الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

46/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الطريقية والموضوعية في الآيات والأسماء

 

فمن ذا هو سؤال استفهامي استنكاري

﴿من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه﴾ يعني لب المقطع والتركيز هو الا باذنه وهذا التقييد كما مر بنا ان الشفاعة طريقية وسيلة وساطة حرفية سبيل ما شئت فعبر فلماذا التركيز على طبقات اخرى من الوسائل؟ ما الفرق بين من ذا وبين باذنه؟

مر بنا ان هناك نظريتان ان المرآة اداؤها كالاسم والامام الرضا عليه السلام لكي يبين حقيقة دور الاسم يمثل ببرهان عقلي غامض لاكبر المتكلمين من الطرف الاخر من الصابية ولكن الاخير يجد هذا المبحث التوحيدي صعب عنده فاقام الامام الرضا منتدى عقلي وحياني يفوق البشر ومر بنا ان احتجاجات النبي والمعصومين من اهل البيت ليست احتجاجات تعبدية وانما احتجاجات عقلية بلغة وحيانية وكتاب الاحتجاج لو يترجم الى لغات العالم للملل والاديان والمذاهب فيه انفجار معرفي عظيم ومطالب عظيمة حسب نقل الشيخ جوادي الاملي والشيخ حسن زادة الاملي ان كثيرا من الاساتذة الكبار كانوا يدرسون كتاب الاحتجاج فهو كتاب عظيم وليس كتاب بشري كتاب مواد وحيانية عظيمة .

فالامام الرضا يبين بلغة عقلية هذه المعارف وليست لغة تعبدية وليس هو متوقف على السند وانما بحث عقلي ولغة ال البيت طرا في اصول الكافي والتوحيد وعيون اخبار الرضا والاحتجاج وبصائر الدرجات لغتهم في تراث الحديث وفي المعارف هي عقلية غاية الامر وحياني فوق البشر الان مثلا كون بلاغة القرآن وحيانية ليست خارجة عن سنخ البلاغة فهي بلاغة لكن يعجز عنها البشر وهذا لا يعني انها تعبدية بل شيء عقلي وليس تعبدي ظني فالمعجزة دليل وبرهان تكويني عقلي وليس عقلي فقط وكل المعجزات هكذا .

الان عصا موسى معجزة وليست ظنية تعبدية اذ فرعون لا يقبل التعبديات فكيف يحاجج الله فرعون بعصا موسى؟ فذلك برهانان من ربك اي ليس تعبد ظني فكون القرآن بلاغته في اللغة وفي الادب اعجازية لا يخرجه عن كونه لغة عربية لكنه بدرجة من الكمال يعجز عنها البشر بفصاحة عربية كذلك لما يحج القرآن الكريم او النبي او الله في القرآن الامم والاديان وكذلك محاججة امير المؤمنين او فاطمة او بقية الائمة هي بلغة عقلية وحيانية وليست تعبدية .

هذا المنهج الحشوي يدمج بين الوحياني والتعبدي الظني نعم التعبدي الظني شعبة من شعب الوحي يعني الجنبة الظاهرية ، ولكن اتقوا الله ويعلمكم الله العلم شيء والتعبدية شيء اخر وعلماء الاصول قالوا القطع شيء وباب التعبد الظني شيء اخر فالقطع شيء تكويني عقلي وحجيته ليست تعبدية فالاصرار على ان في العقائد يجب ان نقحم التعبدية الظنية والا فلا هذا يكشف انك لم تفهم العقائد بعد ولما تفهمت علم الاصول من رأس انت حشوي بامتياز انا انزه المحققين من الاخباريين عن هذا نعم حشوية الاخباريين والاصوليين يقولون بهذا القول فلا يميزون بين البحث العقلي التكويني وبين البحث التعبدي الظني ، فالوحي كونه وحي لا يعني انه ليس عقلي وليس تكويني بل هو عقلي وتكويني كمعجزة النبي ومعجزات الانبياء تكويني لا اعتباري ، النبي عيسى يحيي ويبرئ الاكمه والابرص وكذلك النبي موسى شق البحر لهم كالطود العظيم امر تكويني وليس اعتباري اخرج يدك من جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم يدك الى جناحك هذا امر تكويني وليس اعتباري .

فلا يمكن حشر وحشد الوحي كله في وثاقة الراوي هل يمكن ان نقول ان اعجاز القرآن ظني؟ هذا هو الحشوية فالاعجاز فوق الوثاقة وعدمها هذه الامور مميتة للعلم وموجبة لنشوء شبهات عقائدية فبين الامام الرضا جواب المشكلة التي واجهها المتكلم في زمانه الصابئي ثم استبصر الاخير على يد الامام الرضا فلما كان يحاججه كان ذلك بالمنطق العقلي لكن فوق قدرة البشر فهو يدرك المعجزة لكنه لا يقدر على اتيانها فالمعجزة الخطاب بها او توجيهها للبشر ان البشر من جهة يستقبلها ويدركها لكن لا يقدر عليها .

