و من سافر عن بلده في شهر رمضان و كان خروجه قبل الزوال فان كان بيّت نية السفر افطر و ان كان بعد الزوال لم يفطر و متي لم يبيت النية في السفر و انما تجدد له اتم ذلك اليوم و لا قضاء عليه ظاهره نفس تفصيل السيد الخوئي. و هو مختار السيد الحكيم في مصباح المنهاج.
القول الرابع كفاية احد الامرين: إما ان يسافر قبل الزوال أو يسافر مع تبييت النية من الليل و لو كان سفره بعد الزوال. و هذا رأي صاحب الوسائل، يكفي احد الامرين في الافطار.
و القول الخامس: التخيير. من سافر في نهار شهر رمضان مخير، يصوم أو يفطر. و هذا ما نفی عنه البعد في كتاب المدارك.
القول السادس: وجوب الافطار مطلقا. و هذا قول السيد المرتضی و المنقول عن والد الصدوق.
كان الكلام في الروايات قلنا بان هناك ست طوائف:
الطائفة الاولی ما دل علی التفصيل بين السفر قبل الزوال فيفطر و السفر بعد الزوال فيصوم كما في صحيحة الحلبي و صحيحة عبيد بن زرارة.
الطائفة الثانية ما دل علی التفصيل بين تبييت النية، السفر مع النية من الليل، فيفطر و بين عدم تبييت النية فيصوم و هذا دل عليه جملة من الروايات اغلبها ضعيفة و واحدة منها موثقة. اقرأ تلك الروايات حتی يتبين اشكال من يشكل بضعف سند هذه الروايات أو يقول مثل السيد الحكيم بتقديم الطائفة الاولی لكونها اصح سندا.
الرواية الاولی مرسلة ابراهيم بن هاشم عن رجل عن صفوان عن الرضا عليه السلام لو انه خرج من منزله يريد النهروان (نهروان كان علی بعد اربعة فراسخ من بغداد) ذاهبا و جائيا لكان عليه ان ينوي من الليل سفرا و الافطار فان هو اصبح و لم ينو السفر فبدا له من بعد ما اصبح في السفر قصّر و لم يفطر يومه ذلك. صلاته قصر و لكن يستمر في صومه لانه سافر قبل الزوال و لكن من دون تبييت النية من الليل. الرواية مرسلة.
الرواية الثانية عبد العامر عن ابي نجران عن صفوان عمن رواه عن ابي بصير قال اذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل فاتم الصوم و اعتد به من شهر رمضان.
هذه الرواية من مراسيل صفوان فمن يقبل مراسيل صفوان و ابن ابي عمير و البزنطي استنادا الی شهادة الشيخ الطوسي في العدة بان هؤلاء عرفوا لا يروون و لا يرسلون الا من ثقة فهذه الرواية معتبره بنظره و الا فلا.
الرواية الثالثة صفوان عن سماعة عن ابن مسكان عن رجل عن ابي بصير قال سمعت اباعبدالله عليه السلام اذا اردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فانت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم.
قد يقال بان هاتين الروايتين ليستا مطلقتين لان الظاهر من قوله خرجت بعد طلوع الفجر هو الخروج قبل الزوال، من خرج بعد الزوال لا يقال بانه سافر بعد طلوع الفجر. ان خرجت قبل الفجر أو بعده ينصرف عن السفر بعد الزوال.
الرواية الرابعة موثقة علی بن يقطين، الشيخ باسناده عن علی بن الحسن بن فضال عن ايوب بن نوح عن محمد بن ابي حمزة عن علی بن يقطين عن ابي الحسن موسی عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله قال اذا حدث نفسه في الليل بالسفر افطر اذا خرج من منزله و ان لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه اتم.
