الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

46/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النسبة بين الصفات الفعلية والذاتية

 

كنا في اية الكرسي وقلنا انها تستعرض الصفات الذاتية للباري تعالى والصفات الفعلية ومن ضمن نسق الصفات الفعلية التي كشفت عنها وبينتها اية الكرسي ان ربطت بين صفة العلم كصفة فعلية والكرسي الذي هو مخلوق من المخلوقات، ولا يخفى في مباحث المعارف ان صفة العلم تكون ذاتية وهي نفس الصفة لطبقات اخرى منها تكون صفة فعلية وليست ذاتية .

فالصفات الفعلية او الذاتية ليس من الضروري في التغاير بينهما عنوانا هو علم ولكن العلم الذاتي يختلف عن العلم الفعلي او العلم كصفة فعلية كما ان القدرة كصفة ذاتية تختلف عن القدرة كصفة فعلية مع انها هي قدرة ، فكون القدرة صفة ذاتية لا ينفي كون القدرة في طبقة اخرى هي صفة فعلية وكذلك العلم وكذلك جملة من الكمالات والصفات الذاتية نمط منه صفة ذاتية ونمط منه صفة فعلية .

نعم جملة من الصفات الفعلية مثل الرزاق والمميت والمحيي صفة فعلية ولكن ليس عنوانها صفة ذاتية مع ان علماء علوم المعارف هم في الصفات الفعلية التي ليست متحدة عنوانا في القدرة الفعلية كصفة فعلية متحدة عنوانا مع القدرة الذاتية هذا كعنوان سواء كان معنوي او لفظي اما صفة الرزاق والمحيي والمميت هذه الصفات الفعلية ايضا في الحقيقة الباحثون يرجعون الصفات الفعلية غير المتحدة عنوانا مع اللصفات الذاتية يرجعوها الى صفة ذاتية معينة فبالتالي السؤال هذا ان الصفة الفعلية ما دامت هي فعل الله كيف هذه الصفة تكون صفة لله? فهي صفة الهية لكنها فعلية فكيف تكون صفة مخلوقة لكنها ترجع الى الله? الصفة دورها حكاية والصفة الفعلية حاكية عن الصفة الذاتية والصفة الذاتية تقودك الى المسمى فالفرق بين الصفات الذاتية والفعلية ان الصفات الفعلية بالدقة هي صفات لله تعالى بواسطة بينما الصفات الذاتية صفات للمسمى بغير واسطة .

بل هم لما دققوا في المطلب اكثر رأوا ان الصفات الذاتية التي هي حكاية عن المسمى وكمالات المسمى بغير واسطة بالدقة الصفات الذاتية ليست كلها في طبقة واحدة وانما هي طبقات ولما تكون الصفات الذاتية طبقات بالتالي الطبقات النازلة المتأخرة هي ليست حكاية لكمالات المسمى ايضا هي بالواسطة نعم الطبقة الاولى من الصفات الذاتية والاسماء الاولى منها تلك حكاية عن الذات بدون واسطة مع انها في بيانات الوحي هناك ايضا واسطة بواسطة الاسم المستأثر.

فاذن الصفات الذاتية هي الاخرى بالواسطة الا الطبقة الاولى منها اذن ما الفرق بين الصفات الفعلية والذاتية? حيث الذاتية ايضا هي بواسطة بينما الصفات الفعلية بالواسطة فما الفرق اذن? يقولون الفرق هو ان الصفات الفعلية ترجع الى الذاتية نعم الذاتية هي ترجع الى المسمى .

وهناك بيان اخر وحياني ورد ان بعض الصفات الفعلية او كلها هي متقررة لله قبل المخلوق فهي مخلوقة يعني جنبة الكمال في المخلوق هي اية وحكاية في كمال الله سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق? فهي ايات حاكية فبالتالي الصفات الفعلية بواسطة والصفات الذاتية ايضا بواسطة،والفرق بينهما صار بانه الصفات الفعلية متلازمة مع الفعل وحكايتها عن الصفات الذاتية بلحاظ طبقات كمالات ذلك المخلوق .

عالم الاسماء الحسنى في بيانات الوحي خلقت الطبقة الاولى واشتق من الطبقة الاولى الطبقة الثانية واشتق من الثانية الثالثة وهلم جرا لذلك ورد باسمك الاعظم الاعظم الاعظم ، فلماذا قال اعظم ؟ كان بامكانه ان يقول عظيم ولماذا يقل الاعظم الاعظم الاعظم? كان بامكانه ان يقول باسمك العظيم العظيم العظيم ، اذن هي طبقات .

الامام الباقر في دعاء السحر يقول : اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه وكل بهائك بهي اللهم اني اسألك من بهائك كله هنا كم معادلة موجودة? المعادلة الاولى : اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه والمعادلة الثانية كل بهائك بهيء والمعادلة الثالثة اللهم اني اسألك من بهائك كله اللهم اني اسألك من علمك بانفذه فهو عليه السلام في صدد بيان تفاوت الصفات يعني حتى في الصفة الواحدة طبقات ولعل هناك اثنان وعشرون وصف الامام الباقر في دعاء السحر يؤسس عقائديا وادعيتهم هي دروس تعليمية عقائدية علاوة على الجانب التربوي فيها .