بعضهم قال اذا كان لا يقدر عليها اذن لا يفهمها وهذا ايضا باطل ومغالطه فالبشر يدركها ولا يقوى عليها ، الان الادباء لدى قريش كالوليد بن المغيرة كان من الكبار المتضلعين في العلوم الادبية ذرني وما خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا فهو كان اديب محترف يدرك الاعجاز البلاغي للقرآن لكن لا يقوى عليه فهو في قرارات نفسه يعرف ان هذا ليس بقدرة البشر ولكنه كذاب ، فالمعجزة عظمتها هكذا تكوينية وحيانية عقلية وليست ظنية تعبدية ويدركها العقل البشري ولكنه لا يقوى عليها .

هذا المطلب ذكرناه في انه لماذا سمي الامام الباقر بباقر العلوم لانه اتى بجذور العلم وكان يدركها علماء عصره ولكنهم لا يستطيعون ان يأتوا بمثله ففي حين اعجازية ويدركها الطرف الاخر لكن لا يستطيع ان يأتي بمثله البعض يظن انه اذا قلنا ان هذا معجز يعني الطرف الاخر لا يفهمه اذن هذه خلاف غاية اللمعجزة نعم هم لايقوون على مثله .

اذن لغة المعارف في الكافي وتوحيد الصدوق وعيون اخبار الرضا و الاحتجاج وبصائر الدرجات ونهج البلاغة والصحيفة السجادية وكل التراث العقائدي قائم على البراهين العقلية الوحيانية وليست البراهين العقلية المتدنية للفلاسفة او العرفاء او المتكلمين ، فعمران الصابي لما سأل الامام الرضا كيف اميز بين الخالق والمخلوق؟ وبين الايات وذي الايات وبين الاسماء والمسمى ؟ تمثل له بالمرآة وهي مثل ضربه الله للاسماء فالمرآة حاكية للحقيقة يعني اتحاد في الحكاية ولا يعني ذلك العينية ولكن الحكاية وجه من الوجوه واشعاع من الاشعاعات فقال الرضا لعمران الصابي : اانت في المرآة ام هي فيك؟ قال كلا قال اتحكيك ام لا؟ قال نعم قال هل تحكي غيرك؟ قال لا قال هذا نفس الاسماء الالهية والمسمى والذات هي هو وهي هي ثم قال عمران هل الله خلق مثالا للتوحيد غير المرآة؟ وهناك امثلة كثيرة من الامام الصادق او بقية الائمة ... فقيل لها ادخلي الصرح فلما دخلته حسبته لجة فكشفت عن ساقيها قيل لها انه صرح ممرد... فما العلاقة بين الصرح وما وراء الصرح؟ الذات الالهية مهيمنة على الاسماء ، والصرح هومثال للاسماء وما وراء الصرح مثال للذات فانت لما ترى الصرح اي الاسماء هي هو وهو هي ومن ثم روي عنهم ان لنا حالات هو نحن ونحن هو وهو ونحن نحن يعني حكاية فناء فهو حكاية وليست فناء تحقق .

فهذا مذهب عظيم عند اهل البيت في الصفات الذاتية انها هي هو وهو هي وهي هي وهو هو يعني عين الذات صفات ذاتية الحكاية وليست ذاتية التحقق فقال له يا ابن رسول الله اذكر لي امثلة فذكر له عدة امثلة وقال وما اكثر الامثلة التي خلقها الله لتوحيد الاسماء وذات المسمى فهذا بيان تكويني عقلي وليس عقلي بحت ومن ابين البراهين العقلية ما يدركه الانسان من التكوين فليس قضية وثاقة او عدم وثاقة هذا بحث عقلي وبحث في علم الكلام فلا تقل نهج البلاغة سنده ثقة او غير ثقة ؟ اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير؟ الادنى هو حجية الظن والخير هو القطع ، ذاك علم اصول القشرية والحشوية فهذه البيانات ليست فقط عقلية وليست فقط تكوينية بل اعجازية يعني البشر لولا الوحي لما استطاعوا ان يهتدوا الى هذه البراهين العقلية التكوينية الاعجازية ويعجز البشر عن ذلك فهم يدركوها لكن لا يقدروا عليها وان يأتوا بمثلها .

