46/04/04
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: صوم المندوب في السفر/ الشرط الخامس: ان لا يكون مسافرا / شرائط صحة الصوم
كان الكلام في عدم مشروعية الصوم في السفر و قلنا بانه استثني من عدم مشروعية الصوم الواجب ثلاث موارد: المورد الثالث كان الصوم المندوب يصام بالنذر بان ينذر ان يصومه في السفر أو يصوم سواء كان في السفر أو الحضر. و كان دليلنا علی مشروعية هذا الصوم صحيحة ابن مهزيار.
و اما ما ورد في رواية ابن عبدالحميد عن ابي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يجعل لله عليه صوم يوم معين قال يصوم ابدا في السفر و الحضر. فهذه الرواية و ان كانت تدل علی عدم لزوم نية ان يصوم في السفر بل يكفي الاطلاق مع اننا قلنا بانه لا بد في مشروعية نذر الصوم المندوب في السفر ان يلحظ إما ان يصوم في السفر أو يصوم سواء في سفر أو حضر و لا يكفي الاطلاق الذي هو رفض القيود بينما ان هذه الرواية تدل علی كفاية الاطلاق بنحو رفض القيود و قل لله علیّ ان اصوم يوم السبت مثلا من دون ذكر انه يصوم في السفر و لكنها معارضة بروايات اخری كنفس صحيحة ابن مهزيار و موثقة عمار قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل يقول لله علیّ ان اصوم فيعرض له امر لا بد له ان يسافر أيصوم و هو مسافر قال اذا سافر فليفطر و الصوم في السفر معصية. و هكذا صحيحة ابن سنان عن الرجل يصوم صوما و قد وقّته علی نفسه قال لا يصوم في السفر. و لكن دلت صحيحة ابن مهزيار بالخصوص علی صحة نذر الصوم اذا نوی ان يصوم هذا الصوم المندوب في السفر فنقيد موثقة عمار و صحيحة ابن سنان فنقول موردهما النذر المطلق الذي لا ينوي ان يصوم في السفر بل ينذر ان يصوم ثم يعرض له السفر و اما الصوم المندوب فنقلنا عن الشيخ المفيد و الشيخ الطوسي و الشيخ الحر العاملي انهم قالوا بمشروعية الصوم المندوب في السفر و لو من دون نذر. سمعنا ان السيد الزنجاني ناقش في نسبة هذا الرأي الی الشيخ المفيد كلام الشيخ المفيد في المقنعة صفحة 350 هكذا: و قد روي حديث في جواز التطوع في السفر بالصيام و جاءت اخبار بكراهية ذلك و هي اكثر و عليها العمل عند فقهاء اصحابنا فمن اخذ بالحديث أي بحديث جواز الصوم المندوب في السفر لم يأثم اذا كان اخذه من جهة الاتباع و من عمل علی اكثر الروايات و اعتمد علی المشهور في اجتناب الصيام في السفر كان اولی بالحق. هذه عبارة الشيخ المفيد فحيث انه ذكر ان من عمل بالحديث اي ذاك الحديث الدال علی مشروعية الصوم المندوب في السفر لم يأثم اذا كان اخذه بالحديث من جهة الاتباع و قالوا بانه يری مشروعية الصوم المندوب في السفر اخذا بحديث سليمان الجعفري. و لكن ذكرنا ان حديث سليمان الجعفري و ان كان تاما سندا لكن مضمونه قضية في واقعة، يقول الامام كان ابي عليه السلام يصوم يوم عرفة في اليوم الحار في الموقف لعله كان يصومه بالنذر، لا اطلاق لهذه الرواية فما ذكرناه من انه يمكن تقييد هذه الصحيحة بفرض النذر هذا مع غمض العين عن الاشكال الاصلي و هو ان هذه الصحيحة قضية في واقعة كما ذكرناه سابقا فلا اطلاق لها فلا نحتاج الی ان نقيد اطلاقها بشيء.
