45/11/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: فصل في موارد وجوب القضاء دون الكفارة
كان الكلام في انه اذا كان الجو مظلما مغيما فظن شخص دخول الليل فافطر فاولا ظنه ذلك حجة ام لا؟ و ثانيا لو انكشف له الخلاف و ان الليل ما كان داخلا بعد حينما افطر فهل يجب عليه قضاء الصوم؟ حتی هنا قد يفرض حصول القطع من خلال كون الجو مظلما و مغيما، قد يحصل الوثوق و الاطمئنان بدخول الليل مع ذلك نبحث عن انه اذا اتفق انكشاف الخلاف و ان الشمس كان في الافق حينما افطر هل يجب عليه القضاء ام لا؟
الظاهر انه بالنسبة الی فرض كون السماء مغيما اذا لم يحصل الوثوق يشكل الاعتماد علی الظن لا دليل علی جواز الاعتماد علی الظن، لابد من حصول الوثوق و الاطمئنان. فلا يجوز الاعتماد علی الظن بدخول الليل بل لابد ان يطمئن بدخول الليل و الا فمقتضی الاستصحاب بقاء النهار. اما بالنسبة الی انه لو حصل له اليقين و الاطمئنان بان الليل دخل فافطر ثم انكشف له الخلاف فقلنا بان الروايات متعارضة و كلمات الفقهاء متعارضة، و الاختلاف بين الفقهاء شديد حتی نسب الی فقيه واحد قولان في كتابين بل في كتاب واحد. و المنشأ اختلاف الروايات فهناك عدة روايات تدل علی عدم وجوب القضاء، بينها روايات صحاح. و في قبال ذلك توجد موثقة لابي بصير تدل علی وجوب القضاء . فماذا نصنع؟ كي نحلّ مشكلة التعارض بين هذه الروايات؟
الروايات التي دلت علی عدم وجوب القضاء اولها صحيحة زرارة : و مض- صومك، و معتبرته الاخری: ليس عليه قضاء، و رواية محمد بن الفضيل عن ابي الصباح الكناني عن رجل صام ثم ظن ان الشمس قد غابت و في السماء غيم فافطر، ظن ان الشمس قد غابت لا يعني الظن في قبال القطع، الظن احيانا يستعمل في الاطمئنان المخالف للواقع، يعني توهم، ظن أي توهم، ثم ظن ان الشمس قد غابت و في السماء غيم فافطر ثم ان الشمس انجلی فاذن الشمس لم تغب فقال عليه السلام قد تم صومه و لا يقضيه. الرواية الرابعة رواية زيد الشحام: رجل صائم ظن ان الليل قد كان و ان الشمس قد غابت و كان في السماء سحاب فافطر ثم ان السحاب انجلی فاذن الشمس لم تغب فقال تم صومه و لا يقضيه. اما الموثقة التي في قبال هذه الروايات الاربعة فهي موثقة ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب اسود عند غروب الشمس فرأوا انه الليل فافطر بعضهم ثم ان السحاب انجلی فاذن الشمس فقال علی الذي افطر صيام ذلك اليوم ان الله عز و جل اتموا الصيام الی الليل فمن اكل قبل ان يدخل الليل فعليه قضاء ه لانه اكل متعمدا.
صاحب الجواهر نسب الی معظم الفقهاء انهم افتوا بوجوب القضاء استنادا الی هذه الموثقة و رموا تلك الروايات السابقة بضعف الدلالة أو السند، بالنسبة الی صحيحة زرارة قالوا هي ضعيفة الدلالة لانه ورد فيها و مضی صومك، شنو معنی و مضی صومك؟ يعني لا يمكن علاج صومك، بالنسبة الی صلاتك الوقت باق، قم صل، عرفت ان الليل لم يكن داخلا حينما صليت المغرب، هسه تبين لك انه ذاك الوقت كان الشمس في الافق فصلاتك للمغرب قبل غروب الشمس، ميخالف قم اعد الصلاة و الوقت باق اما بالنسبة الی الصوم مضی صومك يعني انقضی، ماكو چاره غير ان تقضي صومك في يوم آخر. فهذه الرواية الصحيحة ضعيفة الدلالة و بقية الروايات ضعيفة السند. هكذا نسب الی المشهور.