فالصفة الفعلية هي صفة للمسمى بتوسط الصفة الذاتية فاذن لم سميت صفة? لانه مرآة المرآة ، المرآة يعني عندنا مرايا متعددة فبالتالي الذي في المرآة الاولى ينعكس في هذه المرايا ، اذن في اية الكرسي جعل من الصفات الفعلية لعلم الله علم الكرسي، اما نفس الكرسي فهو مخلوق من المخلوقات الملكوتية وهذا المخلوق علمه صفة فعلية لعلم الله فهو مخلوق ولكن صفاته تكون فعلية لله وهذا ليس بمعنى انه اله والا لماذا تقحم اية الكرسي سعة الكرسي وعلم الكرسي ؟ انما تقحمه في سياق سرد صفات الله .

اذن ما ورد في بيانات الوحي في الروايات انهم عليهم السلام عين الله و وجه الله ويد الله وجنب الله هذا هو على منطق القرآن لان هذه صفات فعلية وهي تقوم بنفس فعل الله الذي هو مخلوق .

ان اية الكرسي تنبهنا على باب عظيم وليس من العبط ان تجعل هذه الاية واية الشهادة واية الملك قرينة لسورة الحمد بالنزول من العرش مما ينبه على عظمة المضامين الموجودة فيها ان علم الكرسي يمثل الصفة العلمية للمسمى وللذات الالهية في مقام الفعل ومر بنا سعة الكرسي للسموات والارض ليس سعة جغرافية وانما سعة معنوية يعني لطيفة بينما جبريل اذا اراد ان يعرج الى السماء السابعة يحتاج الى طيران وصعود ونزول بينما الكرسي سيطرته على السماوات والارضين وكلما دونه هي سيطرة حاضرة فعلية .

طبعا الكرسي مخلوق ملكوتي يعني ما يعتمد عليه ومثل العرش الذي يستظل به اظلة العرش وقد ورد عنهم عليهم السلام ان اللوح والقلم اعلى شأنا من جبرائيل وميكائيل واسرافيل وخلقة اللوح والقلم النورية متقدمة على الملائكة المقربين والسماوات ففي اللوح والقلم ورد عنهم عليهم السلام انهما ملكان ولكنه لايموتان وهما فوق الملائكة المقربين وورد في بياناتهم عليهم السلام بينما جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل قبل ان تقوم القيامة يميتهم الله .

وما يكتب يعني نفس الوجود التكويني للمخلوقات هو كتابة له وكتابته ليس بالنقش والحبر فسمي القلم قلم لانه يوجد ما دونه والامام عندما ذكر هذه المعارف سأله الراوي انه هل احدث بهذه المعارف? الامام قال له كلا .

ومر بنا مرارا كل شيء في الملكوت فهو حي شاعر ناطق مهول ذو طاقة جبارة وحقيقة القرآن في ام الكتاب ايضا هكذا حقيقة شاعرة حية وكذلك الصور والايات القرآنية ، كما ورد ان هذه الايات عندما ارادت ان تنزل من العرش الى الارض اشتكت الى الله تعالى مما يعني انها موجودات حية شاعرة ومر بنا في اخر سورة الاسراء ان النبي موسى يصف المعجزات بوصف اشياء حي شاعرة لقد علمت ما انزل هؤلاء ، فقبله كان يتكلم القرآن الكريم عن معجزات النبي موسى ولكن هنا القرآن الكريم يقول هذه المعجزات هي وجودات غيبية حية شاعرة يشار اليها بهؤلاء وليس هذه .

كما ان الاسماء التي علمها الله لادم في سورة البقرة ليست جامدة والا لقال هذه بينما القرآن سماها هؤلاء والاسماء شأنها اعظم من المعجزات وهي وجودات غيبية مهولة ملكوتية ثم قال ثم عرضهم وما قال عرضها فلو كانت مجرد اصوات الفاظ لقال عرضها ولم يقل عرضهم .

كذلك العصا سنعيدها سيرتها الاولى هل هي جامدة او شاعرة? فما بينه اهل البيت في معاني الاخبار مطابقة للاصول القرآنية ان الموجودات الغيبية الملكوتية حية شاعرة مهولة كما ان حقيقة القرآن ليس هو ورق واصوات هذا قرآن تنزيلي والا القرآن الحقيقي هو الروح الامري وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا يعني حي شاعرة ما كنت تدري ما الكتاب .

اذن الكتاب والقلم ملكان اعظم من الملائكة المقربين قدرة وطاقة كذلك الحال في العرش والكرسي وهناك قاعدة عظيمة مكتشفة من تواتر بيانات الوحي ان الشيء الموجود في الملكوت حي ناطق لذلك قدرة الاستشعار في العرش لمخلوقات ما دونه تفوق الملائكة المقربين مثلا اذا حصل كذا فجور يهتز له العرش يعني قدرة التحسس قوية ، فالعرش ليس موجود جمادي وكذلك الكرسي بل هما موجودان فوق ملكوت السماوات فالعرش اذا ذو ادراك وهذا الموجود الملكوتي جعله القرآن صفة فعلية لله .