استثني من عدم مشروعية الصوم المندوب في السفر صوم ثلاثة ايام للحاجة في المدينة المنورة رزقنا الله و اياكم، و استند في ذلك الی صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبدالله عليه السلام قال ان كان لك مقام بالمدينة ثلاثة ايام صمت اول الاربعاء و تصلي ليلة الاربعاء عند استوانة ابي لبابة و هي استوانة التوبة التي كان ربط نفسه اليها حتی نزل عذره من السماء ثم قال الامام عليه السلام و تقعد عندها يوم الاربعاء، تقعد عند هذه الاستوانة ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها مما يلي مقام النبي ليلتك و يومك و تصوم يوم الخميس ثم تأتي الاستوانة التي تلي مقام النبي و مصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك و يومك و تصوم يوم الجمعة و ان استطعت ان لا تتكلم بشيء في هذه الايام الا ما لا بد لك منه و لا تخرج من المسجد الا لحاجة و لا تنام في ليل و لا نهار فافعل فان ذلك مما يعد فيه الفضل.
اولا: ينبغي الالتفات الی ان مورد هذه الصحيحة صوم يوم الاربعاءو الخميس و الجمعة و حمل ذلك علی تعدد المطلوب كما صنعه صاحب العروة لا وجه له، حيث قال في العروة و الافضل اتيانها في الاربعاء و الخميس و الجمعة، لا، الاظهر ذلك، نحتمل الخصوصية، كيف نلغي الخصوصية عن صوم يوم الاربعاء و الخميس و الجمعة؟
و المطلب الثاني ان المذكور في هذه الصحيحة ان الصائم يكون في مسجد النبي، يبات في مسجد النبي، و لكن الاعلام فهموا منه تعدد المطلوب لانه قال ان استطعت ان لا تخرج من المسجد الا لحاجة فافعل يعني مو لازم، ماكو ضرورة، تبقی في المسجد لكن الانسب ان لا تخرج من المسجد الا لحاجة. فلا يبعد ان نقول بانه حتی لو لم يذهب الی المسجد النبوي بل صام في منزله صام في فندوقه الذي نزل به يوم الاربعاء و الخميس و الجمعة في المدينة المنورة فليس فيه اشكال لكن هذا خاص بمن لم يكن عليه صوم قضاء، الذي عليه صوم قضاء لا دليل علی انه يشرع في حقه هذا الصوم المندوب. يريد يصوم قضاء مسافر ميصير، مو ناوي اقامة عشرة ايام حتی يصوم صوم القضاء، يريد يصوم صوم المندوب لكن لا تطوع لمن عليه صوم القضاء.
ان قلت هذا ما يتمكن ينوي اقامة عشرة ايام و عدم مشروعية صوم التطوع لاجل ان يصوم صوم القضاء و لا يعدل عنه الی صوم التطوع، نقول في الجواب هذا حكمة، الشارع منع من صوم التطوع لمن كان عليه صوم القضاء و ان لم يتمكن فعلا ان يصوم صوم القضاء لكونه مسافرا لا يتمكن من نية اقامة عشرة ايام.
هذه الصحيحة يلتزم بمضمونها و نقيد بذلك صحيحة احمد بن محمد قال سألت ابالحسن عليه السلام عن الصيام بمكة و المدينة و نحو في سفر قال أفريضة قلت لا و لكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة فقال تقول اليوم و غدا قلت نعم قال لا تصم. نحمل هذا النهي علی غير هذا الفرض الذي يصوم يوم الاربعاء و الخميس و الجمعة في المدينة المنورة لحاجة. يعني المقصود من صومه لحاجة ليس هو انه اذا لم يكن له حاجة فلا يصوم، لا، صوم ثلاثة ايام للحاجة يعني الغرض من تشريع هذا الصوم طلب الحاجة و الا ففي الرواية لم يرد هذا التعبير الرواية تقول ان كان لك مقام بالمدينه ثلاثة ايام صمت اول الاربعاء لم يرد في هذه الصحيحة انه انما يشرع في حقك الصوم اذا كان لديك حاجة، و لاجل ذلك تسمية هذا الصوم بالصوم ثلاثة ايام للحاجة من باب انه شرع لهذا الغرض لا ان من لم يكن له حاجة فلا يشرع في حقه الصوم، اك احد ليس لديه حاجة؟ كل الناس محتاجون الی رحمة ربهم.
