الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

46/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الوساطة بين الخالق والمخلوق من جهتين

وصل بنا المقام في اية الكرسي الى هذا الموضع ان الشفاعة وساطة وباذنه ايضا وساطة فما الفرق بين هاتين الوساطتين؟ وهذا مبحث حساس في التوحيد ، فالشفاعة معنى حرفي وسائطي والاذن ايضا معنى وسائطي فما الفرق بينهما؟

بكلمة موجزة هذه الوساطة ان نظر اليها من جانب المخلوق هي شفاعة بمعناها الاجمالي وان نظر اليها من الجهة التي تلي الرب والاله وهو باذنه او لمن ارتضى فهي باذنه ، مثل مر بنا هذه النسبة بين السقف والارض فالنسبة هي متكررة يعني هذه النسبة ان لاحظت لها من الاسفل الى الفوق يقال لها فوق وان لاحظت من السقف الى الارض يقال من تحت مع ان الفوق والتحت نسبة واحدة متكررة وحقيقة ذات وجهين فمن الضروري ان نعرف الوجهين والا لا يتم التوحيد.

الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد لمن اراد السداد في رد شبهات الوهابية وهو مبحث صميمي في التوحيد بغض النظر عن انحرافهم لكن اساس انحرافهم في التوحيد والشرك فعندما خاض الوهابية في التوحيد اضطروا للبحث في الولاية والنبوة والامامة اذن مبحث التوحيد لا يمكن ان ينفك عن النبوة والرسالة والولاية بغض النظر عن مبناهم ومسلكهم في انكار الولاية لكنهم عمموا دائرة التوحيد الى الارتباط بالامام البشري او القدوة البشرية يعني توسلك واتباعك وانقيادك واستشفاعك واستغاثتك ولوذك وتوجهك بواسطة بشرية هل هو شرك او توحيد؟

اذن بحث الشرك والتوحيد مبحث صميمي في الوسيط سواء نفيا او اثباتا انكارا او ايمانا فهذا في اللا شعور اقرار بان مبحث التوحيد يمتد الى الولاية نفيا واثباتا ، فقوام التوحيد اما بان تنفي الولاية البشرية والوساطة البشرية او تثبتها وان مبحث الولاية ليس من فروع الدين بل هو من اصول الدين نفيا او اثباتا يعني فتنة الوهابية في الحقيقة ثمارها عظيمة في تثبيت الولاية انها من اسس التوحيد ودخيلة في مبحث الشرك او التوحيد وليست الولاية والامامة فرع من فروع الدين ومعصية من معاصي الفرعية حسب مدعاهم واقرارهم ان الولاية معصية عقدية وليست معصية فرعية اذن هي اما طاعة عقدية او معصية عقدية هي اما توحيد او شرك يعني الطرفين متفقان على هذا الوهابي والامامي فهذا شيء متفق بين جميع المسلمين ان الولاية والامامة على تقدير القول بها دخيلة في التوحيد وليس في العقيدة فقط بل في اصل التوحيد وهذا درجة اعظم واعظم واعظم ففي بيانات اهل البيت والقرآن الولاية ليست دخيلة في العقيدة وانما دخيلة في اصل التوحيد اما يتم التوحيد او لا يتم فمن يقرأ الاقناعات الخلفية للطرفين يقف على كنه معرفية عظيمة وشيء متفق عليه .

اصلا بحوث الوهابية وفتنة الوهابية هي فتنة عظيمة لكن ثمارها عظيمة جدا وهي امتحان ولكن نتائجها عظيمة جدا ان الولاية ليست هي امامة وسياسة بشرية مجتمعية محضة وانما الولاية مرتبطة بالعقيدة بل مرتبطة بصميم التوحيد فهي اما توحيد او شرك وهذا صحيح هذه كقناعة مشتركة بين الطرفين المتنازعين قناعة مسلمة في غاية الروعة وغاية العظمة .

ابدا لم يأت الوهابي ويقول ان التوسيط بين الخالق والمخلوق عبارة عن مسألة فرعية اختلف فيها المجتهد استنباطا ظنيا قد يخطئ وقد يصيب قالوا بل هي من صميم العقيدة بل من صميم اصل التوحيد فالتوحيد معجون عقائدي شجرة اما فيها النبوة والرسالة والامامة والولاية اوليس فيها ، وهذا الذي مر بنا كرارا ان الشهادة الاولى بنيويا فيها الشهادة الثانية والثالثة وعقليا وحيانا قد ذكر في يوم الغدير اليوم رضيت لكم الاسلام دينا يعني الشهادة الثالثة ، فهو ليس فروع وشريعة وانما دين .

