الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

46/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

درس_التفسير

الموضوع: اشتراط الوساطة الإلهية قرانيا بشرطين

 

كان الكلام في اية الكرسي من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ... فالتقييد في الشفاعة التي هي الوساطة الشافع وسيط بين المشفوع عنده وبين المستشفع فالشفاعة ذاتيها الوساطة والوسيلة ولكن مع ذلك الاية الكريمة في اية الكرسي او ايات اخرى لم تكتف بحرفية هذا المعنى ، هناك تعبير اخر عقلي عن هذه المباحث الان انت تنظر للشيء بشكل مستقل قائم بنفسه لنفسه وهذا يتصور فقط في الذات الالهية لكن تارة تنظر للشيء نظرة طريقية بغيره او لغيره في غيره هذا يعبر عنها نظرة حرفية سواء كانت في غيره لغيره او بغيره النظرة الحرفية تعني فيما تعنيه عدم الالوهية .

فلاسفة الشيعة اتفقوا على هذه الضابطة والمعيار العقلي وهذه الضابطة باصطلاحاتهم موجودة قبلهم في الوحي وفي بيانات اهل البيت ان الله ثابت بنفسه نظير هذه التعبيرات موجودة يا من كل شيء قائم به فالحرفية تعني المخلوقية والاستقلال بقول مطلق يعني الالوهية ولذا انت تسند المخلوق و اي فعل من الافعال مهما تعاظم اذا اسندت الفعل للمخلوق بنمط حرفي يعني باذن الله فلن تكون هذه النظرة نظرة الوهية وتأليه .

الشيخ جعفر كاشف الغطاء في منهج الرشاد عول على هذه الضابطة في الاستقلال المطلق وعدم الاستقلال ، عدم الاستقلال ولو في جهة من الجهات ، فنفس عدم الاستقلال يعني المخلوقية والفقر والحاجة الى ما وراءه ان تقوم السماء والارض بامره فكلمة بامره اي اضافة الامور الى الذات الالهية هذي معناها القول بالمخلوقية فنفس اضافة امره يعني الافتقار ، فالاضافة هنا حرفية فاذا كان في البين حرف اضافة تعني ان هذا المضاف ليس اصل وليس مستقل وانما فقير يحتاج الى ما وراءه .

من ثم نقلنا عن الشيخ جعفر ان سجود الملائكة لادم ليس لان ادم نهاية وغاية السجود وانما هو نظير سجود الكعبة لا لان الكعبة غاية الغايات وانما نتجه بها لله فلماذا لم يكن سجودنا للكعبة عبادة لها بل عبادة لله ؟ لان الملحوظ في الكعبة اضافتها الى الله فالمعبود حقيقة هو الله وليس الكعبة ، الكعبة طريق ووسيلة.

فالضابط هذه انه انت لو اسندت اي فعل مهما تعاظم ذلك الفعل في ذهنك اذا اسندته الى المخلوق لكن بما هو باذن الله وبامر الله فتنتهي الاضافة الى الذات الالهية وخرج هذا عن تأليه المخلوق كقاعدة عقلية وقد ذكرها السيد هادي الميلاني في استفتاءاته باللغة الفارسية وكذلك المرحوم الاصفهاني وهذا بحث عقلي برهاني كل فلاسفة الشيعة ذكروه وهو مذكور في بيانات الوحي .

فالشيخ جعفر يذكر هذه النقاط بشكل عجيب ولطيف فنفس معنى الشفاعة للنبي وللائمة ولو وسعت شفاعتهم الى ما لا ينتهي هم يعني هم وسطاء الى من هو فوقهم وهذا عين التوحيد لا انه خلاف التوحيد ، كذلك لما تستغيث بهم هل بما هم هم او بما هم مقربون عند الله؟ اذن الاستغاثة ترجع الى الذات الالهية وهي نهاية المقصود وغاية المسئول ونهاية المأمول فنهاية النهاية للبارئ تعالى يعني للذات الالهية وهذا عين التوحيد لا انه خلاف التوحيد .

فاذن اصل الوساطة او الوسيلة او الشفاعة او اي اسم سميته او المرآة او الحرف او الاية كما جمعناها من خلال الايات والروايات بينها ترادف عقلي ... اية كلمة مخلوق حرف حتى الاسم له معنى حرفي لان الاسم دال على المسمى كلمة دليل اية باذنه بامره ربما خمسين مئة مئتين تعبير في القرآن في معنى الوساطة .

اذن معنى الوساطة هو عدم الالوهية فلماذا قيد الله عز وجل من ذا الذي يشفع عنده؟ فكلمة عنده لماذا؟ وكذلك الا باذنه لماذا قيده؟

هناك جواب ان الوسيلة والواسطة والشفيع اذا كان شفيعا وسيطا وسيلة من المخلوق لا من الخالق هنا لن يكون ذلك عبودية لله بل كان فرعونية من المخلوق ويكون نوع من ادعاء الربوبية للمخلوق يعني نفس المخلوق الذي نصبه الشفيع من دون الله ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان ومعروف في روايات الفريقين ان ابليس لما ابى ان يسجد لادم قال ابليس لله تعالى اعفني عن السجود لادم وساسجد لك انت يا الهي سجودا لم يسجد لك مثلي لا نبي ولا وصي فاجابه الله تعالى اني احب ان اعبد من حيث اريد لا من حيث تريد انت المخلوق لا تحكم ارادتك على الله وعلى ارادة الله فانت تعبد نفسك ولم تعبد الله فنهاية الطاعة تكون لارادة ابليس وليس لله .

