الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

46/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المنهج العاصم في الاعتقادات

 

اذكر في هذا المبحث هذه النكتة بشكل اجمالي ونؤجل بقية المباحث في الصفات الفعلية او الاسماء الى محل لاحق ، فمبحث الاسماء يمكن ان يقال انه اعقد واصعب مباحث المعارف ، والزلل فيه يمينا ويسارا يتمادى بالانسان الى ما لا يحمد عقباه وربما شاهدت من هو من لديه باع في المعنويات ولكنه قد يغفل عن كثير من الموازين والنظم في هذه المباحث فمن حيث لا يشعر تزل به والعصمة لاهلها فنحن لسنا بمعصومين ولكن ذكرنا في السنين السابقة في مباحث العقائد ان سفينة نوح هم اهل بيت رسول الله ص ما ان تمسكتم بهم لن تضلوا بعدي وهو الدال على ان اهل البيت علمهم ليس بائد وكما في زيارة الامام الثاني عشر السلام على الحق الجديد والعالم الذي علمه لا يبيد يعني ما يصير علمه بايد .

فما هي الالية التطبيقية اليدوية اليومية للتمسك بمحكمات الكتاب والسنة فيما بين الفلاسفة والمتكلمين او فيما بين المتكلمين والمتكلمين والمفسرين والمفسرين ؟

اتانا احدهم وصار نقاش حول الاسماء وادعى نظرية قلت له انت من اين اخذت قالب هذه النظرية؟ هل من كيسك ؟ اضبط الية يدوية يومية تفصيلية عاصمة في سفينة الوحي ان يلتزم الانسان في العقائد بقوالب الوحي !! هذه من اهم القواعد الادوية لا بقوالب مبتكرة من المجتهدين في علم الكلام او الفلسفة او العرفان او التفسير ، انا لا اقول البيانات التي يرويها الرواة نقل بالمعنى فغالبا ليست كذلك لا سيما اذا كان هذا القالب قد تكر وروده مستفيضا بطرق متعددة فضلا عما اذا كان متواترا انا ليس كلامي في الصدور هذا بحث عقلي ولكن هذه القوالب التي تأتي من الوحي ونعلم انها من الوحي لتعدد طرقها لا لان الرواة والطرق جعلت هذه المادة وحيانية فليس من مصنع الرواة فالرواة ليسوا الا كقناة تكوينية لوصول الوحي .

اذا علمنا بان هذا القناة والقالب وحياني هذا امتن لاستقامة المعارف والعقائد من ان تأتيني مثلا بلفظة واجب الوجود او علة العلل هذا غير البيان الذي يأتي في قالب الوحي وهذا ليس بحث سطحي حشوي قشري وانما بحث عميق صناعي حيث القالب الوحياني عاصم والكلمة الوحيانية عاصمة يعني انطباقها بالمليمتر بخلاف كلمات البشر مطاطية وليست بقالب دقيقة وقد ينشا منه ما لا يحمد عقباه في المعارف .

معنى انه استمسك بالعروة الوثقى يعني اخذ علمي عن الوحي ولو اتدرب على يد بشرية او نتائج بشرية ، فالوحي احد ضوابطه الادوية التفصيلية ان يكون قالب المدعى الذي تتبناه ورد من الشارع والا سنكون فرقا وشيعا فالوحي هو عامل وحدة علمية وفكرية هذا ليس من باب الاخبارية او الحشوية وانما هذا القالب بلحاظ ما يمتلك من مخزون معنى منضبط بخلاف القوالب البشرية .

صاحب الجواهر في مبحث شرطية النفقة على الزوجة وانه هل هو شرط التمكين او شرط عدم النشوز او شرط الكيانة في بيت الزوجية يذكر سبعة اقوال ويقول هذه قوالب الفقهاء ولكن لو رجعنا الى القالب الموجود في الرواية نراه اضبط طردا وعكسا فلماذا نأخذ بقوالب اخرى؟

فهو ليس اخباري وانما اصولي ولكن يلتفت الى الصناعة في القالب الوحياني السيد البروجدي يقول لنميز بين الفقه المأثور والفقه الاستنباطي هو عنده نظرية يقول كتاب المقنعة للمفيد والمقنع للصدوق وكذا الهداية وكذلك المهذب لابن براج والنهاية للشيخ الطوسي فيعدد كتب القدماء والاقدمين ويقول هذه الكتب فقه مأثور لكن يقول قوالب الفقه المأثور اضبط في موازين الفقه وكمعيار للتفريعات والاستنباطات فيكون التحاكم لقوالب الوحي وهذا نفس مطلوب صاحب الجواهر ولذلك يميز السيد البروجردي بين الفقه الاستنباطي والفقه المأثور .

