الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

46/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: فقه القلوب وظيفة عظمى اعتقادية

كنا في هذه المحطة من اية الكرسي وفي هذا التساؤل ان الشفاعة هي وساطة فما ربط الوساطة بالشفاعة؟ نقول المعنى العقلي اللغوي للشفاعة هو التوسيط كما قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء ان هذه الابواب الثمانية اي التوسل والتوجه والاستغاثة واللواذ والدعاء هي توسيط فمن يقول لا تدعو من دون الله يعني لا تناد غير الله فهل سبيل الله دون الله؟ هذه هي مغالطة الوهابية والسلفية وهذه المغالطة وقع فيها ابليس وجملة من العرفاء والصوفية ان نداء ودعاء غير الله هو دون الله فكيف يصير سبيل الله دون الله؟ وكيف يصير وجه الله غير الله؟ فغير الله يعني يقطع الطريق عن الله وكذا دون الله اما سبيل الله بالعكس يؤدي بك الى الله ؟

هذه المغالطة العقلية وقع فيها الكثير وهي بحث عقلي ولكن دقي في معنى دون الله بينما القرآن يقول قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوه فله الاسماء الحسنى فيأمرنا بدعاء الاسماء الالهية مع انها مخلوقة قل ادعوا الله ليس الله المسمى وانما الله الاسم او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا يعني دعاء المخلوق المملوك سبيل الى الله وهو دعاء للمسمى بالذات الالهية وما اكثر جمال هذه الاية! فايا ما تدعو من هذه الاسماء الالهية فهي تؤدي الى الله لانها سبيل الى الله وايات له .

هكذا لما تقول يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فانكما كافيان وانصراني فانكما ناصران يا مولانا يا صاحب الزمان الغوث الغوث الغوث ادركني ادركني ادركني ، هذه المقاطع بمقتضى النص القرآني هو دعاء يؤدي بك الى الله سواء قلت يا الله او قلت يا محمد التأدية سيكون بك الى الله لذلك الباري في اية الكرسي يقابل مرتين بين ائمة الجور وبين الله حيث هم مخلوقون فكيف يقابل بينه وبينهم؟ والطاغوت استعمل حصرا في القرآن ليس في الصنم وانما استعمل حصرا في ائمة الجور وائمة الباطل ومقابل ائمة الباطل هو ائمة الحق فلماذا عبر عنهم بالله هل هم خالق؟ كلا وانما هم السبيل الى الله وهذا مرتين في اية الكرسي الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يعني اشار الى ان منشأ كفرهم ليس التوحيد وانما الولاية لانهم ائمة الجور والطاغوت والذين كفروا يعني الذين يأتمون بائمة الجور وائمة الباطل كفار لانه يؤدون بهم الى غير الله .

والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات والذي هو نور الفطرة يطمسوها لهم وكذلك في سور اخرى قابل الله بين الطاغوت وبين الله لذلك ائمة اهل البيت يقولون المراد هنا من اسم الجلالة ليست الذات الالهية وانما ائمة الحق وامير المؤمنين لانهم يؤدون الى الله ، الذين امنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فسبيل الله يعني سبيل ولي الله فالله هنا بهذا المعنى خليفة الله ونبي الله وسبيل الله ووجه الله ويد الله وعين ولسان الله وجنب الله ... والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت كل من حارب عليا طاغوت فقاتلوا اولياء الشيطان كان امير المؤمنين يقرأها في حروبه وكذلك في سور اخرى .

الان عندنا سورة البقرة وسورة النساء وسورة الروم وسورة النحل اربع سور قوبل فيها بين الطاغوت وبين الله وكذلك سورة الزمر والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوا الله وهناك موارد اخرى لا اقل ثمان مواضع في القرآن الكريم قوبل فيها بين الطاغوت واسم الجلالة والطاغوت يعني ائمة الباطل وائمة الجور ولو كانوا مسلمين في الظاهر وهم في قبال ائمة الحق وائمة الهدى واسم الجلالة هو ولي الله وخليفة الله كفروا بالله وبولي الله وامنوا بالطاغوت بهذا اللحاظ .