ثم اعترض عليهم باعتراض في محله قال هذا هو تفسيركم لقوله عليه السلام و مضی صومك؟ مضی صومك يعني لا تفكر به، مضی صومك هو يدل علی الصحة . مضافا الی الرواية الثانية التي هي معتبرة ايضا و ان كان راويها ابان بن عثمان، الرواية الثانية صريحة في عدم وجوب القضاء تقول ليس عليه قضاء . صاحب الجواهر قال كل الروايات صحاح فلماذا المشهور رموا تلك الروايات بانها ضعاف.
نقول: انصافا لا يمكن دعوی صحة جميع تلك الروايات. الرواية الاولی صحيحة و الرواية الثانية معتبرة اما الرواية الثالثة و الرابعة اشلون؟ الرواية الثالثة اي رواية ابي الصباح الكناني في سندها محمد بن الفضيل، و محمد بن الفضيل مشترك بين محمد بن الفضيل الازدي الذي هو ضعيف و محمد بن الفضيل الضي المكتوب هو التبي بالضاد لا الظبي لم يكن منسوبا الی الظبي، علی اي حال، محمد بن القاسم الضبي، هو ثقة، محمد بن فضيل مشترك بين الثقة و الضعيف.
بعضهم قالوا بان هذا محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار و هو ثقة . صاحب جامع الروات المحقق الاردبيلي، مو ذلك الاردبيلي المقدس الذي كان فقيها، هذا رجالي، صاحب جامع الروات يدعي ان محمد بن الفضيل هو محمد بن القاسم بن الفضيل. و الوجه في ذلك يقول: روی الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه روايات كثيرة عن محمد بن الفضيل و لم يذكر في المشيخة طريقه الی محمد بن الفضيل و انما ذكر طريقه الی محمد بن القاسم بن الفضيل مع انه لم يرو عنه في الفقيه الا روايتين، هل معقولة ؟ يذكر سنده الی محمد بن القاسم بن الفضل الذي لم يرو عنه الا روايتين و يهمل امر محمد بن القاسم بن الذي روی عنه روايات كثيرة في الفقه، لا توجيه له الا ان نقول محمد بن الفضيل هو نفس محمد بن القاسم بن الفضيل.
لكن هو بنفسه بعد ذلك اشكل عليه قال الصدوق يذكر في المشيخة طريقا الی اشخاص لم يرو عنه الا روايات قليلة و قد يهمل امر اشخاص روی عنه روايات كثيرة كنفس ابي الصباح الكناني. فاذن الرواية الثالثة تكون ضعيفة لانه لااقل من انه لم يثبت ان محمد بن الفضيل هو نفس محمد بن القاسم بن الفضيل. و اما محمد بن الفضيل في قبال محمد بن القاسم بن الفضيل مشترك بين الثقة و هو الضبي الازدي الذي قال عنه الشيخ في رجاله صيرفي يرمی بالغلو كما قال في مورد آخر من رجاله محمد بن الفضيل الكوفي الازدي ضعيف.
اما الرواية الرابعة فهي رواية زيد الشحام و في سندها مفضل بن صالح ابو جميلة الذي صرح بضعفه كثير من العلماء بل قالوا هو من الكذابين.
مو مهم، يكفينا صحة الروايتين الاوليين مضافا الی ان المجموع يحصل الوثوق بصدورها اجمالا و هي دلت علی عدم وجوب القضاء اذا حصل له الوثوق أو علی ما ورد في الروايات يحصل له الظن الذي قلنا بان المحتمل به الوثوق المخالف للواقع، حصل له الظن بدخول الليل من خلال رؤية السحاب و سيطرة السحاب علی الافق.
و لكن ماذا نصنع بموثقة ابي بصير؟ فان هذه الموثقة لو تعارضت مع تلك الروايات و اوجبت سقوط تلك الروايات عن الحجية بسبب المعارضة فمقضتی القاعدة الاولية وجوب القضاء لاننا ذكرنا ان من أكل متعمدا في زمان يتخيل انه الليل و لكن انكشف انه كان نهارا مقتضی القاعدة بطلان صومه لانه لا يصدق انه أكل ناسيا و ليس ناسيا لا لصومه و لا لما يرتكبه من انه اكلٌ و انما يعتقد ان الليل داخل فصومه باطل بمقتضی القاعدة نعم لا يجب عليه الكفارة و انما يجب عليه القضاء . فالمهم ان نخلص تلك الروايات الدالة علی عدم وجوب الرواية عن مشكلة المعارضة مع موثقة ابي بصير.
