الأستاذ الشيخ محمد السند

علم المذاهب و التمذهب

43/10/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: علم المذاهب و التمذهب (22)

كان الكلام في ثلاث مقالات

المقالة الاولى: ان النزاع المذهبي في الغيبة الكبرى نزاع محض فقهي و ليس عقائدي فالنزاع بين مدرسة اهل البيت و سائر المذاهب مجرد نزاع فقهي و ليس عقائدي هذه المقولة و المقالة سبق ان بسطنا الحديث عنها انها فيها مجانفة للواقع بل هو خلاف عقائدي غاية الامر هذا لا يفتّ من الخلاف الحكم لظاهر الاسلام على المذاهب الاسلامية كما سياتي.

المقالة الثانية: اذا قال قائل باني اعتقد بامامة اهل البيت عليهم السلام ولكن هذا الاعتقاد طبق الادلة الظنية الاجتهادية التي قد تصيب و قد تخطي فهل هذا يندرج في مذهب اهل البيت ام لا؟ مر انه لا يندرج. اذا كان بنحو هكذا في قناعته بان امامة اهل البيت لا وجود له في الواقع وانما هو نير الشكيات في الصلاة او الفروع في الابواب الفقهي الامامة بهذه المثابة و المرتبة شبيهة لامامة الجماعة ام بعض صلاحيات الفقيه الثابتة له موقعية الفقهية فانه ليست هي الامامة التي تبحث في مذهب اهل البيت . هذه المقالة الثانية وهو ان يستند في الاعتقاد و الاذعان يقول بان الادلة الظنية قد تخطيء و قد تصيب وان الادلة على امامة امير المؤمنين ظنية وحكمها حكم الادلة الظنية المعتبرة التي قد تخطي و قد تصيب فان هذا المقدار من الاعتقاد ليس هو اعتقاد مدرسة اهل البيت هذا يجعل موقعية الامام علي موقعية فقيه وهل له صلاحية ام لا ام يسوغ له يتقدم في اقامة صلاة الجماعة ام لا؟ هذه ليست الامامة فان الامامة في مدرسة اهل البيت المبحوث عنها وهي الامامة العقائدية غير هذه . هذه المقولة الثانية .

المقولة الثالثة: التي ايضا تعرضنا لها و ستاتي هناك مقولات رابعة و خامسة لذا لابد ان نميز بينها. المقولة الثالثة تقول انه ما دام ان الظن منجي في الاعتقادات حتى الرجاء و الاحتمال منجي في الله فلماذا لا يكون منجي في امامة اهل البيت. فان الرجاء منجي في التوحيد فكيف بك في النبوة و الامامة.

فهذه المقالة الثالة سبق ان مر بنا خلطوا بين المعتقد و الاعتقاد.المدرك و الادراك . الادراك يكون بدرجة الظن و الاحتمال يعني الاعتقاد اذا اختصر الظن او الاحتال على درجة الادراك و الاحتمال و الاعتقاد –وليس هو درجة اليقين فهذا لا مانع منه وانه منجي واما اذا انسحب الظن و الاحتمال الى ذات المعتقد هنا يدب الخراب في العقيدة و يجب ان لا نخلط بينهما.

القرآن يحبب الرجا و الظن[1] و الاحتمال فاذا كان صفة الاعتقاد درجة الاحتمال لا مانع منه لانه ليس كل احد يوفق الى ادراك اليقين و قد ورد انه اقل ما وزع الله عزوجل في دارالدين هو اليقين[2] فيانه لم يهبه الله و ليس ذلك بمعنى الجبر بل يعني ان اليقين تحفة اثمن شيء في الخلقة. فهذا الثمين نادر الوجود ﴿كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقين﴾ ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحيم‌﴾ ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقين﴾‌.[3] وهناك موراد حق اليقين فاليقين درجات .

