45/11/05
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: فصل في موارد وجوب القضاء دون الكفارة
تتمة البحث و النقاش في کلام السيد الخوئي في تعارض استصحاب عدم طلوع الفجر الی نهاية اكله مع استصحاب استمرار اكله الی طلوع الفجر
كان الكلام في انه اذا بدأ الشخص بالاكل و استمر في الاكل و بعد ذلك تيقن بطلوع الفجر لا يدري هل طلوع الفجر بعد ان كان انتهی من الاكل أو كان في اثناء الاكل؟
السيد الخوئي قال هنا يتعارض الاستصحابان استصحاب عدم طلوع الفجر الی نهاية اكله يتعارض هذا الاستصحاب مع استصحاب بقاء أكله الی طلوع الفجر.
ذكرنا لكم ان السيد الخوئي كان يری في تعاقب الحادثين سابقا التعارض مثلا شخص صلی و علم بوقوع حدث منه إما قبل الصلاة أو بعد الصلاة، كان يقول السيد الخوئي كما يقول السيد السيستاني حاليا بان استصحاب بقاء الوضوء الی زمان الصلاة يعارضه استصحاب عدم الاتيان بالصلاة في زمان الوضوء. ثم عدل عن ذلك فقال اذا ثبت حكم شرعي واحد ثبت حكم شرعي واحد علی وجود احد الحادثين في زمان وجود الحادث الآخر فيجري استصحاب بقاء ذلك الحادث. الاثر الشرعي مترتب علی ثبوت الطهارة في زمان الصلاة فيجري استصحاب بقاء الطهارة الی زمان الصلاة فيثبت به صحة صلاته و لا يعارضه استصحاب عدم الاتيان بالصلاة في زمان الوضوء.
و ذكر في وجه ذلك اولا: انه لو تم التعارض لسری التعارض الی مورد صحيحة زرارة الاولی لان الامام استصحب بقاء الوضوء كي يصلي المكلف فان كان هناك تعارض بين الاستصحابين فكان استصحاب بقاء الوضوء الی زمان الصلاة معارضا باستصحاب عدم الاتيان بالصلاة في زمان الوضوء.
و ذكر جوابا حليا و هو ان الموضوع مركب من جزئين: الصلاة و الوضوء حين الصلاة، الجزء الاول محرز بالوجدان و الجزء الثاني يحرز بالاستصحاب و استصحاب عدم الصلاة في زمان الوضوء يعني استصحاب نفي المجموع من حيث المجموع و المجموع من حيث المجموع المتشكل من جزئين ليس له اثر شرعي، الاثر الشرعي مترتب لواقع الجزئين بنحو واو الجمع، توجد الصلاة و يوجد الوضوء حين الصلاة. اجتماع الصلاة و الوضوء هذه الهيئة الاجتماعية ليست موضوعة للاثر كي انت تستصحب عدم تحقق هذه الهيئة الاجتماعية. و لاجل ذلك كان يقول يجری استصحاب بقاء الوضوء الی زمان الصلاة مطلقا.
هنا يفيد و لكن احيانا كان مضرا، ما يوجب سرور الانسان. مثلا ماء قليل تدري بانه صار كرا و لاقی النجس، لا تدري هل لاقی النجس اولا ثم صار كرا كي يبقی نجسا أو صار كرا ثم لاقی النجس كي يكون طاهرا. السيد الخوئي قال الاثر مترتب علی ماذا؟ النجاسة مترتبة علی تحقق الملاقاة مع النجس و هو محرز بالوجدان و بقاء القلة الی زمان الملاقاة و هذا محرز بالاستصحاب فيثبت به نجاسة هذا الماء بينما ان السيد السيستاني في تعليقة العروة يقول الاقوی الحكم بطهارة هذا الماء مطلقا لانه يری تعارض الاستصحابين: استصحاب بقاء القلة الي زمان الملاقاة يتعارض مع استصحاب عدم تحقق الملاقاة في زمان القلة ثم تصل النوبة الي قاعدة الطهارة. اذا شخص رحل الی مكان بعد العطلة التي هي قريبة، ارادوا يختبروكم قالوا اشلون هذا الاختلاف الشديد بين السيد الخوئي و السيد السيستاني في اول مباحث المياه؟ السيد الخوئي يقول الاقوی الحكم بنجاسة هذا الماء مطلقا السيد السيستاني يقول الاقوی الحكم بطهارة هذا الماء مطلقا شنو منشأ هذا الاختلاف الشديد بين العلمين؟ قل لان السيد السيستاني يری تعارض الاستصحابين فتصل النوبة الی قاعدة الطهارة و السيد الخوئي يری ان استصحاب المنقح لموضوع الاثر الشرعي هو الذي يجري و هو استصحاب بقاء القلة الي زمان الملاقاة لان هذا الاستصحاب يثبت نجاسة هذا الماء و استصحاب عدم الملاقاة في زمان القلة يعني استصحاب نفي المجموع من حيث المجموع.
