46/06/05
الموضوع: سر الصفات الفعلية الإلهية والتوحيد
وصلنا الى هذا المقام من اية الكرسي ان اية الكرسي جعلت من صفات المخلوق العظيمة لله جعلتها صفاتا فعلية للبارئ وهذا باب عظيم في تفسير حقيقة الصفات الفعلية وهذا ليس خاص باية الكرسي مثلا ذكر الله عز وجل لعظمة العرش ومخلوقات اخرى كالاسماء ، فالباري يذكر كأنما صفات الهية للاسماء في القرآن الكريم الى درجة ان كثيرا من المفسرين او المتكلمين لايجعلون هذه الصفات للاسماء وانما هي صفات للمسمى صحيح وان كانت هي صفات الاسماء ولكن بعد الكمال فيها صفات للمسمى .
مثلا سيد الانبياء شفيع لكن مآل الشفاعة لله رب العالمين يعني هي مآل كل الكمالات ثم كمال المخلوقات مآلها يرجع الى الباري تعالى .
لماذا القرآن الكريم يركز على عظمة بعض المخلوقات لانه ترجع اليه تعالى فهو نوع من التعظيم له تعالى اعظم من التعظيم الذي ذكر لهذا المخلوق ، يعني الله فوق هذا الكمال وفوق صاحب هذا الكمال فيكون اعظم وهذا هو السر ان القرآن يؤكد على الايات كانما يعطيها احكام الهية هي ليست لها لكنها تؤدي الى الله كالتكذيب بالايات والاستكبار عليها والاعراض عنها وسببه انه تعظيم الايات تعظيم لباريها وانكارها يؤدي الى انكار عظمة الله بخلاف من يقول ان فعل الله ليس بعظيم فاذا انت كنت تستنقص الباري في فعله سوف تستنقص الشأن الالهي .
اذن لب لباب الصفات الفعلية انها مخلوقة يعني لا كلام عند المتكلمين الا من شذ منهم والفلاسفة والمفسرين والفقهاء ان الصفات الفعلية ليست عين الذات تحققا وانما هي مخلوقة فكيف هي مخلوقة وهي صفة الهية؟ ولماذا سميت بانها صفة فعلية؟ يعني هي حاكية عن كمال الهي ، فكونها مخلوقة لا ينافي حاكويتها لعظمة الذات الالهية فليس كل صفة لله هي عين ذات الله تعالى تحققا ووجودا .
هناك شاذ من المذاهب الفقهية او الكلامية يقول كلام الله ازلي ، طبعا عندنا نهي عن تسمية القرآن بالمخلوق وذلك لان كلمة المخلوق تسمى بمعنيين لانه تارة تستعمل معنى الشيء البالي والقرآن لا يبلى ولذلك ينهى عن تسمية القرآن انه مخلوق يعني بالي لكن الطرف الاخر فهم انه ازلي ابدي ، لكن هذا ليس بمعنى ان القرآن واجب لوجود او اله .
لاحظ الان تقديس القرآن وان عظمته مندكة في عظمة الله هذا ليس افراط في القرآن لان عظمة القرآن هي عظمة الباري مع ان القرآن ليس اله ، وما من غائبة في السماوات ولا في الارض الا في كتاب مبين وايات اخرى ايضا في كتاب مبين او ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى فهذا كله ليس غلو لانه بالتالي يرجع الى الله عز وجل وكذلك الامام المعصوم وعزرائيل واسرافيل .
اذن باب الصفات الفعلية تنطوي على سر معرفي عظيم فعظمة المخلوق وعظمة الايات تعظيمها تعظيم لذات الباري واستنقاصها وتقزيمها تطاول على مقام الباري.
ذكرنا ان الشيخ جعفر كاشف الغطاء قال اي ممارسة واي طقوس وحتى لو كانت عبادية يقوم بها المكلف تجاه النبي او الائمة مع كون الملحوظ فيها هو الله لانه نبي الله حتى لو بلغ هذا التعظيم ما بلغ ما دام انه مضاف الى الباري هذي ستكون لا محالة عبودية لله ثم يقول هؤلاء الوهابية او عرفاء خلطوا بين المعصية الفقهية والمعصية العقائدية يقول هذا الفعل ليس معصية عقائدية ويمتنع ذلك يعني لا يمكن ان تقول غلو لانه مضاف اليه تعالى .
طبعا هناك قد يحصل خلط ان الانسان يتعامل مع نبي الله تعامل غير مرخص به لكن لا يحصل غلو ولا يكون طاغوت وانما هو سبيل الله بخلاف الجبت والطاغوت الذي هو قاطع عن الطريق .
زليخا في سورة يوسف تعاطت مع نبي الله بمعصية لكن مع ذلك المآل ادى بها الى الهداية لان طرف التعامل معها هو نبي الله ، وكل من ارتبط بالنبي يوسف مثل النسوة قالوا ما هذا بشر ان هذا الا ملك كريم يعني ادى بهم ذلك الى الهداية لانه نبي الله وسبيل الله وهذا انجذا لهم .
هناك كثير من النسوة كن يعرضن انفسهن على سيد الرسل وبعض زوجات النبي كن يقلن ما اوقحهن لكن النبي قال ما اكثر حب هؤلاء لرسول الله؟ ففي عالم النساء هذا معيب ان تظهر المرأة محبتها للرجل ولكن اذا كانت مع نبي الله فليس معيب .