فالظن و الاحتمال اذا كان صفة للاعتقاد و درجة الادراك فقط لا مانع منه و انه منجي وهذا موجود كند كثير من الفقهاء و انه مادام يصيب الحقيقة لا مانع منه و مادام انه لا يغير من حقيقة المعتقد و حق الاعتقاد شيء لا مانع منه لكن اذا سرى الاحتمال او الظن الى ذات المعتقد هنا يدب في خراب العقيدة لانه اذا كان المعتقد بدرجة الظن و الاحتمالي فان هذه ليست امامة بل من بفروع مثل اماة الجماعة او الفقيه بينما الامامة لها وقعية اخرى فان موقيتها ثالثة و بعد التوحيد و النبوة فحتى المعاد لا يشغل رتبة الثالثة وهي خصوص الامامة العقائدية او المذهبية. فلا يمكن ان تكون هي بمستوى الظني اذن المقالة الثالثة ایضاواهية كما ان المقولة الاولة و الثانية ايضا واهية

المقالة الرابعة: تطرح بعدة صياغات : او قل المقالة الرابعة و الخامسة:

الصياغة الاولى: اطرحها بصورة الاعتراض ذكره السيد الشريف المرتضى عن صاحب الكتاب المغني وهذااعتراض ليس بجديد بل كان قبل ذلك و الاعتراض هو كالتالي: لو كانت الامامة الالهية – اللطيف ان نفس صاحب المغني و كثير من علماء الجمهور نظرتهم حول مذهب اهل البيت ومدرسة اهل البيت و علماء الامامية انهم يتبنون ان الامة الالهية هي الاصل الثالث اي التوحيد و النبوة و الثالث هي الامامة و العجيب ياتيك في الوسط الداخلي من هو غافل فيقول ان الامامة من الفروع مع ان تراث كتب العامة لما يناقشون يقولون ان الامامة الالهية هي من اعظم اركان الدين عند الشيعة تاتي في المرتبة الثالثة .

الاعتراض هو انه اذا كانت الامامة الالهية في الدين هي الرتبة الثالثة حتى اعظم من المعاد فما بالها لم يتفق عليها المسلمون كالصلاة و الصوم و الحج و ما شابه ذلك.. ؟

اذا كانت الامامة الالهية حسب ما تدعونه ان الامامة الالهية هي اعظم من المعاد و الصلاةو الزكاة و الصوم فما بالهم لم يتفقوا عليها و اتفق على ما دونها ؟ وهل هذا اعتراض او مقالة؟ سنبين انها مقالة.

هذه المقالة تقول اذن استنزلوا موقعية الامامة عن الموقعية الثالثة قولوا الموقع العاشر و لا تقولوا انها الموقع الثالث لانه كيف تكون الموقع الثالث وهي محل خلاف بينما ما دونها متفق عليها بينة فما بال الامامة ليست بينة ؟ وهذه صيحات شواذ تصدر من بعض المقالات و الكتابات فهذه المقالة تقول بما انها محل خلاف فحجمها لا يتناسب ان تكون في الموقع الثالث بل انما تكون في الموقع العاشر او الخامس عشر او ...لا انها تكون في الموقع الثالث والا يصير تدافع هذا ما قيل؛

نجيب عنها بجواب مختصر ثم نجيب بالتفصيل؛

اما الجواب المختصر: اولا: من قال ان ضرورة الامامة عند المسلمين ليست اعظم من الصلاة بل الضرورة موجودة بدليل ان آية المودة لاهل البيت عليهم السلام متفق عليها عند كل المسلمين و من قال مختلف عليها؟ ومضمون المودة و فريضة المودة عند كافة المسلمين سوى الناصبي الذي يجهر بانكار فريضة المودة فانه مارق من الدين عند كافة المسلمين كالخوارج الذين يجاهرون بانكار مودة اهل البيت فانه عند كافة المسلمين لا يحكم عليهم (بالمسلمين) فاين تقول بان امامة اهل البيت ولو بقالب المودة ليست ضرورة؟بل هي ضرورة فضائل اهل البيت في القرآن و في الحديث النبوي المتواتر متفق عليها بين المسلمين من قال لك انه ليس بمتفق عليها؟ الصلاة فيها خلافات مثلا في كيفية علاج الخلل في الصلاة .