بعد ذلك يقول صاحب العروة : ما ذكرناه من ان المسافر لو صام لا يصح صومه الا في هذه الموارد التي استثنيت انما لا يصح صومه اذا كان عالما بالحكم اما المسافر الجاهل بالحكم لو صام فيصح صومه.
اقول: لماذا لم يضف اليه الجاهل بالحكم أو الجاهل بالموضوع؟ اشلون؟ انت رحت من قم الی كهك افرض، ابتناءك ان كهك لا تبعد عن قم مسافة شرعية، اهناك عطّل الحوزة و انت رحت اهناك عندك صديقك اهناك فاهناك صمت صوم القضاء الی ان دخل الليل فسألت مسافة بين قم و بين كهك مسافة شرعية؟ قالوا اي، مسافة شرعية، اذا افرض تجيء من طريق هذا مسافة شرعية قطعا، فتبين انه لم يكن يصح منك الصوم و لكنك صمت، لماذا لا يشمله صحيحة العيص التي تقول: من صام في السفر بجهالة لم يقضه، هل ورد في هذه الصحيحة انه كان جاهلا بالحكم؟ لا، من صام في السفر بجهالة لم يقضه.
نعم، لو كنا مثل السيد الخميني رحمة الله عليه! فقلنا بان صحيحة عبدالرحمن بن ابي عبدالله تقول سألته اي سألت الامام الصادق عليه السلام عن رجل صام شهر رمضان في السفر قال ان كان لم يبلغه ان رسول الله صلي الله عليه و آله نهی عن ذلك فليس عليه القضاء و قد اجزأ عنه الصوم. يقول من الذي يمكنه ان يدعي انا لم يبلغني نهي النبي عن الصوم في السفر؟ الذي لا يعرف اصل عدم مشروعية الصوم في السفر، الذي علم بان الصوم في السفر مو مشروع لكنه جاهل بخصوصيات المسألة أو جاهل بالموضوع هذا بلغه ان رسول الله نهی عن الصوم في السفر، فمقتضی مفهوم هذه الصحيحة الثانية ان عليه القضاء ان كان لم يبلغه ان رسول الله صلی الله عليه و آله نهی عن ذلك فليس عليه القضاء و قد اجزأ عنه، هذا بلغه ان النبي نهی عن الصوم في السفر و انما هو جاهل بالموضوع أو جاهل بخصوصيات الحكم.
الجواب عن ذلك، قبل ان اجيب عن اشكال السيد الخميني اكمّل اشكاله، ان قلتم بان الشرط ليس مفهومه مطلقا مفهوم الشرط مفهوم في الجملة، ان بلغه ان رسول الله نهی عن لاصوم في السفر فقد يكون فيه تفصيل بناءا علی ما اخترناه في الاصول لا اطلاق لمفهوم الشرط ان جاءك زيد فاكرمه ليس مفهومه ان لم يجيء فلا يجب اكرامه مطلقا سواء مرض ام لا، لا، مفهومه في الجملة يقول هذا مو مهم، اك صحيحة الحلبي صرح فيها بالمفهوم قلت لابي عبدالله عليه السلام رجل صام في السفر قان ان كان بلغه ان رسول الله نهی عن ذلك فعليه القضاء و ان لم يكن بلغه فلا شيء عليه هذا تصريح بالمفهوم فهنا لا ياتي هذا الاشكال ان مفهوم الشرط ليس له اطلاق، هذ تصريح بالمفهوم. و معنی هذا الكلام ان هذا الذي هو جاهل بالموضوع جاهل بان كهك بعيدة عن قم اربعة فراسخ فيصوم ثم تبين له ان ذلك بعيدة من قم باكثر من اربعة فراسخ، هذا بلغه ان النبي نهی عن الصوم في السفر فلو فرض ان اطلاق من صام في السفر بجهالة لم يقضه يشمل هذا الجهل فتقع المعارضة بين اطلاق صحيحة العيص و اطلاق صحيحة الحلبي أو صحيحة عبدالرحمن بن ابي عبدالله بالعموم و الخصوص من وجه لان طلاق صحيحة العيص يشمل هذا الشخص الذي هو جاهل بالموضوع فيقول صومه صحيحه كما يشمل اطلاق صحيحة حلبي و صحيحة عبدالرحمن له و يدل هذا الاطلاق لهما ان هذا الصوم مو صحيح لانه بلغه ان النبي نهی عن الصوم في السفر، فعليه القضاء اي صومه مو صحيح و بعد تعارضهما يكون المرجع العام الفوقاني الذي يدل علی عدم مشروعية الصوم في السفر فيتم كلام السيد الخميني.