ان تم هذا المبنی للسيد الخوئي فهل يؤثر في المقام؟ يؤثر في كثير من المجالات. في كثير من المجالات اذا راجعتم قايستم منهاج الصالحين من السيد الخوئي مع منهاج الصالحين للسيد السيستاني تشوفون اشگد اك فرق في مسألة تعاقب الحادثين التي مسألة سيالة في ابواب مختلفة، اشگد يوجد تفاوت في الفتوی بين العلمين. و لكن نشوف اهنانه في هذه المسألة هل نتيجة عدول السيد الخوئي عن نظرية تعارض الاستصحابين الی نظرية جريان استصحاب المثبت لموضوع الاثر الشرعي بلا معارض، هل هذا العدول عن تلك النظرية الی هذه النظرية الجديدة يؤثر في المقام؟ قد يقال لا، ابد لا يؤثر في المقام لان استصحاب عدم طلوع الفجر الی نهاية الاكل لا يثبت موضوع الاثر الشرعي، لا يثبت الامساك في مجموع آنات النهار الا بنحو الاصل المثبت بل قد يقال بان استصحاب بقاء الاكل الی زمان طلوع الفجر هو المثبت لبطلان الصوم بلا معارض.
لكن يمكن ان نقول الاكل محرز بالوجدان، انت أكلت شيئا، الاستصحاب يقول كان الليل باقيا الی آخر الاكل فهذا اكل حلال، لم يكن النهار موجودا الی آخر الاكل فهذا الاكل حلال، انت صائم بلا اشكال، نويت الامساك عن المفطرات، و لم يكن اكلك هذا اكلا حين طلوع الفجر لان الاستصحاب يقول لم يطلع الفجر بعدُ الی فرغت من الاكل فلا يبعد ان نقول بان عدول السيد الخوئي عن تلك النظرية السابقة التي كانت تتبنی تعارض الاستصحابين الی هذه النظرية الجديدة ذاك العدول يؤثر في المقام فيكون مفاد الاستصحاب صحة هذا الصوم مطلقا.
نحن في تعاقب الحادثين قبلنا مسلك المشهور، لم نوافق لا السيد السيستاني الذي يری تعارض الاستصحاب مطلقا و لا السيد الخوئي الذي يری جريان الاستصحاب المنقح لموضوع الحكم الشرعي بلا معارض. اما لماذا لم نقبل تعارض الاستصحابين مطلقا لاننا قلنا اذا كان احد الحادثين معلوم التاريخ و الثاني مجهول التاريخ، يعني انت تعلم بانك صليت ساعة وحدة و لا تدري هل صدر منك حدث قبل هذه الساعة أو بعد تلك هذه الساعة، فتاريخ الحدث مجهول و تاريخ الصلاة معلوم، العرف يقول هناك شك واحد و هو الشك في طرو الحدث في زمان الصلاة، فتستصحب عدم الحدث. و الا فصحيحة زرارة الثانية لماذا اكتفت باستصحاب عدم تنجس الثوب الی زمان الدخول في الصلاة، نسأل سماحة السيد دام ظله سيدنا! لماذا الامام الصادق عليه السلام اجری استصحابا بلا معارض و هو استصحاب عدم تنجس الدم قبل هذا الوقت يعني حين دخولك في الصلاة، كان بامكانه ان يقول بان هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم الدخول في الصلاة الی زمان تنجس الثوب و بذلك بحكم ببطلان الصلاة لان الامام حكم بصحة الصلاة لاجل ان الاستصحاب يقول لم يتنجس الثوب حين دخولك في الصلاة، لا تدري لعله شيء اوقع عليك فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك.
اصلا انا اقول شيئا: اذا انتم غاب ابن صديقكم، سجنه جلاوزة صدام في الاثناء قالوا مسجون مو معلوم اعدموه أو ما اعدموه، توفّی ابوه، اردت ورثة ذلك الاب يعني اخوة ذاك المسجون الذي يحتمل انه انعدم، يجي يمّك، شيخنا! انت صديق ابونا، عزيز علينا، بيّن الحكم الشرعي ما تقول لتلك الورثة؟ انت تقول نستصحب بقاء حياة اخوكم لانه يحتمل لا يزال هو حي في سجون صدام، فاعطوا حصته لوكيله و هو زوجته و تصرفوا في بقية الحصص، مالتكم، مقتضی الصناعة هكذا، الی ان مضی زمان، سقط صدام، احتلّ الامريكا العراق، صدام راح، اطلق سراحة المسجونين فاذن ابن صديقكم ما هو، قالوا بعد ما اشوگت ما اعدموه مو معلوم، بعد وفاة والده أو قبله؟ فبناءا علی نظرية تعارض الاستصحابين تكون ترجعّون الحصة التي اعطوها لزوجة ذلك الولد لان استصحاب بقاء الحياة الابن الی زمان وفاة الاب يتعارض مع استصحاب عدم وفاء الاب الی زمان وفاة الولد و لا احد يقبل ذلك، العرف ما يقبل يقول انا استصحبنا بقاء حياة الولد، هسه تنقلب الامور؟ ميصير. العرف يقول ماكو الا شك واحد و هو ان وفاة والدنا معلوم، تاريخ وفاة والدنا معلوم، سنة كذا يوم كذا شهر كذا، لا ندري هل اعدم اخونا قبل ذلك أو بعده نستصحب عدم وفاته، ماكو ایّ مشكلة، العرف ما يری ایّ مشكلة في ذلك لانه يری انه ماكو الا شك واحد الشك في بقاء حياة الابن في زمان وفاة الاب و لا يری شكا آخر و هو الشك في وفاة الاب في زمان حياة الابن، هذه عبارة اخری عن ذاك الشك، ليس شكا آخر.