الان المودة صياغتها و فضائل اهل البيت و كيفيتها مختلف فيه بين المسلمن هذا صحيح لكن اصل المودة واصل الفضائل اصل ان القرآن اثنى و مدح اهل البيت بالخصوص ليس هناك احد في الامة مدحهم القرآن بخصوصه وشخصه الا اهل البيت وهذا متفق عليه وليس محل ترديد بل ثابت بالضرورة وهذه المودة غير مقيدة بها الصلاة كالصلاة فان الصلاة مقيدة بالوقت ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنينَ كِتاباً مَوْقُوتا﴾[4] لكن مودة اهل البيت ليس لها وقت ايهما اعظم ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى‌ غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُودا﴾[5]

هذا قيد ثاني في الصلاة و قيود آخرى في الصلاة او الحج ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومات﴾[6] ‌ بينما المودة 24 ساعة على مدار العمر لابد من المودة آية المودة التي متفق عليها بين المسلمين جعلت عدل الدين كله قل لا اسالكم عليه اجرا الا الصلاة؟ ليس احد من المسلمين يقول الا الصلاة. قل لا اسالكم عليه اجرا الا الايمان بالمعاد؟ ليس احد من المسلمين يقول بذلك . قل لا اسالكم عليه اجرا الا الصيام؟ ليس احد من المسلمين يقول به . قل لا اسالكم عليه اجرا الا التمسك او تعظيم القرآن . ليس احد من المسلمين يقرأ الاية هكذا بل اجمع المسلمون اكتعون ابصعون يقرؤن ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى﴾‌.[7]

قربى من؟ قربى النبي. نبي من ؟ نبي الله . فاي آية لاحظتها في اهل البيت هذا الترتيب الالهي اول الله ثم النبي ثم اهل البيت . مثلا ﴿ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‌ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‌ فَلِلَّهِ﴾ [8] و للمعاد؟ لا . لله و للرسول و المعاد؟ لا. لله و للرسول وللقرآن لا. بل لله و للرسول ولذي القربى الثلاثي موجود . و كذا في الخمس[9] .

فالصلاحيات و الولايات بنص القرآن ضرورة قرآنية وحيانية اذن بحمد لله ما تسائل عنه بانه اين الضرورة هذه هي الضرورة الثلاثية. لانه جعل ولاية اهل البيت و مدتهم باتفاق المسلمين نعم التفاصيل بان المودة ماهي . طبعا يشرحها القرآن بدليل ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ.﴾ [10]

هنا استخدم مودة و لم يستخدم المحبة و القرآن افترض المودة و ليست المحبة لقربى النبي صلى الله عليه واله و ربما لو صرح القرآن بانه قل لا اسالكم عليه اجرا الا مودة لعلي قيل العلي العلو ليس العلي الاعلى او هو علي آخر او فاطمة اخرى بينما لما تقول القربى ليست قابلة للترديد ثم هي قربى من ؟ قربى النبي . يعني النبوة وهو السفير بين الله و خلقه فيعطيك الرتب الثلاث. وكذا في المباهلة ﴿فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ..﴾[11]

رتب ثلاثة أَنْفُسَنا يعني الله ثم بعده النبي صلى الله عليه واله و بعده اهل البيت عليهم السلام . فلا تجد آية لفضائل القرآنية وحيانية لاهل البيت الا و تجد الثلاث على الترتيب كيف لا تكون ضرورة عند المسلمين. بل هي ضرورة فوق البيان. هذا هو الجواب الاجمالي .

اما الجواب التفصيلي: ان هذه المقولة الرابعة مرتبطة بالمقولة الثالثة و الثانية ولذا يكون الامر مهما فنتثبت في ها البحث. واذا لم نفكك صراحة قد يشتبه الامر حتى على العالم اللبيب لان القضية ليست بسهلة السيد المرتضى ره في كتابه الشافي ربما عقد عشرات الصفحات لهذه التسائلات فكلام السيد المرتضى ره يحتاج الى تدوين بلغة اخرى وبلورة بلغة جديدة و ترتيب جديد حتى يتضح كلامه .

