46/04/03
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: صوم المندوب في السفر/ الشرط الخامس: ان لا يكون مسافرا / شرائط صحة الصوم
كان الكلام في عدم مشروعية الصوم في السفر فقالوا بان الصوم الواجب لا يشرع في السفر الا في ثلاثة موارد: كفارة الافاضة من عرفة قبل الغروب لمن لم يجد بدنة و هو ثمانية عشر يوما و صوم ثلاثة ايام بدل الهدي الواجب في حج التمتع فيجوز أو يجب ان يصوم ثلاثة ايام في مكة فان لم يمكن ففي الطريق، و سبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة، و المورد الثالث صوم النذر، من نذر ان يصوم في السفر أو نذر ان يصوم في سفر كان أو في حضر و لا حاجة الی ذكر هذا القيد في صيغة النذر بل يكفي ان ينوي ذلك في نفسه، الا ان تكون نويت ذلك، و لكن هذا النذر لا ينعقد لمن كان عليه صوم قضاء.
نذر الصوم المندوب لمن کان عليه صوم القضاء
فالواحد عليه صوم قضاء نذر ان يصوم صوما مندوبا و لو في السفر ان كان يمكنه ان يقضي ما عليه من قضاء الصوم ثم يفي بنذره وجب عليه ذلك مقدمة للوفاء بالنذر و ان لم يمكنه ذلك قال لله علیّ ان اصوم غدا صوم مندوب و عليه قضاء فلا يصح هذا النذر كما عليه السيد السيستاني لان النذر لا يخرجه عن صوم التطوع و لا صوم تطوع لمن كان عليه قضاء الصوم.
کلام السيد الخوئي في مشروعية هذا الصوم
السيد الخوئي قال: انا اعتقد ان هذا النذر صحيح. لماذا؟ يقول السيد الخوئي: اذا وجب عليه الوفاء بالنذر فهل بعد ذلك يصير صومه تطوعا؟ لا، يصير صومه صوم واجب. لا نقول صوم فريضة حتی تقول صوم الفريضة ما فرضه الله، لا، يصير صوما واجبا لا صوم تطوع. التطوع هو ان يكون باختياره ان شاء صام و ان شاء لم يصم، اذا وجب عليه النذر فهل يكون صومه صوما تطوعا؟ لا، فاذا كان هكذا يقول السيد الخوئي: فيكون دليل وجوب الوفاء بالنذر واردا علی دليل عدم مشروعية الصوم التطوع لمن كان عليه صوم القضاء، يرفع موضوعه، فاذا ارتفع موضوعه لا تطوع لمن كان عليه صوم فريضة، يرتفع المانع فيشمل الاطلاقات الدالة علی استحباب الصوم هذا الصوم، الاطلاقات الدالة علی مشروعية الصوم تشمل هذا الصوم بعد ارتفاع المانع عنه.
يقول السيد الخوئي: انا لم استفد رجحان هذا الصوم من دليل وجوب الوفاء بالنذر كي تقولوا بان موضوعه مشروط برجحان متعلقه فلا يمكن اثبات موضوع وجوب الوفاء بالنذر بشمول حكمه له فانه دوري لانه مادام لم يتحقق الموضوع فلا يشمه الحكم و المفروض انكم تريدون من خلال شمول الحكم له تثبتون هذا الموضوع، هذا دوري، السيد الخوئي يقول انا متی استدلت بدليل وجوب الوفاء بالنذر علی رجحان هذا الصوم؟ انا اقول وجوب الوفاء بالنذر يرفع المانع عن شمول الخطاب العام الذي يدل علی رجحان هذا الصوم كقوله تعالی و ان تصوموا خير لكم.
و لاجل ذلك يقول السيد الخوئي: هذا الجواب يأتي فيمن يصير اجيرا في صوم القضاء عن غيره فانه بمجرد ان يجب عليه الوفاء بالاجارة يخرج هذا الصوم القضائي عن الغير عن عنوان التطوع فيشمله اطلاقات مشروعية الصوم.
