46/04/09
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: من سافر في بعض الوقت/ الشرط الخامس: ان لا يكون مسافرا / شرائط صحة الصوم
كان الكلام فيمن سافر قبل الزوال فالمشهور قالوا بانه يجب عليه افطار الصوم سواء كان ناويا للسفر جزما أو احتمالا من الليل أو لم يكن ناويا لذلك.
السيد الخوئي قال: لا، انما يجب عليه الافطار اذا كان ناويا للسفر من الليل و لو بان يقول لعلي اسافر هذا اليوم، مو لازم يكون قاطعا بانه سيافر في هذا اليوم، لا، و لو لم يكن قاطعا، حدّث نفسه للسفر، قال لعلي اسافر. و الوجه في ذلك انه يقول هناك ثلاث طوائف من الروايات: الطائفة الاولی مثل صحيحة الحلبي فصلت بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال، الرجل يخرج من بيته و هو يريد السفر و هو صائم فقال ان خرج من قبل ان ينتصف النهار فليفطر و ان خرج بعد الزوال فليتم يومه أو صومه. الطائفة الثانية ما دلت علی التفصيل بين تبييت النية و عدمه كموثقة علی بن يقطين، هناك روايات اخری كلها ضعيفة سندا الا موثقة علی بن يقطين، في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله فقال اذا حدّث نفسه في الليل للسفر افطر اذا خرج من منزله و ان لم يحدث نفسه من الليل ثم بدا له السفر من يومه اتم صومه. هاتان الطائفتان تقع المعارضة بينهما في موردين: المورد الاول من سافر قبل الزوال بدون تبييت النية من الليل، فالطائفة الاولی باطلاقها تقتضي عدم صحة صومه بينما ان الطائفة الثانية تقتضي صحة صومه لانه لم يبيّت النية من الليل و المورد الثاني من سافر بعد الزوال مع تبييت النية فمقتضی الطائفة الاولی انه يتم صومه بينما ان مقتضی الطائفة الثانية انه يفطر لانه و ان سافر بعد الزوال لكنه كان ناويا للسفر من الليل. و بعد تعارضهما الرجوع الی العام الفوقاني الذي يقتضي وجوب الافطار في كل من هذين الموردين، سافر قبل الزوال بدون تبييت النية و المورد الثاني ما اذا سافر بعد الزوال مع تبييت النية. اما لو سافر بعد الزوال بدون تبييت النية فكلتا الطائفتين متوافقتان في انه يتم صومه.
ثم ذكر السيد الخوئي انه هناك طائفة ثالثة تتمثل في صحيحة رفاعة هي صريحة بان من سافر قبل الزوال من دون تبييت النية من الليل يستمر في صومه. فهذه الصحيحة تقيد اطلاق الطائفة الاولی التي كانت تقول ان سافر قبل الزوال فليفطر تقيدها بما اذا سافر قبل الزوال مع كونه ناويا للسفر من الليل. و حيث ان هذه الطائفة الاولی صريحة في تفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعد الزوال فلا يمكننا ان نأخذ باطلاق الطائفة الثانية التي تقول ان بيّت النية من الليل يفطر حيث ان اطلاقها يشمل ما لو سافر بعد الزوال لاننا اذا قلنا بانه لو سافر بعد الزوال مع تبييت النية من الليل فليفطر اخذا باطلاق الطائفة الثانية لزم من ذلك الغاء تفصيل بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال في الطائفة الاولی و لكن نتيجة هذا الرأي الذي اختاره السيد الخوئي الاخذ بكلي التفصيلين، هم لاحظ السفر قبل الزوال هم لاحظ التبييت في النية، قال اذا اجتمعا وجب الافطار و ان انتفی احدهما وجب الاستمرار في الصوم.
