46/03/21
الموضوع: الشفاعة والحكم العقائدي والحكم الفقهي
وصلنا في اية الكرسي لمبحث الشفاعة ومر ان الاصل في مقام الشفاعة انها شفاعة تكوينية قبل ان تكون اعتبارية انشائية فالشفاعة عبارة عن وساطة تكوينية للشافع بين المشفوع له والمشفوع عنده فليست الشفاعة في حقيقتها الاصلية اعتبارية انشائية بل هي عبارة عن وساطة تكوينية .
الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتاب منهج الرشاد لمن اراد السداد في رد الوهابية السلفية ذكر مطالب مهمة لان الفكرة الوهابية هي فكرة ابليسية وهذه الفكرة كمنهج تعشعش حتى عند جملة من الصوفية او الفلاسفة او المتكلمين وهي انكار مقام الشفاعة للنبي والال وانكار مقام الوسيلة .
نحن وسيلة الله بينه وبين خلقه ...
هذه هي العبارة التي ذكرتها فاطمة في خطبتها واتت على هذا المقام ببرهان عقلي توحيدي وهو انه تعالى غيب الغيوب فالمخلوق مضطر الى وسيلة بينه وبين الخالق فالصديقة تذكر عظمة الله وامتناع ان يحاط بالله او يكتنه فح هل يكون هناك تعطيل في معرفة الله؟ كلا فالمعرفة اعظم ارتباط ، فاعظم ارتباط بالله هو الايمان بالله فتقول عليه السلام اذا كان الباري لا يكتنه ولا يحاط به ولا يمس ولا يجس ولا يتوهم وتعجز العقول عن كنه معرفته فهل هذا تعطيل؟ كلا وانما العلاج هو الوسيلة اي الايات والاسماء ، نحن وسيلته في خلقه ... الوسيلة مقام تكويني يتجلى للخلائق في عالم القيامة بالنبي والآل.
هذه المفاهيم في زمن رسول الله من يفهمها؟ وهي برهان ضرورة الاسماء والايات والواسطة فيأتوك الفلاسفة بعد اربعة عشر قرن بالكاد يفهمون معاني هذا البحث وقد القتها سلام الله عليها قبل اربعة عشر قرن في سطرين موجزين ، ان هذا علم وحياني وليس علم بشري فالشيخ جعفر كاشف الغطاء في منهج الرشاد لمن اراد السداد في الرد على المنهج الفكري الوهابي السلفي او الصوفي او بعض المتكلمين او بعض المفسرين يذكر امورا والفكرة هي هي وهي انكار الوسيلة والواسطة والشفاعة فكاشف الغطاء يقول ان الشفاعة والوسيلة والاستغاثة والاستعاذة والتوجه والدعاء والنداء ثمان ابواب فقهية عقائدية عقلية فيقول هذه الابواب بينها معنى جامع عقلي مشترك وهو الواسطة بين الخالق والمخلوق .
حكم الامثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد وهذا هو معنى الترادف العقلي يعني معنى يدركه العقل مشترك بين موارد متعددة والبحث والحكم او الاثر مترتب على هذه الجهة المشتركة ويسمى بالترادف العقلي يعني ان العقل يدرك ان هذا في رديف ذاك والترادف العقلي هو من ابجديات علم المنطق والاصول واللغة ولكن بعمق وبدقة .
فكلام الشيخ جعفر كاشف الغطاء يقول من يستشكل في التوسل وربما تجد بعض الكبار ممن ينسب للوسط الداخلي يستشكل في بعض انواع التوسل والاستشفاء والتبرك والاستغاثة والاستعاذة واللواذ والتوجه ربما عشرين عنوان وهو معنى عقلي الجامع بينها هو الوساطة بين الخالق والمخلوق ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك ... فهل هذا مقام انباء بالتشريع؟ فهذه الوساطة وساطة في ماذا؟ هو ليس في مقام التشريع فلا تقل هنا وساطة نبوة ورسالة ، اصلا هو ما مرتبط بالنبوة بما هو وحي واخبار عن التشريعات وانما هنا في مقام مسار الاخرة ومسار التطبيق للشريعة اما صراط الجنة او صراط الجحيم فمن الذي يهدينا الى الصراط المستقيم؟ وهذا غير التنظير وانما مقام التطبيق.
