46/04/19
الموضوع: الخلط بين شؤون الأسماء والمسمى
كنا في هذا البحث الذي هو محل لغط كبير فيما بين العرفاء وقبل ثمانين سنة في النجف الاشرف حصل نزاع علمي شديد بين توجهين لدى اهل المعنى حول النظر بالايات فسمي احد الطرفين بالتوحيديين الذين قالوا يجب ان لانقتصر على الايات للوصول الى ذي الاية والطرف الاخر قال لابد من الالتفات الى الايات ومعرفتها وانه لا وصول الى التوحيد من دون النظر الى الايات وكلا الطرفين فيهم مجتهدين في المعارف فالجماعة الثانية اطلق عليهم الولائيون لانهم يركزون على ولاية ال البيت ومنشأ النزاع بالدقة هو الذي نحن فيه منذ اسبوع او اكثر النظر بالايات وان النظر بالايات والاسماء اكمل .
فيستدل الطرف الاول يقول الا تلاحظ ان الارتكاز الفطري عندما يقرأ الاسماء في القرآن لايلتفت الى ان الاسماء مخلوق و ورائها الذات الالهية والان ارتكازا عند عموم المؤمنين يلتفت الى ان الايات ينظر بها والمراد هوالذات الالهية فاي اسم الهي يأتي به القرآن الارتكاز الموجود لدى المؤمنين والمسلمين انما يلتفت للذات الالهية وينظر بالاسم ولا ينظر الى الاسماء فمن ثم يرى الخطاب الوحياني يتعرض للذات الالهية لا للاسماء بها ينظر يغفل عن انها مخلوقة لله تعالى وانما يلاحظ الذات الالهية
دعونا نستعرض الان بيانات عديدة في القرآن والاحاديث المتواترة لاهل البيت تنبه وتؤكد على التمييز بين النظر بالايات عن النظر الى الايات فتركز على النظر بالايات ويفترق عن النظر الى الايات مثلا حتى القرآن الكريم ما قال سبح الله وانما قال سبح اسم ربك الاعلى وحتى لما يقال سبح الله يحتمل انه الله الاسم او المسمى وكله يؤدي الى الذات الالهية ولكن هل هو الاسم او المسمى ؟ فضلا عن ان يقول بسم الله هنا يكون المراد الاسم او المسمى ؟ يعني اعظم اية على الاطلاق في القرآن هي البسملة فاذا كل سورة الحمد موجودة في البسملة فالاخيرة فيها تصريح وتأكيد بالنظر الى الاسم لكن كسبيل للذات الالهية بسم الله يعني استعن بالاسم وتبرك به واستغث به وتوجه اليه وناده .
الان كلمة بسم الله جار ومجرور يتعلق بالفعل والفعل المقدر هنا في بسم الله استعين ابتدأ اتبرك اتوجه استغيث انادي ، فهناك ثمانية وجوه ذكروها في اعرابه فهنا الشعارات الاساسية الركنية في التوحيد والبسملة تصرح وتؤكد على ملاحظة الاسم يعني ينظر الى الاسم كما ينظر بالاسم فتقول بسم الله واضيف الاسم الى الله .
فهنا اذن في البسملة جمع بين النظر بالاسم والنظر الى الاسم فهذه اعظم اية في القرآن الكريم فضلا عن الايات التي قرأناها ومرت بنا سابقا كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام وفي سورة اخرى تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام هنا لاحظ حتى لما يقول اسم ربك كلا اللحاظين موجودين الاسم والرب ، فسبح اسم ربك في السورة الاعلى يعني تسبيح الاسم فالاسم منزه والاسم المنزه مستفيض في القرآن والروايات يعني جملة من الشؤون الالهية تضاف الى الاسم مع انها ليست ذات معبودة والمعبود هو الذات الالهية .
كذلك لاحظ في بيانات اهل البيت المتواترة كلما توهمتموه في ادق المعاني فهو مخلوق لكم مردود اليكم يعني يجب ان تميز بين المرآة والمحكي بالمرآة مع ان الائمة بينوا ان البشر غير موظفين بوظيفة اكثر من ان يتفكروا والتفكر هي معاني مصنوعة لكم لكن مع ذلك الائمة يقولون بها ينظر التفت انظر اليها لكي تفكك ما بين المحكي والحاكي وهذا الذي يغفل عنه اصحاب القول الاول ان النظر بالايات ليس هو قمة التوحيد كما يتوهمه الميرزا علي القاضي او العلامة الطباطبائي .
فالتوحيد الاكمل ان تفكك وتميز بين ما ينظر به وبين المحكي فكيف تميز ان لم تنظر الى الحاكي ولو في الجملة؟ والا سوف تدمج وتخبط وتخلط بين صفات الحاكي والمحكي وهذا هو نفس الشرك الخفي او بيان اخر لدى الائمة عليهم السلام من عبد الاسم دون المسمى فقد الحد والمراد من الاسم ليس الصوت ولا المعنى الاسم هو موجود ملكوتي مهول اعظم من العرش والجنة والقيامة وجهنم واعظم حتى من عالم المشيئة .