المختار وفاقا للسيد السيستاني هو عدم مشروعية هذا الصوم
السيد السيستاني يقول: هذا مو صحيح. عرفا من يختار ان ينذر أو يختار ان يصير اجيرا و بعد ذلك يجب عليه الوفاء بالاجارة أو بالنذر لا يخرج عمله عن عنوان التطوع. ما سامعين المتطوعين؟ اك جندي اك متطوع، ايام صدام، جندي متطوع أو ذاك الوقت يسمون بالجيش الشعبي، متطوعين. هذا بمجرد ان يسجّل اسمه في قائمة المتطوعين يلزموه، اذا يقول لا، ما اجيء، يقال له: شنو؟ ما تجيء؟ ميصير، مسجل اسمك، اهنانه حسابات، فالّا تجيء للجبهات، مع ان اسمه المتطوع لانه باختياره سجّل اسمه ثم يلزم بذلك. هذا الذي ينذر باختياره ينذر، ما جبروه ينذر، باختياره صار اجيرا، فلا يخرج بذلك عن عنوان التطوع. و لاجل ذلك نحن نری ان نقول لا يصح صوم النذر لمن كان عليه صوم القضاء الا اذا كان يتمكن من قضاء الصوم قبل ان يأتي يوم الوفاء بالنذر فهنا يجب القضاء قبل اليوم الذي يحل نذره كي يفي بنذره مقدمةً للواجب و اما اذا ماكو مجالا لا ينعقد نذره كما عليه السيد السيستاني كما نلتزم بانه لا تصح الاجارة علی الصوم لمن كان عليه قضاء الصوم.
کلام السيد السيستاني من ان صوم القضاء عن الغير فريضة و ليس تطوعا، و المناقشة فيه
اهنانه السيد السيستاني عنده نكتة لطيفة و ان كنا لا نعترف بها، يقول السيد السيستاني صوم القضاء عن غيرك مستحب مو واجب لكن ليس تطوعا، التطوع في قبال الفريضة، صوم قضاء شهر رمضان فريضة في حد ذاته، لا يجب عليك ان تقوم به هو شیء آخر، فريضة يعني مقدر الهي، يجب عليك، لا يجب عليك شيء آخر. و لاجل ذلك ورد في الصلاة المعادة جماعة من صلی فرادی ثم شاف انه اقيمت الجماعة يقول الامام شارك في هذه الجماعة و يجعلها الفريضة ان شاء. يا مولانا انا صليت قبل ان اجيء للمسجد فلا يجب علیّ المشاركة في هذه الصلاة، ميخالف لكن هذه الصلاة فريضة مقدر الهي و ان لم يجب عليك الاتيان بها.
و لاجل ذلك يقول صوم القضاء عن الغير ايضا فريضة و لاجل ذلك حتی لو مو اجير، انا اجير افرض لكن اهلي ليست اجيرة اطلب من اهلي ساعديني انا ما صمت اشهر فما اقدر اصوم كله فانت ساعديني، مو اجيرة خب، لكن السيد السيستاني يقول ميخالف، السيد الخوئي كان يقول الاجير اذا صام قضاءا عن غيره يصح صومه لانه ليس تطوعا وجب عليه الوفاء بالاجاره، السيد السيستاني يقول لا، مو من هذا الباب، من باب ان صوم القضاء عن الغير فريضة و ليس تطوعا فحتی لو ان اهلك صامت قضاءا عن ذلك المرحوم بطلب منك أو بغير طلب منك يصح صومها مع انها ليست اجيرة و لا يجب عليها ان تصوم.
نحن لا نقبل ذلك نقول صوم القضاء عن الغير تطوع، الظاهر من قوله لا تطوع لمن عليه صوم فريضة يشمل هذا الصوم القضائي عن الغير لانه تطوع عرفا، تطوع باتيان ما قدره الله لكنه تطوع.
تتمة البحث عن الصوم المندوب في السفر
هذا بالنسبة الی الصوم الواجب و اما بالنسبة الی الصوم المندوب فقلنا بانه نسب الی الشيخ المفيد بل الی اكثر الفقهاء كما هو صريح الشيخ الطوسي انه يصح صوم المندوب في السفر بلا حاجة الی النذر.
النقاش في الاستدلال بالروايات لاثبات مشروعية هذا الصوم
ذكرنا ثلاث روايات: الرواية الاولی و الثانية كانتا مرسلتين عن رجل و لعل ذلك الرجل شخص واحد فالكذاب؟ لعله، اشمدريني، تكرر ذكره في الروايتين فلا يقال بانه روايتان عن رجلين، بعيد ان يكونان كذابين معا، لا، لعله رجل واحد كذاب. يبقی صحيحة سليمان الجعفري مفادها ان ابالحسن كان يقول كان ابي لعله الامام الجواد عليه السلام يصوم يوم عرفة في اليوم الحار في الموقف قطعا كان مسافرا، لا اشكال فيه، لكن لعله نذر ان يصوم، لعل الامام عليه السلام نذر، قبل يوم عرفة قال لله علیّ ان اصوم يوم عرفة في سفري هذا و صام. صوم يوم عرفة مكروه اي اقل ثوابا لمن يضعّفه الصوم عن القيام باعمال يوم عرفة، اما القوي الذي بالعكس اذا يصوم ما يأكل الحلويات يتقوی علی العبادة و الدعاء هذا ليس الصوم في حقه مكروها يوم عرفة فلعل الامام رأی ان هذا الصوم منه لا يضعفه عن القيام بالعبادة و الدعاء بعرفة في عرفات فنذر و لااقل من ان هذا مقتضی الجمع العرفي بين هذه الصحيحة و بين عدة روايات، تمنع من الصوم في السفر و لو كان صوما مندوبا.