من ثم اية الكرسي نصت على ان لا اله الا الله التوحيد الى ها هنا يعني الى الولاية كما اكد عليه ائمة اهل البيت في روايات عديدة وهذه بنص الثمان مواضع من القرآن الكريم جعل في قبال التوحيد ولاية الطاغوت ، اذن المراد من الله هو ولاية ولي وخليفة الله ونبي الله وفي سورة النساء يتحاكم ان يحكمون ويتولون ولاية قضائية او سياسية للطاغوت وان كانوا مسلمين ويدرجون في المسلمين في الظاهر وقد امروا ان يكفر به يعني بالطاغوت تكفر بولاية ائمة الجور وان حكم عليهم بظاهر الاسلام .

اذن الكفر والايمان والتسليم لائمة الحق وائمة الهدى توحيد ، اذن كما مر يدعو الله يعني ولي الله فهو يؤدي بك الى الله او ادعوا جنب الله عين الله ايا ما تدعوا هذه الايات والابواب تؤدي بك الى الذات الالهية ... في قبال ائمة الجور وائمة الباطل قل ادعوا الله يعني الاسم المخلوق لانه يؤدي بك الى الله علل تعليلا عقليا تكوينيا فله الاسماء الحسنى فالاسماء فانية في الباري تعالى لان له الاسماء يعني مملوكة ومؤدية الى الله الاسماء فانية في الباري تعالى خالصة مخلصة اليه تعالى ومن ثم انت تدعوها مثل المرآة لما تشاهدها هل انت شاهدت زيد او شاهدت المرآة فقط؟ شاهدت زيد .

يقول الامام الرضا في عيون اخبار الرضا وفي الاحتجاج في محاججته مع عمران الصابي وغيره من اربال الملل والنحل ان المرآة مثال خلقة الله لبيان توحيده وامثال كثيرة يعني الايات لذلك القرآن الكريم يقول كذبوا بايات الله وكفروا بايات الله ... ايات الله مخلوقة والتكذيب بايات الله تكذيب بالله والكفر بايات الله كفر بالله والايمان بايات الله ايمان بالله يعني جعل الله عز وجل الايات والاسماء والحجج كلها في معسكر التوحيد فهو مخلوق لكنه باب للتوحيد ، فاذا كان باب التوحيد انا اتشهد في الصلاة بالتوحيد ، والقرآن قد دلني انه ليس في ايات الغدير قيد الرضا بالشهادتين وانما بما امر الله به يوم الغدير اليوم يعني اليوم الذي امرتم به في يوم الغدير بالشهادة الثالثة وهو شرط رضا الرب ، وهل يصح ان اتي بشيء غير مرضي لله؟ فهذا الزام وليس استحباب .

لذلك عشرات الفتاوى التي نقلها السيد عبدالرزاق المقرم في كتيبه الذي الفه قبل ثمانين سنة في قبال فتنة الكاظمية اكثر الاعلام هناك افتوا من علماء النجف او قم او من سائر الحوزات التابعة لاهل البيت افتوا بهذا انه مكمل للدين اليوم اكملت لكم دينكم يعني الشهادة الثالثة ، اذن الشهادتين بدون الشهادة الثالثة ناقصة والقرآن ينادينا باعلى صوته يقول هذا الدين ناقص وكيف نأتي بالدين الناقص؟ اذن لابد ان يكون المأمور به هو الدين الكامل فالفتاوى التي نقلها عبدالرزاق المقرم لعشرات من علماء النجف قبل ثمانين سنة بل ولعلماء في طبقات القرون السابقة يعني مع الهامش قريب مئة فتوى ولعل اعظم كتاب كتبه السيد عبدالرزاق هو هذا الكتاب حسب كلمات عمالقة النجف الذين ادركناهم وهم استندوا الى نفس المطلب الان ثمان ايات في ثمان مواضع في القرآن في سبع سور يجعل الباري تعالى التوحيد دائرته ممتدة الى الولاية والى الشهادة الثالثة هذا لزوم وليس استحباب .

