46/05/28
الموضوع: نظام الصفات الفعلية والذاتية والغلو والتقصير
وصل بنا الكلام الى قوله ﴿تعالى ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ...﴾
وخرجنا بنتيجة مهمة في الصفات الفعلية ان القرآن الكريم هنا يذكر صفات الكرسي في عداد الصفات الفعلية وهذا شيء مهم جدا ان صفة مخلوق عظيم مهول هي صفات فعلية للباري تعالى وهذه نكتة عقلية بديعة ان الصفات الذاتية لكل المخلوقات بعينها صفات فعلية للباري تعالى وما يمكن التفكيك بين الامرين فجحود هذه الصفات لهذه المخلوقات هو حقيقة جهود لعظمة الصفات الفعلية.
بعبارة اخرى كل مخلوق منتسب بانتساب المخلوقية لله تعالى وهذا عين ما ذكره الميرزا المجدد عن الغلاة انهم وان فطنوا صفة المخلوق ولكن جهلوا صفة الخالق يعني هذه الصفات التي هم يؤلهون بها هي صفة ذاتية للمخلوق لكنها صفات فعلية للخالق ، ولكن المقصرة لم يفهموا ذلك وسبب عظمة اية الكرسي احد جهاته هذا المطلب ان الصفات الذاتية للمخلوق انت لا تتعاظمها هي ليست الا صفة فعلية لفعل الله والله فوق ذلك بينما المقصرة يحسبون ان هذه الصفات الفعلية للمخلوق هي ذاتية للخالق كلا الخالق فوق ذلك يعني يخبطون بين الصفات الفعلية لله والصفات الذاتية للبارئ وهذا اشتباه عظيم ما يمكن ان ندرج الصفات الفعلية انها صفات ذاتية نعم قد تؤول مآلا الى ان منشأها صفة ذاتية هذا بحث اخر ولكن بنفسها ليست صفة ذاتية والا تطرق لوازم الفعل في الذات الالهية وهذا محال فالفعل له شؤونه لانه مخلوق من المخلوقات .
فكما يقال اسماء مخلوقة الصفات ايضا مخلوقة وليس هناك من يتفوه ان الصفة الفعلية ليست مخلوقة ، فمخلوقية الصفة الفعلية لا ينفي كونها صفة وكونها صفة لاينفي مخلوقيتها والجمع بين الامرين كما هو من المعاجز العلمية في بيانات اهل البيت في مصادر حديثية متعددة وليس مصدر واحد كالكافي فقط فالاسماء مخلوقة وفي بيانات اهل البيت حتى ما يقال بالصفات الذاتية هي مخلوقة ولكن لا يرى مخلوقيتها فكيف بك بالصفات الفعلية؟ وهذا لا يوجب تطرق الخلق والحدثان في الذات الالهية الذات الالهية فوق الصفات الذاتية فضلا عن الصفات الفعلية وانما معنى صفاتيتها انها حاكية عن كمال اكمل في الذات واكمل من الصفات الذاتية هذا يصعب على المقصرة وحتى على الفلاسفة انه كيف يتصور كمال اكمل من الصفات الذاتية فهذا الكمال الموزع في الصفات الذاتية في الباري هناك كمال اكمل واجمع منه .
الشاهد اذن مخلوقية الشيء لا تنفي عنه ايتية الباري ومعنى الاية يعني الحكاية وهو صفة وهذا بحث مهم ومنه يظهر خطأ المقصرة وخطأ الغلاة كلاهما معا فهما يشتركان في عدم التنبه والمعرفة واليقظة الى ما فوق هذه الافعال وما ان شيئا يفرض انه من الافعال اذن هو ليس عين الذات الالهية وبالتالي هو مخلوق من المخلوقات بلغ ما بلغ فهذا بالتالي مخلوق وبالتالي هو صفة المخلوق وليس صفة ذاتية لله .
فهذا الخلط التنبه اليه صعب الا من اوتي حظ التسبيح الاعظم والتنزيه الاعظم وللصفات طبقات فالصفات الفعلية طبقات والصفات الذاتية طبقات والاسماء الالهية بعضها اسماء الذات والصفات الفعلية اسماء فعلية للباري لان الصفة والاسم هو شيء واحد .
فنصل الى هذا المطلب ولايؤوده حفظهما ... فالحفظ هو مخلوق وليس خالق فلا يؤوده حفظهما يرجع الى نفس الكلام يعني صفة فعلية للبارئ وليست صفة ذاتية وبالتالي هي صفة ذاتية للمخلوق ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم .
هذه الاسماء مآلها منتسبة الى الذات الالهية قل ادعوا الله يعني الاسم ولا الصوت او ادعو الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى والعجيب انه لن نتخيل ان الاسماء هي الاصوات نعم هذه الاصوات تشير الى حقائق الاسماء هذا صحيح لكنها ليس هي الاسم حقيقة وانما هي اسم الاسم الاسم والخوض في هذا المبحث مخيف على غير المقتدرين فيحجمون او ينكرون .
مثلا الاسم الاعظم لا تظن انها الفاظ يتلفظ بها او معاني وانما هذه المعاني حاكية عن الاسم بوسائط هي مرآة مرآة مرآة الى ان تصل للاسم ، الاسماء بقول مطلق طبقات ومرايا ومن ثم اكد في بيانات مستفيضة عقلية من العترة الطاهرة ان الاسماء يشتق منها اسماء ثم الاسماء اللاحقة يشتق منها اسماء يعني بين صدور الطبقة الثانية الثالثة الى ما بعدها من الاسماء صدورها بوسائط ليس كالطبقة الاولى الصادرة فبالتالي هذه الطبقات في الكمال في بيانات العقلية للوحي الاسماء الذاتية ليست في رتبة واحدة فكيف بالاسماء الفعلية والصفات الفعلية .