كما هو الحال بان الله لا يرضى بلا اله الا الله فقط مما يدل على ان هذا دخيل في لا اله الا الله كلمة لا اله الا الله حصني فمن دخل حصني امن من عذابي بشرطها وشروطها والولاية من شروطها كذلك لاحظ في سورة المنافقون اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله ولم يقولوا نشهد انه لا اله الا الله فهنا القرآن الكريم يزعزع الشهادة الثانية لديهم فهم يكذبون في الشهادة الثانية .

اذن منطق القرآن ان هناك اسلام صوري واسلام حقيقي فالشهادة الثانية ليست مرتبطة بالفروع وانما بالاصول فالقران الكريم يقول هناك اسلام له واقعية يعني الصدق والكذب فهناك وجودان للاسلام ، فهذه سورة المنافقين تنادي باعلى صوتها ان هناك اسلام حقيقي واسلام كذب يعني لا وجود له فقط اسلام صوري فالاسلام ليس شيء واحد وانما الاسلام اقسام فاي اسلام تقول الولاية ليست مأخوذة فيه؟

فالقرآن في صدد تقسيم الاسلام غير الايمان بل ذكرت لكم الفقهاء بحسب الادلة في الابواب الفقهية قسموا الاسلام الى تسعة اقسام وليس الايمان انت اي اسلام تقول الولاية لم تؤخذ فيه؟ فهناك اسلام يشابه اهل الذمة يترتب عليه ثلاث احكام حقن الدماء وجواز النكاح والمال هذا ليس اسلام حقيقي هذا يترتب حتى على اهل الذمة مع انهم ليسوا بمسلمين .

فانت تتبع في الابواب الفقهية لترى كلمات الفقهاء والادلة وبتعبير صاحب الجواهر لا يخدعك ويغرك كلمات الفقهاء في باب او بابين اذا لم تتبع وتستقصي تمام الابواب فحينئذ لن تقف على تمام الحقيقة كما يقول صاحب الجواهر وكاشف اللثام والسيد البروجردي والسيد الكلبيكاني ، فاي اسلام لم يؤخذ فيه الولاية؟ حتى الاسلام بكل اقسامه اخذ فيه عدم انكار ضروري الدين حتى الاسلام الصوري الظاهري التنزيلي الهدني والتعايشي اخذ فيها عدم انكار الضروري و اية المودة وامثالها قطعا واردة في اهل البيت ومن ينكرها يخرج من الاسلام الظاهري .

اذن اخذت الولاية بلغة مجملة مبهمة هذا ان لم تؤخذ الولاية بشكل مفصل وقد اخذت ، والعلماء قد يتفاوتون في معرفة درجات الولاية والمؤمنون يتفاوتون، فالولاية بادنى درجاتها مأخوذة في كل اقسام الاسلام اذن لابد من التثبت والتدبر في البحث .

ذكرت لكم استفتاء وجه للسيد الروحاني من استراليا ان ابن الزنا ابن او ليس بابن ؟ فالسيد كلفني ان اؤلف رسالة استقصي فيها كلمات الفقهاء في الابواب والادلة فانت عندما ترى كلمات الفقهاء والابواب الفقهية تجد في كل الابواب مذكور انه ليس ابن ليس ابن ليس نسب وانما في باب واحد مخفي في عسائس كلمات الفقهاء قالوا مرادنا ليس ابن طاهر وابن حلال لا انه ليس ابن تكويني وذكروا ذلك في ابواب محرمات النكاح فالان الزاني لا يجوز ان ينكح ابنته من الزنا والابن من الزنا لا يجوز ان ينكح امه فام و اب ولكن من نسل خبيث غير طاهر بينما حكي ان ابا حنيفة جوز نكاح الزاني من ابنته انا بنفسي لم اقف عليه ، فح غره ذلك ولم يستقص ابواب فاذا اردنا ان نبحث شيء علينا بجهد مضني .