نعم الشهادتين تحقن الدماء اهل الذمة ايضا تحقن دماؤهم وتحل نكاحهم منقطع او دائم وتحرم اموالهم هذا ليس دليل على الاسلام الحقيقي هذا اسلام صوري وهذا اسلام يحكم به الله حتى على المنافقين فهل هذا الذي نأتي به في الصلاة هو الاسلام الحقيقي الواقعي لان القرآن نفل الاسلام الحقيقي عن المنافقين في عدة صور واشار الفقهاء اليه ونحن جمعنا كلمات الفقهاء في ابواب عديدة عندهم الاسلام تسعة اقسام وليس قسمين ، فالاسلام الذي مثل اهل الذمة صوري يترتب عليه ثلاثة واربعة احكام اما اذا اردت كل اثار الاسلام ذاك هو الاسلام الواقعي الذي فيه الشهادة الثالثة والبيانات عديدة في الايات القرآنية .

فالشفاعة وساطة ، اليست دون الله فولي الله ليس دون الله وسبيل الله ليس دون الله وليس غير الله فهل نحن نؤمن بالحلول؟ كلا هل نحن نؤمن بالوحدة الشخصية؟ كلا فاذن كيف هو ليس غير الله لانه يؤدي الى الله فلا تستطيع ان تقول ايات الله دون الله هو يؤدي بك الى الله انت لما تنظر للمرأة تنظر الى الشخص، فالشفاعة كما يقررها عقليا الشيخ جعفر كاتشف الخطاب في منهج الرشاد والذي هو اعظم كتاب له على الاطلاق لانه يصب في اصل التوحيد ويعظم التوحيد فهناك يقول سواء قلت شفاعة او قلت وساطة او استغاثة او نداء او لواذ او دعاء ثم الجامع بينها هي الوساطة والوسيلة وهي التوحيد واستخلاف التوحيد فاذا كانت الشفاعتها كذا لماذا يشترط الله باذنه؟ اذن معناها انها الاذن و الوسيط وهذا ليس في اية الكرسي وانما بحث عقلي غامض جدا من بحوث الاسماء الالهية وبحوث الشفاعة .

لاحظوا هذه الاية الكريمة قل ادعوا الله يعني الله الاسم او ادعوا الرحمن الاسم ايما تدعوا من الاسماء الالهية فله ايضا وساطة الاسماء كما باذنه فهذه وساطة اخرى لماذا؟ فالوساطة تشترط فيه وساطة اخرى وهذا مبحث جديد في عالم الاسماء في سورة يوسف ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان انظر السلطان هو نفس التوسيط والاسماء ايضا توسيط فاشترط في الوساطة وساطة .

ايضا في الايات عدة موارد باذن الله وما كان لنبي ان يأتي باية الا باذن الله فاذن عنوان الشفاعة والاسم والاية كلها لله فما هو الوجه العقلي لهذا المطلب؟ هناك اية اتخذوا من دون الله الهة لعلهم ينصرون فاذا كان الالهه هي الشرك لماذا قيد الله عز وجل بدون الله؟ فكانت الاية تكتفي تقول واتخذوا الهة لماذا يقول ويقيدها بدون الله ؟ يعني حتى الالوهية ودون الله محذوران ، واتخذوا من دون الله الهة ليكون لهم عزا لماذا قيدها من دون الله؟ يعني نفس دون الله محظور يختلف عن تعدد الالهة او فاتخذوا من دون الله الهة لا يملكون شيئا ربما شخص يقول هذا تأكيد .. كلا الاصل في القيود الاحتراز لا التأكيد او اتخذوا من دون الله قربانا او من يقل اني اله من دونه في سورة الانبياء يعني هل اذا لم يكن من دون ليس هناك محظور؟ بمعنى ان نهاية المأمول هي الذات الالهية فقد انت تأمل سبيل الله ولكن هذه هي النهاية وهي الذات الالهية .

