46/04/12
الموضوع: العلاقة بين الفكر العقلي والقلبي
لا زلنا في هذا المقطع من اية الكرسي من ذا الذي يشفع عنده ... والتساؤل انه لماذا تتقيد الشفاعة في هذه الاية وفي ايات اخرى تتقيد بـ عنده ونظير هذا التقييد في موارد عديدة فالشفاعة وساطة بالمعنى الاعم والاسماء وساطة بالمعنى الاعم والتوسل والوسيلة وساطة بالمعنى الاعم وجه الله عين الله جنب الله وساطة فهذه عناوين اخذ فيها الوساطة وبتعبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء هناك الى ما شاء الله عناوين وحيانية قيدت بالتركيز على طريقيتها وحرفيتها وان الطرف الاصلي فيها هو الباري تعالى باذنه وقدرته وملكيته .
فهذا التركيز ما سره وابعاده وغايته ؟ مر بنا انه هذا لبيان درجات في المعرفة ، ففي الايات يسألونك كذا كذا قل انما الايات لله او انما يأتي بايات الله يعني بلا تشبيه في بلعم بن باعورا اتيناه اياتنا فالايتاء من الله مع ان الايات ملحوظ فيها الوساطة فهذا اشارة الى ان الطريقية درجات والحرفية درجات والمرآتية درجات ومر بنا امس النظر بالايات درجات متعددة فالفناء في الحكاية وليس في الوجود الفناء في الحكاية في التجلي في الظهور درجات .
من هنا الرؤية والطريقية والحرفية والحكائية بالتلسكوب درجات هناك تلسكوب مسلح بكذا يعني درجات التسلح بالقدرة والشدة يوما بعد يوم عند البشر تزداد فمن ذا الذي يشفع عنده يعني الايات عنده ، فمقام العندية والقرب من الله الوساطات نقطة مشتركة فيها القرب والعندية فلا تقل بان هذه الوساطات بعيدة عن الله وانما هي عند الله وقريبه ويصف القرآن الكريم احد الانبياء بانه من المقربين ، وهذا شرط عقلي واضح ان الواسطة والوسيلة والسبيل يجب ان يكون قريبا مقربا وليس قرب جغرافي ولا حتى قرب روحي وانما ما هو اعظم من ذلك وهو قرب كمالي .
مر بنا العام الماضي ان الله منزه عن الروح ونقائص الروح ومنزه عن نقائص العقل فهذا القرب يعني انه كلما ازداد المخلوق كمالا كان قريبا في تجلي الكمال الالهي ومن المقربين فالقرب الى الله يعني يزداد كمالا لكي يكون تجلي اكبر للكمال الالهي فالوساطة انما تكون وساطة عندما تكون مقربة فتكون سبيلا الى الله وليست حجاب فمر ان هذه الوساطة والفناء في الحكاية درجات وليست درجة واحدة كما ان النظر الى الاية او الى الاسم او الى الواسطة او الى الوسيلة ايضا درجات وليست درجة واحدة .
كما عندنا في علم الاصول القطع الطريقي والقطع الموضوعي يعني اليقين الطريقي واليقين الموضوعي هناك قسم اخر ذكره الاصوليون اليقين او القطع الطريقي المأخوذ على نحو الموضوعية فقالوا قطع طريقي على نحو الموضوعية وقالوا قطع موضوعي على نحو الصفتية فعندهم هذه التعابير قطع طريق مشوب بالموضوعية اما الموضوعية الصفتية او الموضوعية الطريقية .
فهذه التقسيمات والابحاث صميمة لبحثنا في المقام وهو استثمار المباحث الاصولية لاعقد المسائل العقائدية ونقلت لكم كلام السيد محمد الروحاني عن اكابر كثيرين ان المعنى الحرفي الذي يبحثه الاصوليون بهذه النظريات المعقدة حتى يقال ان الازهر انبهرت ببحوث المعنى الحرفي لدى حوزة النجف قبل سبعين سنة حيث هم يتبجحون بالتضلع في اللغة العربية ولكن هذا الغوص الموجود في المعنى الحرفي لدى الحوزات الشيعية ليست لديهم ، فهذا المعنى الحرفي يقول السيد الروحاني من اعظم استثماراته في مباحث التوحيد المعقدة ففي التوحيد هناك مباحث الغاز جدا مبهمة فتوظيف بحوث المعنى الحرفي في معارف التوحيد استثمار عظيم لمن يتنبه ، فمبحث التجلي والظهور وظهور الباطن هو من الابحاث الصعبة عقائديا كلاميا فلسفيا عرفانيا .
