46/05/23
الموضوع: الصفات الفعلية وعظمة الفعل الإلهي
في هذا المقطع من اية الكرسي : ﴿يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ...﴾
فهنا لفتة لطيفة في الاية الكريمة ان الكرسي مخلوق واحاطة الكرسي بالسموات والارض احاطة علم وقدرة ، ففي هذه الاية الكريمة يعتبر احاطة الكرسي نوع من شؤون الذات الالهية عبر عنه بالكرسي ولم يقل وسع الكرسي ، فاضافه الى الله فحيث ان الكرسي مضاف الى الله فكل ما تذكر للكرسي من عظمة فهي سترجع الى الله وكانما الله يريد ان يبين ان من براهين علم الله هو احاطة الكرسي مع ان احاطة الكرسي هو شأن المخلوق ولكن هذا المخلوق شؤونه وعظمته ترجع الى شؤون الله سواء عرش كرسي او الملائكة او غير ذلك من الملكوتيات .
فتعظيم المخلوقات التي لها قرب من الله تعظيمها يؤول الى تعظيم الله وشؤونها الكمالية وترجع الى شؤون ذات الله عز وجل من ثم الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتاب منهج الرشاد يقول لو سجد ساجد للنبي او للامام مع انه تكليفا وفقهيا حرام ومنهي عنه لكن هذا عين التوحيد لان الخاضع انما يخضع للنبي او يعظمه وكذلك يخضع للامام نظرا لاضافته الى الله فالتعظيم بالدقة يؤول الى الله فمن ثم يكون عين التوحيد وان كان منهيا عنه .
مثلا الحائض والنفساء لا يجوز لهما الصلاة لكن بالتالي هي صلاة لله وليس للوثن ولكن تحرم بسبب او باخر فتحريم الحائض الصلاة لا يعني انها صلاة الى وثن او مثلا لا تصوموا في السفر او لا تصوموا يوم العيد هل الصوم هو للوثن ام لله? مع ذلك حرم ، سبب التحريم ليس ان هذا شرك او ان هذا وثن وان هذا ليس توحيد وانما لحكمة معينة .
كما ورد في الصوم في السفر عند الامامية انه حرام فسبب التحريم ليس انه شرك وانما سببه ان هذه منة من الله برفع المشروعية في اللسفر لكن لا يعني ان هذا انحراف عقائدي وسبق ان نقلنا عن الشيخ جعفر كاشف الغطاء ان لا تخلط بين الحرام العقائدي والحرام الفقهي اذ كثير يشتبه عليه السجود للمعصوم بما هو معصوم فان هذا غلو فقهي وليس غلو عقائدي ، البعض يخلط بين الغلو الفقهي والغلو العقائدي او قل بين الحرام الفقهي والغلو العقائدي فسجودك للمعصوم عقائديا ليس فيه خلل ، فلو كان فيه خلل عقائدي هل يمكن ان يأمر الله الملائكة بالسجود لادم? او سجود يعقوب ليوسف هل في شريعة يعقوب حلال وفي شريعتنا حرام? القضية العقائدية على وتيرة واحدة .
لذلك لاحظ الامام زين العابدين او النبي قال اذا سجدتم لي فما الذي تبقونه لله? مما يعني انه الخضوع للنبي لا بمعنى انه ليس توحيد او فيه خلل عقائدي لانه لا نسخ في العقائد وانما النسخ فقط في الفروع وحتى النسخ في الفروع ليس في كل الفروع وانما في تفاصيل الفروع والا اركان الفروع ليس فيها نسخ .
مر بنا هناك خلط بين الغلو العقائدي والغلو الفقهي فالغلو الفقهي مجرد معصية ولكن الغلو العقائدي ردة ، لاحظ هنا الباري جعل شؤون الكرسي او شؤون العرش او حتى شؤون الملائكة راجعة اليه ، توفته رسلنا لماذا اضاف الرسل الى الله ؟ فشؤون الملائكة باعتبار انها تسند الى الله تعالى فهذا ليس غلو في الملائكة وانما تعظيم الملائكة وتعظيم الانبياء تعظيم لما يضاف الى الله ويرجع اليه فيرجع التعظيم الى الله وعدم التعظيم او الانتقاص يرجع ويؤول الى الله والى عدم توقيره .