فلاحظ نصب الوسائط بينك وبين الله اذا لم يكن باذن من الله سوف يكون تمرد على الله وان لم تكن تعتقد انه هو رب فانت عبدت نفسك وان لم تعبد الوسيط فقال الباري تعالى اني احب ان اعبد من حيث اريد لا من حيث تريد فاذن نهاية الخضوع هو ارادة الله لا غير ، اذن صرف وساطة الوسيط ما تكفي حتى لو لم تعتقد فيه انها رب وتعتقد انه مخلوق ولكن من نصب هذا المخلوق؟ يجب ان يكون باذن الله انت تجعل بينك وبين الله بابا من الابواب اماما فالامام باب هو امام في الدين وليس فقط امام في السياسة الاخطر هو امام في الدين تجعل الامام في الدين لم ينصبها الله .

كما في الرسل من نصبهم انبياء ؟ هل العباد المخلوقين ام الباري تعالى؟ ان الله بعث لكم طالوت ملكا فاذن صرف الوساطة والوسيط وانه معنى حرفي هذا لا يكفي لا بد ان يكون باذن الله وبامره ، ما معنى توقيفية الاسماء؟ معناه يعني ليست في ذات المسمى لكن لابد ان يكون باذن الله ان هي الا اسماء سميتموها انتم وابائكم ما انزل الله بها من سلطان الاسماء انما تؤدي الى الله وببالي الشيخ حسن زاده الاملي عنده هذا المطلب لانه كثير من فلاسفة المسلمين الشيعة وغير الشيعة يؤمنون بان الاسماء توقيفية توقيتية تعبدية يعني هو الله عز وجل خلق الاسماء وجعلها تكوينا دالا عليه وليس للعباد ان يجعلوا الاسماء ابوابا الى الله فوساطة الوسيط يشترط ان تكون باذن الله وهذا البيان لا بأس به .

بيان اخر مر بنا من ذا الذي يشفع عنده يعني بما يشمل الملكوت الاعلى كما بين سيد الانبياء والقرآن والعترة كذلك حبل ممدود طرف منه عند الله وطرف منه عند الناس فالشفاعة انما هي وساطة للشافع لمقام ملكوتي اعلى وهذا الملكوت الاعلى لا يكتشفه غير الوحي اذن يجب ان يكون باذن الله لان هذا المقام ما بايع عليه المسلمون فما شأن المسلمون بالملكوت الاعلى؟ فلابد ان يكون ببيان من الوحي والا الملكوت الاعلى من يكتشفه؟

فاذن الشفاعة نظام ملكوتي مقام في عالم القيامة وفي عالم الجنة وفوق الجنة مر امس جملة من الايات تشير الى ان العندية مقامات ملكوتية تتصاعد الى ما فوق الجنة فمن يكتشفها غير الوحي؟ فاذن الشفيع لابد ان يكون مبين من قبل الله وباذنه .

هناك بيان ثالث مر بنا الاشارة اليه النسبة بين الخالق والمخلوق الهي كفى بي عزا ان اكون لك عبدا وكفى بي فخرا ان تكون لي ربا كما قاله امير المؤمنين فما الفرق بين المقطعين فلماذا العز مرتبط بالعبودية؟ والفقر بالربوبية لماذا لم يعكس؟ او لماذا لم يقل هكذا؟ الهي كفى بي عزا وفخرا ان تكون لي ربا وان اكون لك عبدا ؟ فيصير دمج انما هو ميز ؟

لو اردنا ان نوضح هذا المطلب بمثال هناك نسبة بين السقف والارض من جهة السقف يقال فوق ومن جهة الارض يقال تحت والفوق والتحت متباينان ولكن هل يمكن ان ادرك الفوقية من دون الاحظ النسبة من الطرفين ؟ كلا وكذلك التحتانية يعني لابد من ملاحظة النسبة بين الطرفين ، اذن هل هنا نسبتان او نسبة واحدة او طرفان في نسبة واحدة ؟

في بحث المعقول يقولون ان لم تلحظ النسبة بنحو متكرر لا تستطيع ان تدرك الفوقية ولا التحتية ليس ادرك الطرفين وانما ادرك النسبة بشكل متكرر يعني فوق انما يكون فوق في النسبة التي بين الطرفين وهذه النسبة اذا لاحظتها من الجهة المقابلة ستكون تحت واذا لاحظتها من الجهة الفوقية ستكون فوق فهنا ملاحظة متكررة لنسبة الطرفين فهو ادراك في المقولات النسبية والمهيات النسبية ، حيث يقولون هو ادراك نسبة متكررة بين الطرفين .

فلاحظ هذه النسبة هي نسبة واحدة لكن لها طرفان وهذه النسبة لها لون في طرف يختلف في طرف اخر فالسقف يتصف بالفوقية والارض تتصف بالتحتانية هذا الذي كرارا مر بنا الوهابية او بعض الصوفية او العرفاء بعضهم او حتى جملة من الفلاسفة خلطوا بين صفات الخالق والمخلوق ان هذه الصفات للخالق او للمخلوق ؟ اذا سألك عبادي عني فاني قريب فهذه الصفة لله او للمخلوق ؟ لله تجاه العبد لا للعبد تجاه الله ، فاني قريب لا انتم مقربون هم يخلطون بين قرب العباد وقرب الله ، الله لا يحتاج الى واسطة ولكن العبد يحتاج الى واسطة ، الرحمن استعلى على عرش المخلوقات سواء هذه صفة للرحمن او صفة للذات الالهية ليس صفة للمخلوقات وان كانت النسبة واحدة لكن صفات طرفي النسبة يختلف .