بعض الاعلام كالعلامة الحلي قالوا بان هذه الروايات الاربع كلها ضعيفة إما لارسالها أو لانه في سندها من ليس بامامي عدل، منهم علی بن الحسن بن فضال و ايوب بن نوح. بل قد يقال مع غمض العين عن كون ابن فضال فطحيا يقال بان سند الشيخ الطوسي الی علی بن الحسن بن فضال يشتمل علی علي بن زبير القرشي و هو ضعيف، لم يوثق، لكن السيد الخوئي حاول ان يجيب عن هذا الاشكال بان النجاشي له طريق صحيح الی كتب ابن فضال و هذا الطريق طريق الی كل كتب لابن فضال وصلت الی النجاشي و الی الشيخ الطوسي. و قد ذكرنا محاولة السيد الخوئي سابقا و لم نقبلها، لكن لا يبعد ان نقول بان كتب ابن فضال كانت معروفة و هذا الاسناد اسناد تشريفي من باب التيمن و التبرك الی كتب ابن فضال كما اختاره بعض المعاصرين. تكلمنا عن ذلك سابقا.
قبل ان اتكلم عن بقية الطوائف يعني اربع طوائف اخری انقل هنا كلام السيد الحكيم. السيد الحكيم قال: الطائفة الاولی و هي صحيحة الحلبي و صحيحة عبيد بن زرارة ترجح علی روايات هذه الطائفة الثانية لان الرواية المعتبرة منها رواية واحدة و هي موثقة و الخبر الصحيح يقدم عند التعارض علی الخبر الموثق. هذا اولا. و ثانيا: الطائفة الاولی مخالفة للعامة فترجح علی هذه الطائفة الثانية.
نقول: يا سيدنا الحكيم! هذا الذي ذكرته في المستمسك بالنسبة الی تقديم الخبر الصحيح علی الموثق لا مستند له. اذا انت تقبل الخبر الموثق و تعترف به فمجرد معارضة الخبر الصحيح له لا يجعل الخبر الصحيح مقدما عليه. اذا انت تلحظ مقبولة ابن حنظلة : الحكم ما حكم به اعدلهما و اصدقهما في الحديث، الحكم يعني القضاء، تعارض قضاء قاضيين فالامام رجّح قضاء احدهما اذا كان هو اعدل من القاضي الآخر. شنو علاقة بالرواية؟ في باب القضاء لابد من حسم مادة النزاع بطريق و آخر، فالامام رجح قضاء القاضي الاعدل علی قضاء غيره. اما اذا تعارض الحديثان هل يرجح حديث الراوي الاعدل أو العادل علی حديث الراوي الآخر الذي ليس باعدل أو ليس بعادل؟ من اين؟
نعم في مرفوعة زرارة يوجد ترجيح بصفات الراوي، لكن مرفوعة زرارة لا سند لها بتاتة رواها ابن ابي جمهور الاحسائي في كتاب غوالي الئالي قال ورد في كتب العلامة الحلي و لا يوجد في كتب العلامة الحلي شيء.
هذا اولا. و ثانيا: الترجيح في خبرين متباينين لا في خبر متعارضين بالعموم من وجه. اذا ورد في خبر اكرم العالم و ورد في خبر ثان لا تكرم الفاسق فتعارضا في العالم الفاسق كما ذكر السيد الخوئي لا تشمل المرجحات له بان نرجح احد العامين من وجه علی الآخر لكون راويه اعدل. فان مورد الترجيح كما ذكرناه في الاصول ما اذا كان بين الخبرين المتعارضين نسبة التباين.
