بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

46/04/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: من سافر في بعض الوقت/ الشرط الخامس: ان لا يكون مسافرا / شرائط صحة الصوم

 

كان الكلام في الروايات التي وردت حول السفر في نهار شهر رمضان حيث كانت علی طوائف: الطائفة الاولی مثل صحيحة الحلبي كانت تفصل بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال و قد افتی الشيخ المفيد و ابو الصلاح الحلبي بهذا التفصيل و هكذا العلامة في المنتهی و كثير من المتاخرين. الطائفة الثانية عدة روايات مرسلة و رواية مسندة لكن راويها ابن فضال الذي لم يكن اماميا اثنی عشريا كان من الفطحية، تفصل بين تبييت النية فاذا كان من الليل ناويا للسفر في نهار شهر رمضان فيفطر بعد ما يسافر و اذا لم يكن ناويا للسفر من الليل فاذا سافر في النهار فلا يفطر و هذا ما افتی به الشيخ الطوسي و المحقق الحلي في المعتبر بينما ان السيد المرتضی و هكذا ما في المحكي عن ابن بابويه قالا بان السفر في نهار شهر رمضان مبطل للصوم مطلقا. الطائفة الثالثة صحيحة رفاعة، صحيحة رفاعة رواها الشيخ الطوسي في التهذيب و الاستبصار، التهذيب الجزء 4 صفحة 228، ينبغي ان نعبر بموثقة رفاعة لان الراوي عنه حسن بن علی و سنتكلم انه من هو هذا الحسن بن علي. ان كان هو الحسن بن علی الوشاء هو ثقة و امامي عدل، و ان كان ابن فضال ففطحي. قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حتی يصبح، هكذا في التهذيب، قال يتم صومه يومه ذلك. لكن المنقول في الوافي عن التهذيب حين يصبح و هكذا في الوسائل المنقول عن التهذيب حين يصبح. في الاستبصار حتی يصبح، سواء الاستبصار المطبوعة أو الاستبصار الخطية الموجودة في بعض المواقع.

السيد الخوئي قال حتی يصبح خطأ لا معنی‌ لحتی يصبح، الرجل يعرض له السفر حتی يصبح يعني شنو؟ يعني يسافر ليلا و يستمر سفره الی ان يطلع الفجر مع ذلك الامام يقول له يصوم، ميصير، فاذن الصحيح حين يصبح كما رواه في الوسائل و الوافي. و كان ينبغي للسيد الخوئي و لعله كان ملتفتا الی ان مبنی السيد الخوئي ان كل ما رواه صاحب الوسائل و صاحب الوافي و صاحب البحار عن الكتب فنقلهم معتبر، لماذا؟ لان لهم اسناد معتبر الی كل ما يروونه عن كتب القدماء اما ما نراه في التهذيب اليوم أو نراه في الاستبصار اليوم من لفظة "حتی" فهذه النسخ لا يعتمد عليها لانها لا تورث الوثوق و الاطمئنان. و لكن نقل صاحب الوسائل حجة تعبدية لانه خبر ثقة. و لكن نحن ذكرنا عدة مرات بان صاحب الوسائل أو صاحب الوافي أو صاحب البحار ليس لهم اسناد الی النسخ التي ينقلون عنها بل هم يجتهدون في تصحيح النسخ كما عليه السيد السيستاني و السيد الزنجاني.

نحن فعلا نبتني علی ان تكون النسخة الصحيحة حين يصبح. ننقل كلام السيد الخوئي حيث جعل هذه الرواية اي صحيحة رفاعة موجبة لحل التعارض بين تلك الطائفتين و رأيت ان السيد سعيد الحكيم رحمة الله عليه في مصباح المنهاج ايّد كلام السيد الخوئي و خالف جده حيث ان جده لا يقبل ذلك و سيأتي كلامه.