هناك نقطة معروفة ولكن يجب التنبه اليها ان اي مخلوق من المخلوقات تارة يتم التركيز على ذاته وانانيته وتارة يركز على حكايته الان مثلا لو سألنا ما الفرق بين الجدار والمرآة؟ المرآة طبيعتها حاكية مثلا اذا انت رأيت الزجاج شفاف جدا وربما اذا انت ما تركز على الزجاج تظن ان هذا ليس زجاج تريد تخترقه ولكن تجده جدار زجاجي ذو مراتب ودرجات فمرآتية الزجاج الشفاف بشكل ومرآتية المرآة بشكل اخر فكل منهما درجات وانواع .
الان بالدقة الهواء جسم من الاجسام لكن الهواء لا يمانع عن النظر ، اذن بعض المخلوقات متمحضة في الحكاية ومعنى درجات الحكاية يعني قوة التمحض فكلما المخلوق تمحض في الحكاية يعني تشفف عن الانانية وكلما قوي المخلوق في الحكاية غابت انانيته واصبح خالص مخلص من الانا ، اصلا معنى الاخلاص هو الشفافية والفناء .
لاحظ في زيارة امير المؤمنين انه فدوي تضحوي للنبي : السلام على اخلص المخلصين يعني بذل نفسه في طاعة النبي ولم يكن يرى لنفسه وجودا او قيمة امام رسول الله ، اذن امير المؤمنين كله توجه الى رسول الله فاذا هو لم يتوجه الى نفسه فكيف يتوجه الى هواه؟ هذا بالكلام سهل ولكن بالنسبة الى مقام العمل عندنا مستحيل وممتنع .
شبيه ما يقال بالطواف القلبي في روايات مستفيضة وردت في سورة فاطر ان الامام طواف قلبه حول الباري تعالى وهذا باللسان سهل ولكن بالعمل بالنسبة الينا من الممتنعات حيث نحن هوانا لا يمكننا ان نغلبها لضعفنا وكذا غضبنا لا نتخلص منه فالاخلاص درجات يعني الفناء درجات والتوجه درجات فالمخلوق كلما قويت فيه جانب الحكاية كلما تطهر من الانانية او من الذات او من انا الذات وذاتية الانانية وبالتالي قويت العبودية فيه لله او عبودية الطاعة لرسول الله .
هنا مباحث جدا معقدة ومهمة نستعرضها ولو فهرسيا لاحظ هذه الحكاية في المراة اصبحت وصفا ماهويا للماهية النوعية وكأنما فصل مقوم لماهية المرآة فرق المرآة عن الجدار ليس فرق عرضي وانما مقوم فيه فشأن المرآة ووصفها في حال الحكاية ودرجات الحكاية يختلف كأنما حقيقة المرآة من حيث الحكاية وقوة درجة الحكاية تختلف عن المرآة ان لم يكن لها قوة وحكاية او ما يلحظ فيها جانب الحكاية ، هنا يقع الخلط عند الغلاة والمقصرة فالتوحيد امر صعب فلا غلو يعني تشبه ولا تقصير يعني تعطل ، بينما التوحيد الخفي تنزه عن الغلو والاخير تشبيه وان كان كل غلو تقصير وكل تقصير غلو ، فكل من الغلاة بمعنى هم مقصرة وبمعنى معطلة ومشبهة والمقصرة ايضا معطلة ومشبهة .
فالنجاة من التشبيه بالوانها المختلفة بالتوحيد واحد اليات اقامة التوحيد من دون تشبيه وتعطيل هو نظام الايات ولعل عنوان الايات من اعظم العناوين التي اهتم بها القرآن الكريم وتعني فيما تعنيه انك تلاحظ في كل مخلوق جهة الحكاية فيه وانه دليل على الباري تعالى فالمخلوق فيه جهتان جهة ذاتية انانية وجهة حكاية عن الخالق وايتيته بشكل اجمالي فالاية هي درجات والانانية درجات .
ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى الطغيان ايضا درجات الى ان يصبح الانسان طاغوت او جبار على الارض ان فرعون علا في الارض فلاحظ كل من البعدين درجات في المخلوق والاسماء الالهية لشدة خلوصها لا يلتفت ولا يتنبه ولا يشم منها الذاتية وانما متمحضة خالصة مطهرة عن الذاتية والانانية اسألك باسمك القدوس الطاهر عن شوائب الانانية والذاتية .
اذا لوحظ في المخلوق جانب من الذاتية هذه درجة نازلة واذا لوحظت الدرجة المتمحضة في الباري تعالى هذه درجة عالية من ذلك المخلوق اذن هناك حيثيتان حيثية الحكاية وحيثية الدرجات في الحكاية وهي درجات في الذات والانانية .
فهنا مبحث مهم يعني عدة نقاط وعدة ضوابط يتلو بعضها البعض .
من النقاط التي تذكر ان ايتية المخلوق احق بالواقعية من انانية ذاته فحقيقة المخلوق هو حكايته وغايته وحقيقته هو حكايته اما انانية ذاته فهي انعكاس مشاغب سراب كما انه بعض الاحيان الصورة تنعكس ولها ظل وفيء وهذا ليس ان المخلوقات لا وجود لها كلا لها وجود ولكن حقيقة وجودها انها دلالات على الباري لا على انانية ذاتها فهي ليست لها استقلال .
هذا الكلام كله باللسان سهل واما بالفكر او معايشة الامر فكلا ، فبالنسبة الينا مجرد لقلقة لسان لكن هذه اللقلقة لابد ان تنضبط بضوابط فاذن يجب ان نلتفت الى ان منشأ الغلو او التقصير اين في هذه الابحاث التي اشارت اليها اية الكرسي .