اذا انت فقهك الاستنباطي لا تجعله ميزانا ومدارا تحتكم اليه وانما احتكم الى الفقه المأثور فالشيخ الطوسي في مقدمة المبسوط يذكر الفرق بين كتاب المبسوط عن النهاية ويقول الفرق ان هذه قوالب وحيانية ولكن تلك تفريعات واستنتاجات اجتهادية تخطئ وتصيب وفي مقدمة المبسوط الحافلة بالمنهجية في الاستنباط يشير اليه .

اذن قوالب الوحي اضبط في الاعتصام في علم الكلام والمعارف ، بل زيادة على ذلك ان يكون الاستدلال والاحتكام لقوالب الوحي فهو استنباط صناعي لكن انت تراعي فيه صغرى وكبرى وحيانية ثم صغرى وكبرى وحيانية هذا عبارة عن الاستنباط بمواد الوحي فيكون اضبط وامتن في النتيجة ، فالنتيجة اذا تريد تستنتجها انت انظر عندنا صغرى وحيانية وقالب وحيانية اولى وصغرى وكبرى وحيانية ثانية وصغرى وكبرى وحيانية ثالثة وهلم جرا فالاستنتاج الذي تستنتجه يكون قالب وحياني يعني كله هو ثوب الوحي ولكن انت تتنقل وتهندس صناعة واجتهادا وليس حشوية وقشرية ولكن كله من قوالب الوحي وهذا عاصم لك عن الانحراف .

اتاني احد الاساتذة وطرح لي نظرية قلت له هذا القالب هل هو وحياني او من العلماء ؟؟ هذه ليست قصة اخبارية وانما صناعة اصولية اجتهادية وحتى في المعارف لكن الفرق بين ان تحتكم بالاجتهاد او بقواعد وقوالب وحيانية فان هذا اضبط والحديث يفسر بعضه بعضا والقرآن يفسر بعضه بعضا والقرآن يفسر بالحديث والحديث يفسر بالقرآن والوحي يفسر بالوحي .

هذا تفسير عن نظم واستنباط وصناعة واجتهاد وليس حشوية وقشرية ولكن منضبط بالالتفات الى معاني غزيرة في قوالب الوحي فاذن هذه الالة الادوية لا سيما في عالم الاسماء او غيره كانضباط ضابط وكتوصية جدا مهمة لا تسبب علينا نشأة فرق مذاهب وانما بقالب الوحي .

الان مثلا ما الفرق بين كتاب اعتقادات الصدوق وكتاب تصحيح اعتقاد المفيد ؟ الاول كل ما فيه هو قوالب مستفيضة او متواترة من المعصوم الا فيما التزم به الصدوق من سهو النبي فان هذا باطل وفنده كل علمائنا بعد الصدوق وقبله ، فالشيخ الصدوق اتى بقوالب وحيانية ولم يتأولها فما الفرق بين كتاب اعتقادات الصدوق وكتاب الباب الحادي عشر للعلامة الحلي؟ مع انه كلهم من زعماء وعلماء الامامية وانعم بهم واكرم ؟؟

الفرق ان كتاب الاعتقادات كله وحياني معرفي مثلا عالم الطينة الشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي وملا صدرا والعلامة الطباطبائي والمتكلمون والفلاسفة جلهم لم يتبنوا ان الروح مخلوقة متميزة بالخلقة قبل البدن ونحن عندنا روايات متواترة بين الفريقين خلق الله الارواح قبل الاجساد بالفي عام ، فهم عندهم شبهة اعني متكلمي الامامية فضلا عن غيرهم وفلاسفة الامامية فضلا عن غيرهم انه كيف تكون الروح بلا جسد؟

فهم اولوا هذا الحديث وما انكروه انه خلق الله الارواح قبل الاجساد بالفي عام لانه متواتر وهو يدل على عالم الطينة وعالم الميثاق فاولوا عالم الطينة والذر والميثاق والاظلة والاشباح لان قاعدة خلق الله الارواح قبل الاجساد بالفي عام متواترة وكل هذه الاشكاليات اجبنا عنه فلسفيا كلاميا عقليا ولكن الشيخ الصدوق تراه انه انضبط بقالب الوحي وليس انضباط ظاهري سطحي قشري .