و اما ما ذكره من ترجيح الطائفة الاولی بمخالفة العامة فمضافا الی ما ذكرناه من ان الترجيح بمخالفة العامة يختص بما اذا كان الخبر بتمام مدلوله متباينا مع الخبر الآخر و كان مخالفا للعامة، مضافا الی ذلك من اين تدعون ان الطائفة الاولی مخالفة للعامة؟ السيد الحكيم السبط ناقش جده قال ليش تدعي سيدنا الجد ان الطائفة الاولی مخالفة للعامة، العامة ما يعترفون بوجوب الافطار في السفر اصلا. انا انقل كلام العلامة الحلي في المنتهی حول رأي العامة في ذلك. يقول العلامة الحلي في المنتهی: اما الجمهور فقد قال الشافعي اذا نوی المقيم الصوم قبل الفجر ثم خرج بعد الفجر مسافرا لم يفطر يومه و به قال ابو حنيفة و مالك و الاوزاعي و ابو ثور و اختاره النخعي، ابراهيم النخعي، مو ابن مالك الاشتر تری، لا، ابراهيم النخعي فقيه العامة كان، ذاك ثوري مجاهد كان، ابراهيم بن مالك الاشتر مجاهد كان، هذا ابراهيم النخعي فقيه كان، و اختاره النخعي و مكحول و الزهري و قال احمد في احدی الروايتين يجوز له الافطار و به قال اسحاق و داود و المزني و اختاره ابن المنذر هل يصح ان نقول التفصيل بين السفر قبل الزوال و بعد الزوال في وجوب الافطار علی من سافر قبل الزوال مخالف للعامة و لكن التفصيل بين من نوی السفر من الليل و سافر في النهار فيجب عليه الافطار و من لم ينو السفر من الليل فسافر في النهار فيجب عليه الصوم هذا موافق للعامة؟ اشلون؟ اشلون صار التفصيل بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال مخالف للعامة و التفصيل بين تبييت النية و عدمه موافق للعامة؟ مو صحيح هذا.
الطائفة الثالثة صحيحة رفاعة التي استدل بها السيد الخوئي و وافقه لحل التعارض بين الطائفتين الاوليين حيث ورد فيها سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح قال يتم صومه.
فاشكل عليه السيد الحكيم بان في المعتبر و المنتهی حتی يصبح، لا خطأ، في المعتبر و المنتهی حين يصبح. مثل ما نقله السيد الخوئي و استدل به. الموجود في التهذيب و الاستبصار حتی يصبح، لا في المعتبر و المنتهی. فيقول السيد الحكيم اذا كان المتن حتی يصبح فلا تدل الصحيحة علی ان من سافر قبل الزوال مع عدم تبييت النية من الليل يفطر، لا، ان كان حين يصبح كان مفاد الصحيحة من لم يكن ناويا للسفر من الليل فعرض له السفر حين اصبح، الامام يقول يتم صومه، و لكن اذا كان المتن حتی يصبح يعني رجل سافر و بقي علی سفره الی ان طلع عليه الفجر، هنا يقال في الجواب يتم صومه يعني يصوم فهذا خطأ، مضمون هذه الصحيحة يكون خطأ لكن خطأ هذا المضمون لا يعين كون المتن هو حين يصبح.
انصافا هذا الاشكال مو وارد، اصلا الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حتی يصبح قال يتم صومه يعني هو صام فيتم صومه، هذا الذي من الليل مسافر و بقي علی سفره الی ان اصبح هذا لا يصوم من الاول، اذا انت تريد تقول يصوم مع انه باطل قطعا، غير تقول له صم، لا تقول له اتم صومك، اتم صومك يقال لشخص كان صائما قبل ذلك. نعم يحتمل معنی آخر للرواية، الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان من الليل حتی يصبح يعني اتم سفره بعد ما اصبح يعني قدم بلده قبل الزوال، هنا ايضا يكون المعنی صحيح يصوم لكن لا يقال له اتم صومه، هنا يقال يصوم لا يقال له يتم صومه، من كان مسافرا الی ان اصبح يكون بمعنی انه بعد ما اصبح عدم سفره و قدم من سفره نعم يقال له اذا لم ترتكب المفطرات فانو الصوم لا يقال له اتم صومك.
فانصافا يتم صومه يعني ان الصحيح هو حين يصبح لا حتی يصبح. و كتابة حتی و حين قريبة في الخط العربي القديم. فنحن نقبل دلالة هذه الصحيحة علی مدعی السيد الخوئي كما نعترف بانقلاب النسبة في العامين من وجه و بذلك نقبل نظرية السيد الخوئي من انه اذا سافر قبل الزوال مع تبييت النية من الليل هنا يفطر، بشرط اجتماع الامرين السفر قبل الزوال و تبييت النية من الليل و اذا انتفی احد الشرطين يصوم. لكن هذا يتوقف علی ان نجيب عن الطوائف الثلاثة الاخری.