و اصرح الروايات موثقة عمار: عن الرجل يقول لله علیّ ان اصوم ما قال لله علیّ ان اصوم في السفر، ديربالكم، قال لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره و الصوم في السفر معصية صريحة في عدم مشروعية الصوم في السفر و لو كان صوما مندوبا، فإما ان نجمع بين هذه الموثقة و بين صحيحة سليمان الجعفري بان نحمل صحيحة سليمان الجعفري علی فرض نذر الامام عليه السلام أو اذا لم يمكن ذلك فماكو جمع عرفي بينهما بان نحمل موثقة عمار علی الكراهة، ميصير، موثقة عمار لا تقبل الحمل علی الكراهة، فيتعارضان و يرجع الی العمومات تنهی عن الصوم في السفر.
الرواية الثانية صحيحة البزنطي قال سألت اباالحسن عليه السلام عن الصيام بمكة و المدينة و نحن في سفر قال فريضة فقلت لا و لكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة فقال تقول اليوم و غدا يعني ما نوي عشرة ايام، فقلت نعم فقال لا تصم.
و هكذا روايات اخری لا نتعرض اليها.
تطبيق مبنی السيد الصدر (الرجوع الی الظاهر بعد تعارض النصين) في المقام
و يمكننا ان نطبّق مبنی السيد الصدر هنا حيث تبنّی مبنی خاصا اصوليا فقال اذا كان هناك ثلاث خطابات خطابان نصان و صريحان و خطاب ثالث ظاهر، فبعد معارضة النصين الصريحين يكون المرجع ذاك الخطاب الظاهر.
مثلا يجب اكرام العالم لا يجب اكرام العالم، خطابان نصان و صريحان، يتعارضان و يتساقطان، يكون المرجع بعد ذلك قوله اكرم العالم فان اكرم العالم ليس معارضا لا لقوله يجب اكرام العالم و لا لقوله لا يجب اكرام العالم لان قوله لا يجب اكرام العالم قرينة علی التصرف في ظهور اكرم العالم بان نحمله علی الاستحباب فاذن اكرم العالم لا يعادي و لا يحارب و لا يعارض ايّا من الخطابين، فهو واقف في جانب و يعاين ان هذين الخطابين الصريحين تعاركا و تقاتلا، ذاك متفرج اهنانه واقف، اكرم العالم متفرج يعاين هذه المعركة، مثل اليوم المسلمون كثير منهم يعاينون هذه المعركة الدامية، بعد ما تساقط الفئتان المقاتلتان: يجب اكرام العالم و لا يجب اكرام العالم، اكرم العالم يجيء يقول انا الفائز اعملوا بظهوري و افتوا بوجوب اكرام العالم استناد الیّ.
هذا رأي السيد الصدر و قد تكلمنا عن ذلك مرارا.
هنا الصحيحة البزنطي مثل الخطاب اكرم العالم ظاهرة في عدم مشروعية الصوم قال لا تصم و يمكن حملها علی اقلية الثواب، و لكن بعد معارضة موثقة عمار الصريحة في عدم مشروعية الصوم في السفر مع صحيحة سليمان الجعفري بناءا علی صراحتها و تلك الروايتين المرسلتين الصريحتين في مشروعية الصوم المندوب في السفر، تصل النوبة الی العمل بظهور صحيحة البزنطي.
و لكن لا حاجة الی هذا المبنی فيكفينا الرجوع الی الاطلاقات الناهية عن الصوم في السفر فانها مطلقة بالنسبة الي الصوم الواجب و الصوم المندوب فيرجع الی ذاك العام الفوقاني بعد معارضة هذه الروايات و بذلك نفتي بعدم مشروعية الصوم المندوب في السفر الا في فرض النذر الذي تنوي فيه ان تصوم في السفر أو تنوي ان تصوم في سفر كنت أو في حضر.
يقع الكلام في الاستثناء الذي ذكره كثير من الاعلام و هو صوم ثلاثة ايام لمن كان بالمدينة يوم الاربعاء و الخميس و الجمعة استنادا الی صحيحة معاوية بن عمار نتعرض اليها في الليلة القادمة انشاءالله.