اذن للنبي شأن في مقام التطبيق غير مقام التنظير وساطة تكوينية في تكامل الانسان ووصوله الى الجنة اي الامامة والولاية وهي غير النبوة والرسالة فاذن هناك وساطة بين الله وخلقه ليس فقط في مقام التنظير الوحي التشريعي والدين وانما ايضا في مقام لقاء الله وفي مقام الوصول الى الله وفي مقام لقاء الله في جنته والاحتراز عن الوقوع في غضبه وسخطه هذا مقام اخر لسيد الانبياء واهل بيته .
فالاية تقول ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما وهذا غير التشريع اذن لماذا تحصر الوساطة فقط في التشريع والوحي الانبائي ؟ الوساطة ايضا في مقام يزكيهم ينجيهم يهديهم الى الصراط المستقيم فالامام يؤمهم في قافلة الهداية الى الجنة يأخذ بيدهم الى الجنان من دون جبر وانما لطف وعناية .
فاذن في قوس المبدأ ومسار المبدأ ومسار النهاية والغاية للنبي وساطة ولاهل بيته ومن ثم الشيخ جعفر الذي وفق في هذا كتاب منهج الرشاد لمن اراد السداد العلماء والمحقق الطهراني يقولون اول من كتب في الرد على الوهابية من علماء الامامية هو وكل من كتب بعده لم يأت بمثله في الدقة العقلية والفقهية والكلامية والفلسفية ، فكتاب منهج الرشاد كتاب قيم جدا لان الشيخ متضلع في الفقه ومستأسد فيه وكذا في علم الكلام وعلم الاصول وفي علوم عديدة دينية وفق بنجاح .
من فتاواه اللي في هذا الكتاب يقول حتى الذي يسجد للنبي ليس بغالي ولا مشرك وانما عاصي وهو ليس خارج عن الدين عقيدة ولا عن الايمان يقول لانه ينظر الى النبي انه واسطة ولا ينظر له انه نهاية المسؤول ونهاية المأمول وانما انه مخلوق وواسطة فكيف تقول هذا كافر وغالي؟ فالشيخ هو ابن بجدتها في هذه الابحاث وليس فقط فقه واصول وانما متكلم نحرير فهو يقول انتم ايها الوهابية الذين تكفرون من يسجد للنبي اسألوا هذا الساجد اللي هو اجهل العوام انت لماذا تأتي بهذه الطقوس مع المعصوم او مع النبي ؟ يقول لان هذا واسطة فيض ومخلوق فيقول هذا من جهة العقيدة سليم وسوي وانما من جهة الممارسة العملية البدنية في الفروع اخطأ وعصى فلا تمزجوا بين العصيان العقائدي والعصيان في الفروع .
هذه من الدرر العلمية الجوهرية التي اكد عليها الشيخ جعفر في كتابه منهج الرشاد ان هذا الساجد مؤمن موحد مستقيم العقيدة ولكن عمله الشرعي في الطقوس خطأ فعصى في العمل غير ان تقول هو كافر فهو مستقيم سوي العقيدة والايمان طبعا هو ليس في مقام اباحة تحريم السجود لغير الله هو يقول بالحرمة لكن هي حرمة فقهية لا تجعلها حرمة عقائدية وانحراف عقائدي وغلو كلا ليس غلو فيها وانما عصيان في الفقه العملي الفرعي ولو كان ذلك عقلا شرك وخطأ عقائدي كيف يمارسه الملائكة مع ادم ؟ اذن يكشف عن ان الملائكة لم يؤلهوه في سجودهم وانما سجدوا له نهاية الخضوع لله وانما كان احتراما لادم ، الان سجودنا للكعبة كيف نفسره ؟ فكل المسلمين يسجدون للكعبة هل هذا معناه ان الكعبة صنم؟ وانما الكعبة وسيلة وواسطة وسبيل واتجاه يتجه بها الى الله لو كان السجود لغير الله انحراف عقائدي او حتى عقلي لانه الان نحن نسجد الى الكعبة وفي بيت الحرام نسجد باتجاه الكعبة هل هذا السجود للكعبة هو تأليه لها؟ اينما تكونوا فولوا وجوهكم شطره ، الغلو هل هو مبحث اعتباري او تكويني عقلي ؟ والعجيب من الفكر الوهابي سواء الداخلي او الخارجي لا يلتفت الى ان المبحث العقائدي مبحث تكويني عقلي وليس اعتباري انشاءي قانوني ، المبحث الفقهي ليس له ان يتدخل في الحكم الكلامي وهذا من روائع الشيخ جعفر كاشف الغطاء في منهج الرشاد فهو يقول لا تخلط بين سنخ الحكم الفقهي وسنخ الحكم العقائدي اذا انت دخلت الية الفقه لا تقول هي عقائدية فليس لك الحق ان تتدخل في الحكم العقائدي كما يقول علماء الاصول نميز بين حيثية المسألة الاصولية والمسألة الفقهية او المسألة الكلامية والمسألة الفقهية .