السيد الخوئي قال: صحيحة رفاعة ترفع التعارض بين الطائفتين الاوليين التعارض بينهما كان بالعموم من وجه في موردين، صحيحة حلبي كانت تقول من سافر قبل الزوال افطر مطلقا سواء مع تبييت النية كان أو لا، موثقة ابن يقطين كانت تقول في الطائفة الثانية : من بيّت النية اي كان ناويا للسفر من الليل افطر و ان لم يبيّت النية من الليل فلا يفطر من لم يبيت النية فلا يفطر مع قوله من سافر قبل الزوال افطر تكون المعارضة بينهما بالعموم و الخصوص من وجه بالنسبة الی من سافر قبل الزوال مع عدم تبييت النية فان الطائفة الاولی تقول من سافر قبل الزوال افطر يشمل هذا الاطلاق هذا الشخص الذي سافر قبل الزوال من دون تبييت النية من الليل بينما ان قوله في موثقة ابن يقطين و من لم يبيّت النية أو حسب تعبير الموثقة من لم يحدث نفسه بذلك فلا يفطر مطلقا و لو كان سفره قبل الزوال. فصحيحة رفاعة تجيء تخرج مورد التعارض عن صحيحة الحلبي اي الطائفة ‌الاولی مورد التعارض كان من سافر قبل الزوال من دون تبييت النية، صحيحة الحلبي كانت تقول يفطر موثقة ابن يقطين كانت تقول لا يفطر، هذا مورد اجتماعهما و مورد تعارضهما، من سافر قبل الزوال من دون تييت النية. صحيحة رفاعة اخرجت مورد الاجتماع اي مورد التعارض عن الطائفة الاولی مثل صحيحة الحلبي و جعلتها مختصة بمورد افتراقها و هي من سافر قبل الزوال مع تبييت النية من الليل. فصارت هكذا: من سافر قبل الزوال مع تبييت النية من الليل افطر. بعد ذلك، يوجد تعارض آخر بين الطائفتين الطائفة الاولی كصحيحة الحلبي كانت تقول و من سافر بعد الزوال صام سواء كان مع نية السفر من الليل ام لا، و الطائفة الثانية كموثقة ابن يقطين كانت تقول و من بيّت النية من الليل فسافر افطر سواء كان سفره قبل الزوال أو بعد الزوال، فيقع بينهما المعارضة فيمن سافر بعد الزوال مع تبييت النية من الليل. هنا اذا لاحظنا ضابطا في العامين من وجه للجمع العرفي و هو ان تقديم احدهما علی الآخر اذا كان يوجب الغاء عنوان الآخر فلا بد من تقديم ذاك الخطاب الآخر حتی لا يلغی عنوانه. سامعين اذا صار تقديم احد العامين من وجه علی الآخر موجبا لالغاء عنوان الخطاب الآخر هذا يوجب نصوصية هذا الخطاب الآخر في ذاك العنوان فيؤخذ باطلاقه حتی لا يلغی عنوانه، هنا صار التعارض، ميخالف، بين الطائفتين، ‌فيمن سافر بعد الزوال مع تبييت النية ‌من الليل و لكن اذا لم يقدم الطائفة الاولی كصحيحة الحلبي و لم نقل بان من سافر بعد الزوال يصوم لا يفطر و لو كان مع تبييت النية من الليل بل قلنا بتقديم موثقة ابن يقطين التي هي من الطائفة الثانية و قلنا بان من بيّت النية للسفر من الليل يفطر و لو كان سفره بعد الزوال، اذن يلغو عنوان السفر قبل الزوال و بعد الزوال، هذا التفصيل يلغو، يوجب الغاء هذا التفصيل، اذا قدمنا الطائفة الثانية و قلنا بان من سافر بعد الزوال ان كان مع تبييت النية ‌من الليل فيفطر و ان لم يكن مع تبييت النية من الليل فيصوم، قبل الزوال ايضا قلنا بذلك فاي فرق بقي ما قبل الزوال و ما بعد الزوال، لم يبق فرق بينهما، فبعد صحيحة رفاعة اذا ما كانت عندنا صحيحة رفاعة كنا متحيرين ماذا نصنع لا يوجد جمع عرفي بين الطائفتين الاوليين لكن صحيحة رفاعة بعد ما اخرجت مورد التعارض الاول عن صحيحة الحلبي فصارت صحيحة الحلبي التي تقول من سافر قبل الزوال يفطر مختصة بمن سافر قبل الزوال مع تبييت النية من الليل فبعد ذلك بالنسبة الی التعارض الثاني و هو السفر بعد الزوال مع تبييت النية من الليل لو اخذنا باطلاق موثقة ابن يقطين لزم من ذلك الغاء التفصيل المذكور في صحيحة الحلبي بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال. و لاجل ذلك و التحرز من ذلك نقدم اطلاق صحيحة الحلبي فيمن سافر بعد الزوال يصوم نقول يصوم مطلقا و لو كان مع تبييت النية من الليل و نقيد الطائفة الثانية المتمثلة في موثقة ‌ابن يقطين اذا لم يبيّت النية‌ فيصوم نقول اذا لم يبيّت النية و سافر قبل الزوال يعني تفصيل موثقة ابن يقطين يصير مختصا بالسفر قبل الزوال يفصل في السفر قبل الزوال بين تبييت النية من الليل فيفطر و عدم تبييت النية من الليل فيصوم و هذا مدعی السيد الخوئي.