فمسألة الاسلام واقسامه بلا مبالغة من توفيقات الله وبركات اهل البيت بحثته مع الاخوان سبع مرات وكل مرة يتوسع علي مواد وادلة وابواب الى انه في المرة الاخيرة من بحثنا في الحدود طولنا فيه خمسة اشهر مع حواسيب عديدة تتبع الى ان وجدنا مجموع كلمات الفقهاء في الابواب يقسمون الاسلام الى تسعة اقسام مع وجود طوائف من الادلة فهذا بحاجة الى جهد من عشرة قرون من زرافات من علماء الفحول فلا يمكن ان اهضمها في بحث استدلالي في دورة واحدة في باب واحد مرة واحدة وسيما من لا يفتح كتاب الجواهر ولا مفتاح الكرامة ولا كاشف اللثام ولا المبسوط ولا كتب العلامة الحلي ولا كتاب الخلاف للشيخ الطوسي فتضيع الادلة والجهود .

اليس نقول الانقطاع عن العلماء خطأ؟ هذا ليس فقط للعوام بل حتى للفضلاء والمجتهدين فالانقطاع عن العلماء تيه لا لان العلماء معصومين وانما جهودهم في الادلة مهمة شبيه يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض وانما المجموع كله فهذه جهود تنفتح على العلماء يعني تنفتح على الجميع فهناك جهود ويجب ان تنفتح على الجميع وان لا تصير انت تقنيتك ضعيفة .

العلماء احياء بمعنى ان علومهم حية وجهودهم العلمية حية وكتبهم سفر نورية ويجب الانفتاح عليها ولا المرة ولا المرتين ولا الثلاث الان مثال من زنى بذات بعل حرمت عليه مؤبدا يقول السيد الخوئي لا دليل الا الاجماع والاجماع كذا ووو اذن هو احتياط وجوبي وبعض تلاميذه قالوا بل استحبابي بينما وجدنا في كتب القدماء والطبقات التي قبل متأخري الاعصار ثلاثة عشر عالم اشار الى الدليل وهو خفي عن المتأخرين وقاطبة المعاصرين ودونت في ذلك رسالة فثلاثة عشر عالما من المتقدمين او الطبقات اللاحقة ذكروا الدليل الصريح في ذلك وخفي عن المتأخرين لانه ما ينفتحون على المتقدمين .

السيد ابو الحسن الاصفهاني في زمانه كان يتلكأ في دعم مرجع من المراجع لا لانه هو مرجع اعلى ويفرض رأيه بل كانت سياسته عظيمة في المرجعية وكثير التعظيم للعلماء والمجتهدين وفسح المجال لهم ومعروفة سيرته الا ان في هذا المرجع كان يتلكأ قال هذا لا يتتبع في الاقوال هو قوي في الصناعة الاصولية والفقهية لكن لا يتتبع في كتب الفقهاء فاستنباطاته فيها مشكلة من هذه الجهة ، وكلام السيد صحيح .

فمن دون التتبع ربما صناعة ومواد لم تخطر على بالك اعلم الناس من جمع علوم الناس الى علمه واعقل الناس من جمع عقول الناس الى عقله كالاستشارة فلاحظ الوهابية والسلفية والمسلمين متفقون على ان الامامة والولاية نفيا واثباتا مرتبطة ليس فقط بالعقيدة واصول الدين وانما مرتبطة باصل التوحيد وهذا شيء عظيم .

سوف نتعرض لكلام كاشف الغطاء وكتابه منهج الرشاد ليس فقهي هو يناقش الوهابية نقاش عقائدي وليس فقهي محض وانما نقاش فقهي معجون باساس العقيدة يكشف عن تنمر الشيخ فالشيخ كان همه وغمه مبحث التوحيد فهو يقول خلط الوهابية بين المعصية الفقهية والمعصية العقائدية وانا اقول له حتى من الوسط الداخلي الامامي من يخلط بين المعصية الفقهية والمعصية العقائدية .

قال هب ان شخصا في الطقوس العبادية سجد للنبي وللمعصوم فهذه معصية فقهية وليست عقائدية ان تكفره وتحكم عليه بالكفر وانما عصى فقهيا فانت من جهة تقول الولاية هي من الفروع ومن جهة تقول البحث في الولاية بشكل خاطئ يخل بالتوحيد وبالاسلام كيف تجمع بين الامرين؟ فكيف الخلل في الولاية تجعلها خلل في التوحيد؟ اذن هذا معناه الولاية من التوحيد او من الفروع ؟