عندنا رواية من طلب العلم لغير الله هداه الى الله لان العلم في نفسه نور او كل عصبية الى النار لكن العصبية لاهل البيت تقود الى الجنة كل عصبية في النار الا ما كان لعمي حمزة فانها تقود الى الجنة يعني هي اصطفاء فعصبية حمزة قادته الى الاصطفاء لان هذه العصبية مرتبطة بمركز النور وسبيل الله .
وهناك امثلة كثيرة في القرآن او سيرة سيد الانبياء تقود الى الهداية مثلا عندنا رواية رواها الفريقان ان ام ايمن شربت بول النبي وهو فعل محرم ولكن كان محبة بالنبي فحرم النار على بدنها بل الشافعي افتى على ضوء هذه الرواية بان بوله طاهر او الحجام شرب دم النبي وهو معصية ولكن مع ذلك قال النبي في روايات الفريقين حرم الله جسده على النار لانه يريد ان يتقرب الى النبي وهذا التقرب تقرب للجنة وان كان هو غلط منهي عنه .
في سيرة سيد الانبياء بعض الاحيان الناس يسيئون الادب معه لكن ليس عن بغض وانما من محبة فح بعض الصحابة او الازواج يريدون ان ينهونهم لكن النبي يقول دعوهم فانه عن محبة ، وحتى هناك احاديث قدسية ان بعض الانبياء ارادوا ان يعاتبوا مؤمنا ويأتي النهي من الله ان هذا صحيح عمله خاطئ لكن هو اراد به التقرب الى الله غفلة .
فاصل التقرب الى الله صحيح وهو الانقياد كما يسمى في الاصول يعني صحيحة وان كان ذات العمل خطأ وهذا الذي يركز عليه الشيخ جعفر كاشف الغطاء كما قد يكون العمل صحيحا لكن النية خاطئة فالمشكلة في النية ولذلك يقول الامام الصادق سجود الملائكة لادم هو سجود لله لانه لاحظوا في ادم اضافة اليه تعالى .
فهذا ميزان عقلي تكويني بينه الوحي وليس شيئا تعبديا ، فما دامت الاضافة موجودة في الصفة الفعلية والممارسة اذن ليس غلوا وانما هو نهاية المسؤول وغاية المأمول ، فالقرآن مشحون بهذا الامر من ثم يستعرض الله افعاله العظيمة ومخلوقاته العظيمة لبيان عظمته تعالى يا من في البحر عجائبه اصلا دعاء جوشن هو فوق العقول والفلاسفة والعرفاء والفقهاء عجزوا عن ان ياتوا بمثله ، وحتى صياغة الادب فيه فوق القدرة البشرية لان تناسق الادب مع ادق المعاني الاعجازية اعجاز اللفظ توأمها اعجاز المعنى هذا اعجاز فوق الاعجاز كما في دعاء ندبة ودعاء الصباح ودعاء كميل هذا لا يقوى عليه البشر فلو تعطي لبشر ان ينشد مقطوعة مثله لتلكأ وتلعثم مهما بلغ .
من هنا لسنا نتكأ على السند فقط لان الراوي مستضعف في هذه المعارف وحتى ملا هادي السبزواري عنده ذوق في الحديث عظيم وعنده شرح دعاء الصباح ودعاء جوشن وعلم الاسماء المذكور في دعاء جوشن كثير من العرفاء يقولون نعجز عنه او هو طلاسم ، فالمعنى في دعاء جوشن هو قرآن صاعد ومطابق مع اصول القرآن حبكا بلاغة لفظا معنى منهجا فهو شيء عظيم ومن هذا هي هذه الادعية العظيمة وكذلك دعاء الندبة ليس يمكن ان يقال هو انشاء عالم ، فاي عالم يمكنه ان يصل الى هذه المعاني ؟؟
الشيخ حسن زادة الاملي اراد ان يؤلف مناجاة مقتبسا من مناجاة المعصومين لكنها كانت مكسرة متعتعة فهذا كتاب الشيخ جعفر كاشف الغطاء فيه مباحث كلامية وعرفانية صعبة وكذلك فيه مباحث عقلية وفقهية ممتزجة مع بعضها البعض ففي مبحث واحد هناك مباحث متعددة وهذا كتاب منهج الرشاد واقعا يصلح ان يكون كتاب تدريسي هو كتاب في الامامة والمعاد والتوحيد في كل مفاصله ولا اذكر هذا تبجحا ، وفعلا كانت فك الطلاسم العلمية فيه كانت مستعصية على من قبله وبقيت مستعصية على من بعده وكانما لم يلتفتوا الى البيانات العلمية في هذه الطلاسم .
فالاضافة ان وجدت فح ممتنع التأليه بل هو عين العبودية والتوحيد والخضوع له تعالى لانها باذن الله ، طبعا الصفات الفعلية طبقات وغيرها من الصفات ايضا طبقات ، فهذا مفتاح عظيم موجود في اية الكرسي ونفس اية الكرسي سميت باية الكرسي واضيف الكرسي اليه تعالى من باب تعظيم علم الله ، فعلم الكرسي مظهر من مظاهر طبقات علم الله وهو من اعظم صفات الله واذا استنقصنا علم الكرسي سنستنقص علم الله في مقام صفاته الفعلية واذا استنقصت علم الامام والنبي ستنقص علم الله في مقام صفاته الفعلية.