46/06/08
الموضوع: التنزيه والتفاوت في الصفات الذاتية والفعلية
وصلنا في اية الكرسي الى هذا المقطع : ﴿ولا يؤوده حفظهما﴾ يعني نفي الثقل عن البارئ في حفظ السماوات والارض بل في حفظ الخلق والمخلوقات وعوالم المخلوقات كلها وفي الاية الاخرى الله يمسك السماوات والارض ان تزولا ولئن زالتا ... لاحظ يمسكها معنى يمسكها ان تزولا ليس يعني تتزايل عن مكانهما وانما ان تزولا يعني تنعدما يقول لم يزل يعني وجود فيمسكهما يعني يمسك وجودهما عن ان تفنيا .
ايضا لا يؤوده حفظهما نفس الكلام خلق كل شيء فقدره او ثم قدر فهدى فاصل الوجود خلقه اما تكامل الوجود وبقاءه ايضا قدره هذه الكمالات الاولية لاصل الوجود وان كانت كمالات ثانوية من جهة امتداد البقاء او التكامل فاذن ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا بمعنى ان تفنى لا ان تتزايل من موقع الى اخر ولئن زالتا ان امسكهما من احد ، او ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا فالممسك هنا يمسك يعني يوجد ويمد البقاء بالوجود ، ولئن زالتا يعني عدم وجودهما وليس تزايلت من مكان الى مكان جغرافي اخر .
فاصل الوجود مدد منه تعالى وبقاء الوجود مدد منه تعالى والمعنى نفسه لا يؤوده حفظهما يعني حفظ الوجود لهما ابتداء وحدوثا وبقاء ففي هذه الايات العديدة المراد بحفظ المخلوقات او امساكهما المراد اصل اعطاؤهما نعمة الوجود وبقائه لا انه يحفظهما يعني يرعى اوصاف عرضية في المخلوقات وانما اصل الوجود عندما تقول ازلي ليس معناه انه لا يتزايل من مكان الى مكان وانما وجوده مستدام .
من المبهر في الباري تعالى انه وجوده الازلي يعني لم يزل هو عين وجوده الابدي ، الازلي يعني ليس مخلوق وكان فيما مضى وابدي يعني ما يأتي وسرمدي يعني مجموعهما ويطابق المعنى اللغوي السرمج مجموع الازلية والابدية ولكنه في الباري تعالى وصفه حاشاه ان يكون كوصف المخلوقين فمعنى الازلي يعني شوب المخلوقات فيها والابدية شوب المخلوقات فيها حاشاه مما مضى وما لم يأت ابديته عين ازليته المستقبل عنده حاضر والماضي عنده حاضر ونعوذ بالله ان تتفاوت فيه الدهور .
شخص ادعى انه انا متمكن من علم الكلام وفيصل فيه واميز الغلو عن عدم الغلو قلت له الازلي اسم الهي ام لا؟ قال نعم قلت كيف يصير مخلوق؟ الاسم مخلوق قال تريد ان تدفعني الى ابار عميقة؟ قلت انت تقول انت مجتهد في علم الكلام فكيف تترجل في هذا؟ هناك غوامض في المعارف ، الازلية والابدية حاشا لله ان نقول مضى ، اي شيء مضى ؟ ما عنده مضى ولم يمض وحاشاه ان تتغاير عليه وتتفاوت في شأنه شيئ، التفاوت هذا ليس الى هذه الصفات من الجهة المخلوقية هي صفة ذاتية لكن الصفات الذاتية في الحقيقة مخلوقة وفيها هذا التفاوت .
انتم لاحظوا دعاء الامام الباقر دعاء البهاء في سحر شهر رمضان هو درس عقائدي من العيار الثقيل للبشرية او لعموم المؤمنين والمسلمين وفي هذا الدعاء مطالب عالية والبعض تكلم عن سنده انه هل هو من ثقات ام لا؟ انى للرواة المستضعفين المغلوبين على امرهم ان يصلوا الى هذه الدقائق هذه معجزة والعقل يتحير فيها فليس قضية الظن في الاعتقاد وانما هي براهين وبينات وبرهان .
او دعاء جوشن انت احشر البشرية كلها والعلماء كلهم ليس بامكانهم ان يستخرجوا دقائق دعاء جوشن انى لهم ادبا ومعنى فالبشرية لكع وعي تجاه الوحي الوحي هو وحي وهذا القائل يقول تعامى عن الوحي الى الظنون العمياوية ، ان الظن في العقائد لا يغني من الحق شيئا هو برهان ، فالقائل يتعتع ويتعتع الناس هو مريض ويمرض الناس في منهجه الفكري .
الشيخ الطوسي في موضع من كتبه يقول انا احذف سند الادعية والزيارات لا انه ليس لدي طرق ولكن لكي لا اطيل الكتاب لان الدعاء هذا هو طقوس واي شيء في هؤلاء الذين ينقنقون ويشككون الناس ؟ فهذا الدعاء العظيم معانيه عظيمة جدا وكلها معادلات قرآنية وروائية ، للاسف هذا المرض بدأ يتفشى .