فنبين حقيقة هذه المقولة نستطيع ان نقول: ان المقولة الرابعة ان الضرورة المدعاة للامامة الالهية او الامامة المذهبية او الامامة الفقهية تطلب اي درجة من الضرورة الضرورة التي تقوم الامامة المذهبية العقائدية او الامامة العقائدية المذهبية او الامامة الفقهية او التمذهب الفقهي او التمذهب العقائدي هذه الامامة او هذه الضرورة سواء امامة او غيرها باي درجة هي؟ فلنضع لها ضابطة لان الضرورات خمسة اقسام اسس الدين اصول الدين الضرورات العامة الضرورات الخاصة و الضرورات بالمعنى الاخص. هل الضرورات كل اقسامها يشكل تمذهب ام لا؟ اي درجة من الضرورات تشكل التمذهب ؟ ما هي ضابطة المذهب ؟ و لا سيما الامامة الالهية التي يدعى انها الركن و الاصل الثالث ؟

بعد التوحيد و النبوة و الامامة قبل المعاد كثير من بيانا القرآن المعاد منزل من منازل الامامة و النبوة و التوحيد وليس هو شيء من الاصل. فان المعاد شأن من شئون التوحيد و شان من شئون النبوة و شان من شئون الامامة و ليس هو مستقل مثل القبر فانه ليس بشيء مستقل وان كان من المعتقدات لكنه بنفسه ليس امرا مستقلا بل من المعتقدات الجنة و النار ليس بنفسها مستقلا بل هي من نتائج التوحيد او النبوة او الامامة لا انها شيء مستقل هي من نتائج و تداعيات التوحيد اما ان تؤمن فتدخل الجنة و الا فتدخل النار هي بنفسها ليست شيء مستقل بحيال نفسه .

مثلا: ليس ادخل الجنة لاني اعتقد بالجنة بل بالدقة اني اعتقدت بالتوحيد و النبوةو الامامة الذي بلغ بوجود الجنة وصدقت الوحي وانه من الله على يد رسول الله و الخازن له علي و فاطمة و الحسن و الحسين ومن ثم تلك التداعيات و الثمرات و انه قسيم الجنة نفس المعاد عبارة عن محكمة لتكاليف ترتبط بالتوحيد و النبوةو الامامة لا ان المحكمة هي الاصل فالنبا العظيم ليس هو المعاد بل انما في المعاد سيسئلون عن النبا العظيم.[12]

نعم ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ‌ءٌ عَظيم﴾[13] هذا صحيح لكن هذا الزلزال محاسبة على التكاليف الاخرى التوحيد النبوة و الامامة حتى الجزاءات تداعيات و النبوة هي شان من شئون التوحيد لانها من حاكمة الله وكذا الامامة ايضا شان من شئون النبوة شان من شئون التوحيد نعم الاصل هو التوحيد لكن في هذا الاصل الذي هو التوحيد رتبة النبوة و ثم الامامة قبل المعاد المعاد من توابع و تداعيات هذه الامور الثلاث.

فالسؤال هو هكذا ان الضرورة التي تشكل التمذهب الفقهي او العقائدي هذه الضرورة في اي درجة؟ في كل درجاتها الخمس؟ وربما تكون هناك درجة سادسة.

مر بنا اسس الدين هو له ضرورات خاصة كما مر وهي التي يدخل بها الانسان الى الاسلام الاهري او الاسلام الواقعي و هو الايمان والدين. اذن ليست كل ضرورة . المعاد لم اقف قط لفتوى من اي مذهب من المذاهب الاسلامية بان المعاد يجب الاقرار به لدخول الاسلام او الدخول في الايمان نعم لما يدخل في الاسلام او الايمان لابد ان يعتقد بالمعاد لانه من اصول الدين وهي واجبة الاعتقاد بها و انكارها يخرج من الدين يعني القسم الثاني بينما القسم الاول لا يدخل في الاسلام ولا الايمان الا بها فشانها اعظم من اصول الدين.

