الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

46/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصفات الفعلية لله تعالى ومقامات النبي والآل (ص)

 

مر بنا في هذا المقطع من اية الكرسي انه في صدد بيان الصفات الفعلية للباري بعد بيانه للصفات الذاتية له تعالى فبدأت اية الكرسي بوصفه تعالى بالحي والقيوم وبالتوحيد ثم تعقب ذلك بالصفات الفعلية : له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه لاحظ مع انها شفاعة الشافعين لكنها تكون باذنه تعالى فتكون صفة فعلية للباري فانكار شفاعة الشافعين المقربين هو انكار للصفات الفعلية له تعالى وانكار التوسل يعني انكار الصفات الفعلية لله تعالى لانه باذنه تعالى .

فكون الشفاعة طرف منها فعل للمخلوق لا ينفي كونها ذات اضافة اليه تعالى فانكارها يستلزم انكار تلك الاضافة اليه تعالى وهذا مر بنا ان كثير من الايات تركز عليها .

انهم لا يكذبونك كيف لا يكذبونك وهم كذبوا النبي ؟ مقصوده يعني مئآل التمرد على النبي هو تمرد على ايات الله هذه ايات اضيفت اليه تعالى واستنقاص وجحود مقامات النبي يرجع الى جحود الصفات الفعلية لله تعالى وهذا ما لا يلتفت اليه المقصرة او السلفية او الوهابية .

او وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى يعني يقول هذا الفعل الصادر من النبي مظهر لفعل الله فانت اذا تنكر افعال النبي في الحقيقة تنكر افعال الله وتقول هذا الفعل ليس للنبي وليس من صلاحية للنبي فانت تنكر على الله .

ولكن الظالمين بايات الله يجحدون الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد لمن اراد السداد يخاطب منكري التوسل ويقول انتم لا تنكرون مقامات للنبي واهل البيت فقط وانما تنكرون الصفات الفعلية لله تعالى وهل يستقيم الايمان والتوحيد بان نؤمن بالذات الالهية وبالصفات الذاتية وننكر الصفات الفعلية ؟؟ فنقول يد الله مغلولة وليس الله باحكم الحاكمين وانما الدول العظمى هي حاكمة ؟؟؟ فيكون هذا اله مجمد .

الان هذا الطرح الغربي ان التصوف شيء جيد اما المد السياسي هذا خطر حيث الصوفي يقول ما لله لله وما لقيصر لقيصر انت حلق في التوحيد وفي المعرفة بالذات الالهية لكن لا تقول الله احكم الحاكمين ولا تقل الحكومة الهية وانما هي حكومة بشرية مدنية فالطرح الصوفي يتناغم مع هذا الطرح الغربي .

احد المؤاخذات على الصوفية انهم يؤمنون بائمة اهل البيت في المعارف لكنهم في الفروع وفي القوانين ما يتبعونهم ويأخذون من مذاهب اخرى وهذا لا يمكن ، فانت تدعي وتزعم ان ائمة اهل البيت عظماء ولكن في الفروع تتركهم وتأخذ من المذاهب الاخرى نعم التقية ربما ولكن حقيقة لا يمكن ذلك فالافراط في التقية في الفروع وفي النظام الاجتماعي والسياسي يؤدي الى التصوف والى انحرافاتهم في عالم السياسة فيقولون في عالم السياسة وفي عالم الفروع ليس من الضروري ان نتبع اهل البيت وانما فقط في مقام المعرفة والقلب والمحبة .

الدين منظومة كاملة اذا زعمت انهم ائمة كيف تتركهم في الفروع? فهكذا في التوحيد انت تقول تؤمن بالذات الالهية وبالتوحيد وبالصفة لكن في مقام السياسة والقوانين الاجتماعية وقوانين الاحوال الشخصية نحن مدنيون ونقول يد الله مغلولة عن الصفات الفعلية نقطعها او تحت ذريعة خوف الغلو نجحد الصفات الفعلية لله نعم انت تقول العرش عظيم والكرسي عظيم والروح الامري عظيم وسيد الانبياء عظيم واهله عظماء وهم حكام الدنيا والاخرة والملكوت والبرزخ لكن انت تقول ليس هم حكام لله في ارضه ولا في برزخه ولا جنته ؟؟ هذا لا يمكن ونتيجته ان الله مجمد .

