الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

46/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : طبقات التعطيل والتشبيه والتوحيد في الصفات

 

هذا المقطع الاخر من اية الكرسي وهو في صدد صفات الله الفعلية حتى باصطلاح علم الكلام او الفلسفة او التفسير مثلا له ما في السماوات وما في الارض صفة فعلية وليست صفة ذاتية وملكية الله للمخلوقات صفة فعلية وليست صفة ذاتية من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ايضا صفة فعلية وليست صفة ذاتية .

﴿يعلم ما بين ايديهم﴾ المراد بها هنا العلم كصفة فعلية وليست صفة ذاتية ، فملكية الله كصفة فعلية غير ملكيته كصفة ذاتية فالملك والمالكية لله مالك يوم الدين ﴿الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين﴾ او ملك يوم الدين فيمكن ان تفسر كصفة فعلية ويمكن ان تفسر كصفة ذاتية ولكن لا تنحصر بالصفة الذاتية وانما ايضا صفة فعلية .

له يعني ملكية ، يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم فبلحاظ العلم الفعلي تصير صفة فعلية ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء ، فما دام ذكر فيها عجز المخلوقات ايضا صفة فعلية وسع كرسيه السماوات والارض والكرسي وعلم الكرسي واحاطته وقدرته كفعل من افعال ايضا صفة فعلية .

ومر بنا انه بعض المخلوقات العظيمة صفاتها صفات الله اي صفات فعلية له تعالى مع تنزيه الله عن شوائب المخلوق يعني هذا البحث موجود عندهم ان الاسماء الالهية طبقات منها اسماء ذاتية وطبقة منها فعلية كالرزاق او المحيي او المميت والحي ، فالحي شيء والمحيي شيء اخر المحيي صفة فعلية الى ان تصل الى هذا المقطع وهي صفة من صفاته الفعلية .

ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم لا يتكئد ولا يشق عليه حتى عندما يقال في القرآن وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو اهون عليه وله المثل الاعلى في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم فلو تصورنا ان الشيء اهون على الله من شيء هذا يكون نوع من التشبيه لله بالمخلوقات .

ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة لو افترضت ان فعلا اهون له من فعل اخر لكانت لقدرة الله انتهاء فاذا تقول ان الصفات في الباري تتفاوت بلحاظ نفس الباري لكان معناه نفاد قدرة الله ونضوبه فماذا نصنع بكلام الامام الباقر عندما يستعرض الصفات الفعلية : اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه نعم الصفات لا يمكن تصور التفاوت فيها بخلاف الصفات الفعلية ولكن هذا التفاوت لا ينسحب على الله والا لكان عبارة عن جرجرة احكام المخلوق للخالق .

فاذن في الصفات الذاتية لا يتصور شدة وضعف وتفاوت فلما يقال شديد المحال اهون او ذو القوة المتين هذه من الصفات الفعلية اما بلحاظ الصفات الذاتية لا يتصور شدة وضعف اللهم اني اسألك من بهائك بابهاؤه وكل بهاءك بهيئ اللهم اني اسألك ببهائك كله .

لماذا هذه الاثارات العلمية يثيرها الامام الباقر في شهر رمضان في دعاء السحر ويستحب قراءة هذا الدعاء في اي وقت وليس فقط في شهر رمضان اللهم اني اسألك من علمك بانفذه يعني الذي يخترق ولا يحجبه شيء وكل علمك نافذ هذه مراتب الانفذية والاختراق يعني السيطرة والاحاطة والتفاوت في العلم الفعلي يمكن ان يتصور اما في العلم الذاتي لا يمكن ان يتصور والا لتبدلت الاحوال فيه ، اللهم اني اسألك بقدرتك على كل شيء وكل قدرتك مستطيلة اللهم اني اسألك بقدرتك كلها يعني اثنان وعشرين صفة يذكرها الامام الباقر فيها على درجات وطبقات الصفات الفعلية والتفاوت فيها من حيث هو فكيف تكون صفات فعلية له تعالى؟

هذا للتدليل على ان الصفات الفعلية وافعال الباري هي متفاوتة كمخلوق اما اذا اردت ان تصيرها الى الذات يعني كصفة ذاتية يجب عليك ان تنزه الصفات الفعلية من شوائب المخلوقية الى صفات ذاتية خالية من شوائب المخلوقية .