جملة من الباحثين من اعلام الامامية يتوهمون ان المشيئة اعظم العوالم وهذا غير صحيح عالم الاسماء اعظم من المشيئة والمشيئة دون علم الاسماء والعجيب ان هؤلاء الذين يؤمنون بهذا هم على خلاف واختلاف لكن اتفقوا في هذه النقطة وهذا غير صحيح فاذا لم تنظر الى الحاكي سيختلط عندك حقيقة الحاكي بحقيقة المحكي وان كان هذا ليس خروج عن الدين وعن التوحيد لكنه مشوب بشرك خفي وهذا عكس ما ادعاه الفنائيون اللي هو نظرة الية طريقية فقط لانه اذا لم يميز بين صفات الحاكي والمحكي سينسب صفات الحاكي للمحكي وهذا خطأ ال البيت يقولون الحاكي وهو الاسماء كثرة والله ليس كثير هو واحد فاذا مزجت الكثرة مع الوحدة هذا شرك خفي ايضا ومن البيانات المهمة لاهل البيت التي يركزون فيها كبرهان على ضرورة الجمع ما ورد في الزيارات والروايات انه يسبح الله جميع خلقه باسمائه يعني تسبيح الذات الالهية لابد ان يعبر عن طريق تسبيح الاسماء والاستعانة بها .
من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق ومن لم ينزه الاسماء الالهية لا يستطيع ان يصل الى تنزيه الذات الالهية وهذا المفروض يصير واضح عند الكل وهو تنزيه الله لكن تنزيه الله عن الاسماء هذا من الصعب الصعاب فالاسماء يسبح بها ويعبد بها الله لكن اذا تريد عبادة اكمل خالصة فلا تمزج بين الاسماء والذات الالهية .
الان كثير ممن يظن نفسه انه يحارب الغلو هو وقع في الشرك من حيث لا يشعر لانه ينسب شؤون الاسماء الى المسمى وشؤون المسمى يتنزه عنها ومعنى التنزه ليس انعزال وليس فقدان معنى التنزه يعني النقائص لا تنسبها الى الذات .
ائمة اهل البيت امرهم صعب مستصعب يعني امورهم العالية والامور النازلة شريعة سمحة سهلة بيضاء فامر اهل البيت الصاعد الانبياء لا يتحملوها ولا الملائكة المقربين الا المؤمن الذي امتحن الله قلبه للايمان ، اني لاكتم من علمي جواهره ولو ابوح به لقيل لي انك ممن تعبد الوثنا وهذا شعر منسوب للامام زين العابدين .
الان المجسمة يقولون يد الله ليس كالايدي لكنه جزء الذات فالله فهم يظنون اذا قلت اليد مخلوقة هذا تقصير في معرفة الله او غلو ، يد الله هي جزء الله وعين الله وذاته وجنبه ، كذلك يقولون اسم الله عين الله بينما الائمة يقولون هذا شرك خفي من دون ان يشعر .
الان مثلا ملك الموت ينسب اليه الفعل هل هذا الفعل ينسب الى الله ام لا؟ لكن لا ينسب الى الذات الالهية بنواقصه مثلا ملك الموت انما يتوفى الانفس باليات روحية ولكن هل الباري يحتاج الى اليات روحية؟ الملائكة باسطوا ايديهم فالملائكة التي وكلوا باماتة الميت يبسطون يدهم الى روح الميت فينتزعونها والله لا يحتاج الى هذا الشيء فالملائكة توفته رسلنا اماتة الملائكة للميت هو بفعل وهي منسوبة الى الملائكة لكن اماتة الله للارواح ليست بنفس الاماتة التي لملك الموت ، حاشا لان الاماتة التي يقوم بها اعوان ملك الموت تفتقر الى الاليات ومحاذاة روحية خاصة وارتباط ببدن وروح الميت الخاص الله لا يحتاج الى اليات هو خالق لها .
النبي عيسى او اسرافيل في احياءه للموتى عندهم اليات ولكن الله لا يحتاج اليها فانت اذا تريد تنسب هذا الى الذات الالهية يجب ان تنزه الباري عن الافعال حتى للملائكة المقربين مع ان الله ليس منحسرة قدرته عن افعال الملائكة لكن لا تنسب الفعل الذي يصدر من الملائكة بشوب نقائصه الى الباري في حين ان الله ليس منعزل هو اعطاهم القدرة وهو اقدر عليهم فيما اقدرهم عليه .
فهذه معادلة صعبة لا هي انعزال وتعطيل لان التعطيل باطل حتى في الافعال وكذلك التشبيه فالباريء انزه من ملك الموت فهذه ليست فقط في الذات وانما في الصفات والافعال وامر بين امرين .
الغلاة والمقصرة معا عندهم مشكلة مشتركة فمن يتحسس من الغلو وهو مقصر وقع في نفس محذور الغلو هنا الاسم الالهي هو اله وهو المسمى ولكن المقصرة يقولون هذا الفعل بشؤونه لا ينسب الى الاسم وانما ينسب الى المسمى وانت اذا نسبت الفعل التشبيهي بالنقائص الى الاله فهذا لا يصير اله ، فالمقصرة والغلات خطأهم شيء واحد وعندهم انحراف واحد هذا الانحراف استثمره الغلاة بطريقة باطلة وكذلك المقصرة وكلا الطرفين حاد عن الاستقامة فكلا الطرفين يقولون هذا الفعل بما له من شؤون بكل قضه وقضيضه لا يصدر الا من الذات الالهية وهذا خطأ افعال الاسماء وصفات الاسماء الباري منزه عن نقائصها وهذا يصعب حتى على الفلاسفة والعرفاء والصوفية فيصعب عليهم ادراك ان الاسماء دون المسمى فقد يقولون بالسنتهم لكن يصعب عليهم .