لاحظوا قوله تعالى فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون ، يعني من جهة الاضافة بينك وبين الله هم ينكرون هذه الاضافة لانه يؤول الى الشؤون الالهية فهنا الله يريد ان يثبت علم الله عز وجل الواسع ويقر لنا علم الكرسي هنا يؤول الى علم الله ... وسع كرسيه .
كما ان الله لكي يبين عظمة قدرته يبين لنا عظمة العرش وقدرة العرش : الرحمن على العرش استوى فاذا كان الله يستعلي على العرش فكلما تقوله انت في العرش الله اعلى من ذلك فحينئذ يتم التوحيد ونفي الغلو بل يكون من ضرورة التوحيد لانه انت كيف توحد الله وكيف تعظمه ؟ تقوم بذلك بتعظيم اياته وشؤونه فجملة من المخلوقات العظيمة تعظيمها تعظيم للشؤون الالهية .
هل القرآن هو الله كلا لكن لماذا الوحي يعظم القرآن? انه لاجل تعظيم الله ، فاذا تعظم القرآن ليس غلو لكن اذا تعظم النبي هذا غلو !! كيف يعني يصير هذا الشيء? فالقرآن ايضا مخلوق عظيم يقول رسول الله ما بال اقوام اذا ذكرت لهم فضيلة لابراهيم وال ابراهيم استبشرت وجوههم واذا ذكرت فضيلة ومنقبة ومقام لمحمد وال محمد انقبضت واشمئزت قلوبهم هذه نوع من العداوة الخفية .
فاذا ذكرت عظم العرش وعظمة الكرسي هذا لا مانع فيه اما اذا ذكرت عظمة النبي وال النبي يأتون بضابطة الالوهية والمخلوقية .، الضابطة هي واحدة عقلية تكوينية ، وورد عنهم عليهم السلام كلنا محسودون ام يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله والحسد هو الذي اكب ابليس في جهنم فهل اذا ثبت الشيء لملك الموت لا مانع فيه اما اذا تثبته لامير المؤمنين هو غلو ؟؟ اذا كان الغلو هو تأليه سواء في ملك الموت او اسرافيل او عزرائيل او اي مخلوق من المخلوقات هو غلو .
لذلك لاحظ اية الكرسي تعطينا ضابطة ان الصفات الفعلية صفات للباري وهو من مقام الفعل ومن نفس المخلوق ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها اي اعرضوا عنها يعني صدوا عنها ثلاث محذورات هل الاية تصدق او تكذب? لان الاية مخلوقة سواء قلت ناطقة وهو الصحيح لان التكذيب مقابل التصديق ومقابل ادعاء الدعوى ، ان الذين كذبوا باياتنا لا تفتح ابواب السماء يعني مقابل الاستكبار هو الخضوع يعني الله يأمر بالخضوع ، يقول اطيعوا الرسول يعني كن طوعاني فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك يعني طوعانية خضوع انقياد طوعانية النفس والفكر والقلب والطوعانية يعني خضوع مقابل الاستكبار فانت دايما كن في حالة اقبال وليس عندك ادبار .
نعم بعض الاحيان بسبب الكسل والتبرم سايس النفس كي لا تجمح وتنفجر وتطش ولكن اللازم ان نكون دوما في حالة اقبال على النبي والال باقبال قلبي واقبال فكري واقبال روحي واقبال بدني ، الزيارة قلبية وفكرية والزيارة الفكرية والقلبية لاهل البيت اعظم من الزيارة البدنية طبعا في حين الزيارة البدنية تكون هناك زيارة فكرية اعظم واعظم وفي حين الزيارة البدنية تكون زيارة قلبية اعظم واعظم ونحن مطالبون بها ، فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم لا انه تدبر عنهم يجب الانسان ان يحبب لنفسه اهل البيت ولا ينفر عنهم .
احد علامات النفور انه اذا ذكرت له او رويت له فضيلة في علي اشمئز وتوعك وجهه ولوى لسانه رأيتهم يصدون وهم مستكبرون هذا مرض وانحراف تحت ذريعة ان هذا غير مقبول وهذا غلو فيتذرع بذرائع للوصول الى مرامه .
