46/04/11
الموضوع: النظر بالآيات وإليها والجمع درجات لا تتناهى
المقطع في أية الكرسي ﴿من ذا الذي يشفع عنده الا بأذنه ...﴾
والشفاعة وساطة و وسيلة وقيدت بعدة قيود فنفس الشفاعة هي وساطة فعنده هي وساطة من ذا الذي يشفع عنده وباذنه ايضا وساطة الا باذنه فاضافة عند الى ضمير (ه) ايضا وساطة ، يعني قيود الوساطة والاية مراتب لماذا؟ ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ولله الاسماء الحسنى يعني مخلوقية الاسماء والوساطة والوسيلة ، اسماء يعني معناها فيها يعني دلالة حكاية طريق وعلامة وله يعني مملوكة ومخلوقة فهناك تأكيد وراء التأكيد على الطريقية والدلالة والوسيلة فما السر في ذلك؟
انتهينا امس ان جملة من العرفاء واكثر الصوفية بما فيهم ابن عربي والغزالي واكثر علماء الاخلاق والكلام والفلاسفة حتى الفقهاء منطبع عندهم ان النظر بالايات اشرف من النظر الى الايات معرفة ، واعلى معرفة من النظر الى الايات لان هنا الايات لا تحجبك فانت تنظر بها ولا تنظر اليها .
واجمالا هذا الكلام الصحيح موجود في بيانات اهل البيت لكن هل هذا نهاية المطاف ؟ كلا اذا قابلنا بين النظر الى الايات دون النظر بالايات فصحيح حيث النظر بالايات الايات فانية انت تنظر بالمرآة اكثر حكاية وقوة من ان تنظر الى المرآة وهذا صحيح انه حجاب ولكن في بيانات عظيمة لاهل البيت ان النظر بالايات من دون ان تضم اليها النظر الى الايات ليس هو التوحيد الاكمل قل ادعوا الله اي الاسم او ادعوا الرحمن ناد استغث ادع توجه استقبل ووو ، فنحن امرنا باستقبال الكعبة فهل نحن نتوجه بالكعبة الى الله او نتوجه الى الكعبة؟ وهل هناك منافاة بين ان نتوجه الى الكعبة وبين ان نتوجه بالكعبة ؟ اينما تكونوا فولوا وجوهكم شطره ، فجنب الشطرة هوالبصر والبصر مجاور للشطرة فاينما تكونوا فولوا وجوهكم شطره فلنولينك قبلة ترضاها فالقبلة الحقيقية النهائية الله وليس الكعبة .
العرفاء والصوفية يقولون هذا التوجه للكعبة بداية الطريق واما وسط او نهاية الطريق ان تجعل الكعبة فانية في الله فانت تتوجه الى الله ببدنك وذهنك الى الكعبة ثم تتوجه الى الله لا ان تتوقف عند الكعبة وذهنك لا يقف عند الكعبة بل في سورة ابراهيم جعلت القبلة المعنوية هي ذرية اسماعيل وليس الكعبة رب اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وليس الى الكعبة والى البيت يعني هم باب الله والسبيل الى الله وهم النبي واله ذرية اسماعيل فسورة ابراهيم تجعل القبلة القلبية النبي والال ولكن هذه ايضا ليست القبلة النهائية وانما سبيل الى التوجه الى الله ووجه الله ... انما نطعمكم لوجه الله وهذا دليل على ان الوجه اخذ في قصد القربة وفي نية العبادة لكن اخذ طريقا .
هذا عين نص زيارة عاشوراء يا ابا عبدالله اني اتقرب الى الله والى رسوله ثانيا هذا الثاني ليس شريك وانما سبيل وشفيع وهذا الخلط موجود عند الوهابية والصوفية والعرفاء وبعض المتكلمين وحتى بعض الفقهاء خلطوا بين معنى الشفيع والشريك وبين الوسيلة والندية فاولياء الله ليسوا اندادا لله فسبيل الله ليس دون الله ويد الله ليس دون الله ونبي الله ليس دون الله .
كثير من المتكلمين عندهم هذا الخلط في زماننا حتى في الوسط الداخلي يخلط بين الوجه والشريك يقول هذا ند الله وهذا تأليه لاهل البيت انت افهم عقليا ما الفرق بين وجه الله وند الله؟ وجه الله وشريك الله ، يد الله وغير الله ، وسبيل الله وغير الله ، انت لا تفرق بين سبيل الله والجبت والطاغوت وتقول سبيل الله هو جبت وطاغوت ، الجبت والطاغوت شيء اخر .
هم يجعلون انفسهم قبلة وهذا لا مانع فيه عندهم ولكن لما تصل الى النبي وال البيت وهم السبيل حقيقة يتحسسون من عنده ويرمون قائله بالغلو وقد وقع في الشرك من حيث لا يشعر اذن هذا مبحث مرتبط بالتوسل وكثير يفكر ان مبحث التوسل والوسيلة والتوجه والاستغاثة باهل البيت والنداء وطلب الحاجة من النبي واهل البيت هذا شرك وان الدعاء مختص بالله فماذا نصنع في سبيل الله وباسم الله ؟ فالاسم هو غير الذات الالهية ؟
فهناك خلط وخبط ، هو الله عز وجل يقول قل ادعوا الله الاسم او ادعوا الرحمن الاسم ايا ما تدعوا من الاسماء فله الاسماء الحسنى يعني تؤدي الى الذات الالهية وهذا تصريح من الله ان دعاء بعض المخلوقات الخالصة المخلصة هو دعاء للذات الالهية ويندك فيها ففي حين يقول ادعوني يقول ادعوا اسمائي ولا مانع في ذلك لان الاسماء تؤدي الي الله وفي حين يقول ادعوني يقول لا تدعوا من دون الله فمن يحجب عن الله هوغير الله اما السبيل الى الله لا يحجب عنك ذلك ، وهل الله يمنع السبيل اليه؟ فهذا تناقض وخلط عقلي فلسفي قلبي فقهي كلامي .