فالبحوث الموجودة في علم الاصول تعبد الطريق على الغوامض كثيرا كثيرا ربما في المعنى الحرفي علماء الامامية ذكروا نظريات رئيسية ثمان او عشر معقدة ومهمة ولذيذة ، حيث كثير من معقدات عالم الخلقة والمخلوق والخالق والتجلي والظهور والتوحيد هذه المباحث تعبد الطريق لفهمها سلس بين عجيب هو المعنى الحرفي وهذا ليس تكلف ولا مبالغة لمن يستثمرها .
وذكرنا العلامة الطباطبائي في كتابه الرسائل السبع و احدها الاعتباريات يقر ان هذه المباحث قصروا فيها الفلاسفة رغم انها مصيرية في المعرفة واغنانا عنها علماء الاصول فينقل نظريات النائيني والكومباني والعراقي من دون ان يذكر اسماء هؤلاء ومن دون ان يذكر اسماء علماء الاصول وهذا عتاب عليه فالحري به ان يذكر ان هذه النظريات انجزها وشيدها علماء الاصول وهي صميمة في بحث المعارف العقلية .
فكثير من المباحث الاصولية المعقدة لها استثمار عقائدي على ابعد حد فمن يتقنها يستطيع ان يستثمرها في العقائد كما ان مباحث الفقه المعقدة الصناعية لها استثمار عقائدي عجيب جدا ومرارا ذكرنا كثيرا ما لغة الوحي ولغة الحديث النبوي والحديث العلوي والفاطمي والحسني والحسيني تستثمر اللغة الفقهية لبراهين عقائدية فاحتجاج فاطمة مع الطرف الاخر بقواعد فقهية ولكن مقصودها ليست نتيجة فقهية فالنزاع ليس فقهي بينها وبين السقيفة النزاع اساسا عقدي اعتقادي ولكنها وهي لبوة النبوة برغم الانوف قالت اعلموا اني فاطمة وابي محمد دون نسائكم وهو ابن عمي دون رجالكم يعني المقصود انها استعملت لغة عقلية عقائدية في بداية خطبتها واستخدمت لغة اصول التشريع في المقطع الثاني من خطبتها وفي المقطع الثالث وظفت واستثمرت واستندت الى البراهين الفقهية لمطلب عقائدي اترث اباك ولا ارث ابي فهذا بحث في قاعدة الارث توظفها في الارث الاصطفائي .
بل حتى علماء الجمهور اقروا بان مراد فاطمة هو الاصطفائية وقالوا الحق معها فهذا امر عجيب انه كيف يقرون الحق مع فاطمة? والعجيب ان علماء الامامية اكثرهم جعلوا البحث فقهي محض وركزوا عليه في قضية فاطمة ، انصافا مع احترامنا للقدماء هذا اسفاف بالبحث اصلا هو نزاع عقائدي قبل ان يكون نزاعا فقهيا هو سياسي منشعب من العقيدة قبل ان يكون سياسيا محضا وليس نزاعا فرديا وهذي نقطة جدا مهمة في نزاع فاطمة مع الطرف الاخر ان النزاع ليس فرديا وانما نزاع سياسي منطلق من مناشي عقائدية وليس نزاع سياسي محض .
جعلتم كتاب الله وراء ظهوركم يعني لا تلتزموا به وتجحدون احكامه فهذا استثمار للمباحث الفقهية في المسائل العقائدية فاعظم استثمارات الفقه توظيفه في العقائد كما ان اعظم استثمارات تطبيقات علم اصول الفقه في العقائد .