في الحديث عن النبي ولعله المستفيض بين الفريقين جعل الله حبي و حب اهل بيتي اساس الدين. اسس الدين غير اصول الدين فان اسس الدين يدخل بها الى الدين . المعاد لم يشترط احد ان يون من اسس الايمان او من اسس الاسلام نعم هو من اصول الدين فاصول الدين اذا انكرها الانسان يخرج من الدين و يجب الاعتقاد بها لكنها ليست لازمة كبطاقة كارت لتدخل به الى نادي الاسلام مفتاح واحة الاسلام هي الشهادة الاولى و الثانية و الثالثة.

اللطيف ان هذا متفق عليه حتى بين المذاهب. هم(اي المستشكلون) يقولون كيف تكون الامامة(من اسس الدين) مع ان هذا متفق عليه عند المذاهب وانه لابد ان تشهد بعد التوحيد و النبوة بمكانة لبعض البشر غاية الامر ان تشهد لمن؟ هذا بحث آخر مختلف فيه ولم يجعلوه المعاد كاسس الدين لا اصول الدين والا فان المعاد من اصول الدين كما ان من اصول الدين وجوب الصلاة و وجوب الزكاة و هلم جرا. اما بقية الضروريات العامة مثل الاعتقاد بحرمة الخمر و حرم الزنا و حرمة انواع الفجور ليست من اصول الدين لكن ايضا يجب الاعتقاد بها. سنتعرض اليها في ما بعد .

الكلام هنا التمذهب يدور مدار اي درجة من الضرورة لان الضرورة الخاصة ليست عامة يعني بعض الخواص من المسلمين يعتقدون بها و الاخص بعض العلماء وقف عليها يعني تستطيع ان تقول ضرورة نظيرية . فالتمذهب يقوم على ماذا؟ بحث حساس . فلا يظنن ظان ان الاختلاف في الامامة هو من جهة الرتبة و انها نازلة. لماذا؟

يعني عندنا بحثان ما هي درجة الضرورة للتمذهب ؟ سوال آخر: الامامة الالهية والولايةلاهل البيت عليهم السلام لعلي وفاطمة و الحسن و الحسين والتسعة من الائمة هل هذه الضرورة للتمذهب متوفرة ام لا؟

هنا نحتاج الى تدقيق اكثر مما اعملناه في المقالات الثلاث الاخرى او الرابعة و الخامسة –ان قلنا ان الرابعة مقولتان- . الى المقالة الثالثة قلنا هناك فرق بين الاعتقاد و المعتقد ظنية الاعتقاد لا تعني ظنية المعتقد كما في المقالة الثالثة لكن يحتاج الى بسط في المقالة الرابعة او الخامسة. اذا سرت ظنية الاعتقاد اي الادراك الى المعتقد و المدرك هنا خراب العقيدة او خراب التمذهب و مر بنا كيف لا يسري؟ هذا نقاش صاحب كتاب المغني مع السيد المرتضى ره وانه كيف لا يسري؟ لان المفروض انه يسري.

درجةونوع الادراك الى ذات المدرك المفروض انه يسري هذه مقالة صاحب المغني من علماء العامة و يقول لابد ان يسري ظنية الاعتقاد الى المعتقد بينما السيد المرتضى ره يقول ظنية الاعتقاد لا يسري الى ظنية المعتقد. المعتقد بنيانه مشيد وان كان الاعتقاد ضعيفا مثل التوحيد فانه لابد ان تقل ازلي سرمدي قوي غني قيوم ما شئت من صفات الكلام في حين ان الاعتقاد بسبب او اسباب عديدة قد يكون الاعتقاد بالله ظنيا لكن هذا لا يزعزع خطورته واهميته في الدين فنية الاعتقاد لا تسري الى المعتقد.

نعم المعتقد الظني فهذا يعني خراب العقيدة لكن الاعتقاد الظني لا مانع منه هذه المقالة الثالثة مرت هنا لتوضيح المقالة الرابعة و الخامسة نحتاج الى دقيق اكثر وان هذا لا يكفي .

