46/05/21
الموضوع: الصفات الفعلية وجدلية التعطيل والتشبية
كنا في هذا المقطع من اية الكرسي ﴿يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه ...﴾
ما بين ايديهم يعني مستقبلهم وما خلفهم يعني ما مضى منهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فهناك ربط بين شيئية الشيء او الاشياء ومشيئة الله وهذا مبحث حساس لكن الان لن نثيره ولعل المناسب موضع اخر وهو عالم المشيئة والاشياء وهو من البحوث المعقدة جدا في المعارف ، فخلق الله الاشياء بالمشيئة وخلق المشيئة بنفسها فهنا قريب اليه ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض هنا بيان لاحد طبقات العلم الالهي فالعلم الالهي علم في مقام الفعل او قل الصفات الفعلية فيجري عليه احكام الفعل وهذا بحث طويل في الصفات الفعلية واحكامها وانها تختلف عن صفات الذات .
مثلا قالوا في الصفات الفعلية يمكن النفي والاثبات ، فتقول ان الله رازق فلان وليس برازق فلان وهذا لا يوجب نقص في الباري تعالى بينما في الصفات الذاتية لا يمكن نفيه فالصفات الفعلية هي صفات الهية لكنها مشوبة كثيرا ما بشؤون المخلوق ولكن هذا لا يزعزع كونها صفة فعلية وصفات له في مقام الفعل تختلف عن الذات ولو توهم واهم ان الصفات الفعلية هي صفات ذاتية هذا تخبط لان شؤون الصفات الفعلية غير شؤون الصفات الذاتية فهي مرتبة من الصفات فهذه الصفات في حين كونها صفات لكن ليست على مرتبة واحدة ولا تأخذ الصفات الفعلية بشجونها وشؤونها وتوابعها وتلصقها بالباري فهناك تسبيح وتحميد وتنزيه وتثبيت فاذا اخذت الصفات الفعلية بكل شؤونها وشجونها وجعلتها صفات ذاتية ستقع في التشبيه من حيث لا تشعر .
اذن الصفات الفعلية يجب ان تعمل فيها التشريح العقلي فما يناسب الباري تنسبه اليه وما لا يناسبه تنزهها عنه ففي حين ان الصفات الفعلية اجمالا هي صفات فعلية فالصفات الفعلية كيفية نسبتها اليه تعالى يختلف عن كيفية نسبة الصفات الذاتية فهنا لابد ان تنفي التشبيه في حين ان نفي التشبيه والتنزيه لا يدعوك الى نفي التحميد في مقام الصفات الفعلية فان حمدت من دون ان تنزه والذي هو تسبيح بلغة القلب لم تقم بالواجب مما يدلل على انه يجب كلتا اللغتين في المعرفة لغة القلب ولغة الفكر فاذا تحمد الله في مقام الصفات الفعل بصفات فعلية وقعت في التشبيه يعني الشرك الخفي من حيث لا تشعر واذا قمت بالتسبيح فقط فانك تعطل لانك لم تقم بالتحميد فلابد لك من نفي التشبيه يعني التنزيه والتسبيح وايضا نفي التعطيل يعني التحميد والتثبيت فلابد منهما معا .
في بيانات اهل البيت يقولون ليس هذا فقط شأن الصفات الفعلية وانما هذا الذي هو في الصفات الفعلية بعينه يجري بشكل ادق واعمق واكثر غموضا في الصفات الذاتية ونعرف الاسماء في باب الصفات الذاتية .
البعض يظن نفسه انه توحيده الكامل ان يحمد يعني ينسبه برمته حتى بشؤونها التي لا تليق بساحة المسمى ينسبها بشؤونها اليه تعالى ويظن ان التفرقة في مقام الصفات الذاتية او الاسماء بين ما يليق بالمسمى ولا يليق بالمسمى هذا نوع من الغلو في الاسماء وفي المخلوقات كلا هذا نوع من تنزيه الله عن شؤون المخلوقات .