فاذن نحن نقول هنا في المقام: اذا كان تاريخ الاكل معلوما كما هو المتعارف و تاريخ طلوع الفجر مجهولا لا يجري الا استصحاب عدم طلوع الفجر، ليس هناك الا شك واحد و هو الشك في طلوع الفجر في ساعة كذا. نعم اذا كانا مجهولي التاريخ أو كان تاريخ طلوع الفجر معلوما ساعة ثلاثة و نصف، لا تدري هل استمر اكلك حينما قمت بالاكل ساعة ثلاثة و ثلث ما تدري اشگد استمر اكلك، استمر الی عشر دقائق؟ ميخالف، فرغت من الاكل قبل طلوع الفجر أو استمر عشرين دقيقة فاستمر اكلك الی ما بعد طلوع الفجر، هنا لا يجري الا استصحاب واحد و هو استصحاب بقاء الاكل الی طلوع الفجر. و بذلك يحكم ببطلان الصوم لانه هنا تاريخ طلوع الفجر معلوم و تاريخ الاكل مجهول فيستصحب بقاء الاكل الی زمان طلوع الفجر و بذلك يحكم ببطلان الصوم.
و اذا كانا مجهولي التاريخ، اصلا كل شيء ما تدري، تدري ساعة طلوع الفجر اشگد، ساعة فرغت من الاكل اشگد كان، هنا يتعارض الاستصحابان فان شككت بعد ذلك فتجري قاعدة التجاوز بالنسبة الی مبدأ صومك، اول زمان صومك، تجري قاعدة التجاوز و لكن ان كنت شاكا من الاول فهنا بالنسبة الی صوم شهر رمضان ممكن تقول بانه تجري البراءة عن وجوب القضاء بناءا علی ان القضاء بامر جديد لكن ماذا تصنع بالنسبة الی صوم القضاء أو ایّ صوم واجب آخر غير تعيد ذلك الصوم لانه ليس هناك وجوب قضاء آخر يترتب علی فوت صوم هذا اليوم.
و اما ما يذكره السيد الخوئي اما الجواب النقضي اذكره اليوم و الجواب الحلي اعجله الی ليلة الاحد انشاء الله. نقول يا سيدنا يا مولانا يا استاذ استاتذنا، اما النقض بصحيحة زرارة الاولی مولانا ابدا ما به تعاقب الحادثين، بس شك في انتقاض الوضوء الی الان و لو فرض تعاقب الحادثين فيه فتاريخ الصلاة معلوم و تاريخ انتقاض الوضوء مجهول فلعل هذا يؤيد مسلك المشهور لا مسلككم يا سيدنا الخوئي. و هكذا صحيحة زرارة الثانية، نعم الامام لم يجر استصحاب عدم الدخول في الصلاة الی زمان تنجس الثوب لكن هذا بصالح ان نستشكل علی السيد السيستاني فقط الذي يری تعارض الاستصحابين و لكن يا سيدنا الخوئي هذا لا يؤيد مسلككم لعل مسلك المشهور هو الصحيح فان المشهور يقولون لا يجري استصحاب عدم الدخول في الصلاة الی زمان تنجس الثوب لان الصلاة تاريخها معلوم و تاريخ تنجس الثوب بالدم مجهول، يجري استصحاب عدم تنجس الدم الی ما بعد الدخول في الصلاة و الدخول في الصلاة تاريخه معلوم، هذا بس يدل علی ان مبنی تعارض الاستصحابين الذي يبتناه السيد السيستاني دام ظله هذا قابل للنقاش لكن لا يدل علی تمامية مسلككم يا سيدنا الخوئي، لعل مسلك الصحيح هو مسلك المشهور.
هذا هو جواب عن الجواب النقضي للسيد الخوئي و اما الجواب الحلي فيأتي في ليلة الاحد ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.