الكليني يذكر في بعض الخطب عن امير المؤمنين في التوحيد ويقول هي من غرر الخطب وتعجز العقول عن الاتيان بها مع ان الكليني لا تفكر انه محدث فقط وانما هو فقيه متكلم من الطبقة العليا في علماء الامامية فهو ليس مجتهد او فقيه او مرجع عادي هو كان في زمانه زعيم من زعماء الطائفة ومن الطبقة العليا والطائفة كانت فيها فحول وحتى فلاسفة لكنه تزعم الصدارة فهو هكذا يصف خطب نهج البلاغة في المعارف .

فجماعة كثيرة من العرفاء والفلاسفة والمتكلمين والفقهاء والمفسرين يقولون بانه لا تشتغل بالنظر الى المرآة اي الاسماء والايات وانما انظر بها ولا تنظر اليها ولا تنشغل بها وهذا الكلام صحيح اذا كان الناظر نظر اليها نظرة مقتصرة فهذا يكون حجاب واذا نظر بها على نحو الطريق والطريقية غير الموضوعية فلا وحتى الطباطبائي في موارد عديدة يستدل على هذا الشيء في الميزان فقل يا الله افضل مما تقول يا محمد يا علي فهو مشروع لكن هذا افضل ولكن عند اهل البيت الاكمل ان تقول يا الله يا محمد يا علي ... انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا فهذا لا يعني انه شرك ولا حتى الشرك الخفي ... او اطيعوا الله في مواضع كثيرة واولي الامر منكم او قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى يعني مودة الله ومودة نبيه ومودة القربى فمعيار المضاف بالمضاف اليه قرنت طاعتهم بطاعتك وقرنت ولايتهم بولايتك هذا ليس شرك وانما هذا هو الاكمل والذي لم يهتد اليه العرفاء والفلاسفة والصوفية .

فالاكمل هو النظر بالايات والنظر الى الايات ومثلنا امثلة عديدة دعونا الان نذكر بعض البراهين التي ذكرها اهل البيت مثلا رؤية الهلال وبحث القطع الطريقي والقطع الموضوعي معركة اراء بين الاعلام هذا بحث توحيدي بامتياز وان كان اصولي لكنه عمقه بحث توحيدي بامتياز وغامض ومعقد هناك طريقي محض وطريقي موضوعي وطريقي صفتي وقطع صفتي قطع طريقي صفتي والصفتي انواع والسجال بين الاعلام في هذا المبحث عقلي دقي غامض صعب مستصعب فاذا فهم الانسان الاقوال والنقض والابرام في كلماتهم سيهضم البحث شيئا ما في المقام انه كيف الطريق ينظر بها؟ وكيف ينظر اليها؟

القرآن الكريم يقول بسم الله وما قال بالله يعني الابتداء بالاسم واصل الدين كله هو في البسملة كل القرآن فيه البسملة فكل القرآن في الفاتحة والفاتحة كلها في البسملة والبسملة كلها في الباء والباء هي للتوسل والنقطة تحت الباء هي للتوسل والوسيلة والشفاعة والوساطة بالاسم والتركيز عليه وهذا ليس شرك خفي او يقول ويبقى وجه ربك فلماذا يقول وجه فليقل ويبقى ربك ذو الجلال والاكرام؟ والوجه مخلوق ، الجلال يعني الوجه جل جلاله وفي اخر الرحمن تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام فهناك جلال للذات الالهية وهناك جلال للاسماء هل هذا الوهيتين ام ماذا؟

فلم يفكك العرفاء والفلاسفة والمتكلمون وجملة من الفقهاء والمفسرون ان الجمع هو اكمل ، فلماذا يقول القرآن سبحان الذي بيده ؟ لماذا ينزه الله ؟ كذلك عين الله وجنب الله وروح الله لماذا كل هذا التركيز على الوسيلة؟ هذه كلها وسائل ووسائط وليست ذات المسمى فهذا ليس شرك خفي وهذا امر معيب في المنهج العلمي ان يقال مثل هذا الكلام نعم هناك في القرآن تدريجية في المعارف لكن ليس شرك .

او قوله تعالى او لم يروا او لم ينظروا او لم يروا الى ما عملت ايدينا انعاما وهذه مثل توفته رسلنا او يتوفاهم ملك الموت او اسرافيل نافخ في الصور فهم يقبلون ذلك في اسرافيل وفي عزرائيل وبالنسبة للنبي والال يقولون هذا شرك لانه مثلا اسرافيل اعظم درجة والعياذ بالله او عزرائيل اعظم قوة وصلاحية هذا الكلام معيب ان نقوله ، نحن نقول بكلمات القرآن ولا نتعداها هي سبيل النجاة والكلمات المتواترة عنهم .

فاذن الجمع اكمل غدا نتناول البراهين على الاكملية خلافا لتوهم العرفاء والصوفية والفلاسفة والمتكلمين والمفسرين وحتى جملة من الفقهاء .