اذن الابدية هذا ليس في الخالق هذه في الاسماء لان الشائبة المخلوقية فيها والا الباري هو مالك الابدية وهو فوق الابدية ، الابدية لا تحتوي الازلية والازلية لا تحتوي الابدية انت تحتاج تقول ازلي ابدي بينما الباري كماله فوق الابدية وفوق الازلية هذي اسماء مخلوقات لكنها عظيمة لانها قريبة منه وتعرفنا الطريق اليه هي ليست اله وليست مسمى هذه اسماء مخلوقة مكرمة قريبة في الكمال الى الباري .
مر بنا قرب المخلوق من الخالق ليس قربا جغرافيا لم يلد ولم يولد وانما حاك عن عظمة الباري اكثر من غيره وتجلي للبارئ اكثر من غيره وظهور له اكثر من غيره فلا نخلط بين الظهور وما يتم الظهور به ولا نخلط بين التجلي وبين ما يتجلى الظهور به .
ما عرف احد احدا الا بالله وما عرف الله الا بالله طبعا المعرفة بالايات موجودة لان الايات العظمى محل لظهور الله بالله مثلا هذي مرآة من جهة تقول رأيت زيدا بتوسط المرآة ومن جهة تقول رأيت زيدا بنفسه لان صورته هي الحاكية له ، المرآة هي محل لظهور زيد ولتجليه ولانعكاسه ومن جهة ما يتجلى في المرآة هو نفس الشيء ليس غيره فلا يوجد منافاة بين قاعدة عقلية بينها الوحي من معجزات ائمة اهل البيت انه لم يعرف احد احدا الا بالله ولم يعرف الله الا بالله فكيف اذن بنا عرف الله ؟
لا يوجد هناك اي منافاة الان في سورة يوسف ائنك لانت يوسف أ يعني استفهام هل هنا استفهام او ماذا؟ يقولون معاني همزة الاستفهام ثلاثة عشر معنى هذه عملية استفهام كيف تدخل على ان التحقيقية ، فكيف ترديد وتحقيق؟
هذه الاية لها تفسير من معجزات علم الائمة اين يصل معناه الي الراوي مع احترامنا للرواة؟ هشام ابن الحكم اعظم واكرم به لكن هو في قبال بحر العلم الاعجازي والبرهان الوحياني مستضعف بمسافة لا نهاية لها حتى الفلاسفة والعلماء والمراجع بالقياس للمعصوم هم اقل من قطرة في البحر ، من يفهم هذه الامور غير اهل البيت لا احمد بن حنبل ولا ابو حنيفة ولا الاشعري هذا فقط ائمة اهل البيت .
لذلك ائمة اهل البيت هم العلوم الكاملة وقواعد العلم والمعجزات الباهرة، فيوسف هو المخاطب ائنك لام تأكيد لانت ، ما معنى انك لانت اي تعدد هذا؟ والكاف عنصر ثالث فكيف يكون لام تأكيد وهمزة استفهام؟ مؤكدين يعني انت حقيقية ولام تحقيقية وهمزة استفهام ، هذا مورد وسر من الاسرار فهنا اسم يوسف كمفهوم براني وتبعي يقول الامام الصادق المعارف القلبية الوجدانية الفطرية بالله هذه موجودة هذه عقدة الدر في سورة يوسف او في القرآن فيها سر توحيدي في معرفة الله /، يقول الامام الصادق : فعرفوه به لا بغيره فتعرفه به لا بغيره فكيف يقول بنا عرف الله؟ هذا بيان عقلي متواتر عنهم ولا منافاة بينها هو نفس المطلب ، فالمرأة انت تعرف زيد لانك تعرف زيد فتراه تعرفه لانك عرفت زيد ولا تقل المنعكس في المرآة صورة قاسم كلا هو زيد لكنك لا تستطيع ان ترى زيد لولا المرآة التي ارتك زيدا فهيأت لك الارضية او القابلية لان تعرف زيدا بزيد فيصدق على المرآة انه بها عرفت زيد بزيد وتصدق انك عرفت زيد بزيد هذا هو الجمع التكويني العقلي وهذه هي المعجزة عند بيانات اهل البيت عليهم السلام حتى الفلاسفة يدوخون وانا لا اقوله متعصبا وانما وقفنا عليه من الكتب المقررة الدراسية في كتب العرفان او الفلسفة فهم يدوخون ويتحيرون وهذا البيان ليس فقط من الامام الصادق وانما الامام الرضا في تعليمه ومحاججته لاكبر متكلم في ذلك الزمان عمران الصابي يقول به .
فمن جهة عرفت الله بالله ومن جهة عرفت الله بالايات وبالمرآة والذي ينكر الايات ينكر معرفة الله والذي يجحد الايات يجحد معرفة الله يعني الذي يجحد الايات لا يستطيع ان يعرف الله بالله فيحجب عنه حتى معرفة الله بالله .