السيد الخوئي طبعا في تعليقته علی العروة و المنهاج احتياط لم يفت، الله يرحم شيخنا الاستاذ الشيخ التبريزي كان يقول، انا انقل بالمعنی، كان يقول انا هم احتاط لكن احتياطي ينتج نتيجة مغايرة لما يقول السيد الخوئي السيد الخوئي يحتاط بالجمع بين الصوم و قضاءه، انا احتاط بالصوم فقط، اقول: اذا لم يبيّت النية من الليل فسافر قبل الزوال الاحوط وجوبا ان يستمر في صومه خلافا للمشهور حيث قالوا بانه يفطر، فاذا رجع الی غيري فافطر يقضي اذا بقي علی هذا الاحتياط و صام احتياطا فلا قضاء عليه فكان يقول احيانا من صام في السفر بجهالة لم يقضه إما ان وظيفته الصوم فهو و إما وظيفته الافطار فصام في السفر بجهالة و من صام في السفر بجهالة لم يقضه كما في صحيحة العيص. لكن كثير من الاعلام بعد السيد الخوئي إما قالوا بما قال به المشهور من ان المدار علی السفر قبل الزوال بيّت النية ام لا و هذا ما نراه في تعليقة السيد الصدر في منهاج الصالحين للسيد الحكيم أو احتاطوا بالصوم مطلقا و قضاء الصوم لانهم يعتقدون ان الروايات متعارضة و لا جمع عرفي بينها و مقتضی الصناعة عدم صحة الصوم من هذا الذي كان مسافرا في بعض الوقت من نهار شهر رمضان مطلقا و لو سافر قبل الغروب من دون تبييت النية، يحتاط باتمام الصوم و قضاءه كما عليه الشيخ الفياض.
نلحظ وجه كلام الشيخ الفياض. هو يقول: الروايات متعارضة طائفة تفصل بين السفر قبل الزوال و السفر بعد الزوال، طائفة تفصل بين تبييت النية من الليل و عدم تبييت النية من الليل، و لا جمع عرفي بينهما. انا هنا افتح ما بين القوسين، اذكر مطلبا و هو انكم قد تقولون لماذا يحكم بتعارضهما حتی لو تكن صحيحة رفاعة اك جمع عرفي بينهما و هو الحمل علی الجمع الأوي. ألم تقولون أو ألم يقل الاعلام انه يكون الحمل علی الجمع الأوي عرفيا في هذه الموارد؟ اذا خفي الاذان فقصّر، اذا خفي الجدران فقصّر، فيقال بانه يحمل علی التخيير اذا خفي الاذان أو خفي الجدران. لماذا هنا لا يقال بمثله؟ فيكون مثل ما ذكر صاحب الوسائل، اختار هذا العنوان للباب، في عنوان الباب هكذا يقول صاحب الوسائل: اشتراط تبييت نية السفر بالليل أو الخروج قبل الزوال يعني لو سافر قبل الزوال و لو لم يكن مع تبييت النية أو سافر مع تبييت النية و لو كان سفره بعد الزوال، هناك سببان لوجوب الافطار، ذكر احدهما في الطائفة الاولی كما ذكر سبب الثاني للافطار في الطائفة الثانية.
يقال في الجواب، ما ادري هل التزم بهذا الجمع الأوي احد من الفقهاء غير صاحب الوسائل لان الشيخ الطوسي لم يفصل بين ما قبل الزوال و ما بعد الزوال، فصل بين تييت النية و عدمه، لكن صاحب الوسائل اختار الجمع الأوي قال هناك سببان لوجوب الافطار إما السفر قبل الزوال أو السفر مع تبييت النية من الليل. لكن جوابه واضح، لو فرض كون الحمل علی التخيير أو فقل الجمع الأوي عرفيا فانما يتم ذلك فيما اذا لم يصرح بالمفهوم كما في مثال اذا خفي الاذان فقصر و اذا خفي الجدران فقصر، اما اذا كان هناك تصريح بالمفهوم ما اظن ان احدا يری الجمع الأوي لان التعارض بين المنطوقين بالعموم من وجه. اذا خفي الاذان فقصر و ان لم يخف الاذان فلا تقصر سواء خفي الجدران ام لا، ذاك يقول: اذا خفي الجدران فقصر و ان لم يخف الجدران فلا تقصر سواء خفي الاذان ام لا، ففيما خفي احدهما و لم يخف الآخر يتعارض المنطوقان. اك احدا يقول بالجمع الأوي هنا يعني بالحمل علی التخيير بان يقول اذا خفي الاذان أو خفي الجدران؟ احدهما كافي في وجوب التقصير. لا، انما قالوا بالجمع الأوي بان يكون احد السببين كافيا للجزاء فيما اذا كان احدهما مفهوما و الآخر منطوقا لا اذا كان كلاهما منطوقين.