لايمكن ان نقول نحن نعتقد بالذات الالهية والصفات الذاتية اما في مقام الصفات الفعلية في عالم الدنيا او البرزخ او القيامة وفي عالم الجنة ليس بالضرورة نؤمن بهذا ، هذا لا يمكن فالصفات الفعلية لله اين تتجلى وتظهر محلها? يعني هي تظهر في المخلوق نفسه .

تجلي الله يعني اصفياؤه المخلوقين ، الله يصطفي ويختار ما كان لهم الخيرة من امرهم ، هو اجتباكم او اني جاعلك في الارض خليفة او اني جاعلك للناس اماما او قول الله عز وجل لابليس لماذا لم تسجد? يعني هذا يرجع لامر الله وليست قضية ادم والتمرد عليه وانما جحود امرية الله ومولويته خلقت بيدي وليس فقط خلقت ، اليدان لله عز وجل ليستا جسمانيتين وانما هي قدرة هذه القدرة هل هي عين الذات وصفة ذاتية ام صفة فعلية? قوله تعالى او لم يروا الى ما عملت ايدينا انعاما ولم يقل يدي والفاعل هو الله .

ايات القرآن يجب ان نتدبر فيها مثلا في الاذان يستحب التدبر والمد فيه ولكن في الاقامة يستحب هدره يعني كأنه من مكان عالي تنزل سريعا وهدرا لكن في الاذان يستحب الاستطالة او المد ، كذلك يستحب في قراءة القرآن المد ولكن في الاقامة يستحب الانحدار ويستحب في الصلاة على النبي واله ان تقول اللهم صل وسلم وزد وبارك على محمد وال محمد فالاذان هو شعار ديني يستحب المد فيه وكذلك في الصلاة على النبي يستحب ان تمده ولا تهذره هدرا وفي بعض بلدان اتباع اهل البيت يمدون الصلاة وانا احب هذا المد فانت لاحظ حتى طور الذكر العبادي يتدخل فيه الشارع يقول لك في الاذان مد وفي الاقامة انحدر وورد انه اختاروا لقراءة القرآن اجملكم صوتا وحتى في امام الجماعة انه يحبب معاني القرآن للمؤمنين احد مرجحات امام الجماعة ان يكون فصيحا وجميلا ويقرأ القرآن بتؤدد وبحسن جمال .

يقال ان سلمان المحمدي لما كان في المدائن كان يختار الشاب حسن الصوت وجميل الصوت اماما للجماعة وفي شان القرآن وردت روايات انه اقرأه بصوت جميل من ثم الشارع يتدخل في صوت الاذان وصوت الاقامة وكذلك الصلاة على النبي .

نرجع الى بحثنا فالصفات الفعلية اذا بنى الانسان على انكارها ومنها ما تتجلى في المخلوقات ولب لباب الصفات الفعلية انها مخلوقة لكنها مخلوق فاني في الحكاية عن الله فاذا انكرنا التجلي الالهي في الافعال وقلنا يد الله مغلولة هل يد الله صفة فعل او صفة ذات? الائمة يقولون صفة فعل وجه الله صفة فعل عين الله صفة فعل فصفات الفعل مع انها مخلوقة لكنها خالص مخلص في الهداية الى الذات الالهية ولخلوصها عن انانية الذات فانية في الحكاية يعني حكاية ذات وليس فيها شوب انانية النفس .

قيل لها ادخلي الصرح يعني بلقيس رات جسر بلوري منصوب على رافد النهر فلما رأته كيف رأته ولم تره؟ نعم رأته بنحو الطريقية والفنائية فيما وراءه ولم تره بنحو الانانية الذاتية للصرح، فلذلك يقول فلما رأته حسبته لجة ، اذن بحث الصفات الفعلية مقام خطير توحيدي مرتبط بالتوحيد من جهة ومرتبط بالنبوة والرسالة والامامة والولاية من جهة اخرى .