فاقصد الانضباط بقوالب الوحي يعصم الانسان من الخطأ مع ان هذه الاشكاليات التي ذكرها الفلاسفة مع احترامي لهم هي اشكالات قابلة للجواب بشكل دقيق لانه عندهم غفلة .

جانب اخر ذكره الصدوق في الاعتقادات انها قوالب متواترة او مستفيضة وهذه قوالب عظيمة وليست رواية في مورد وانما هي قواعد في معارف الوحي انت لاحظ بداية كتاب كمال الدين للصدوق عنده مقدمة طويلة اذا تقرأه تظنه كلام الامام وليس كلام الصدوق لان الصدوق لم يستعن في رد شبهات الاسماعيلية والزيدية وفرق الشيعية بكلام المتكلمين وانما استعان بقوالب الوحي فاجاب عن اعقد الشبهات بنظم المعادلات الوحيانية .

كما هو حال خادمة الزهراء فضة رضوان الله عليها تستعين دائما بالايات بدل ان تتكلم فكلام الصدوق جزل بلغة عقلية ولكنه عقلية وحيانية وليست عقلية بشرية ونحن مع احترامنا لكل علمائنا ولكن من الاجدر ان نميز بينهما .

لاحظوا اجوبة الصدوق في هذا المجال هو كلام عقلي دقيق صناعي استعان بالوحي وقوالبه يعني هو كلامه استنباط ولكن بقوالب الوحي فانتم قارنوا بين ما ذكره الصدوق وبين ردود الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة فهو رد على الكيسانية والناموسية والزيدية ولكن بلغة المتكلمين واصطلاحاتهم فانظر الفاصل بين الردود الصناعية العقلية التي استخدمها الصدوق مع الشيخ الطوسي ومن هو الاكفأ في المنهجية؟

الصدوق صناعته في القوالب ادق واعمق مما ذكره الطوسي وهذه مباحث المعارف وعرة وخطرة والعاصم فيها هو قوالب الوحي كما يقول الامام الصادق دعني ومخترعاتك وانما ائتني بقوالب وحيانية وليس اخبارية ولكن بغزارة علم وائتني بقوالب وحيانية واجعل المدار هو المتواتر اما ان تأتي بمقترحاتك وتريد ان تفسق وتكفر او توحد على مخترعاتك هذا هو الانحراف .

كما يقول امير المؤمنين بدء وقوع الفتن اهواء تتبع واحكام تبتدع ما انزل الله بها من سلطان فيخالف فيها احكام الله طبعا الصدوق ايضا عنده دورة عقائدية في كتاب الهداية ايضا قالبها وحياني لان القدماء اول ما يبدأون الكتاب يطرحون نبذة عقائدية ثم يلحقون به الكتاب الفقهي مثل كاشف الغطاء عنده دور في العقائد في كشف الغطاء ثم يخوض في الفقه وهذا ديدن جدا ممتاز .

طبعا الكتاب اعتقادات الصدوق ذكر فيه برهان سلس على المعاد الجسماني والى الان فلاسفة الشيعة غافلين عنه كملا صدرا والعلامة الطباطبائي مع احترامي وكذلك المتكلمين ولكن ذكر الصدوق بكل سلاسة عقلية بديهية برهانا على ذلك ، ابن سينا توفي مائة سنة بعد الصدوق قال الفلاسفة الى الان لم يهتدوا الى برهان عقلي على المعاد الجسماني لكن يؤمنوا به اتباعا لسيد الانبياء لان ابن سينا عكف على تراث الفلاسفة وترك معارف الوحي فيقول نحن نؤمن به من باب الايمان بالغيب .