لذلك في بيانات اهل البيت في اصول الكافي ونهج البلاغة وعيون اخبار الرضا ومصادر كثيرة ان الكل يحمد الله باسمائه ولكنه لا يسبح الله باسمائه يعني لا ينزه الله في الاسماء ، ينزه ما هو يليق بالمسمى عما لا يليق وربما هذا كما مربنا يسمى بالتسبيح الاعظم الغامض الخفي عن كثير من الباحثين يظن انه ان لم ينسب الاسماء والصفات الذاتية برمتها اليه تعالى هذا غلو في المخلوقات كلا وانما تقصير في معرفة الله وتشبيه في معرفته فالتنزيه درجات والتثبيت درجات والتحميد والتنزيل درجات .
فاذن الصفات الفعلية مثال رائع كما انه عندنا اسماء تنطلق من الصفات الفعلية مثل الرازق المحيي المميت هذه الاسماء التي هي في محاذاة الصفات الفعلية لا يصح نسبة كل شئونها اليه تعالى نعم كمالاتها تنسب اليه تعالى اما شؤونها التي ليست بكمالات لا يمكن ان ينسب اليه ، مثلا الكثرة ، فالاسماء سواء اسماء الصفات الفعلية او اسماء الصفات الذاتية والفعلية الالهية هذه لا تنسب اليه تعالى برمتها ، نزهوا ما هو مناسب لها عما هو ليس مناسب لها.
مثلا في قوله تعالى ولله الاسماء الحسنى من المالك ومن المملوك ؟ المالك هوالمسمى والمملوك هي الاسماء فهل الله مملوك لها? حاشاه ، وهذا التمييز يخفى على الكثير ولكن لو اراد المؤمن ان يترقى في المعرفة لابد ان يميز بين ما هو من شؤون الاسماء عما هو من شؤون المسمى فلابد من التحميد والتسبيح والتنزيه والتثبيت .
نحن اثرنا هذا المبحث لاجل ان نلتفت الى ان هناك صفات لله فعلية مثل ما في القرآن الكريم ليعلم الصادقين منكم فكل علم حادث لكنه من الصفات الفعلية لله تعالى مع ان الكمالات الموجودة في الافعال او المخلوقات هذه هي اساسا كمالات الله تعالى وليست مخلوقات فمن هذه الجهة تنسب ويقال صفات فعلية اما شؤونها الاخرى التي هي ليست كمالات هذه لا تنسب فيجب ان ننزه الله عنه .
مثلا جبال شامخات ، الشموخ كمعنى هو ثابت له تعالى ولو من هذا المخلوق فاذا كان الشموخ ثابت لمخلوق فما بالك بالشموخ لله? ليخرجن الاعز منها الاذل قل لله العزة ولرسوله وللمؤمنين هذه العزة اذا تطلبها من البشر اصلا لاتجدها وانما تطلبها من الله تعالى ثم الرسول ثم المؤمنين اوصيائه .
اذن في بعض الصفات الفعلية كل المخلوقات ايات له تعالى في حين لا ننسب غثها اليه تعالى لكن سمنها لابد النسبة اليه تعالى وكذلك كمالها ومن دون هذا يكون كمال مشوب بالنقص فكونه مشوب بالنقص لا انسبه برمته وعواهنه اليه تعالى ولكن ما دام هناك كمال اعمل عملية التشريح العقلي والتمييز بين الكمال والنقص ينسب اليه ولكن النقص لا ينسب اليه .
اذن اي كمال في اي بقعة من بقاع من بقع عالم الامكان للمخلوقات هذا الكمال منسوب اليه تعالى من دون شوب نقص ومن ثم كل المخلوقات ايات سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق يعني يرون الحق من خلال هذا فاذن نسبة كمالاته اليه تعالى لا تخرجنا عن تنزيه وغربلة التشبيه والشوائب للغير فتصفية الشوائب لا يغفلنا عن التحميد فهذه كلها في صفات الفعل كذلك الحال في صفات الذاتية بشكل غامض اكثر فلابد من التوازن بين الجانبين ولعل هذا هو تفسير انه لا يكون في مؤمن درجة من الرجاء اكثر من الخوف يعني رهبة ورغبة خوف ورجاء يعني نوع من التوازن في الادراك .
فاحد مراتب العلم الالهي يعبر عنه بالعلم الفعلي يعني العلم بمقام المخلوقات فالكرسي طبقة من طبقات علم الله ولكن ليس علم ذاتي وانما ما اصابك من حسنة فمن الله فتنسبه اليه تعالى وما اصابك من سيئة فمن نفسك فهذه عملية صعبة انه من جهة لا تنفي مطلقا ومن جهة لا تثبت مطلقا وانما امر بين امرين فلايعطل الحضور الالهي في اي مقام من المقامات لان كماله منسوب اليه تعالى مع تصفية هذا الكمال عن الشوائب الخلقية يعني تشبيه .