مر بنا مبحث المعنى الحرفي ومبحث الاعتبار ومنها ايضا مبحث اقسام القطع الطريقي سواء كان طريقي محض او طريقي صفتي موضوعي موضوع على نحو الطريقية قطع موضوعي على نحو صفتي قطع موضوعي على نحو الطريقية وموضوعي طريقي واحد .
انا اثير هذا المبحث لانه صميميا مطابق للبحث الحرفي قضية النظر بالايات والنظر الى الايات تستطيع تقول له نظرة موضوعية النظر الى الايات النظر الى الوسيلة ولو انهم اذ ظلموا انفسهم هنا يريد يشير الى موضوعية النبي او ما كان الله معذبهم وانت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون يعني انت لك خصوصية وانت فيهم فهناك صحيح ان النبي وسيلة وباب اعظم الى الله لكن له موضوعية جاءوك كما يقول الله عز وجل قل ادعوا الله يعني الاسم او ادعوا الرحمن الاسم ايا ما تدعوا هذه الاسماء توصلك الى المسمى ايا ما تدعو فله الاسماء الحسنى فهذه نظرة موضوعية ونظرة طريقية .
لذلك هذا البحث وهو القطع الطريقي والموضوعي له ارتباط وطيد بما نحن فيه فالمرحوم الكومباني او غيره قال القطع طريق محض يعني لا هو مأخوذ في الموضوع ولا هو مأخوذ في المحمول كأنما هو خارج عن القضية القانونية مثلا القطع طريقي يعني لمن ينظر بها يعني ينظر بالايات من دون ان تنظر اليها يعبر عنه طريقي محض وهو درجات .
هناك حزورة فقهية رؤية الهلال في شهر رمضان او الاشهر القمرية صم للرؤية وافطر للرؤية الرؤية هنا طريق محض فوجه هذا السؤال للسيد الخوئي اذا كانت الرؤية طريقية محضة يعني لا موضوعية لها بدليل انه لو لم تحصل الرؤية لغيم او لاي شيء اخر يدخل الشهر واذا رأيته ناقص تقضي يوم عندنا قاعدة انه اذا رؤي الهلال الثاني اخر الشهر ثمانية وعشرين نقضي يوما لان الشهر ما ينقص عن تسعة وعشرين يوما وهذه مسلمة في باب شهر رمضان فالرؤيا اذا كانت طريقية فالمشهور ما يقبلون قول المنجمين هو ايضا طريقي ولا يقبلون تطويق القمر ولا يقبلون قرائن حسية ينضم اليها استنتاج حدسي معنى انه طريقي يعني له بدل لا موضوعية له قالوا الرؤية طريقية محضة لكن لها موضوعية فالطريقية ليس هناك طريق يؤمن كفاءة الطريقية الموجودة في الرؤية الحسية بحسب الادلة .
فبقية الطرق في حكايتها وفي اصابتها للواقع لا تؤمن درجة الحكاية والاصابة الموجودة في طريقية الرؤية مثل ما نحن نقول تلسكوب او ميكروسكوب مجهري مسلح يعني طريقيته لهذه الدرجة خاصة من الحكاية اذن الطريقية في الطرق درجات والحكاية في الطرق درجات قد يستلزم في التشريع او في العقائد او في اي مكان اخر تكوينا الشارع يطالب بدرجة من الحكاية عالية فلا يقوم بديل لها شيء .
فوسيلة سيد الانبياء واله ليس لها بدل يعني لا بديل لها في المخلوقات وهذا اشتباه العرفاء وانحرافهم انه اذا هي وسيلة يعني لا بديل لها والوسائل ليس لها بديل لا يطمع في ادراكها طامع فالقرب الذي وصل اليه سيد الانبياء لم يصل اليه احد فلذلك ندعو للنبي انه اعطه الوسيلة يعني وسيلة خاصة فهذه موضوعية في عين الطريقية يعني في حين النظر به لكن لها خصوصية وهذا ما اشتبه فيه الفلاسفة حتى جملة من الفقهاء اشتبهوا فيه وكذلك المتكلمين والوهابية والصوفية فهي وسيلة ولكن هذه الوسيلة بديلة والصلاة انما تتهيأ لتتقرب الى النبي والنبي يقربك الى الله .