فلا تخلط الاوراق ، الحكم الفقهي شيء لا يرتب عليه ميزانية الفرق العقائدية، نعم قد الفقيه بما هو متكلم بموازين علم الكلام يثير بحث في علم الفقه لكنه ليست مباحث فقهية وهذا خارج عن المسألة الفقهية هذا بحث كلامي اقحم كجملة اعتراضية في بحوث الفقه فلا تقل هو حكم فقهي وانما حكم عقائدي لا يقلد فيه .
يجب على كل مكلف ان يكون مجتهدا سواء مجتهد بالاصالة او مجتهد ثقافي كما اصطلح عليه علم الثقافة فلذلك كاشف الغطاء يقول التوسل والاستغاثة والاستعاذة واللواذ والتبرك والتوجه كلها وساطة مثل امنا برسالة الرسول واتبعنا نبي الله في نبوته هذه وساطة احد معاني الولاية يعني ولى يلي وساطة فهو يقول كل هذه المعاني هي مشترك عقلي والمعنى العقلي وساطة فكما تستشكلون فيه في جانب نفسه يتكرر في بقية الابواب فانت تخطئه فقهيا لا تسحب هذا الحكم الفقهي على الحكم العقائدي فلا يصير مزج بين البحثين وهذي توصية الشيخ جعفر فهو يفرق بين العصيان الفقهي والحكم الفقهي وبين العصيان العقائدي والحكم العقائدي ، فهذا الساجد لقبر النبي عقائده سليمة وسوية وربما اكثر سوية منك أنما هو عصى في الحكم الفقهي .
كمثال نذكره وافتى به الشافعي وذكره العلامة في التذكرة ان الحجام الذي حجم رسول الله وشرب دمه فهو عصا فقهيا ولكن كلاميا لم يشرك ولم يخرج عن جادة العقائد بالعكس قال له الرسول فان الله حرم جسدك على النار ، او زليخا هي عصت فقهيا وليس عقائديا مع يوسف ولكن جرها الى الهداية العقائدية انا لا اقول انه يرتكب المعصية الفقهية ولكن اقول حقيقة الامر ماذا؟ فالجنبة العقائدية سوية وصحيحة ولكن قادتها الى الهداية هي والنسوة الاخرى.
هذه نكتة مهمة عند كاشف الغطاء في منهجيته ان هذا الخلط والخبط العشوائي في المنهج الوهابي السلفي يخلطون بين الحكم الفقهي والعقائدي وبين العصيان الفقهي والعقائدي هذا الحكم العقائدي ميزانه عقلي وحياني فهو عقلي تكويني والحكم الفقهي اعتباري انشائي واذا عقلي اذن ليس في الاحكام العقلية تخصيص ولا استثناء نعم اذا كان حكم فقهي انشائي اعتباري هناك استثناءات .
او حتى سجود ابناء يعقوب ليوسف فلو كان السجود شرك عقائدي فالعقائد لا نسخ فيها الحرام العقائدي منذ ادم الى النبي الخاتم لا ينسخ وانما الحكم الفقهي ينسخ وهذا من الروائع التي نبه عليها كاشف الغطاء في كتابه فيأتي بشاهد ان هذا حكم فقهي لماذا تجعلوه حكم عقائدي؟ فلم تخلطون انتم؟ جعلنا لكل منكم شرعة ومنهاجا ولم نجعل لكل منكم دينا وعقيدة ان الدين عند الله الاسلام .
نقول يا شيخنا الشيخ جعفر كاشف الغطاء ليس فقط السلفية يخبطون ويخلطون وانما هناك خبط وخلط في الوسط الداخلي تعال وانقذ الموقف .