ما خلقكم ولا بعثكم الا ... هذه السوائية والسواسية من طبيعة صفات الذات والتفاوت من طبيعة صفات الفعل المشوبة باحكام المخلوقين وهذا دليل انها من صفات الفعل وليست صفات ذاتية فاذا اردنا ان نسند الصفات الفعلية الى ذي الصفة وهو الباري تعالى المسمى يجب ان نصفيها عن احكام المخلوقين الى ان تصبح صفة ذاتية الهية ليس فيها احكام المخلوقين والصفة الذاتية مقدسة منزهة مشففة عن صفات المخلوقين .

هذا غير التسبيح الاعظم فحتى الصفات الذاتية لها تصفية وغربلة واعترف المتكلمون والفلاسفة ان الصفات الذاتية يؤول بعضها الى بعض يعني بعضها اصفى من بعض الى ان تصل الى ام الصفات او قل ام الاسماء ، فالاسماء الذاتية او الصفات الذاتية طبقات الى ان تصل الى الاسم المستأثر او المخزون او المكنون ذاك الذي هو اطهر الاسماء على الاطلاق من حيث التصفية من شوائب المخلوقين .

هناك بيان متعدد متكرر برهاني عقلي لائمة اهل البيت ان حتى الصفات الذاتية هي في الحقيقة صفات فعل يعني الفعل الاقدس لله واسنادها الى الله يحتاج الى تنزيه اكثر واكثر اذن قضية التنقية من التشبيه درجات فوصفه تعالى بالصفات الفعلية توحيد وايمان لكنه مشوب بشوائب خفية واذا اراد الانسان ينزل فينزل اكثر فاكثر في حين لا نلتزم بالتعطيل ان نعطل الذات ومعرفة الذات هذا باطل وكذلك الصفات باطل وكذلك الافعال ايضا باطل والتوحيد لا ينحصر بتوحيد الذات ولا توحيد الصفات ولا توحيد الافعال ، توحيد الافعال يعني نوحد الفعل الى فعل واحد وان تزين الفعل بافعال .

ربما قد يستشهد له وما امرنا الا واحدة كلمح البصر فالتوحيد في الصفات الفعلية او في الافعال يعني لا تعطل ولا تشبه وانما قم بالحمد والتنزيه يعني عدم التعطيل يعني تسجد الكمالات اليه تعالى سورة الحمد بعد البسملة الحمد لله رب العالمين فالحمد هو عدم التعطيل والتسبيح عدم التشبيه فكيف يحصل التوحيد بعدم التعطيل وعدم التشبيه ؟ عدم التعطيل يعني التوصيف ، فالغلو فيه تعطيل يعني لا يسند الى الباري تعالى وانما يسند للمخلوق فقط ، فالمقصرة ايضا معطلة لانه كمالات المخلوق ما يسندوها الى الباري فالغلات من جهة والمقصرة من جهة معطلة وايضا مشبهة لان المقصرة يقولون بان هذه الصفات الطريق المستقيم في الايمان والتوحيد من جهة لا تعطل ومن جهة لا تشبهة .

لابد ان يكون معية بين التحميد والتسبيح هذه الصفات كاله ويملك الشفاعة ويملك الاسماء ويملك كل شيء لكن في حين انك لا تعطل ولا تشبه لكن لا تقل هذه الصفات وهذه الافعال شؤونها وشوائبها المخلوقية مسندة اليه تعالى هذا نقص لله من ثم التفاوت الموجود في الصفات الفعلية لا يمكن سحبه اليه تعالى والا لكان الله يتفاوت وهو لا يتفاوت انما الذي يتفاوت هو المخلوق فكأنما بيان الامام الباقر في دعاء السحر يلتفت الى الصفات الالهية جملة منها صفات فعل ويجب الا تنسب بشوائبها الى الله نعم انسبها الى الباري ولكن بدون نسبة الشوائب والنقيصة التي فيها .

دعني اذكر هذا المطلب الذي بينه امير المؤمنين واولاده ببيانات عقلية مختلفة في الصفات الذاتية فضلا الصفات الفعلية او في الاسماء ان الاسماء وهي الصفات الذاتية لماذا هي مخلوقة؟ مع ان الاسماء الذاتية العليا والصفات الذاتية العليا ليس فيها رائحة ولا لون المخلوق بل الناظر الساذج من علماء الكلام ينظر اليها كانها الوهية .