نرجع الی كلام الشيخ الفياض، يقول: اما الطائفة الثالثة التي استدل بها السيد الخوئي لحل المعارضة بين الطائفتين الاوليين، يقول: اولا: الرواية مضطربة المتن بلحاظ النسخة، ففي بعض النسخ في صحيحة رفاعة الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حتی يصبح، انما يتم كلام السيد الخوئي من جعل هذه الصحيحة مقيدة لصحيحة الحلبي التي دلت علی ان السفر قبل الزوال يوجب الافطار يختص ذلك بما اذا كانت النسخة حين يصبح، الرجل يعرض له السفر حين يصبح، و ما يقول السيد الخوئي من انه يجزم بخطأ نسخة حتی يصبح لان معنی الرواية يصير هكذا: الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حتی يصبح يعني سافر ليلا و استمر في سفره الی ان اصبح يقول السيد الخوئي لا يحتمل ان يجب عليه الصوم، سافر قبل الفجر و استمر سفره الی الفجر يقول الامام يتم صومه؟! ميصير. يقول الشيخ الفياض خب ميصير، خل ميصير، مضمون الرواية امر لا يلتزم به، غايته ان هذه الصحيحة بهذا المضمون تتعارض مع روايات اخری كون مضمون الرواية علی فرض تمامية نسخة حتی يصبح مضمونا لا يمكن الالتزام به لا يجعل الصحيحة متعينة في النسخة الاخری بل لعل هذه النسخة صحيحة لكن مضمونها مضمون لا يمكن الالتزام به.
هذا اولا. و ثانيا: لم يذكر في الرواية انه سافر قبل الزوال، قال يعرض له السفر حين يصبح، اما هل تلبس بالسفر خارجا و خرج من بلده قبل الزوال؟ من اين؟ معنی هذه الصحيحة ان هذا الرجل لم يكن ناويا للسفر من الليل انما نوی السفر بعد ان اصبح اما متی سافر؟ سافر قبل الزوال أو بعد الزوال؟ مو معلوم، فتكون هذه الصحيحة نظير الطائفة الثانية التي فصلت بين السفر مع تبييت النية من الليل فقال بانه هنا يفطر و بينما لو سافر من دون تبييت النية فقال هنا يصوم.
هذا كله مضافا الی احتمال ان يكون معنی الصحيحة هكذا: رجل يعرض له السفر حتی يصبح اي يرجع من سفره حين يصبح، يعرض له السفر و يستمر هذا السفر حتی يصبح يعني ينتهي عن السفر حينما يصبح يعني يقدم بلده حينما يصبح، الرجل يعرض له السفر حتی يصبح يعني هذا السفر يبقی الی ان يصبح و ينتهي حينما يصبح لا انه يبقی مسافرا كي يقال بان مضمونه واضح البطلان فيكون مفاد هذه الصحيحة مفاد ما دل علی ان من قدم من سفره قبل الزوال يصوم.
و لااقل من اجمال الصحيحة بلحاظ هذه الاشكالات التي اوردناها علی هذه الصحيحة.
ثم قال: هناك رواية اخری و هي موثقة سماعة قال سألته عن الرجل كيف يصنع اذا اراد السفر قال اذا طلع الفجر و لم يشخّص فعليه صيام ذلك اليوم و ان خرج من اهله قبل طلوع الفجر فليفطر و لا صيام عليه. هذه الرواية تقول من اراد ان يسافر اذا سافر قبل طلوع الفجر يفطر اذا سافر بعد طلوع الفجر يصوم. الرجل كيف يصنع اذا اراد السفر؟ قال اذا طلع الفجر و لم يشخص اي لم يسافر فعليه صيام ذلك اليوم و ان خرج قبل طلوع الفجر فليفطر و لا صيام عليه. فمن سافر بعد طلوع الفجر يصوم سواء سافر قبل الزوال ام لا، هذا مقتضی اطلاق هذه الموثقة. فهذه الرواية ايضا تكون طائفة رابعة تتعارض الطوائف الثلاثة.
و هناك طائفة خامسة تتمثل في صحيحة اخری لرفاعة سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال اذا اصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء افطر.
هنا يقول الشيخ الفياض هذه الصحيحة مخالفة للآية الكريمة و للروايات لابد من طرحها. و تكن النتيجة انه بعد تعارض هذه الروايات فيقول الاحوط وجوبا لمن سافر في نهار شهر رمضان سواء قبل الزوال أو بعد الزوال سواء مع تبييت النية أو بدون تييت النية الاحوط وجوبا ان يجمع بين اتمام الصوم و قضاء الصوم بعد ذلك. هذا انما يتم فيما اذا لم نقل بان الصوم في السفر معصية تكليفية، هذا تعليقتي علی كلام الشيخ الفياض اما من يقول مثل السيد الزنجاني أو يميل الی ان الصوم في السفر معصية كما ورد في بعض الروايات فيكون من دوران الامر بين المحذورين هل هذا الصوم واجب أو حرام تكليفي، لا يمكن الاحتياط، فاذن لابد في تعميق هذا البحث نتكلم في ان حرمة الصوم في السفر حرمة تكليفية كما يميل اليه السيد الزنجاني أو ان حرمته مجرد حرمة تشريعية و لا تمنع من الاحتياط كما عليه المشهور. هذا تمام كلام الشيخ الفياض.