و انتم ترون ان هذا يبتني علی نظرية انقلاب النسبة. بعضهم كالسيد الصدر ما يعترفون بانقلاب النسبة حتی هنا، يعني حتی في العامين من وجه الذي اخرجنا مورد اجتماعهما عن احد العامين من وجه لو اخرجنا مورد الاجتماع عن كلي العامين من وجه ارتفع التعارض بينهما هذا مما لا يخالف السيد الصدر، لا، المفروض ان اخراج مورد التعارض اي مورد الاجتماع عن صحيحة الحلبي لا يحل مشكلة التعارض الثاني، عندنا تعارضان، تعارض الاول فيمن سافر قبل الزوال مع عدم تبييت النية من الليل انحلت المشكلة ‌هنا اخرجنا مورد التعارض عن صحيحة الحلبي، لكن بقي التعارض الثاني و هو من سافر بعد الزوال مع تبييت النية من الليل هذا التعارض الثاني نريد نحله من طريق انقلاب النسبة من طريق توسيط خطاب ثالث و هو صحيحة رفاعة لحل مشكلة التعارض بين الطائفتين.

نحن في الاصول قلنا باننا نؤمن بنظرية انقلاب النسبة في العامين من وجه و تفصيل الكلام في محله و لكن بعضهم كالمحقق العراقي و السيد الصدر هم ضد الانقلاب تماما يعني لا يعترفون بنظرية انقلاب النسبة لا بين الخطابين المتباينين و لا بين العامين من وجه. نحن لا، نصف و نصف، مو مثل السيد الخوئي الذي يعترف بنظرية انقلاب النسبة مئة بالمئة، سواء في المتباينين مثل اكرم العالم لاتكرم العالم ثم يرد خطاب ثالث اكرم العالم العادل، أو فقل اكرم الفقيه، هنا خطابان متباينان الخطاب الثالث سوّی انقلاب النسبة بين الخطابين علی توضيح ذكرنا في محله، أو العامين من وجه كما في المقام. نحن عندنا مصادرة وجدانية تريدون نعطيكم برهان، ‌ما عندنا برهان، ما عندنا دليل، ‌مصادرة ‌وجدانية مر الكلام فيها فصلنا و استظهرنا ان صاحب الكفاية ‌يری هذا التفصيل و كفی ، صاحب الكفاية يعترف بهذا التفصيل، بعد يكفينا، هو لا يقبل نظرية انقلاب النسبة بين الخطابين المتباينين و لكنه يقبل ذلك في العامين من وجه.

لكن كان الاشكال في دلالة صحيحة رفاعة حتی لو كان المتن حين يصبح، ذكر الشيخ الفياض و السيد الزنجاني رجل يعرض له السفر حين يصبح يعني يبدو له ان يسافر حين يصبح، يبدو له حين يصبح ان يسافر اما متی‌ يسافر؟ بابه!‌ يجمّع اغراضه، يهيئ السيارة مالته، اذا سافر ويّا اهله اشگد يسهل عليه يا ابه! قوموا و اطلعوا، الی ان لعله يبقی هكذا الی ان يؤذّن المؤذّن لصلاة الظهر و هو بعد في البلد أو في طرق البلد قبل ان يخرج من البلد عرض له السفر يعني شنو؟ يعني بدا له ان يسافر، بدا له حين يصبح ان يسافر يعني لم يكن ناويا من الليل ان يسافر، لكن اشوگت تلبس بالسفر خرج من بلده، ‌مو معلوم.