والتدقيق يحتاج الى نوع بيان و تحديق ذهنية اكثر: الان لدينا ادراك نفترض تلسكوب آلة الادراك و لدينا مدرك و لدينا شيء ثالث وهو ذات الشيء فان ذات الشي ثم ذات الشيء بوصف انه مدرك ثم الادراك . او نبين المطلب بشكل آخر: لدينا ادراك و لدينا ادلة توجب الادراك ولدينا ذات الشيء بواقعيته الخارجية .

مثل: الشمس و النجوم فانها ذات الشيء بوجودها الخارجي و لدينا دليل على وجودها الخارجي ولدينا ادراك مثلا التلسكوب دليل على وجود النجوم او المجرات الادراك هو عملية ابصارنا و رؤيتنا من خلال التلسكوب فانه آلة للرؤية و دليل.

فاذن عندنا ثلاث امور: ادراك و دليل الادراك و ذات الشيء. هذا البحث اذا فككناه و دققناه فيه فانه عويص حتى كبار الاصوليين خانهم التعبير قالوا حجية القطع ذاتية وهذا التعبير هم لا يريدوه اي حصل لهم هفوةو غفلة في التعبير لان مرادهم ليس هو هذا لان القطع درجة الادراك هم لا يريدون درجة الادراك هم يريدون الدليل في دعاء الكميل يقول الوحي: فباليقين القطع. وليس معناه فبالقطع اقطع لان الانسان قد يقطع بالظن و قد يقطع بالاحتمال فقد يضخم الاحتمال حتى يحصل له قطع فان الوسواس يجعل الاحتمال قطعا يحتمل النجاسة يقول عندي يقين بالنجاسة مع انه ليس كذلك فمراد الاصوليين من ذاتية حجية القطع هذه مسامحمة هم لا يريدون ذلك يقولون في تنبيهات القطع ان قطع القطاع اذا كان ناشيء من مناشيء خطا غير معذور .

و ايضا ذكروا في تنبيه آخر بان القطع العقلي في العقائد اذا اخطا يوجب الخلود او الدخول في النار فلو كان القطع حجيته ذاتية كيف قالوا بذلك فمن الواضح انهم لا يريدون من القطع هو الادراك بل يريدون اليقين و فرق اليقين عن الادراك هو ان اليقين هي ذات الادلة هي سديدة و مطابقة للواقع فيعبرعنه باليقين و شرح هذا المصطلح في شروح المنطق في الجزء الثالث منه.

اذن لدينا درجة الادراك او قل درجة الاعتقاد و لدينا منشا الادراك سبب الادراك و الاعتقاد و هو الدليل في نفسه و لدينا ذات الشيء الذي الرتبط به الدليل وقام عليه الدليل اذن عندنا ثلاث امور ذات المعتقد ذات الشيء و لدينا السبب الكاشف عن السبب و لدينا سبب الادراك فالادراك مسبب و الدليل السبب تعلقا بذات الشيء . الكثير من الباحثين و المتكلمين او حتى الفلاسفة و العرفاء و الفقهاء يقع خلط بين الادراك كدرجة اعتقاد و سبب للاعتقاد و ذات الشيء المعتقد والتفكيك لابد من و انه ضروري و اذا لم يتم التفكيك يصبح خلطا .

لاحظ هنا كبار العلماء قالوا (حجية القطع) هم لا يريدون هذا بل خانهم التعبير فان ارتكازهم شيء آخر فان مرادهم السبب الذي هو متقن للاستدلال و هو اليقين الذي لا يخطي ء الواقع و هذا حجيته ذاتية لا ان الادراك درجة الاعتقاد حجيته ذاتية فتقول الملحد ايضا يجزم ولو باسباب عديدة كذا الشيوعيات الاعتقادية و السياسية و لاقتصادية . والا لو قلنا بان القطع حجيته ذاتية فكل الفرق الباطلة معذورة .