اذن مبحث التوسل ليس مبحث فقهي وانما مبحث عقلي وعرفاني وكلامي وفقهي بامتياز ، فكل العلوم الدينية تتدخل في التوسل والاستغاثة وطلب الحاجة ، فالنداء مبحث توحيدي بامتياز وولائي بامتياز فهو معجون العلوم الدينية فما ذكره الكثير من اصحاب العلوم المختلفة من ان النظر بالايات والجهة الحرفية في الايات اشرف واكمل معرفيا هو اصح سدادا من النظر الى الايات هذا صحيح لكن هل هو الاكمل؟ كلا في بيانات ال البيت اذا تجمع بين النظرتين ستكون اكمل حيث عندنا نظرة بداية الكمال وهو النظر الى الايات والى الاسماء والى الكلمات اما اذا تريد الاكمل فهو الجمع بين النظرتين .
هذي الجماعات اللي نقلت عنهم من العرفاء والصوفية والمتكلمين والفقهاء عندهم بان توحد النظر بالايات هو اكمل الكمال بحيث تراها فانية بحيث لا تشغل قلبك ولا فكرك في النظر اليها والا تصير معرفتك مشوبة بشيء من الشرك الخفي والندية والغيرية الخفية ولهم عليه استدلال عقلي . وليس الشرك هو الخروج من الدين بل مشروع ان تنادي الاولياء لكن ليس هو التوحيد الاكمل ، التوحيد الاكمل ان تنادي الذات الالهية فقط.
اهل البيت يقولون بالنظر الى الايات الدرجة الاكبر والاكمل وجمع الجمع ان تجمع بين النظرتين وهنا بيت القصيد وقد بينوه بادلة عقلية متعددة على عكس ذلك جملة من المتكلمين والفقهاء والعرفاء والفلاسفة والمفسرين والصوفية يقولون انت اذا ازغت النظر عن حاكوية المرآة سيشوبك توقف وحجاب بالنظر الى المرآة ، انظر بالمرآة كطريقة محضة واهل البيت يقولون هؤلاء اشتبهوا هذا ليس التوحيد الاصفى هذا توحيد مشوب هذا تنزيه متوسط ، انتم تعالوا الى المعلم الوحياني ليعلمكم التوحيد الاكثر خلوصا فيجب ان نلتفت ما الفرق بين الاستدلال العقلي للوحي وبين استدلال العقلي البشري وهذا ببيانات عقلية وحيانية بديهية .
في زيارات امير المؤمنين عليه السلام يربط بين التوحيد والاخلاص فالاخلاص لغة القلب والتوحيد لغة العقل الفكري والاخلاص درجات والتوحيد درجات اول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التوحيد كذا كذا يعني التوحيد درجات وهذا البيان فيه برهان على انه لماذا الجمع بين النظرتين هو الصحيح اما ابن عربي والغزالي والفلاسفة وملاصدرا وابن سينا وعلماء الاخلاق وعلماء الفقه عندهم ان منتهى الاخلاص هو النظرة الفنائية الحكائية للاشياء فانت لا تنظر للاشياء وانما انظر بها فحفظوا شيئا من بيانات اهل البيت وغابت عنهم اشياء .
طبعا هناك نكتة جدا مهمة ان النظر بالايات ليست درجة واحدة وهذه نقطة مسلمة عند كل الاطراف ان النظرة الحكائية الذي في زعمهم اكمل كمال هي ذات درجات لان المرآة والمرايا في الحكاية قوة وضعفا درجات وطبقات ومراتب نقول عين مسلحة ومراة مسلحة كالتلسكوب فالنظر بالايات درجات لا تتناهى وليست درجة واحدة فايانا ان نتوهم ان الدرجة الحكائية درجة واحدة او درجات محدودة .
دعونا نذكر مثال عندنا روايات اعجازية عقلية مدهشة ان المؤمن قلبه متساوي فيه الرجاء والخوف فايمان المؤمن الضعيف او الوسطي او الكبار في كل درجة يتساوى في قلبه الخوف والرجاء واذا غلب الرجاء على الخوف او العكس هذا يدب فيه الكفر وهو خلاف الايمان فاذا رجاءه خمسين يجب ان يكون خوفه خمسين واذا كان مليون فيجب ان يكون خوفه مليون واذا كان مليار يجب ان يكون خوفه مليار فالتسوية بين الخوف والرجاء قوام الايمان فالرغبة رجاء والرهبة خوف يدعوننا خوا ورهبا فايها الراجي ليكن خوفك بقدر رجائك .
فهنا الائمة لا ينهون عن تصاعد وتنامي الرجاء انما ينهون ان لا يقترن تنامي الرجاء مع تنامي الخوف فلا يقولون خف شديدا لكن ليقترن خوفك الشديد برجائك الشديد فاذا خوفك اشد ليكن رغبتك ورجائك اشد والا لا يستوي ايمانك ففي حين انت عندك بكاء وخوف يجب ان يكون رجاؤك بنفس الدرجة وفي حين انت عندك انس وفرحة وبهجة بالنعمة ليكن عندك رهبة بنفس الدرجة فلا يطغي احدهما على الاخر في قلبك فليس الجمع في الرجاء وحده ولا في الخوف وحده وانما الكمال في جمع الجمع ونفس الدرجة وان كان الجمع درجات والرجاء والرغبة والخوف والرغبة درجات والجمع بينهما درجات فلا يظنن انه اذا جمع وصل الى نهاية المطاف كلا هناك مجال للصعود .