فاية الكرسي تدل على ان فعل الله صفة فعلية لله ولا تصغر من فعل الله وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ونعمة الله مخلوقة فيقول نعمة الله اكبر منك انت لا تدركها لان تعظيم النعمة تعظيم للمنعم وهم يجهلون هذه الملازمة ، يقول امير المؤمنين في نهج البلاغة انما يعرف حكمة المرسَل من حكمة المرسٍل يعني انت اذا تستنقص الرسول تستنقص المرسِل ، ما كان الله ليرسل رسولا ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله فبالتالي هذه شؤون للباري تعالى .
فهنا جعل اية الكرسي من صفات علم الله ولعل الاجماع وضرورة المسلمين ان النبي اعظم من الكرسي ، راجع السمهودي في وفاء الوفاء في تاريخ دار المصطفى من علماء القرن التاسع وهذا الكتاب يطلع بالملايين في الرياض وفي المدينة المنورة وفي مكة ففي بداية هذا الكتاب يقول بضرورة المسلمين والصحابة ان تراب قبر النبي اعظم من العرش فكيف بك بالنبي وببدنه ونوره وروحه ؟.
فاذا كان من شؤون علم الله وصفات الله الفعلية وصفات الكرسي وسع كرسيه صفة للكرسي ولكن الله في اي صدد ؟؟ هي في الشؤون الباري تعالى وسع كرسيه بلا تشبيه مثل رئيس الدولة يقول انا وزارتي كذا والوزير الفلاني عندي كذا وهذا مثال عقلي والا شأن الله اعظم من ذلك واكثر انهم لا يكذبونك لكن الظالمين يعني كذا يعني هي القضية اذا انكروا شأنك انكروا ايات الله واذا جحدوا فضائلك جحدوا ايات الله .
في سورة الانعام فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون يعني لما ينكرون رسول الله وشؤونه هو في الحقيقة جحدوا ايات الله لانه اضافة اليه تعالى .
البعض يقول نعم وسع كرسيه نقبله اما اذا قلت في رسول الله وفي علي هذا نقول انه غلو شبيه كلام الوهابية اذا تقول الحي يقوم بهذه الافعال هذا يجوز اما الميت فكلا وهو شرك ، اذا كان شيء تكويني هل بين الحي وبين الميت فرق ؟؟ كلاهما مخلوقين قضايا الشرك عقلية وبضرورة المسلمين ان رسول الله اعظم من العرش وتراب قبر النبي اعظم وهذا ذكره السمهودي وليس فقط هو بل عشرات من علماء العامة يعظمون النبي بخلاف الوهابية ، وهم يعظمونه على العرش وكم هي اوصاف العرش في القرآن ؟؟ رب العرش العظيم وووو وحتى في روايات الفريقين عرش الله لا يغادر صغيرة ولا كبيرة فهذا ليس غلو واما مدح النبي غلو ؟؟؟ اي غفلة هذه عن مباحث المعارف والعقائد?
اذن هذا مقطع مهم جدا في اية الكرسي ان شؤون المخلوقات العظيمة هي صفات لله نعم صفة في الظاهر للكرسي لكن واقعا تؤول للخالق وهذا عين التوحيد وليس عين الشرك فاذا انت انكرت هذا انكرت التوحيد واستنقصت من شؤون الله .
لاحظ ما كان لبشر ان يؤتيه الله الكتاب والحكمة ثم يقول للناس اعبدوني من دون الله ، لاحظ قيد دون الله فيقول كونوا عبادا لي من دون الله يعني طريقية سوف تكون شان لله تعالى والطريقية ليست طريقية اثباتية يعني معنى تكويني ، الحرف ما انبا عن معنى في غيره ، يعني هذا تجلي كمال الله وكمال له ولكن بما هو مخلوق يصير كمال الى الله فاذا انكرت هذا الكمال للعرش انكرت الصفات الفعلية العظيمة لله من حيث لا تشعر فليس انك انكرت فضيلة للعرش وانما انكرت شأن الله ، و اذا قلت نعمة الله نحصيها انت ما تجاوزت على النعمة فقط وانما تجاوزت على الله ، فاذا تقول ان نعمة الله فوق قدراتنا وفوق ادراكنا هذا ليس غلو هذا تعظيم لله لانها مضافة الى الله واي شيء يضاف الى الله فهو يرجع الى عظمة الله.