انا اقول: هناك طائفة سادسة لم يتعرض اليها الشيخ الفياض قرأناها في الليالي السابقة قال من سافر قبل الغروب و لو بقليل افطر. ان لم تكن هذه الطائفة السادسة كنا نستشكل علی الشيخ الفياض نقول يا شيخنا التعارض بين هذه الروايات بالعموم من وجه، التعارض بالعموم من وجه لا يمنع من حجية العامين من وجه في مورد افتراقهما. مولانا! من لم يبيّت النية من الليل و سافر قبل [بعد] الزوال هذا قدر متيقن من تلك الروايات في انه يصوم لولا هذه الطائفة السادسة التي تقول من سافر قبل غروب الشمس و لو بقليل يفطر، انا اتكلم عن سندها و دلالتها، و هذه الطائفة السادسة لم يذكرها الشيخ الفياض، فهناك قدرمتيقن في تلك الروايات. و هكذا من سافر قبل الزوال مع تبييت النية من الليل، هذا يفطر، هذا هو القدر المتيقن من تلك الروايات، و لا معارضة بينها بهذا اللحاظ. فاذن لماذا لم تفتوا بوجوب الافطار فيمن سافر قبل الزوال مع تبييت النية و لم تفتوا بوجوب الصوم لمن سافر بعد الزوال من دون تبييت النية، اخذا بمورد افتراق تلك الراويات.
نتكلم انشاءالله في الليلة القادمة اكثر و لكن اهم شيء ان نلحظ كلام السيد السيستاني اقرا هذه الليلة كلامه حتی تتاملوا فيه. السيد السيستاني لم يذكر التبييت في النية، تبييت النية مو مذكور في كلام السيد السيستاني و لعله لاجل اعراض المشهور عن الرواية المفصل بين تبييت النية و عدمه بينما ان الشيخ الطوسي افتی بذلك و حمل تلك الطائفة السادسة التي ذكرت ان من سافر قبل غروب الشمس و لو بقليل افطر علی فرض ما لو بيّت النية من الليل. قد يقول السيد السيستاني فتوی الشيخ الطوسي لا تعني عدم اعراض المشهور، ليس المشهور متمثلا في الشيخ الطوسي فقط، ميخالف. لكن اعراض المشهور عن صحيحة رفاعة قد يمنع حسب رأي السيد السيستاني من العمل بصحيحة رفاعة خصوصا بناءا علی مسلكه من الحجة هو الخبر المفيد للوثوق الشخصي قد يقول السيد السيستاني انا بعدني ما يحصل لي وثوق شخصي بمطابقة صحيحة رفاعة للواقع لكن خلونا نقرأ فتوی السيد السيستاني: اذا سافر قبل الزوال وجب عليه الافطار علی الاحوط، لزوما، و ان كان السفر بعده وجب اتمام الصوم علی الاحوط لزوما. شنو معناه؟ ما يقول وجب عليه الافطار فتوي، وجب عليه الافطار علی الاحوط لزوما، يعني شنو؟ يعني انا مطمئن بان افطاره جائز، من سافر قبل الزوال يجوز له الافطار انما أشكك في وجوب الافطار عليه فلعله مخير بين ان يصوم أو يفطر. وجب عليه الافطار علی الاحوط غير ان يقول وجب عليه الاحتياط، وجب عليه الافطار علی الاحوط يعني انه يجوز له ان يفطر واضح عندي، اما انه يجب عليه ان يفطر مو واضح عندي، انا احتمل انه لا يجب عليه الافطار بل يشرع في حقه الصوم، و لاجل ذلك انا لا افتي بانه يجب عليه الافطار، اقول يجب عليه الافطار علی الاحوط لزوما و لكن الافطار عليه جائز قطعا. و من سافر بعد الزوال اتمامه للصوم صحيح قطعا لا اشك في ذلك و لكن عندي شك في انه هل يجب عليه اتمام الصوم أو يجوز له الافطار، من سافر بعد الزوال احتمل انه يصح منه الصوم لكن لو افطر جائز و لاجل ذلك لو اتم صومه صومه صحيح لكن انا لا افتي بانه يجب عليه ان يتم صومه بل احتاط لزوما في ذلك. هذا ايضا زاد في التحير و الارتباك و جعل الجو مظلما اكثر فانشاءالله تاملوا كي تنجلي الظلمة و يتبين الحق انشاءالله.