الطائفة الرابعة ما تدل علی الافطار مطلقا ففي رواية عبدالاعلی مولی آل سام في الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال يفطر و ان خرج قبل ان تغيب الشمس بقليل، حتی لو خرج قبل ان تغيب الشمس بقليل لابد ان يفطر، هذا مفاد رأي السيد المرتضی.
الشيخ الطوسي في التهذيب قال هذا غير مسند الی احد من الائمة، عبد الاعلی مولی آل سام في الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال يفطر، من هو الذي قال يفطر؟ الامام قال أو شخص آخر؟ الرواية مقطوعة. فالشيخ الطوسي قال هذا الحديث غير مسند الی احد من الائمة.
ثم قال و يحمل علی من نوی السفر من الليل لانه في التهذيب يقول من نوی السفر من الليل و ان سافر بعد الزوال يفطر علی خلاف ما قاله في كتاب المبسوط فانه قال في كتاب المبسوط بنفس مقالة السيد الخوئي.
الطائفة الخامسة ما تدل علی الصوم مطلقا، رواية علی بن احمد بن اشيم عن سليمان بن الجعفري، هو ثقة لكن علی بن احمد بن اشيم لا توثيق له، قال سألت ابالحسن الرضا عليه السلام عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فيخرج من اهله بعد ما يصبح فقال اذا اصبح في اهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم الا ان يدلج دلجة يعني الا ان يسافر في الليل و في رواية علی بن السندي الذي هو ايضا ليس بموثق عن عثمان بن عيسی عن سماعة قال سألته عن الرجل كيف يصنع اذا اراد السفر قال اذا طلع الفجر و لم يشخص اي لم يسافر فعليه صيام ذلك اليوم و ان خرج من قبله قبل طلوع الفجر فليفطر و لا صيام عليه. و في رواية اخری عن سماعة قال قال ابوعبدالله عليه السلام من اراد السفر في رمضان فطلع الفجر و هو في اهله فعليه صيام ذلك اليوم اذا سافر لا ينبغي ان يفطر ذلك اليوم وحده و ليس يفترق التقصير و الافطار فمن قصر فليفطر. هذا الذيل مناف للصدر، الصدر يقول ان سافر بعد طلوع الفجر فيصوم، خب يصوم و لكن صلاته اشلون؟ يصلي قصر، فكيف يقول في ذيل الرواية و ليس يفترق التقصير و الافطار فمن قصر فليفطر. فيكون تعارض بين الصدر و الذيل في هذه الرواية فتصير الرواية مضطربة.
الطائفة الثالثة ما دلت علی التخيير بين الافطار و الصوم. ففي صحيحة رفاعة قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال ان اصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء افطر. السيد السيستاني لاجل هذه الرواية يحتاط، يقول لعل هذه الرواية الصحيحة هي المطابقة للواقع، فالمسافر في النهار مخير بين الصوم و الافطار و لكن الاحوط وجوبا انه اذا سافر بعد الزوال فيختار الصوم فصومه صحيح، و لا يختار الافطار علی الاحوط وجوبا لمخالفته للمشهور و للطوائف الاخری خصوصا الطائفة الاولی. اذا سافر قبل الزوال يختار الافطار لانه مخير حسب هذه الصحيحة، حسب هذه الصحيحة مخير، لكن الاحوط وجوبا ان يختار الافطار، لان الافطار جائز في حقه سواء بمقتضی ما دل علی ان السفر قبل الزوال يوجب الافطار أو مقتضی هذه الصحيحة. و اذا سافر بعد الزوال فالاحوط وجوبا ان يصوم لانه اذا صام فعمل برواية رفاعة لان صحيحة رفاعة جعلته مخيرا بين ان يصوم أو يفطر و الاحوط وجوبا ان يصوم اذا سافر بعد الزوال لماذا؟ لان صومه موافق لبقية الروايات الا الطائفة الخامسة التي لا عبرة بها.
و بقية الكلام في ليلة الاحد انشاءالله.