في دعاء ابي حمزة الثمالي بك عرفتك وانت دللتني عليك هل هذا الدرس القاه الائمة في عرفة او في شهر رمضان؟ احد زوجات النبي هي عندها الجسمية لله ما عندها مستوى فكري كما في دعاء ابي حمزة الثمالي بك عرفتك وانت دللتني ولولا انت لم ادر ما انت هذا صحيح ومع ذلك يقول بكم عرف الله فالذي يجحد الايات يجحد الله ومن اول القرآن الى اخره تجد تكرار لكلمة ايات الله لنريه اياتنا وهذا سيد الانبياء وليس نحن فسيد الانبياء يرى ايات الله الكبرى .
قوله تعالى رب ارني انظر اليك ولم يقل ارني نفسك ما الفرق بين ارني والنظر؟ وكذلك في قصة عزير في سورة البقرة فانظر الى طعامك لم يتسنه وانظر الى شرابك وانظر الى حمارك كلها انظر انظر ما قال قم بالرؤية ما الفرق بين الرؤيا والنظر؟ سنريهم اياتنا في الافاق ، هو نفس الاشتقاق امر صعب لكلمة الرؤية ومعقد سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتجلى من خلال الايات الباري تعالى ، هذه الاية جمعت بين بكم عرف الله والتبين والظهور بالله ، يعني جمع بين امرين ، هذا جمع عقلي دقيق قرآني وهو معجزة بيانات اهل البيت انه اذا تجمع كلامهم لها اصل اصيل قرآني وهو عدل القرآن .
فلا تحصر نفسك بالسند وانما تعال الى برهان عقلي ومحكمات ويقينيات فلا يمكنك ان تترك المحكمات اليقينيات وتوثيق المتن ودستورية المتن وتبحث في سند ظني في العقائد يجب ان يكون المتن مطابق للاصول الدستورية العقلية الوحيانية ودستورية المتن العقائدي بعرضه على براهين الاصول الدستورية العقلية الوحيانية في القرآن والسنة المتواترة معا .
السيد الخوئي في بحثه الفقهي عنده انه لو كان هناك خمسة اسانيد متباعدة بعضها عن البعض وان لم تكن صحاح ولكن كانت معتبرة يعني حسنة او قوية فضلا عن كونها موثقة هذه الخمس روايات التي لا يوجد تواطؤ على الكذب فيها سوف يقطع بها وتشكل سنة قطعية فهو يدعي خمسة عدد وليس خمس مائة فيركز على الجانب الكيفي فينتج منها سنة قطعية وتعرض عليها ما دونها فلا يتعامل معها معاملة الظن وكلامه صحيح فلاحظ الامام الباقر في حديثه في الاصول الكافي يشير الى الاعجاز الوحياني الذي يخرس به الفصحاء وهو في اربعة اسطر وجدا ممتازة في وصف عصمة الامام . هذه بصمة البرهان واعجاز العقل الوحياني ويتعتع فيه الكبار .
يذكر العلامة الطباطبائي انه رأى والدته في الرؤيا فعرضت له مسألة عويصة لم يستطع حلحلتها فلاسفة الاولون والاخرون هو تعجب من ذلك وعلم انها ليست منها لان هذه المسألة ممتنع عليها تصورها فضلا عن ان تأتي بجوابها فمن ثم هي اتت له بالجواب فزاده العجب وقال هذه مسألة تصورها صعب فكيف اتيتي بحلها وتعلمون ان هناك بعض المسائل في علوم مختلفة لم يأت احد لها بالجواب فعرف العلامة ان هذه ليس منها انما شيء اوعزه الله لها و وراءها كناية فوعظته بهذه الموعظة وقالت له الا يكفيك بعدك عن الروايات وحبسك نفسك على الفلسفة ؟؟؟ من ثم صمم ان يعكف على تدريس البحار وهذا ربما عشرين سنة قبل وفاته .
فالمقصود بعض الاحيان البرهان ليس بحاجة للتوثيق ، فالمعجزة سميت بالمعجزة لانها يدركه العقل لكنه يتعتع ان يأتي بمثله ففرق بين البرهان والبرهان الاعجازي ومن خواص الامام الباقر انه ليس فقط يعلم ويفتق العلوم بل يعطيك برهان مدهش مبهر تدركه انت وتعجز عن ان تحيط به ، والمعجزة دائما هكذا تدركها وتعجز عن ان تحيط بها وتلم بها .
فالعقل ينقاد لها والمسألة بهذه المستوى ندركها ونندهش وننبهر بها فانا اقول كل رواد العلوم يعجزون عن ان يحيطوا بدعاء جوشن وكميل ودعاء الصباح ودعاء ندبة وهذا ليس تعصبا ولا عاطفة هذه معاني هو ادبياته معجزية انت تدرك البلاغة العظيمة فيه وتعجز عن ان تحيط به وتأتي بمثله وتتناغم تناغما اعجازيا ، اعجاز الادب مع اعجاز المعنى هذا كيف تريد ان تحاكمه بسند ظني هذا من المعيب علميا وهذا كما لو قلنا ان القطع حجيته ذاتية لكنه بحاجة الى سند ظني هذا من خزعبلات الكلام.