قوله تعالى فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون هو تكذيب للنبي ولكن بالمآل هو تكذيب للصفات الفعلية لله ، او قوله تعالى وما رميت اذ رميت مع انه اول رامي في حرب بدر هو رسول الله فاخذ قبضة من التراب ورماها في وجه العسكر واخذته الريح في اعينهم وقال شاهت الوجوه وهذا هو عامل عظيم للنصر في بدر فاولهم سيد الانبياء ثم سيد الاوصياء فالذي يجحد عظمة النبي في الفعل في الحقيقة يجحد عظمة الله .

فاذن لما يقل يد الله مغلولة يعني المخلوق الذي هو مظهر قدرة الله اذا جحدناه جحدنا صفات الله ونكون جحدة مردة ابالسة مارقين من التوحيد ، ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي ولماذا امر الله للملائكة المقربين ان يسجدوا لادم? فلماذا لم يقل اطيعوا ادم? هل الله يدعو لتاليه ادم? فبالتالي هذا الخضوع لادم بنحو الطريقية والاضافة اليه تعالى فانت لما تتمرد على ادم قيد الشعرة تمردك طريقي وليس موضوعي .

في سبع موارد الباري يعبر عن الطاعة لادم بالسجود وهذا ليس بمعنى العبودية ولذلك سماه الله خليفة وهل الله ينحسر عن مقام كي يخلفه احد? كما ورد لا يخلو من الله شيء ومستفيض هذا البيان العقلي يعني كلها ايات الله فلو انت غيبت شأنا من شؤون الله في اي مخلوق قلت بانحسار وانعزال الله فكيف يوصف ادم وداوود وكل سلسلة الانبياء العظام والاوصياء يوصفون بالخلفاء وهل يخلف الله شيء? وهل خلا منه شيء? كلا لا يخلو منه شيء وهذا ليس بمعنى الحلول والوحدة الشخصية ولا التناسخ وانما بمعنى التجلي والاية ، وباسمائك التي ملأت اركان كل شيء فلا يخلو منها شيء في الظهور.

فبالتالي اذن يد الله عين الله وجه الله هذه هي صفات وليست ذاتية ولها شأن عظيم تقطع الطريق عن الوهابية وعن وسوسة الصوفية او سقيفة العرفاء او الفلاسفة ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي هل الله يحتاج ان يستعين باحد في فعله ؟ او لم يروا الى ما عملت ايدينا انعاما فهم لها مالكون او في نهاية سورة ياسين سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء يعني صفة لله صفة فعل فاليد صفة فعل والعين صفة فعل وليست صفة ذات كما يقول ذلك المجسمة او المشبهة .

فمن يقول الله روح مثل الارواح مشبه ومن يقول الله وجود عقلي كالعقول هذا مشبه فلا يشبه الله احد من خلقه ، فبيده ما دامت هي من المخلوقات اذن هي صفة فعلية وليست صفة ذاتية فوجه الله ما دامت هي صفة مرتبطة بالمخلوقات صفة فعل وليست صفة ذات اذن انت لا تنكر الصفات الفعلية فكيف تنكر المقامات للمخلوقات المقربة? انها هي مظهر للصفات الفعلية ، فخليفة يعني اذا رأيتها ترى تجلي الاسماء الالهية والكمالات الالهية كلها في الخليفة فهو خليفة في الحكاية والظهور وفي التجلي والا الباري لا ينحسر ولا ينعزل عن خلقه كي يخلفه شيء ، اذا انت كنت تريد ان ترى الله فانظر الى خليفة الله فسوف ترى في هذه المرآة العظيمة كمالات الله واسمائه ، فهو سمي الخليفة يعني تجلي ويخلف في الحكاية ، اذن الصفات الفعلية فيها سر عظيم مرتبط بالتوسل وبالشفاعة ومرتبط بمقامات النبي واله.