و هناك عدة طرق لتخليص تلك الروايات عن المعارضة :
الطرق الاول ان نقول بان الخبر الموثق لا يصلح لمعارضة الخبر الصحيح بوجهين، يعني بنكتتين:
النكتة الاولی ما كان الشيخ الطوسي يدعيه في كتاب العدة من الطائفة انما عملت باخبار الثقات من غير الامامية الاثنی عشرية اذا لم يكن الخبر الامامي العدل معارضا لخبر الموثق. و النكتة الثانية ما تبناه السيد الزنجاني اخيرا بعد ما كان يتبنا رأي الشيخ الطوسي فقال الخبر الموثق ليس بحجة الا اذا افاد الوثوق الشخصي أو قد يقال بكفاية الوثوق النوعي اي الوثوق للنوع العقلاء و ان لم يحصل الوثوق لشخص هذا المجتهد. لان الادلة لم تدل الا علی حجية خبر العدل و الثقة في الروايات بمعنی العدل. و هذا المبنی الخير هو مبنی جماعة من الفقهاء العظام كالعلامة الحلي و قبله المحقق الحلي و بعده المقدس الاردبيلي و الشهيد الاول و الثاني و صاحب المدارك و صاحب المعالم هم قالوا بعدم حجية خبر الموثق مطلقا لان الذي ليس بامامي اثنی عشري فهو فاسق و قد امرنا بالتبيّن عن الخبر الفاسق و اي فسق اعظم من ترك الولاية ؟ هكذا كانوا يقولون.
لكن قلنا في بحث حجية خبر الثقة كما قال السيد الخوئي ان المدار علی وثاقة الراوي و ان لم يكن اماميا عدلا فهذا الوجه غير التام.
الوجه الثاني ما يقال من ان هذه الموثقة خبر ظني و لكن الروايات الاربعة يقطع بصدور بعضها، اربع روايات هل تصح ان تقول لم يحصل لي القطع بصدور واحدة منها عن الامام عليه السلام؟ هكذا وعاء علمك خربان؟ فاذن هذه الموثقة خبر ظني و الخبر الظني يقال بانه لا يصلح للمعارضة مع الخبر القطعي إما لكون الخبر القطعي سنة كما يقول به السيد الخوئي أو لما ذكره في البحوث و اخترناه من ان ما دل علی ما خالف الكتاب فهو مردود نكتته تشمل كلام المعصوم القطعي. شنو ميزة الكتاب؟ الميز الطريقي للكتاب و الا الميز النفسي للكتاب كلام الله، نازل من عند الله، لكن النكتة الطريقية اي نكتة الكاشفية عن الواقع في القرآن الكريم انه قطعي الصدور و لكن ليس قطعي الدلالة، فاذا كان خبر المعصوم قطعي الصدور و ان لم يكن قطعي الدلالة فالعرف يلغي الخصوصية عن عدم حجية الخبر المخالف للكتاب الی كل خطاب قطعي السند و ان لم يكن قطعي الدلالة فالخبر الظني المخالف للخطاب القطعي الصدور و ان لم يكن قطعي الدلالة ليس بحجة، ما خالف الكتاب فهو مردود.
و هذا بيان لا بأس به و لايبعد حصول الوثوق بصدور واحدة من تلك الروايات الاربعة، فهذه الموثقة تكون من الخبر الظني المخالف للخبر القطعي الصدور.
اضف الی ذلك ان تلك الروايات مخالفة للعامة كما يقال فان العامة ذهبوا الی وجوب القضاء و تلك الروايات الدالة علی عدم وجوب القضاء تكون مخالفة للعامة . فتلك الروايات الاربعة قطعية الصدور اجمالا و قطعية الجهة كالكتاب الكريم، الكتاب الكريم قطعي الصدور و قطعي الجهة ليس فيه تقية، الله سبحانه ما يراعي التقية فكلام الله سبحانه و تعالی في القرآن الكريم قطعي الصدور و قطعي الجهة و هذه الروايات الاربعة قطعية الصدور اجمالا و قطعية الجهة .
الوجه الثالث ان نرجح تلك الروايات بمخالفتها للعامة فهذه الموثقة تكون موافقة للعامة فاذا ثبت ذلك فيكون مرجح الثاني هو طرح ما وافق العامة و الاخذ بما خالف العامة .
تاملوا في ذلك الی الليلة القادمة انشاء الله.