مر بنا قاعدة عدم التعطيل ليس فقط في اصل معرفة الذات الالهية وانما حتى في مقام الفعل ومقام الصفات الفعلية ففاعليته تعالى ليست معطلة كما ان فاعلية الله ليست تشبه فاعلية المخلوقات ، فاماتة عزرائيل لا تشبه اماتة الله واماتة عزرائيل وملائكة الموت لا ينفي ان الفاعل الحقيقي هو الله وليس عزرائيل واعوانه فلا تعطيل ولا تشبيه .
اماتة الله باماتة عزرائيل او الملائكة الموكلين بالموت قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم او توفتهم رسلنا وهم لا يفرطون فاسناد الاماتة لعزرائيل اسناد امر ومأمور مع ملائكة الموت فقدرات اعوان ملك الموت مستندة من قدرته فنسبة الاماتة الى اعوان عزرائيل تلك النسبة بعينها لعزرائيل مع الفارق .
فاذن في مقام الفعل وصفات الفعل ليس هناك تعطيل ، فقاعدة التعطيل ونفي التشبيه ليست في مقام الذات فقط وانما في مقام الافعال والصفات الفعلية كذلك وفي كل المقامات خالق ومخلوق وفي كل المقامات لا تعطيل للمعرفة الالهية ولا تشبيه اي مخلوق من جهة كمال فيه يشبهه تعالى .
اللهم رب الشياطين وما اظلت كما في دعاء رجب او عمل ام داوود رب الشياطين يعني تدبير الشياطين او هذه القدرة التي لدى الشياطين ليست منهم وانما منه تعالى لكن ما كان لله هو ما رأيت الا جميلا وما كان للبشر وباء وبيلا هذا امر اخر .
ففي مقام الافعال ومقام المخلوقات لا يصح تعطيل المعرفة الالهية ولو بتوسط صفات الفعل فلا يخدعنك ان الصفات الفعلية فيها شوائب اذن لا تلازم ان تكون صفات لله تعالى .
في ذيل دعاء عرفة موجود ان الحكمة من امر الله فهذه الحكمة من التدبر في الافاق وفي الايات امرتنا بالتردد في الاثار لكي تعلمنا انه لا يحتجب شيء كي نراك في كل شيء فلا نعطل المعرفة الالهية في مقام من المقامات من دون حلول ومن دون وحدة شخصية اذن لا تعطيل في المعرفة الالهية في مقام من المقامات ولا تشبيه فلا تقل هذا المقام بشؤونه وشجونه وبسلبياته ينسب اليه تعالى وانما تسبيح وتحميد .
الكثير يستغرب كيف علم الله وفي مقام الفعل ويحدث ؟ نعم هذا صحيح العلم الذي في مقام الفعل حادث ويصير حادث لله من جهة كماله لا من جهة نقصه ليعلم ان العلم الذاتي الالهي ليس حادث ولكن ليعلم ان الكمال الذي في الفعل لا تعطيل فيه من دون تشبيه عن النسبة مع الشوائب ، مثلا وجه الله عين الله كيف هذه من شؤون الله? نقول شؤون الله من جهة كمالها لا من جهة شوائبها فمن جهة شوائبها منزه عنه الله عز وجل حتى لو اعطيت معنى مجردا لوجه الله مع ذلك هو منزه عنها ومملوك لله .
في الشفاعة قل لله الشفاعة جميعا ، شفاعة يعني واسطة لكن هذه الشفاعة بما لها من كمال مخلوقة لله وبما لها من شوائب منسوبة الى سيد الانبياء او الملائكة او الانبياء ولكن بدون شوائب ككمال منسوبة لله ولله الشفاعة جميعا يعني جانب الكمال فيها ، كذلك البحث في وجه الله وعين الله وجنب الله وسبيل الله وبيت الله هذه الموارد ليست بشوائبها وانما بكمالها تنسب اليه تعالى .