يقول الامام الصادق لا ينال شفاعتنا المستخف بصلاته يعني كأنما غاية الصلاة ان تنال شفاعة اهل البيت فصم وصل دهرك لنتهيأ لشفاعة النبي فيقول الامام الباقر لاحد اصحابه اغرك برك ؟ فالبر يغر والتقوى تغر الى الضلال ، ان في القيامة لمواقف واهوال لا ينجو منها الانبياء الا بشفاعة سيد الانبياء فضلا عنك وعن برك ، فبرك وصلاتك تهيئك لشفاعة النبيين وهذا المضمون موجود في نفس اية ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما .
يقول الالوسي وكلامه دقيق هذا ليس شرط توبة هذا شرط كل عبادة اذا لم يتشفع النبي فيها هذه العبادة هباء منثورا فلابد من ضرورة الشفاعة لتقبل الاعمال الصالحات وهناك ايات عديدة في القرآن تدل على هذا المطلب انه بدون شفاعة النبي اعمالنا لما تكون مقبولة ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم ابواب السماء الاية اربعين في سورة الاعراف وشرحناها عدة مرات .
نعم قد انت ما تكذب بالايات وتقر بها يعني الايات الناطق الحجج الالهية وجعلنا ابن مريم امه اية وتصدق بهم ولا تستكبر عليها لكنك تعرض عنهم لان الاية ذكرت اربع محاذر ان الذين كذبوا واستكبروا عنها يعني صدوا عنها قد انت ما مستكبر وتصدق وتؤمن وتتواضع لكنك قطوع وجفو فقاطع ما امر الله به ان يوصل من اقبل علينا اقبلنا عليه ومن ادبر عنا ادبرنا عنه فانت مع انك لا تكذب ولا تستكبر ولكنك مدبر عنهم فيدبر الله عنك فاذا ادبرت لا تفتح لهم ابواب السماء لصعود الاعمال وحتى ايماننا ما يصعد .
بل ازيد من هذا ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فهذه الاعمال ما توصلنا للجنة وكذا لا يوصلنا للجنة لا اله الا الله الا ان يكون شفاعة للنبي فحتى في توحيدنا لله ومعرفتنا به واقرارنا به لابد ان يكون بشرطها وشروطها ما هي هذه الشروط ؟ واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما واذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم وليس فقط المنافقين قد يكونوا وهابية قد يكونوا عرفاء يصدون فيقول لك دع عنك يا علي يا محمد قل فقط يا الله فيوجد من امثال هؤلاء من العرفاء والفلاسفة بل حتى الفقهاء فالاية معادلة كلية تجري في السقيفة العرفانية والسقيفة السياسية والسقيفة الكلامية والسقيفة الفقهية .
فاذا لا تجعلوا لكم شفيع ووسيلة ايأسوا عن رحمة الله فلا تفتح لهم ابواب السماء حتى لصعود الاعمال والعقيدة ، فالعقيدة لا تصعد بدون الاقبال على النبي والال ، اليه يصعد الكلم الطيب بشرطها وشروطها اغرك برك ؟ اغرك توحيدك ؟ اغرك ايمانك عن شفاعة النبي ؟ واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا وانما هم بحاجة الى شرط اخر ثم اهتدى فانت بحاجة الى هادي ومهتدي قائد امام مأموم هداية يعني امام هادي ومهتدي ، الهداية احد الاسماء العقلية الوحيانية للامامة ، ثم اهتدى يعني لابد لك من امام تاتم به هذا شرط ما اصعبه من شرط فيقول الباقر اغرك برك ؟ اغرك ايمانك وتوحيدك ؟ معرفتك بالله صحيح هي وسيلة وطريقية لكن هذه الطريقية لا موضوعية لها في عين كونها طريقية والاصوليون نقحوا هذا البحث كيف هي طريقية محضة في حين ان لها موضوعية هذا القسم اضافه المرحوم الاصفهاني او ملا هادي الطهراني وهو بحث مهم جدا صميمي فيما نحن فيه وللبحث تتمات.