السيد الزنجاني قال: انا اشكلت بهذا الاشكال علی السيد الخوئي لكن الانصاف يقتضي ان نقول حمله قوله يعرض له السفر حين يصبح علی هذا الفرض، علی فرض ان يكون سفره خارجا بعد الظهر و يراد من قوله يعرض له السفر حين يصبح انه يبدو له ان يسافر يبدو له حين الصباح ان يسافر لكن قد يتلبس بالسفر بعد الزوال هذا غير عرفي، حمل الصحيحة علی هذا الفرض و اخراج فرض التلبس بالسفر قبل الزوال عن هذه الصحيحة ليس عرفيا. و لاجل ذلك السيد الزنجاني هم وافق السيد الخوئي في هذه النظرية و السيد الزنجاني انقلابي هو يری نظرية انقلاب النسبة مطلقا كالسيد الخوئي مع انه متشدد في قضية الجموع العرفية ما يری كثيرا من الجموع العرفية و لكنه في انقلاب النسبة يقول هذا جمع عرفي بينما ان السيد الصدر الذي يقبل كثيرا من الجموع العرفية يقول انقلاب النسبة ليس جمعا عرفيا.

انا اقول: مو بعيد كلام السيد الخوئي. الرجل يعرض له السفر حين يصبح يعني السفر صباحا لا نية السفر بان تكون النية في الصباح، عرض له السفر لا عرض له نية السفر، الرجل يعرض له السفر حين يصبح، ‌عروض السفر هو بالتلبس بالسفر اما انه خابروه قالوا بعد الظهر تعال، بالليل تعال، اك مجلس في طهران الا تحضر، قرابة زوجتك بعضهم متوفی الا تحضر، خابروه بالصباح لكن المجلس بالليل هذا عرفي؟ هذا ليس يصدق عليه يعرض له السفر حين يصبح، عروض السفر هو التلبس بالسفر حين يصبح لا انه يخطر بباله حين يصبح ان يسافر و لو بعد الزوال أو بالليل هذا خلاف الظاهر جدا.

نعم السيد الحكيم هنا عنده عدة اشكالات. انا القول بكون صحيحة رفاعة موجبة لحمل ما دل علی ان السفر قبل الزوال يوجب الافطار علی ما لو سافر قبل الزوال مع تبييت النية ‌من الليل عنده عدة اشكالات لا علی خصوص هذه الفتوی بل علی كل فتوی‌ تخالف فتوی ‌المشهور من التفصيل بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال لانه لا يقيم لتبييت النية وزنا لا يری له ایّ قيمة، تبييت النية ما شنوه؟ ما تصنع بتلك الروايات؟ يتكلم عنها يقول التعارض بين الطائفتين الاوليين لا ينحل بعد مناقشته في صحيحة رفاعة و لكن الترجيح مع ما دل علی التفصيل بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال، لماذا؟ لكون رواياتها صحاح و روايات التفصيل بين تبييت النية و عدمه إما ضعاف أو رواية واحدة موثقة، موثقة علی بن يقطين، ‌و الترجيح مع الروايات الصحاح، الحكم ما حكم به اعدلهما، ‌مثلا، الخبر الصحيح مقدم علی الخبر الموثق، مضافا الی ان الطائفة الاولی المفصلة بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال مخالفة للعامة، تاملوا في كلام السيد الحكيم الجد و السيد الحكيم السبط اهنانه، يتعارك ويّا جده، قال شنو حال؟‌ ما شفت سيد الحكيم السبط يخالف جده مخالفة عنيفة و يوافق السيد الخوئي. تاملوا نشوف ماذا يقول السيد الحكيم الجد و بماذا انكر عليه سبطه. نتكلم عن ذلك في الليلة القادمة ان‌شاءالله.