فالقطع ليست حجيته ذاتية كما صرحوا في موضعين بان القطع ليست حجيته ذاتية مع انهم كبار لكنهم اخطئوا ووصفوا الحجية لدرجة الادراك او لدرجة الاعتقاد وهو ليس مرادهم مرادهم سبب الادراك و هو اليقين و الادلة. فان الادلة التي لا تخطيء فان الادلة التي تخطيء هي ظنية اما اليقين هو طبيعته بالتعبير اللاتيني (فكس)اي مثبت مع الواقع و لا يخطيء الواقع و هو يسمى يقين فاليقين اسم للادلة و ليس اسما لدرجة الادراك البعض يخلط فيقول اليقين هو درجة الادراك مع ان اليقين حتى في اصطلاح القرآن المراد به السبب و ليس المسبب ﴿وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُم﴾.[14]

يعني جحدوا بها حتى في قلوبهم وليس فقط في السنتهم واستيقنتها اي سبب الادراك موجود لديهم لكن عموا عنها ﴿فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتي‌ فِي الصُّدُور﴾ [15] .اذن درجة الاعتقاد شيء و سبب الاعتقاد شيء و ذات المعتقد شيء ثالث . يجب ان لا نخلط بينها.

اذا اتضحت هذه الثلاثية هنا ياتي سوال هل الضرورة وصف للسبب اي الدليل او وصف للمسبب او وصف لذات الشيء ؟ بحث عميق . مثل ما مرر بنا ان حجية القطع ذاتية فانها مسامحة وغفلة واضحة منهم رضوان الله عليهم فانه ليس مرادهم كل من تجزم باعتقاده وان تجزم انه يطلب ما يطلب لانه جازم فيرتب مقابر جماعية فهل هذا معذور و شريف؟ اي شرف هذا يذبح البشر. ووحش و سبع ضاريء وليست نجابة.

فلما نقول ان التمذهب يقوم على الضرورة اولا اي ضرورة ؟ ضرورة الاعتقاد؟او ضرورة الدليل؟ اي الضروة وصف للاعتقاد ودرجة الادراك او الضرورة درجة ووصف للسبب و الدليل او هي وصف و سبب للمعتقد؟

هنا براعة السيد المرتضى ره يقول: لا نريد ان الضرورة التي تبني و تنشيء التمذهب العقائدي و الفقهي ليست الضرورة في درجة الادراك او درجة الاعتقاد بل هي وصف للدليل ووصف للمعتقد ذات الشيء التفكيك بين هذه الضرورة وهذا تقسيم آخر للضرورة غير التقسيم الخماسي الذي مر الضرورة وصف للسبب اي الدليل نفسه او وصف للمعتقد او وصف لدرجة الادراك و الاعتقاد .

مثال: يقولون التلسكوب عين مسلحة فاذا اتى انسان و عينه فيها خلل مرضي هل يستطيع ان يرى بالتلسكوب العيب في التلسكوب او العيب في عينه؟ في عينه. وتارة عينه و التلسكوب كلاهما سالمان لمكنه اصاحبه اختلال فيه لاندهاشه و ذهوله من حادثة حصل له خوف او مرارة مصاب فلا يرى هل الاشكال في عينه او في التلسكوب او في المجرة السماوية الاشكال في نفس الشخص وانه مبتلى بخوف الباري تعالى الواجب عليه ان يهيئ التلسكوب و المجرة السماوية وخلق عين الانسان المشكلة في المكلف نفسه هو ابتلي بامراض اما اخلاقية او امراض عملية او امراض فكرية حجبته من ان يرى بالتسكوب هنا ليس الخلل من الله و لا من الدين لا في ذات المعتقد و لا في السبب .

و هنا المشكلة التي يخلط فيها الاطرف الاخر في الاعتراض على الامامة الالهية فيقول لماذا صار فيها الاختلاف ؟ لماذا الضرورة ليست كذا ؟ و ليتكن ليست كذا ولكن هذا لا يعني كون الخلل في الدليل و لا في ذات الشيء والنتيجة لابد من وجود اشخاص لديهم هذه المكانة . كيف هذا ؟ هذا امر لابد من بيانه .