هذه الشوائب ليس من الضروري ان تكون جسمية يعني عالم المجردات ايضا فيها شوائب مخلوقية لا يمكن ان تنسبها بشوائبها المخلوقية اليه تعالى ففي عين لا نشبه فلا نعطل ونقول انه ظاهر متجلي فالموازنة صعبة وغامضة اما يقع في الغلو او في التقصير .
لاحظ مقام علم العقيلة زينب عندما قال لها ابن مرجانة كيف رأيت صنع الله باخيك? فهي لم تنف الحضور الالهي في كربلاء وسيطرة حكومته تعالى لكن نسبة احداث كربلاء وعاشوراء الى الله انه يكون الجانب المشرق فيها ما رأيت الا جميلا ، فما قالت لم يصنع الله هذا الشيء وانما انتم صنعتموه فهي لم تعطل الحضور الالهي وهذه زاوية جديدة من العقيلة فهناك زوايا عديدة ذكرتها الجبر والتفويض وكذا لكن هذه زاوية اخرى انه لم تنف الحضور الالهي يعني افحمت ابن مرجانة وابكتته انه لا تنسب الشرور اليه تعالى وانما انسب الجمال والفوائد العظيمة التي ستنجم من حادثة عاشوراء .
فلا تنحسر حاكمية الله حتى في موارد ظلم الظالمين لكن الظلم والشرور لا تنسب الى الله وانما الكمالات التي يحصل فيها المظلوم او الفوائد التي تنسب اليه تعالى فهي اثبتت الصنع الالهي لكن دفعت مغالطة الطرف الاخر الاموي ان الشرور لكم والجمال له تعالى والا نقول التعطيل لله تعالى ان واقعة عاشوراء او مسلسل الظلم الذي يقع ليس فيه حاكمية لله ، فهذه ليست معقولة واذا قلنا في حاكمية وسيطرة لله حتى الشرور ؟؟ كلا وانما الحسن لله تعالى نزه واحمد الله فنحمد الله في المصائب لان فيها جانب كمال وهذه ينسب اليها تعالى فهو حضور الهي موجود حتى في مقام الفاعلية لكن ايضا ننزه الله عن السيئات .
هذا شبيهه موجود في سورة النساء ان تصبهم حسنة يقولون من عند الله وان تصبهم سيئة يقولون من عندك فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا قل كل من عند الله ، ومر بنا هناك فرق بين من الله ومن عند الله ، عند الله يعني تدبير سيطرة حاكمية حتى الشرور كما الصدوق عن تواتر بيانات اهل البيت عقيدة الامامية في الشرور ان القضاء والقدر تقدير الشر من عند الله ، تقدير وليس تسبيب تقدير يعني السيطرة عليه والتحكم فيه فالتقدير والشر غير تسبيب الشر فحتى عالم الشرور لا تخرج نطاقها عن سيطرة الله وحاكميته وحتى افعال الشياطين والابالسة ليست تخرج عن حاكمية الله .
مر بان حاكمية الله كما تقول العقيلة حاكمية الله حتى في عاشوراء لكن اي جانب من الحاكمية ؟ حاكمية الله شيء وتسبيبه شيء اخر ، اذا تريد الجانب التسبيبي فما رأيت الا جميلا وقلت لكم هذه المقطوعة للعقيلة فيها زوايا عديدة جدا وكلها على مستويات المعرفة غامضة جدا كانما نظرية التفويض ذكرتها وكذلك التعطيل والتشبيه فعدة نظريات غامضة صعبة ذكرت في هذه المقولة للعقيلة الحوراء فذكرت العقيلة قبل ان يتولد الامام الصادق في ذاك الزمن الذي ضحل الفكر الاسلامي وانما احيا وعيه سيد الشهداء والعقيلة في خضم اختلاط الملفات الفكرية هي ميزت الملفات عن بعضها البعض .
فهذي المباحث تؤثر حتى على ايمان الانسان وقناعاته يعني ما اصابكم من مصيبة لا تظن انه خرج عن سيطرة الله وحاكميته كلا ليس بخارج وانما كل من عند الله الجانب الايجابي موجود فيه وتسبيه الايجابي من الله نعم الشرور لا تنسبه الى الله لكن حتى هذه الشرور التي لا يسببها الله ليست خارجة عن تسبيب الله وتصب في الغاية الالهية .