هذا الذي يركز عليه الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه يخاطب الوهابية او السلفية او ابليس او بعض العرفاء او بعض الصوفية الذين يستشكلون في التوسل يقول في التوسل والشفاعة انت تطلب حاجتك من الوسيلة ولكن نهاية المسؤول في الوسيلة هو الذات الالهية شبيه قل ادعو الله يعني اطلب من الاسم او ادعوا الرحمن يعني الاسم ايا ما تدعو في حاجتك وفي سؤالك وفي تبركك واستشفاعك سيؤدي بك الى الذات الاهية .

هناك جملتان قالها امير المؤمنين فيها حلحلة لعقدة تورط فيها العرفاء كثير منهم وكثير من الصوفية والسلفية والوهابية حيث قال الذات الالهية نهاية المأمول قد انت ترى سبيل الله ولكن سبيل الله هو ليس غير الله ، الله هو نهاية المأمول وهذا الذي يقوله كاشف الغطاء لو سجد مؤمن لنبي الله يقول نهاية المسجود هو الذات الالهية وليس النبي ، النبي قبلة يقول هذه ليست معصية عقائدية وانما معصية فقهية وهذا ليس غلو عقائدي وانما تفريط فقهي لان الغلو العقائدي ما تقول نهاية المأمول هي الذات الالهية الشيخ جعفر كاشف الغطاء يقول نهاية المأمول ونهاية المسؤول وغاية الغايات هو الله والذات الالهية فقل ادعو الله اي الاسم او ادعوا الرحمن الاسم ايا ما تدعوا من الاسماء الالهية فله يعني هو المأمول النهائي .

ويقول الشيخ لو سألت انت ادنى مستوى ثقافة في المؤمنين من هو نهاية المسجد؟ سيقول لك هو الله يعني الذات الالهية وليس النبي وكذلك امير المؤمنين فتح لنا باب قواعد عقلية من هو نهاية التعظيم؟ هل للكعبة او للذات الالهية؟ فنهاية التعظيم والخضوع والسجود والركوع ونهاية المسؤول ونهاية الدعاء ونهاية الاستغاثة ونهاية الشفاعة ونهاية التوسل كل السبل التي قررها الله عز وجل تؤدي الى الذات الالهية هذا هو التوحيد العقائدي اما ما قد الانسان يرتكب من معصية فقهية هذا بحث اخر .

فالشيخ جعفر يقول افقهوا وفرقوا بين المعصية الفقهية والمعصية العقائدية فهذا عين التوحيد عقائديا اي تعظيم النبي حتى في حين سجوده للنبي اذا كان منهيا عنه شرعا هو عين التوحيد العقائدي وان عصى فقهيا هذه فتوى الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد فهو اسد مستأسد في علم الكلام والفقه والاصول وفي كل العلوم الدينية.

سنواصل ما هو السر ان الله عز وجل يشترط علاوة على الوسيلة باذنه فهل المحظور هو الالهة او دون الله؟ او كلاهما محذور ؟ هذه قضية اذن الله مقابل دون الله وغير الله ، فائمة الجور يجعلهم الله في مقابل الله يعني مقابل ائمة الحق لذلك يقول ائمة اهل البيت كل ما في القرآن فيها كفروا بالله المقصود بها كفروا بولي الله وبخليفته وبوجه الله وبجنبه يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله فالشرك بالله يعني الشرك بولاية ولي الله ويجعل ائمة شركاء لولي الله الشرك المطروح في القرآن شرك في الولاية طبعا هو شرك في التوحيد لانه لم يوحد الله في ولايته وانما حصر الولاية في اناس كيف انت تشرك غيرهم فيه هذا شرك بالله هذا البيان العلمي من ائمة اهل البيت ليست دعاء وانما هو موجود في منظومة بيانات ايات القرآن .