تقسيم ثالث للضرورة

قبل الختام اذكر ان السيد المرتضى ره و غيره قسموا الضرورة الى تقسيم آخر غير هذا التقسيم الضرورة بحسب الدليل الضرورة بحسب ذات المدرك و الضرورة بحسب درجة الادراك وهذا غير التقسيم الخماسي الذي مر بنا.

السيد المرتضى و و صاحب المغني لديهم تقسيم ثنائي آخر غير التقسيم الخماسي و غير التقسيم الثلاثي وهو تقسيم لا باس به يقول: هناك ضرورة هي بدرجة يضطر الانسان الى حصول العلم اي قهريا حصل لديه العلم هذا القسم الاول؛

القسم الثاني: هناك ضرورة لا تقهر الانسان على حصول العلم و لكنه لابد ان يستدل حتى يحصل له العلم يستدل اي يتدبر؛ فليست هي نظرية متوغلة و معقدة في النرية لكن تحتاج الى استدلال و تدبر . وهذا التقسيم الثنائي قد يتقارب مع التقسيم الثنائي الذي قد مر بنا . اذن هناك ضرورة قاهرة لحصول العلم.

وهناك ضرورة تحتاج الى تدبر و استدلال في قبال الضرورة التي تحتاج الى توغل في الاستدلال وهذا قسم ثالث للضرورة . هذا تقسيم آخر للضرورة .

هنا يقع السؤال: الضرورة العقائدية للتمذهب لابد ان تكون من القسم الاول فقط؟ او يمكن ان تكون من القسم الثاني ؟ وماذا عن القسم الثالث؟ اللازم على الباري تعالى في بيان اسس الدين او اسس الايمان او اصول الدين – في هذين القسمين دعنا عن الضرورات العامة او الاقسام الاخرى للضرورة – الواجب على الباري تعالى في التكليف الاعتقادي في الضرورات في اسس الدين او اصول الدين هل اللازم ان تكون فقط من القسم الاول اي انها قهرا مما توجب العلم الاضطراري للطرف الاخر السيد المرتضى ره يقول: لا.

وياتي بشواهد كثيرة جيدة لذلك حتى في التوحيد سنتعرض لها.


[1] إِنَّ الَّذينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُون‌. سورة يونس، الآیة 7. إِنَّ الَّذينَ آمَنُوا وَ الَّذينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا في‌ سَبيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحيم.‌ سورة البقرة، الآیة 218 . الَّذينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُون‌.سورة البقرة، الآیة 46.
[2] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْإِيمَانُ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَ التَّقْوَى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَ الْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَ مَا قُسِمَ فِي النَّاسِ شَيْ‌ءٌ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ. الكافي (ط - الإسلامية) / ج‌2 / 51 / باب فضل الإيمان على الإسلام و اليقين على الإيمان ح2. وفي الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام / 381 / 106 باب التفكر و الاعتبار و الهم في الدين و الإخلاص و اليقين و البصيرة و التقوى و الخوف و الرجاء و الطاعة لله عز و جل (وَ أَرْوِي مَا قُسِمَ بَيْنَ النَّاسِ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ.).
[3] سورة التكاثر، الآیة 5-7.
[4] سورة النساء، الآیة 103.
[5] سورة الإسراء، الآیة 78.
[6] سورة البقرة، الآیة 197.
[7] سورة الشورى، الآیة 23.
[8] ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‌ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‌ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى.‌ سورة الحشر، الآیة 7.
[9] وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى.‌ سورة الأنفال، الآیة 41.
[10] وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى‌ حَياةٍ وَ مِنَ الَّذينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَ اللَّهُ بَصيرٌ بِما يَعْمَلُون‌. سورة البقرة، الآیة 96.
[11] سورة آل‌عمران، الآیة 61. فَمَنْ حَاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبين‌.
[12] عَمَّ يَتَساءَلُونَ*عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ*الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُون‌. سورة النبا، الآیة 1-3.
[13] سورة الحج، الآیة 1.
[14] سورة النمل، الآیة 14.
[15] أَفَلَمْ يَسيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتي‌ فِي الصُّدُور. سورة الحج، الآیة 46.