نحن ندعي شيئا بسيطا ان قبلتم فاهلا و سهلا، ان لم تقبلوا فايضا اهلا و سهلا!! نحن نقول إما ان نستظهر ان اسم الاشارة في قوله ان كان بلغه ان رسول الله نهی عن ذلك، اسم الاشارة اشارة الی ما فعله هذا المكلف ان كان بلغه ان رسول الله نهاه عما فعله عن ذاك الصوم بالخصوص هل بلغه ان النبي نهی عن ذاك الصوم بالخصوص؟ لا، لم يبلغه ذلك، يقول السيد الخوئي رحمة الله عليه نهي النبي عن الصوم في السفر انحلالي، هذا الشخص الذي هو افرض جاهل بالموضوع أو جاهل بخصوصيات الحكم لم يبلغه ان النبي نهی عن ما أتی به من الصوم و ان بلغه اصل نهي النبي عن الصوم في السفر، إما ان نستظهر ان اسم الاشارة يشير الی هذا الصوم بالخصوص ان كان بلغه ان النبي نهی عن هذا الصوم الذي صامه، فعليه القضاء هذا يقول لم يبلغني ذلك، نعم انا اعلم انا مو سني، انا شيعي، اعلم بان رسول الله نهی عن الصوم في السفر بشكل عام لكن هل اطلاقه يشملني؟ انا لا اعلم بذلك، لعل من يتكرر منه السفر مستثنی عن هذا الحكم لعل من هو جاهل بالموضوع مستثنی عن هذا الحكم. أو فقل من لم يعلم بالموضوع لم يبلغه النهي عن ذلك الموضوع. إما ان نستظهر ما استظهره السيد الخوئي ان نبقی مترددين، كما هو دأبنا، نبقی مترددين، احسن شيء ان يقول الانسان اشمدريني، السيد الخميني يقول ظاهر هذه الصحيحة النهي عن اصل الصوم في السفر، السيد الخوئي يقول ظاهر هذه الصحيحة بلوغ نهي النبي عن هذا الصوم بالخصوص الذي هو صامه، انا ما ادري، افرض مترددين، يكفينا هذا التردد لان هذه الصحيحة تصير مجملة و لا تصلح لمعارضة صحيحة العيص فنأخذ باطلاقها و نفتي بما افتی به السيد الخوئي و السيد السيستاني من ان من صام في السفر و هو جاهل بخصوصيات الحكم و اضيف اليه أو جاهل بالموضوع، من صام في السفر بجهالة لم يقضه. فاذن نقول لصاحب العروة انت ذكرت ان من صام في السفر و هو جاهل بالحكم صومه صحيح هذا يحتاج الی ان يضاف اليه أو كان جاهلا بالموضوع.
هذا تمام الكلام في هذه المسألة. يقع الكلام في استثناءات عدم مشروعية الصوم في السفر لمن كان مسافرا تمام النهار، اما من سافر بعد الزوال هل صومه صحيح ام لا؟ أو سافر قبل الزوال من دون تبييت النية من الليل هل صومه صحيح ام لا؟ الروايات متعارضة، و لاجل ذلك الشيخ الفياض قال بعد تعارض الروايات نری ان الصوم في السفر غير صحيح و لو سافر قبل الغروب بساعة، يا ابه! انا قبل الغروب اريد اروح للقرية قريبة من قم اصلي جماعة اهنانه في شهر رمضان نصف ساعة مسافة بينها، قبل الغروب بساعة أو نصف ساعة اطلع من قم، يقول الشيخ الفياض: لا، الروايات متعارضة، بعد تعارض الروايات نرجع الی عموم قوله لا تصم في السفر. فهل كلام الشيخ الفياض صحيح، هل الروايات التي تكون متعارضة بالنظر الاولي هل يمكن حل تعارضها بنحو و آخر؟ يقع الكلام في ذلك في ليلة الاحد انشاءالله.