احد بياناتهم عليهم السلام يقول الكثرة رائحة المخلوقية قل هو الله احد يعني مخلوق فالاسماء ليس فيها لون المخلوق وهوية المخلوق وانما الاسماء فانية مندكة حاكية عن الذات الالهية لكن فيها شيء من رائحة المخلوق وهي الكثرة لاحظ كلام امير المؤمنين في اول خطبة نهج البلاغة : اول الدين معرفته الى ان يقول وكمال معرفته التصديق به الى ان يقول وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه فلماذا ننفي الصفات عنه؟ مع اننا نصفه بالعلي العظيم القوي المتين فكيف يقول اذا تريد ان تبلغ كمال الاخلاص يجب ان تنفي الصفات عنه ؟ يعني هذه الصفات كمالها لله لكن لا نشبه في حين اننا لا نعطل يجب ان لا نقول بالكثرة في الباري تعالى هو منزه عن الكثرة وكمال الاسماء اليه اما الكثرة التي هي نوع من النقص ومخلوق لا يمكن ان تسنده اليه .

فكمال الاخلاص نفي صفات عنه لشهادة كل صفة انها تغاير ... هذه المغايرة يعني الكثرة الامام الصادق في اصول الكافي يستدل ببيان عقلي لنفس مطلب جده امير المؤمنين يقول الكثرة في الاسماء دليل المخلوقية وهو نفس بيان امير المؤمنين قال فمن وصفه فقد الحد لشهادة كل صفة انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف انه غير الصفة فمن وصفه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله .

فاذن لا نكون من المعطلة في الصفات ولا في الافعال ومن جانب اخر ايضا لكن لا نكون مشبهة وكم من التشبيه والشرك الخفي وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون المشرك يشبه ويشارك ما لله غير الله ، الشرك في الذات والصفات والافعال هذا يصير معطل ومحدد ومشبه فمرض التعطيل يلازم التشبيه وبطلان التشبيه يلازم التعطيل شبيه ان الجبر يلازم التفويض والتفويض يلازم الجبر والاستقامة في التوحيد بالتخلص من كلتا الجهتين الباطلتين جهة التعطيل وجهة التشبيه .

كيف نحرز التوحيد بعدم التعطيل وبعدم التشبيه معا؟ المقصرة انحرافهم الاصلي انهم مشبهة من حيث لا يشعرون فالمقصرة مشبهة لانها تنسب الصفات بما فيها شوائب مخلوقية تنسبها الى الله تعالى وهذا لا يصح لاحظ الايات الكريمة في سورة الحشر لماذا ابتدأت الايات بكلمة هو الله ولم يقل الله هو ... وكثير من الايات في السور العديدة ابتداؤها ب (هو) اية قل (هو) الله احد وليس الله (هو) وحتى الله لا اله الا (هو) المحورية صار ل(هو) يا ترى اسم (هو) اعلى من اسم الله او العكس ؟ فاي الاسمين مقدم رتبة؟

كما مر بنا التهليل درجات ومراتب كما ان التحميد والتكبير والتسبيح كذلك فالصفات درجات والاسماء درجات فلماذا نقول لا اله الا (هو) اعظم او لا اله الا الله ايهما اعظم؟ حتى ان لا اله الا هو او لا اله الا هو هذا ذكر امير المؤمنين في معركة احد لا هو الا هو وهو اعلى من لا اله الا هو والاخير اعلى من لا اله الا الله انظر كم تهليل الان؟ وهذا موجود في الايات والروايات فلماذا التهليل طبقات؟ وما معنى التهليل؟

التهليل مصدر اشتقاقي من الوله وهو درجات يعني التوجه الى المسمى درجات ، عموم علماء المسلمين يقولون التكبير يعني الله اكبر من كل شيء هذا تكبير مشبوه بالتشبيه كما بين امير المؤمنين والائمة وانما التكبير المنزه عن التشبيه ان تقول الله اكبر من ان يوصف هذه درجات في التكبير والتعظيم والتسبيح فبالتالي الاسماء طبقات .

اذن الخلاص من التشبيه درجات وكمال الاخلاص له يعني حتى اخلاص درجات في المعرفة والايمان والتخلص من التشبيه درجات والتخلص من التعطيل درجات وبالتالي التوحيد درجات هذا يعني بحسب الحقيقة العقلية هكذا بالتالي البحث في الصفات الفعلية والذاتية غامض له ابعاد وضوابط وقواعد كي يسلم الانسان من التعطيل الجلي والخفي والاخفى ويسلم من التشبيه الجلي والخفي والاخفى والتحميد له درجات والتسبيح له درجات والتهليل له درجات الى ان يكون خالص مخلص ، نعم غير الخالص ليس خارج عن الايمان لكنه ايمان النازل والتوحيد النازل ليس خارج عن التوحيد ولكنه توحيد نازل.