نحن نقول له لماذا لم تنفتح على كتاب الصدوق وترى احاديث اهل البيت سترى الاجوبة فنقول له انت اقرأ الوحي واللغة العقلية وانفتح على الانبياء قبل ان تنفتح على الفلاسفة ولا تنفتح فقط على المجتهدين في علم الكلام ، هم انعم بهم واكرم ولكن انت اسبح في الوحي قد تجد ما لم يجدوه وحتى توصية العلامة الحلي وكاشف اللثام ذلك فانت اسبح بالوحوي واستعن بجهود العلماء ولا تستبد برأيك هذا صحيح ولكن لا تحبس نفسك مع افق المجتهدين او الفلاسفة وانما انت اسبح وكن غواصا او اسبح قريب الساحل وقم بالغوص في مسافات تقدر عليها .

فلاحظ هناك برهان عقلي اشار اليه القرآن وسيد الانبياء على المعاد الجسماني غفل عنه المتكلمون والفلاسفة الاولون والاخرون وتنبه اليه الصدوق والحر العاملي في كتاب الرجعة وهذا مثال منهجي اشار له الحر وليت لنا منه بوسائل في المعارف كما الف الوسائل في الفروع وان كان كتابه الوسائل كما مر بنا في علوم دينية كثيرة عقائدية وتفسيرية وليس منحصرا بالتبويب الفقهي فلاحظوا كتاب الرجعة هو ذهنيته عقلية وقادة ونبوغ عقلي وكتابه بديع في الصناعة العقلية الاعتقادية فهو دائما يحافظ على قوالب الوحي.

ايضا الملا الشريف الفتوني فقيه كبير ويقال هو من طرف الام جد صاحب الجواهر وكان من علماء النجف ومن علماء جبل عامل .

هناك كتاب اخر الفه الحر العاملي في العقائد والاصول والطب وعلم الاخلاق والرياضة الروحية باسم الفصول المهمة في معرفة اصول الائمة ثلاث مجلدات ولكن ثلثي المجلد الاول هو دورة عقادية في التوحيد والنبوة والامامة والمعاد وحرص لان يتعرض لكل مسائل المتكلمين العقلية والفلسفية لكن بقوالب الوحي المستفيضة او المتواترة .

فانت عالج مسألة هي معركة الاراء لكن بقوالب الوحي القطعية وليست الظنية فلاحظوا هذا الكتاب وقارنوه مع شرح التجريد وانعم بشرح التجريد انا لا انكره لكن كلغة فلسفية او كلامية شيء وكلغة الوحي شي اخر ، انا لا اقول المناهج لا يطلع عليها الانسان هو يجب ان يطلع على كل المناهج لكن يقارن بعد ذلك بالوحي فيرى الاكفأ ماذا؟ او يمزج بين الكفاءة والاكفاء .

منهج الصدوق هو المنهج العاصم في العقائد وان كانت نتائجه لم تعصم والعصمة لاهلها ولكن الكلام نسبيا ، الان في علم الكلام المجلسي صاحب البحار اسد الاسود نعم ليس بمعصوم ولكنه خبير جدا ، هذا المجلسي في الصناعة الكلامية عنده خمس مجلدات في البحار من مجلد ثلاثة وعشرين الى تسعة وعشرين استقصى فيه مئة وخمسين بابا او قاعدة في معرفة المعصومين وهذا الباب يشكل قاعدة ام وقواعد كلها وحيانية وليست نتاج بشري وليس خبر صحيح احاد وانما بيان مستفيض او متواتر يعني قطعي وليس ظني لان علم العقائد يحتاج الى قطع وبراهين .

ففي كل باب من هذه المجلدات الخمسة المجلسي يذكر خمس قواعد امتولدة من هذه القاعدة الام المحكمة وربما اثنى عشر قاعدة او عشرين قاعدة ونحن لم نستقص كل الابواب لما كنا نقرأها وهي قواعد جحفلية ترسانية وليست فقط مسائل مع ان المجلسي ابن بجدتها على الاطلاق في المتأخرين ولا نظير له والكل يسجد له باعلميته في علم الكلام حتى الفقهاء وهو الزعيم وليس فقط اعلم في القرون المتأخرة هذا المجلس الصناعي الصيرفي في علم الكلام والاسد المستأسد لكنه يراعي هذا المنهج وهو قوالب الوحي في الصغرى وفي الكبرى وفي الاستنباط وفي النتيجة وفي المدعى استعصاما علميا بقواعد الوحي فيذكر مئة وخمسين قاعدة ام من المحكمات هذه خمس مجلدات عبارة عن معجم الامامة والنبوة وكلها قواعد محكمات متواترة وقطعية ينشعب منها محكمات دونها.